بالفيديو| مسؤولو "بلال بن رباح" بالمقطم: إسلاميون سيطروا على المسجد وقادوا منه اشتباكات "مكتب الإرشاد"
طابقان تعلوهما مئذنتان وتتوسطهما قبة، صحن المسجد مفروش بالسجاد الأنيق، وتتدلى من من أسقفه القناديل والفوانيس، وتزين أركانه أسماء الله الحسني، والآيات القرآنية، وبالطابق الأول قاعة دار المناسبات، وحضانة، ومركز لتحفيظ القرآن، وإلى جواره حديقة متسعة تزين بالأشجار والزهور، تمتد إلى أمام المسجد عدة أمتار، وليلاً.. تضاء الأضواء الكاشفة الملونة ليكون مسجد بلال بن رباح كالتاج يزين رأس جبل المقطم، فالمسجد الذي يقع بشارع 9 ويفصل بينه وبين مكتب الإرشاد عشرات الأمتار، يطلق عليه مسجد "5 نجوم"، يستضيف كل جمعة الداعية الإسلامي الشاب مصطفى حسني، ويصلى فيه عدد من وزارء حكومة قنديل ورجال الأعمال، ولكنه قد أثار حالة من الجدل بعد تمركز ألف من شباب الإخوان بداخله، وإلى جواره، خلال أحدث يوم جمعة "الكرامة"، والتي شهدت مواجهات دامية بين المتظاهرين وأعضاء الإخوان بالمقطم.[Quote_1]
إلى أحد أركان المسجد يلقى بظهره، لم يشغله التسبيح عن أن يرمق ما تبقى من وقت ليحين الآذان، لم يفارق أحمد دريس، العامل بمسجد بلال بن رباح، مقر عمله منذ زمن بعيد، وبملامحه الهادئة وما تبقى له لهجة تنتمي لصعيد مصر، قال، لـ"الوطن"، "عقب صلاة الجمعة امتلأ المسجد بالمصلين، ورفضوا مغادرة المسجد، مستندين على قرار وزير الأوقاف بإتاحة المسجد طوال الفترة من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء، مشهرين في وجه القائمين على المسجد قرار وزير الأوقاف".
ظل دريس، الذي تكبد معاناة تنظيم المسجد عقب مغادرة شباب الإخوان، بداخله طوال فترة الاشتباكات، لتأمين صناديق التبرعات التي تنتشر في أركان المسجد، وقال "إن أعضاء الإخوان مارسوا حياتهم الطبيعية داخل المسجد طيلة النهار، واستخدموا صحن المسجد لتناول الوجبات والأطعمة التي أحضروها من الخارج".
وأوضح دريس أن دار المناسبات الملحقة بالجامع، يتم فتحها للمصلين يوم الجمعة؛ ليستطيع المسجد استيعاب العدد المقبل لأداء الصلاة، وهي ما استغلها الإخوان لعلاج المصابين، ثم احتجاز المتظاهرين بداخلها.[Quote_2]
لم يخلُ مكتب إدارة المسجد من مظاهر الأناقة التي تنبعث من كل ركن، وقف داخله مصرا على تبريء ساحته، ومجلس إدارة المسجد، من الأحداث، يقول جمال شرف عضو مجلس إدارة "بلال بن رباح" وأمين الصندوق إن "الإدارة قررت إعلان عدم مسؤوليتها عن ما حدث من مذبحة بالمسجد"، مؤكدا أن فترة الأحداث "لم تملك إدارة المسجد السيطرة على الأمور، في ظل سيطرة عدد كبير من شباب التيار الديني على مجريات الأمور داخل المسجد من بعد صلاة الجمعة".
وفوجئ شرف بالأعداد التي توافدت على المسجد عقب صلاة الجمعة، والتي ألقى الخطبة بها الداعية الإسلامي مصطفى حسني، مشيرا إلى أن المتوافدين يظهر عليهم أنهم من الأقاليم، وقال "بدأوا يسيطروا على المكان، والأمور خرجت من أيدينا، بعد اقتحام تلك المجموعات للمسجد".
توافد عدد كبير من الأهالي منطقة الزلزال، صباح اليوم التالي لأحداث المقطم، على المسجد، وأكدوا لمجلس إدارته، وعلى رأسهم شرف، تعذيب أبنائهم داخل قاعة المناسبات الملحقة بالمسجد، ورد شرف عليهم بجبين مقطب "لم نكن نملك السيطرة عليه أمس".
يقول شرف بامتعاض "انقطعت صلتنا بالمكان حتى صلاة الفجر، واستغرقت إزالة المخلفات التي تركتها تلك المجموعات عشر ساعات، الشرطة طالبتهم بالتهدئة، وعدم نشوب اشتباكات بين أمن المسجد وتلك المجموعات حتى لا تتفاقم الأزمة، وطالبتهم بحماية صناديق التبرعات، وأثاث المسجد من داخل حتى ينتهي الأمر".
رغم ما طاله من انتقادات لموقفه الرافض لاستخدام المسجد للأمور السياسية من جانب التيارات الدينية، في جمعة الكرامة، من جانب بعض الأهالي بالمنطق، أكد شرف أن تلك المجموعات تنتمي للتيارات الدينية، لكنه رفض توجيه الاتهام لتيار بعينه، قائلا "الوجوه تتشابه، ولم يرفعوا أعلام أو لافتات تدل على هويتهم"، مشيرا إلى تعرضه لضغوط مختلفة من قبل أهالي المنطقة، تنوعت بين مطالب بالدفاع عن المسجد وعدم تركه بين قبضتهم، وبين آخرين رفضوا تبرئة ساحة الإدارة من المسؤولية.[Quote_3]
على بعد أمتار من المسجد، وإلى جوار عدد من السيارات الفارهة، يفترش الأرض مضجعا داخل بناية خالية من السكان، ورغم تعاطف محمود عبد الفتاح، حارس العقار المقابل للمسجد، مع الإخوان منذ وصولهم للحكم، لكن ما حدث يوم الجمعة وما شاهده بعينيه، غير وجهة نظر، بخاصة بعد ما أصاب ابنته "أية" التي لم تكمل ربيعها التاسع من رعب، لما شاهدته من عمليات التعذيب التي قام بها شباب الإخوان داخل دار المناسبات بمسجد بلال بن رباح.
توجه عبد الفتاح ببناته المذعورات إلى أعلى البناية التي يحرسها، ليضعهم في مكان آمن، كما منعهم من إلقاء الحجارة على الإخوان، بعد ما أثارهم ما شاهدوه من موفقه اتجاه المتظاهرين، وذلك خوفا من اقتحام البناية، والاعتداء عليهم.
"محمود الحارس" تسلل بين الإخوان، مستغلا ملامحه التي تميل إلى صعيد مصر، مؤكدا أن أعضاء الإخوان بدأوا بالاعتداء على شابين كان يستقلان دراجة بخارية، هربا من الغازات المسيلة للدموع، فقبض عليهم شباب الإخوان وتناوبوا الاعتداء عليهم واقتادوهم إلى داخل المسجد.
يشير بيده إلى "شومة"، ويؤكد أنها "إحدى مخلفات الإخوان بعد المعركة، كانوا يستخدموها في الاعتداء على الصبية ما بين 12 إلى 20 عاما، ممن قبضوا عليهم من صفوف المتظاهرين، مرددين: قادم قادم يا إسلام الإخوان في كل مكان".
امتنع محمود عن دخول المسجد ليومين بعد استخدام الإخوان له لتعذيب المتظاهرين، قائلا بامتعاض "استخدموه في التعذيب ولم يتركوا الاشتباكات لأداء الصلاة وهم أمامه"، واتصلت ابنته بالإسعاف لكنها جاءت لتحمل مصابي الإخوان، وتترك المقبوض عليه داخل محبسهم بدار المناسبات.
يقول وائل جبر، موظف بإحدى الشركات المواجهة لمسجد بلال، "الإخوان وجهوا الحرق والخرطوش وشماريخ من قبل البلطجية الذي أطلقوا على أنفسهم متظاهرين"، مشيراً إلى أنه لو حمل الإخوان سلاحا لكانوا "أكلوا" أولئك البلطجية، في الحرب التي استمرت قرابة الست ساعات.
شارك وائل الإخوان في مواجهة الإخوان للمتظاهرين، قائلاً "إنهم اقتربوا من مسجد بلال، فاضطررننا لمساعدة الإخوان لحماية المنازل من البلطجية وأرباب السجون، الذي يحملون الأسلحة البيضاء والخرطوش"، ولم ينكر وائل قيام الإخوان بالاعتداء على المحتجزين مستخدمين العصى، مؤكداً ان تلك التصرفات التي مارسها الإخوان كانت لمواجهة البلطجية، واستخدموا فيها العصي والأيدي، ولم يشهروا سلاحا أبيض واحدا.