«الرى»: مياه بحيرة ناصر الأعلى «جودة».. والنيل «متوسط»
المخلفات الصناعية والزراعية تؤثر على جودة مياه النيل
كشف تقرير حديث لوزارة الموارد المائية والرى عن تدهور فى نوعية المياه بـ13 ترعة ومصرفاً، وفقاً للحدود المنصوص عليها بقانون 48 لسنة 1982 لمعاملات الأكسجين الحيوى الممتص والذائب بفعل التلوث، مصنّفاً جودة المياه بنهر النيل الرئيسى بالمتوسطة، وتدهورها بفرعى رشيد ودمياط بشكل عام كلما اتجهنا شمالاً، نتيجة التلوث الصناعى والصحى، الأمر الذى يؤثر على الأحياء المائية.
13 ترعة ومصرفاً تخطّت الحدود الآمنة.. وانخفاض كفاءة استخدام المياه فى جميع القطاعات.. و32% نسبة الهدر فى الاستهلاك المنزلى.. ومتوسط الاستهلاك اليومى للفرد فى القاهرة الكبرى والإسكندرية 450 لتراً مقابل 150 فى أوروبا
ووضع التقرير مياه بحيرة ناصر فى المرتبة الأولى، واصفاً إياها بالجودة العالية، بينما تم تصنيف نوعية المياه بالمجرى الرئيسى لنهر النيل على أنها ذات نوعية متوسطة إلى جيدة، تتحسّن خلال فصل الشتاء، ويُعتبر تركيز المعادن الثقيلة بالنهر غير ملحوظ، إلا أنها تزيد بمعدلات مرتفعة عند مصبات المصانع، وتتدهور نوعية المياه فى فرعى رشيد ودمياط بشكل عام كلما اتجهنا شمالاً، نتيجة التلوث الصناعى والصحى والزراعى، مما يؤثر على الأحياء المائية.
وفى ما يتعلق بالترع الرئيسية والمصارف، رصد التقرير ارتفاع الملوثات فى 13 ترعة ومصرفاً رئيسياً من أسوان وحتى مصب النيل. ووصف التقرير نوعية المياه بالترع الرئيسية والرياحات بالمتوسطة خلال فصلى الشتاء والصيف، مؤكداً أن ترع محافظة الفيوم تعانى من الملوثات العضوية، مما يزيد تركيز الأكسجين الحيوى الممتص والأمونيا. وتشير البيانات إلى أن نوعية المياه بترع السلام وبحر مويس والبحر العباسى والمحمودية تعانى من الحدود المنصوص عليها بقانون 48 لسنة 1982، لمعاملات الأكسجين الحيوى الممتص والأكسجين الذائب.
أكد التقرير أن المصارف الزراعية تعانى من زيادة عالية للأحمال العضوية الناتجة عن الصرف المباشر لمياه الصرف الصحى غير المعالج للقرى التى لا تتمتّع بخدمات الصرف الصحى أو نتيجة صرف مياه محطات المعالجة الأولية. وتشير البيانات إلى أن نوعية المياه بالمصارف تتحسّن خلال فصل الشتاء عنها فى الصيف، وتشمل قائمة أشد المصارف تلوثاً من أسوان إلى القاهرة، مصارف خور السيل وكوم أمبو والريرمون، وتضم القائمة أيضاً مصارف بحر البقر وحادوس بشرق الدلتا والمصرف الغربى الرئيسى بوسط الدلتا والرهاوى والعموم والمحيط بغرب الدلتا.
وأكد التقرير أن معظم المصانع لا تزال تقوم بصرف مخلفاتها بعد معالجة غير كافية أو دون معالجة، للمجارى المائية، مما يؤدى إلى تلوث المجارى بالكثير من العناصر العضوية وغير العضوية، مشيراً إلى أن الصرف الصحى أحد أهم مصادر تلوث المجارى المائية، حيث تتزايد كميات الصرف الصحى بصفة مستمرة. وفى ما يتعلق بالمخزون الاستراتيجى للمياه الجوفية، أوضح التقرير أن معظم آبار المياه الجوفية تتمتّع بنوعية جيّدة صالحة للشرب والرى، خصوصاً بمناطق الدلتا والوادى، كما توجد بعض التركيزات العالية للكلوريدات والكبريتات والنيترات فى المناطق المستصلحة فى حوض النيل، مشيراً إلى وجود مستويات ملوحة عالية تحت المناطق المستصلحة تتحرّك باتجاه الدلتا، فيما يُعد عنصر المنجنيز والحديد من أكثر العناصر الثقيلة التى توجد بالخزان الجوفى، التى تتعدى الحدود المسموح بها فى مياه الشرب، وتحتاج إلى معالجة خاصة للتخلص منها.
وأكد التقرير أيضاً انخفاض كفاءة استخدام المياه، وذلك فى جميع القطاعات المستهلكة للمياه، حيث إن نسبة المياه غير المحسوبة فى الاستهلاك المنزلى تصل إلى 32% من إجمالى المياه المنتجة، وذلك بسبب تهالك شبكات المياه واستخدام أنظمة غير فعّالة للقياس والمحاسبة والفواقد التشغيلية والأخطاء فى قراءة عدادات المياه، كما أن كفاءة استخدام المياه داخل المنازل تعتبر منخفضة جداً، ولا تزيد كفاءة استخدام المياه عن 60% فى القاهرة والإسكندرية، ويبلغ استهلاك الفرد 450 لتراً يومياً، بينما يبلغ هذا المعدل فى دول أوروبا 150 لتراً، مقابل 180 للمتوسط العالمى، نتيجة ضعف الوعى بأهمية ترشيد المياه وانخفاض التعريفة. ولفت التقرير إلى أن الحال فى القطاع الصناعى لا يختلف كثيراً عن المنزلى، حيث لا تُطبّق التكنولوجيات الحديثة الموفّرة للمياه، ولا تقوم المصانع باستخدام الأنظمة الموفّرة للمياه داخل المصانع، مثل التدوير أو التبريد بالهواء، أما القطاع الزراعى فتتراوح كفاءة استخدام المياه على مستوى الحقل من 50 إلى 60%، نتيجة اتباع طرق الرى التقليدية واتجاه بعض المزارعين بالأراضى المستصلحة الجديدة لاستبدال طرق الرى الحديثة الموفّرة للمياه بأنظمة الرى التقليدية، مما يؤدى إلى المزيد من الفواقد.
وكشف التقرير عن تدهور شبكتى الرى والصرف ومحطات الطلمبات نتيجة التجريف المتكرّر الناتج عن عمليات التطهير الميكانيكية، إلى جانب حالات التعديات المتعدّدة على جانبى الترع والمصارف، كما تعانى الأعمال الصناعية على الترع من تدهور أوضاعها، نتيجة التقادم، مما يستلزم إجراء معايير لهذه المنشآت، لتحديد كميات المياه المنصرفة عبر هذه الأعمال بدقة. وأشار التقرير إلى أن القطاع الزراعى أكبر مستخدم ومستهلك للمياه فى مصر، حيث تبلغ حصة الزراعى أكثر من 80% من إجمالى الاحتياجات المائية، بينما من ناحية الاستهلاك الفعلى، فإن حصة الزراعة من المياه تزيد على 90% من إجمالى الاستهلاكات الفعلية المائية، ونتيجة سياسة التوسّع الزراعى الأفقى خلال الفترة السابقة، فإن المساحات المنزرعة زادت من 5.8 مليون فدان عام 1980 إلى 8 ملايين فدان عام 1997 إلى 8.6 مليون فدان عام 2010.
وفى ما يتعلق بالاحتياجات المائية للشرب، فقد تضاعفت لأكثر من ثلاث مرات خلال العقدين الماضيين، وارتفعت الطاقة الإنتاجية التصميمية لمحطات المياه من 7.3 إلى 12 مليار متر مكعب خلال الفترة من 2005 إلى 2010، وارتفعت الطاقة الإنتاجية من 6.57 إلى 8.76 مليار خلال الفترة نفسها، واستحوذت القاهرة والإسكندرية على نصف مياه الشرب المنتجة، وبلغت المياه المحلاة من البحر 150 مليون متر مكعب فى العام فى المحافظات الساحلية.
وأكد التقرير أن الزيادة السكانية تعد أكبر التحديات التى تواجه محدودية المياه، وتسبّبت فى انخفاض نصيب الفرد من المياه من 2500 متر مكعب من المياه فى الستينات من القرن الماضى إلى 950 متراً عام 1996، وانخفاضها إلى 650 خلال العام الحالى، على أن تزداد الأزمة خلال العشرين عاماً المقبلة لينخفض نصيب الفرد إلى 300 متر مكعب سنوياً، وهو ما يزيد من صعوبة إدارة النظام المائى، كما تزيد حدة الخلافات والمنافسة على أولوية الحصول على المياه.
فيما وضعت وزارة الموارد المائية والرى 10 أهداف لتنفيذها خلال الخطة القومية حتى 2037، للتغلب على تلك التحديات، فى مقدمتها بناء القدرات للعاملين بقطاع المياه لتتناسب مع حجم المسئوليات المتزايدة، وتكثيف حملات التوعية للتأثير على المواطنين من أجل تغيير نمط استهلاك المياه غير المستدام والحفاظ على البيئة دون التأثير على رفاهية المجتمع، وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة فى تمويل مشروعات المياه وتشغيلها وصيانتها وزيادة الاستثمارات بقطاع المياه وتأسيس مجلس قومى للمياه يضم الوزارات والجهات المشاركة والمهام والأدوار التى يجب أن يقوم بها.