الحشود الشعبية ومخاوف ولايات الغرب الأوسط حسمت السباق
أحد أنصار «ترامب» يشير بعلامة النصر
إعلان فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب، أمس، بمنصب رئيس الولايات المتحدة، يعد نصراً مذهلاً لرجل أعمال شهير وسياسى مبتدئ استفاد من القلق الاقتصادى للناخبين، مستغلاً التوترات العرقية ومتغلباً على سلسلة من اتهامات بالاعتداء الجنسى للوصول إلى «البيت الأبيض» فى مواجهة منافسته الشرسة هيلارى كلينتون. وجاء انتصار «ترامب» على «كلينتون» لينهى ثمانى سنوات من الهيمنة الديمقراطية على «البيت الأبيض» مستغلاً عدة عوامل حققت المفاجأة ودعمت فوزه، أبرزها الاعتماد على فكرة التحشيد الكبير للمواطنين، واللعب على الأخطاء التى وقع فيها الرئيس الحالى الديمقراطى «باراك أوباما». وتعهد «ترامب» بالتحرك بسرعة لإلغاء قانون «أوباما» للرعاية الصحية وإلغاء الاتفاق النووى مع إيران وإعادة صياغة اتفاقيات اقتصادية مهمة أُبرمت مع دول أخرى، خاصة مع المكسيك وكندا. وأقام «ترامب» علاقة مع الأمريكيين البيض وأبناء الطبقة العاملة الذين يشعرون بأنهم تخلفوا فى ظل اقتصاد متغير وبلد متنوع.
مايكل مور: «ترامب» كان الفرصة الأخيرة للرجل الأبيض فى مواجهة المرأة.. وعضو بحملة «دونالد»: قمنا بـ«ثورة شعبية»
وطرح مسألة المهاجرين من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، كأساس للمشاكل التى يعانى منها كثير من الأمريكيين، كما داعب مخاوفهم من الإرهاب الصادر من الداخل والمقبل من الخارج. وغير «ترامب» مسار أعراف سياسية استمرت لسنوات فى طريقه لـ«البيت الأبيض»، حيث وجه إهانات شخصية شرسة لمنافسيه، معتبراً المهاجرين المكسيكيين مغتصبين وقتلة، كما تعهد بتعليق هجرة المسلمين مؤقتاً إلى الولايات المتحدة. ولم يعلن «ترامب» عن عائدات الضرائب الخاصة به، ليخالف تقاليد استمرت عقوداً خلال الحملات الانتخابية، كما تجنب إصدار البيانات القوية والجهود الميدانية التى ساعدت فى فوز «أوباما» بولايتين فى «البيت الأبيض»، معتمداً بدلاً من ذلك على المسيرات الكبيرة التى ينظمها مؤيدوه. ووصف الرئيس الأخير لحملته، كيليان كونواى، إنجازات فريق «ترامب» مع انتهاء الانتخابات، وقال على حسابه بموقع تويتر «تجميع الحشود مهم» و«نحن نوسع الخريطة». وتوقع ديمقراطيون، وكذلك بعض الجمهوريين، أن يضر ترشيح «ترامب» بتصويت بعض الولايات الأكثر ميلاً للجمهوريين فى السباق الرئاسى، لكن «ترامب» تمسك بقوة بولايات الجمهوريين، بما فى ذلك جورجيا ويوتاه، التى استثمرت فيها حملة «كلينتون» مواردها بثقة.
وفى حين طلبت «كلينتون» من الناخبين أن يبقوا على «البيت الأبيض» فى يد حزبها لفترة ولاية ثالثة على التوالى، وصفت نفسها بأنها وريث لتراث أوباما وتعهدت بأن تواصل العمل على أجندته التى لم تكتمل، بما فى ذلك سن تشريعات الهجرة، وتشديد القيود على الأسلحة وتحسين قانونه الخاص بالرعاية الصحية، لكنها واجهت طوال السباق أسئلة ملحة حول مصداقيتها، ما استفاد منه «ترامب». وتجددت هذه المشاكل مرة أخرى فى نهاية السباق، عندما أعلن مدير مكتب التحقيقات الاتحادى (إف بى آى)، جيمس كومى، مراجعة رسائل بريد إلكترونى جديدة لكلينتون خلال توليها منصب وزير الخارجية. وقبل يومين فقط من بدء الانتخابات، قال «كومى» إن «هذه المواد لا تحمل أى مبرر لتوجيه اتهامات جنائية ضد كلينتون».
وقال مدير «التحالف الأمريكى الشرق أوسطى لدعم ترامب» توم حرب، فى اتصال لـ«الوطن»، إن «فوز السيد ترامب بالنسبة لنا كنا نتوقعه بقوة، عكس كل ما كان يثار فى وسائل الإعلام التى كانت فى غالبيتها تسوّق فقط لهيلارى وتحالفت معها فى مواجهة ترامب». وأضاف: «نحن راهنّا على الحركة الشعبية وحشد أصوات المواطنين للتصويت لترامب فى مواجهة الآلة الكبيرة الداعمة لكلينتون، وأستطيع القول إن ما حققه دونالد ترامب ثورة حقيقية، ولم يحدث منذ 40 أو 50 سنة فى الولايات المتحدة الأمريكية هذا الحراك الكبير». وقال «حرب»: «الأمور انتهت وفاز ترامب وهو الأحق والأجدر، وسيكون رئيساً لكل الأمريكيين وليس من انتخبوه فقط، أما فيما يخص التلاعب فى عمليات التصويت فما يهمنى هنا التركيز على أن الإعلام الأمريكى لم يكن منصفاً أو عادلاً طوال فترة الحملة الانتخابية وكان على طول الخط داعماً لكلينتون». وتابع: «المصوتون لترامب ليسوا فئات بعينها، وإنما جميع فئات المجتمع الأمريكى من مختلف العرقيات صوتوا للمرشح الجمهورى، وهو ليس لديه عداء تجاه أى شخص داخل الولايات المتحدة، وإنما هو يريد ضبط عملية الوجود غير القانونى لبعض المهاجرين».
وقبل نحو 4 أشهر كتب المخرج السينمائى مايكل مور، مقالاً توقع فيه فوز «ترامب» وهو ما تحقق بالفعل، وأرجع ذلك إلى 5 أسباب رئيسية، وهى أولا: التركيز على الولايات الأربع بالغرب الأوسط وهى بنسلفانيا ومتشيجان وأوهايو وويسكونسن، وهى الولايات التى كانت تذهب تقليدياً للديمقراطيين، لكن تلك الولايات الصناعية تضررت مثلاً من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا»، وهو ما استغله «ترامب» ونجح فى جذب الولايات الأربع إلى معسكره بعد انتقاده تلك الاتفاقية التى تدعمها «كلينتون»، وغيرها من الاتفاقيات التى أضرت بتلك الولايات. وثانى الأسباب أن الانتخابات كانت فرصة أخيرة للرجل الأبيض الغاضب من أن تتولى امرأة السلطة وهو المنصب الذى يسيطر عليه الرجال لنحو 240 سنة. وثالث الأسباب أنه تعهد بعدم التصويت لـ«كلينتون»، لأنها أيدت الحرب على العراق، كما أنها يمكن أن تفعل أى شىء لإدخال الولايات المتحدة فى عمل عسكرى، فهى من المتشددين إلى جانب أوباما. ورابع الأسباب هى أن الأصوات التى كانت تؤيد ترشح بيرنى ساندرز عن الحزب الديمقراطى ستصوت لمصلحة هيلارى لكنها ستكون أصواتاً محبطة، بمعنى أن الشخص سيذهب وحده للتصويت ولن يصطحب معه 5 آخرين للتصويت. وخامس الأسباب وأهمها، وفق «مور»، أن الناخب الأمريكى الغاضب من «النظام السياسى الحالى المعطوب» يمكنه أن يصوت لـ«ترامب» بعيداً عن أى ضغوط، لأنهم يتفقون معه ويحبون «انتفاخ ذاته»، وفق «مور».