«الواحة».. أول «حى» يستخدم «الطاقة الشمسية» بدلاً من الكهرباء فى القاهرة
«فيلات» عديدة فى منطقة الواحة بمدينة نصر تعتمد على الطاقة الشمسية بديلاً عن الكهرباء
شكاوى عديدة من زيادة فواتير الكهرباء بشكل مبالغ فيه، سواء من سكان المناطق الراقية أو الأحياء الشعبية، الجميع غاضب من أزمات الطاقة التى لا تنتهى، والفواتير الجزافية التى يتحملها المواطن شهرياً. فى حى الواحة بمدينة نصر، قرر البعض التخلص من عبء الكهرباء ومشاكلها وفواتيرها، وتوجه إلى الشمس لتدبير احتياجاته من الطاقة، والاعتماد على أجهزة الطاقة الشمسية، التى يمكنها وحدها توفير الطاقة اللازمة لإنارة وتشغيل أجهزة فيلا متكاملة أو منزل متعدد الطوابق.
السكان يستخدمون الطاقة البديلة لمواجهة أزمات الكهرباء وزيادة الفواتير وترشيد الاستهلاك.. و«زكى»: لا نضع عراقيل أمام من يريد تحويل منزله إلى «الطاقة الشمسية»
المهندس المعمارى على مندور، يعتمد فى فيلته بحى الواحة على جهاز الطاقة الشمسية، لإمدادها بالكهرباء، ومن أجل الوصول لذلك قطع شوطاً ليس قصيراً، فى البداية وافق له مسئولو جهاز المدينة على تركيب أجهزة توليد الطاقة، إلى جوار عدادات الكهرباء أثناء بناء الفيلا الخاصة به، بحيث يعمل العداد بكل طاقته أثناء عدم توافر الطاقة الشمسية بشكل كامل فى فصل الشتاء، أو استهلاك مخزون حرارة الشمس، ويقول: «اعتمادى على الطاقة الشمسية للفيلا كلها كان قراراً جريئاً، وده كان أول رد استقبلته من جهاز المدينة، فقررت أوفر فى طاقة بلدى من أول ما بدأت بناء الفيلا، ومنها البعد عن مشاكل الكهرباء».
«خبير»: الوعى بمصادر الطاقة الجديدة زاد.. وعلى الحكومة توفير أجهزة «الطاقة الشمسية» بأسعار مخفضة
تجربة «على» مع جهاز الطاقة الشمسية منذ بداية سكنه فى الفيلا قبل عامين، نجحت فى اكتفائه هو وعائلته بصورة كاملة، فالفيلا تتكون من 3 طوابق، يزيد عليها حجرة حارس الفيلا وأسرته، ويقول: «الفيلا كلها عايش فيها 20 شخص، كل دور له جهاز طاقة شمسية خاص به، وبقالنا سنتين ساكنين فى الفيلا محدش فى يوم اشتكى من قطع الكهرباء» وتابع: «فيه فيلات حوالينا معتمدين على الجهاز فى تشغيل السخانات بس، النور لما بيقطع عندهم مش بيأثر على السخان، لكن عندنا البيوت بيبقى مقطوع عليها الكهرباء لكن كل حاجة شغالة، ده غير إننا تخلصنا من الفواتير، وساهمنا فى ترشيد للكهرباء».
يتمنى «على» أن تجربة اعتماده على الطاقة الشمسية تكون نموذجاً وبداية للعمل بالطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء «فى كل حاجة»، حسب قوله، كالمنازل والشركات والقطاعات الحكومية أو الخاصة، ويضيف: «أغلب السكان فى حى الواحة عندهم وعى باستخدام جهاز الطاقة الشمسية، حتى لو بشكل محدود ومقتصر على السخانات». تكلفة جهاز الطاقة الشمسية فى فيلا «على» وصلت إلى 8 آلاف جنيه، وهو لا يعتبر مبلغاً ضخماً لأنه فى المقابل لا يحاسب على نظام العداد الكهربائى.
«على»: «فيلتى (3 أدوار) وشغالة بالطاقة الشمسية».. و«محمد»: «استبدلت 12 سخاناً بواحد فقط يعمل بالشمس»
طريقة تنظيف ورعاية خاصة لكنها سهلة، اعتاد عليها «على» وعائلته لجهاز الطاقة الشمسية الذى يمد الفيلا بأكملها، ويقول: «الجهاز حساس جداً، بطلع بنفسى أنظفه بقماشة ناعمة عشان تراكم التراب بيقلل نسبة امتصاصه للأشعة وأحياناً بيمنع أجهزة من تجميعها حتى لو الشمس طالعة ومفيش غيوم»، وأضاف: «مش بيعطل كتير ولا بيحتاج صيانة أكثر من رعايته بالنظافة مرة أسبوعياً، وكل أعطاله تتلخص فى إن شمعة من شموعه المخصصة لامتصاص الأشعة تعطل وبغيرها بنحو 100 جنيه، لكن فى النهاية توفير كتير عليا وعلى بلدى».
لم يهتم «على» كثيراً بالآراء السلبية بخصوص استخدام الطاقة الشمسية، ويقول: «كتير خوفونى، لأن تأسيس فيلا من غير كهرباء يعنى عمرى ما هقدر أدخل كهربا تانى فيها إلا لما أهدم كل الأساسيات اللى عملتها زى السباكة كده بالظبط، لكن كنت واثق من التجربة، لأننا مش أقل من بلاد بره اللى معتمدين بشكل كامل على الطاقة الشمسية فى كل حاجة، رغم إن الشمس عندهم عمرها مش فى قوة سطوع شمس مصر حتى فى عز الشتا».
إجراءات لا تتعدى الروتين المعروف، قابلها المهندس «على» مع جهاز المدينة للموافقة على اعتماده بشكل كامل على جهاز الطاقة الشمسية فى فيلته، عكس أغلب البيوت والفيلات التى تستخدم الطاقة الشمسية فى السخان فقط، دون رفض أو مشكلة، ويوضح: «الحكومة مش رافضة استخدام الشمس بدل الكهربا، بالعكس مرحبين جداً وكانوا موافقين والإجراءات كانت روتينية عادية، وتوصلنا إلى تركيب عداد، لأن مش مسموح إنه يبقى فيه منشأة بدون عداد كهرباء، وعرفت بعد كده إن جهاز الطاقة الشمسية أصلاً له جزء معتمد على الكهرباء حال عدم تخزين الطاقة الشمسية بشكل كافى»، وتابع: «ركبت العداد لكن مفيش كهرباء فى البيت، الكهرباء كلها متوصلة بجهاز الطاقة الشمسية، عشان كده لو الجهاز سحب أوتوماتيك من الكهرباء لو مفيش شمس كفاية بيكون موفر برضو، لأنه مش بيشغل كل الأجهزة الموجودة فى المكان، وبيقتصر على الأشياء المهمة فقط، زى السخان والإضاءة والأجهزة المهمة، غير كده بيتوقفوا إجبارى لتوفير الكهرباء، وهو ده اللى المفروض المصريين كلهم يعملوه من غير ما جهاز يتحكم فيهم».
على بعد أمتار، يسكن محمد أيمن منذ عام، لم يندم خلالها على استبداله السخانات الكهربائية بجهاز الطاقة الشمسية، بعد أن عانى كثيراً من زيادة فاتورة الكهرباء، ويقول: «كان عندى 12 سخان فى الفيلا كلها ورميتهم، اشتريت سخان الطاقة الشمسية بـ4 آلاف جنيه، ووفرت الفلوس اللى كنت بدفعها بسبب الكهرباء، لأنه كان خراب بيوت». خوفه فى البداية من فكرة الطاقة الشمسية وضع الرجل الخمسينى فى حيرة قبل تنفيذ قرار الاستبدال: «ناس كتير خوفتنى من الطاقة الشمسية وإنها مش مضمونة، وممكن بعد ما أخسر السخانات بتاعتى سخان الطاقة الشمسية مايكفنيش، لكن بحثت كتير عن الجهاز ولقيته منتشر فى مصر خصوصاً فى المدن الجديدة»، وأضاف: «أغلب السكان هنا معتمدين بشكل كامل على سخان الطاقة الشمسية، لأن معظمنا فيلات واستهلاكنا فوق العادة بخصوص السخانات، عشان كده ماترددتش كتير فى قرار الاستبدال وبدلتهم ومش ندمان لأنه وفر ليا كتير، ورشدت فى الاستهلاك زى ما الحكومة بتطلب مننا».
وبعد أن نجح «محمد»، الذى يعمل طبيب أنف وأذن وحنجرة ،فى تجربته، قرر تعميم الفكرة على زملائه وأقاربه، ويقول: «خليت أكتر من زميل لى يبدل السخان بتاعه بالطاقة الشمسية، بعد ما شافوا تجربتى على الحقيقة، وبقت أى فيلا بتتشطب أو بتتبنى جنبى أوعى صاحبها من البداية».
حلم يراوده منذ أن تولى عمله كحارس إحدى الفيلات. يتمنى سعيد الأجا، شراء جهاز طاقة شمسية لمنزله فى بنى سويف، الذى تركه من أجل «لقمة العيش»، فالمنطقة التى كان يقيم فيها هناك تتعرض لانقطاع متكرر للكهرباء طوال العام بسبب سوء استهلاك القرية للكهرباء، ويقول: «الناس فى البلد مش عارفين يعنى إيه يوفروا فى الاستهلاك، وماعندهمش وعى زى سكان المدن، عشان كده إحنا أكتر الأماكن اللى لازم الحكومة تفكر تدخل فيها طاقة شمسية، عشان يحلوا أزمة قطع الكهربا فى البيوت، وتدعم الناس لتوفير الكهرباء بشكل مضمون، متبقاش حملة إعلانات وبس فى التليفزيون».
حاول الرجل الأربعينى أن يقنع أشقاءه الـ5 بالاشتراك فى شراء جهاز سخان يعمل بالطاقة الشمسية، لتوفير استهلاكهم، لكن لم ينجح «سعيد» فى إقناعهم لعدة أسباب كان أولها «إنهم مش فاهمين»، حسب قوله، لذلك قرر الرجل البسيط عرض التجربة والمحاولة لتنفيذها فى قريته مع مسئولى مجلس المدينة الذى تتبعه قريته: «بقالى 6 شهور شغال فى الواحة، وفكرة جهاز الطاقة الشمسية دخلت دماغى جداً رغم إنى مش متعلم، لكن فهمت قيمة الشمس اللى ممكن تخلينا نحل أزمة من غير تكلفة، لو الحكومة دعمت المواطنين ووفرت ليهم الأجهزة بأسعار مخفضة ومناسبة، عشان يساعدونا على شرائه وتوفير الكهرباء كتير عن الأول».
يعانى «سعيد» من فواتير الكهرباء الجزافية، التى تأتيه فى منزله كل شهر ببنى سويف، رغم غيابه عن البيت طوال الشهر، ويقول: «اللى بيكون شغال فى البيت هى التلاجة بس، وأنا بنزل 5 أيام من كل شهر إجازة، وأقل فاتورة بتجيلى مش أقل من 100 جنيه»، ورغم حرصه على سداد فواتير الكهرباء فى موعدها، إلا أنها مع كل شهر تزيد ولا تنخفض، ويضيف: «اشتكيت أكتر من مرة ومفيش فايدة، ولا حد بيسمع وطول الوقت بيقولوا لنا إن شركة الكهرباء فيها مشاكل، وبيطالبونا نرشد الاستهلاك، طيب أوفر إيه أكتر من أن التلاجة هى بس اللى بتشتغل».
«طبعاً تعميم فكرة الطاقة الشمسية فى مصر قريباً، لأنها موفرة كتير والجهاز يرشد استهلاك الكهرباء من غير تكاليف زيادة أو أعباء على المواطن»، يقول الدكتور أحمد الشابى، خبير الطاقة الشمسية، معتبراً أن وعى المصريين بخصوص استخدام الطاقة الشمسية كبديل عن استخدامات كثيرة مرتبطة بالكهرباء انتشر مؤخراً، وتحديداً فى المناطق الراقية والمدن الجديدة، ويضيف: «عشان كده نلاقى النهارده مدن كتيرة أغلبها تعمل بسخانات الطاقة الشمسية، لكن تجربة أن يعمل منزل أو عقار أو فيلا بأكملها على الطاقة الشمسية من النادر أن تلاقى مواطن جاء يعملها، إلا لما يكون واحد دارس وفاهم لأن استخدام الجهاز لا مكلف ولا صعب».
يرى «الشابى» أن انتشار تجربة استخدام الطاقة الشمسية بشكل أوسع، يرجع إلى الحكومة والمسئولين، بدعم المواطن عن طريق توفير أجهزة تعمل بالطاقة الشمسية، أسعارها مخفضة، لحث المواطن على شرائها وترشيد استهلاكه.
«إحنا بندعم كل مواطن بيشترى جهاز الطاقة الشمسية عن طريق تخفيض فاتورة كهرباء منزله، التى تصل لـ5% من قيمة استهلاكه خلال الشهر»، قالها مصطفى زكى، نائب رئيس هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، مؤكداً أنه لا توجد عراقيل أثناء تحويل أى مواطن منزله من استخدام الكهرباء إلى الطاقة الشمسية.