المشرف على «الصناعات النسيجية»: إنعاش التصدير يبدأ بحل مشكلات التصنيع.. وعلى الحكومة العمل كمجموعة واحدة وليس كـ«جزر منعزلة»
مجدى طلبة
حدد مجدى طلبة، رجل الصناعة والمشرف على لجنة إدارة غرفة الصناعات النسيجية، «روشتة» متكاملة وتفصيلية للنهوض بصادرات مصر وتنشيط القطاع الصناعى، بما يضاعف قيمة التصدير، ومن ثم زيادة الإيرادات الدولارية.
وقال «طلبة»، فى حواره مع «الوطن»، إن النهوض بالصادرات يتطلب تنظيم مجتمع الأعمال الممثل عن الصناعة، بما يوحد الرؤى ويسهم فى توصيل الصورة الحقيقية لموقف المصانع إلى صانع القرار، إضافة للتنسيق الحكومى بين الوزارات المعنية، ووقف العمل بنظام «الجزر المنعزلة»، إلى جانب تغيير السياسات المصرفية المتعلقة بالصناعة، والاهتمام بالعنصر البشرى عبر برامج التدريب.
وأوضح «طلبة» أن صادرات قطاع الملابس الجاهزة التى تبلغ حالياً مليار دولار تقريباً، يمكن أن تصل إلى 10 مليارات دولار، حال تنفيذ تلك «الروشتة»، وهو ما ينطبق على جميع القطاعات التصديرية.. إلى نص الحوار:
«طلبة»: الجهاز المصرفى يُدمر الصناعة
■ كيف يمكن للصادرات أن تسهم فى حل الأزمات الاقتصادية الحالية؟
- الحديث عن هذا الأمر لا يكون على هذا النحو، فالتصدير يجب أن يسبقه أولاً حديث عن الصناعة، لأن تعظيم الصادرات يبدأ من التصنيع، والتصنيع يجب أن يبدأ من المصانع القائمة على الأرض، وهناك تراجع وصل إلى 22% فى صادرات الملابس الجاهزة، وهى نسبة مخيفة، لا يجوز السكوت عنها، خصوصاً أن مصر من أفضل دول العالم من حيث تنافسية الإنتاج، لكن للأسف لديها مشاكل لا حصر لها، تكبل الصناعة.
■ ألم يسهم انخفاض قيمة الجنيه فى زيادة الصادرات؟
- لا، لم يسهم؛ فانخفاض سعر الجنيه كان من المفترض أن ينعكس على التصدير، وليس العكس، لكن الأزمة الحقيقية أن هذا الانخفاض تزامن مع أوضاع سيئة على الأرض بالنسبة للصناعة، والواقع يؤكد أننا أضعنا فرصة ذهبية لزيادة الصادرات، وإن كان هناك تحسن فى بعض القطاعات، لكن الأمور كان من الممكن أن تصبح أفضل من ذلك كثيراً.
■ كم بلغت قيمة صادرات قطاع الملابس فى العام الحالى؟
- القطاع حقق نحو 591 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الحالى، مقابل 703 ملايين دولار عن نفس الفترة من العام الماضى، فمن الملاحظ أن تلك الأرقام مقارنة بعام 2015 الذى يعد الأسوأ للصادرات على الإطلاق، فالصادرات تواجه مشاكل لا حصر لها، ولا يمكن أن يستمر الوضع الحالى على ما هو عليه.
■ هل ترى أن هناك استراتيجية حقيقية للنهوض بالقطاع الصناعى؟
- لا أعتقد ذلك فى الوقت الحالى، فالاستراتيجية «مش بالعافية»، نحن نحتاج استراتيجية حقيقية للخروج من الأزمة تتمثل فى تغيير المناخ الحالى للصناعة، وهو ما سيعنى زيادة الاستثمارات الأجنبية فى القطاع، لكن فى الحقيقة -كما قلت لك- المشكلات تكبل الصناعة، ونحتاج نظرة واقعية للأوضاع، فهناك آلاف المصانع تغلق أبوابها، والمشكلات والأسباب معروفة، ومن المفترض أن تكون تنافسية مصر فى التكلفة، فمصر أفضل من بنجلاديش فى نقطة التنافسية، لكن جميع الأجهزة تعمل ضد الصناعة وضد التصدير، هناك كلام إعلامى جيد عن الصناعة، لكن على أرض الواقع لا أحد يعمل لصالح الصناعة، ولك أن تعلم أن دولة مثل بنجلاديش صادراتها السنوية من الملابس الجاهزة فقط 27 مليار دولار.
■ ألا يعد التوجه لإنشاء مدن صناعية جديدة مؤشراً للاهتمام الحكومى بالصناعة؟
- لا أريد التركيز على المدن الجديدة، بقدر ما أريد التركيز على المصانع القائمة، وتحسين المناخ، لا بد للحكومة أن تعمل كمجموعة واحدة، بعيداً عن أسلوب ونظرية «الجزر المنعزلة» التى تهدد الاقتصاد بالدمار، فالكل الآن يعمل لزيادة الحصيلة أياً كانت الطريقة وعلى حساب من، وهذا غير سليم، ما نريده هو استراتيجيات حقيقية قابلة للتنفيذ، ولدىّ تحفظ على أسلوب إدارة أمور الاقتصاد الحالى، وأشعر بالقلق من النتائج.
هناك هجمات شرسة من أجهزة الدولة على المصانع.. ومديونيات بعضها للتأمينات تجاوزت رأسمالها.. ومجتمع الأعمال «مهلهل» ولا يقدم الصورة الواقعية لصانع القرار
■ وما الروشتة التى تقترحها للنهوض بالقطاع الصناعى، ومن ثم التصديرى؟
- البداية لا بد أن تنطلق من إعادة هيكلة مجتمع الأعمال نفسه، فالمجتمع الصناعى «مهلهل»، وأعتقد أن الوقت الحالى يحتاج من ينقل «نبض الصناعة الحقيقى» لصانع القرار، لأن ما ينقل عن الصناعة حالياً لا يعبر عن الحقيقة والواقع، فنحن نتحدث عن مدن صناعية جديدة، فى الوقت الذى نرى فيه هجمات شرسة من أجهزة الدولة على المصانع، من قبل مسئولى المرافق، من مياه وكهرباء ومكاتب العمل، وغيرها من الجهات، فهناك مصانع مديونياتها للتأمينات أصبحت أكبر من رأس مالها، ولا أعلم لماذا لا يتم تقسيط تلك الالتزامات، لمساندة الصناعة، الدولة لا يجب أن تكون عدواً للمستثمر الذى أصبح الآن أمامها متهماً حتى يثبت العكس.
■ هل ملف المصانع المتعثرة ضمن أولويات الحكومة؟
- ملف المصانع المتعثرة يجب أن يكون على رأس الأولويات، هناك مصانع عديدة فى كل القطاعات التصديرية تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية، فيجب العمل على هذا الملف، وزيادة الطاقات الإنتاجية للمصانع إلى 80% على الأقل، من أجل نهضة صناعية، لأن هذا سيوفر الملايين من فرص العمل، ويزيد التصدير، ونحن هنا لا نتحدث عن استثمارات جديدة، وإنما عن الاستثمارات القائمة بالفعل، ويجب تهيئة المناخ أولاً، وبعدها نعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية.
■ هل يواجه المصدرون مشكلات فى دعم الصادرات حالياً؟
- دعم الصادرات متأخر جداً للمصدرين، نحصل عليه بـ«القطارة» رغم وضع استراتيجية جديدة لدعم الصادرات يفترض أنه تم تطبيقها منذ شهر يوليو الماضى، فحتى الآن لم يحدث أى شىء.
■ هل يمكن تحقيق طفرة فى الصناعة والتصدير دون الاهتمام بالعمالة؟
- العنصر البشرى، والتدريب، يجب أن يتم بالتنسيق بين مجتمع الأعمال والحكومة، الآن لا يوجد تدريب، ولا توعية للعامل المصرى، ومع أن لدينا أذكى عامل فى العالم، لكن لا يوجد من يعمل على هذا العنصر لتدريبه وتثقيفه وتوعيته، ومعدلات الانتقال للعمالة من أعلى النسب فى العالم.
■ هل استفادت مصر من اتفاقيات التجارة المتعددة فى زيادة الصادرات؟
- لدينا اتفاقيات تجارة حرة لم نستفد منها حتى الآن، لأننا لم نهتم بالقيمة المضافة فى صناعتنا، أغلب تلك الاتفاقيات لصالح الشريك الأجنبى، لو لدينا تعميق صناعة حقيقى لاختلف الأمر بالنسبة لصادراتنا، وعدد المصدرين تقلص، خصوصاً من يستهدفون السوق الأمريكية، تقلصوا إلى النصف، وأنا أتساءل هل الحكومة لديها علم الآن أن هناك عدداً من كبار المشترين الأجانب للمنتجات المصرية نقلوا مكاتبهم إلى أديس أبابا، ودول أخرى غير مصر، وهل هناك من أبلغ الحكومة أن بعض كبار المشترين يخططون لنقل مكاتبهم خارج مصر، لا أعلم هل هناك من يقول للحكومة هذا الكلام وهل تعرف به أم لا.
المستثمر فى مصر متهم حتى يثبت العكس.. وبعض كبار المشترين الأجانب قرروا نقل مكاتبهم خارج القاهرة
■ كيف يمكن للاستراتيجية أو الروشتة التى طرحتها أن تنعكس على الصادرات؟
- أعتقد أن الوضع سيختلف تماماً، مصر تستطيع أن تصل بصادرات قطاع واحد مثل الملابس الجاهزة إلى 10 مليارات دولار خلال سنوات عن طريق المصانع القائمة حالياً والاهتمام بها، فهذا القطاع يجلب نحو 1.1 مليار دولار على الأكثر من التصدير، وهو رقم ضئيل للغاية، ونفس الأمر ينطبق على كل القطاعات والصناعات الأخرى، نحن نتحدث عن مضاعفة صادرات مصر لو أحسنا استغلال الإمكانات الحالية.