أصعب الكلمات
د. لميس جابر
من أصعب الأمور أن يتحدث الإنسان عن شريك العمر بعد هذه السنوات الطويلة بما عبرنا به معاً من نجاحات وإخفاقات.. بما فيها من لحظات سعيدة وأخرى حزينة.
بما فيها من مشاكل وصعوبات ومفاجآت.. سنوات طويلة عبرت بمشوار طويل من أجل النجاح والتفرد وتحقيق الذات والهدف.
سنوات جاء فيها الأبناء وشبوا يوماً وراء يوم وعاماً وراء عام حتى اشتد العود ووضح الطريق وجاءوا لنا بأحفاد هم نور الحياة وجمالها وإشراقها وجرعة الحماس.
من الصعوبة بمكان أن يتحدث الإنسان عن شريك العمر بعد أن توحدت المشاعر والأفكار والآمال بل والرؤية والهدف بالنسبة للحياة والعمل والأمل والوطن.
عندما أحاول أن أكتب عن شريك الأيام ورفيق الشهور والسنين تجدنى أكتب عن نفسى وعن أيامى، عن رحلة طويلة لا يذكر أى منا من كان سنداً للآخر أو من كان الدافع ليعبر الآخر عقبة أو مشكلة.
من فرح لنجاح الآخر ربما أكثر منه ومن تألم لمرض الآخر وضاقت به الدنيا ومن يقلق من أجل الآخر ويخاف عليه ربما أكثر من خوفه على نفسه، ومن يسعى لإسعاد الآخر ويبذل ما يستطيع من أجل راحته وشعوره بالرضا.. صعبة جداً الكلمات ومهما كثرت المفردات لا تستطيع أن توفى الموضوع حقه أو حقيقته.
يحيى الفخـرانى ما زال يبهرنى فى كل عمــل جديد بعد هذا المشوار الطويــل وهذه الحصيلة الوفيرة من الأعمـال.. يبهرنى رغم توقعى وخيـــالى ومعرفتى بقدراتـه.. ما زال يأتى بما يفــوق التوقع والخيال.
ما زلت أتعلم منه التفانى الشديد فى العمل والاستغراق الكامل فى الدراسة والاجتهاد فى البحث بين الكلمات والسطور لتخرج من وجدانه شخصية بها محل التجديد والعمق والإبهار.
ما زلت أراقب نظرته الحقيقية للدنيا والعمل والنجاح والبشر وبحثه المتواصل عن جوهر الأشياء وتجاهله لكل ما هو زائف وزائل وغير حقيقى.
صعبة هى الكلمات.. عاجزة عن وصف الإنسان والشريك والصديق.. بعد هذه السنوات التى تحول فيها الشريكان إلى كيان واحد لا أحد يستطيع الآن أن يبتعد بمفرده أو أن يستمتع بمفرده وربما لا يستطيع أن يأخذ قراراً مهماً كان خاصاً دون رأى الآخر حتى إن كان من باب التعود والمؤازرة والشعور بالمطأنينة.. صعبة فعلاً الكلمات «فهل كان هناك من يصدق حين يتحدث عن نفسه واصفاً إياها.. أو مقدراً لذاته أو لقدراته وصفاته الإنسانية؟.. لا أظن أن الحديث يصح أو يصدق بعد مشوار حياة طويل وحقيقى مع شريك العمر ومع الذات.