استبعاد "آخر أيام المدينة" من مهرجان القاهرة.. وصناع الفيلم: "ازدواجية معايير"
الملصق الدعائي لفيلم آخر أيام المدينة
في القاهرة، وتحديدًا "وسط البلد"، قلب المدينة التي تعج بالحياة واضطراباتها، يحاول خالد، صانع الأفلام الشاب، منذ ديسمبر 2009، أن يصنع فيلمًا يلتقط فيه نبض المدينة في لحظة يكاد أن يفقد فيها كل شيء، بمساعدة رسائل الفيديو التي تصله من أصدقائه في بيروت وبغداد وبرلين، فعليه أن يجد طريقه عبر قسوة وجمال آخر أيام المدينة، محاولًا التقاط نبض مدينة توشك على الانفجار، هذه قصة فيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج تامر سعيد وبطولة خالد عبدالله، الذي مُنع من العرض في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ38، التي تبدأ فعالياته في 15 نوفمبر، وتنتهي 25 من الشهر ذاته.
وأكد صناع فيلم "آخر أيام المدينة" أنهم على مدار الأسابيع الماضية بذلوا محاولات مضنية لإقناع إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالتراجع عن قرارها باستبعاد الفيلم من المهرجان، موضحين أنهم فوجئوا بإدارة المهرجان تتهمهم في بيانها باللغة الإنجليزية بـ"عدم احترام المهرجان، وبمهاجمة اختيارات إدارته الفنية، وبمحاولة الإساءة لسُمعة المهرجان في مصر وحول العالم، عن طريق نشر أكاذيب ومغالطات"، مضيفين: "نحن نرفض كل هذه الاتهامات، ونجدها طريقة غير مهنية للتغطية على كل الأخطاء التي ارتكبتها هذه الإدارة".
وأشار القائمون على الفيلم، في بيان أصدروه اليوم، إلى أن إدارة المهرجان ترى أن عرض الفيلم في مسابقته الرسمية يسيئ إلى سُمعة المهرجان، لأن الفيلم عرض في مهرجانات دولية عديدة، موضحين 5 حقائق وهي:
1- أفلام آخرى في المسابقة الرسمية هذا العام عرضت في العديد من المهرجانات الدولية بل وفي المنطقة العربية، ولم يتم استبعادها من المسابقة كما حدث مع فيلمنا، الذي استبعد من برنامج المهرجان بالكامل.
2- لائحة مهرجان القاهرة، حسب موقعهم الرسمي، تشترط لأفلام المسابقة فقط عرض أول في مصر، ولا تشترط عرض عالمي أول أو عرض إقليمي أول، والفيلم لم يخالف أي من شروط اللائحة، بل واحترم الاتفاق الإضافي مع الإدارة بإعطاء المهرجان العرض العربي الأول.
3- عندما اختارت إدارة المهرجان "آخر أيام المدينة" للمسابقة الرسمية كان بالفعل عرض في 19 مهرجان دولي، وكانت الإدارة تعلم ذلك وتعلم أنه مدعو إلى مهرجانات آخرى قبل القاهرة، والتزمنا بالاتفاق الوحيد مع الإدارة بالاعتذار عن قبول دعوات من المهرجانات العربية والمحلية الأخرى حتى يكون العرض العربي الأول في القاهرة، ومع ذلك استبعد الفيلم من المهرجان، وإذا كانت الإدارة أخطأت من البداية باختيار الفيلم، كما أعلنت أكثر من مرة فلماذا يدفع الفيلم ثمن أخطائها، وينتهي الأمر بألا يعرض الفيلم في أي مهرجان في المنطقة العربية التي تمثل جمهوره الأساسي؟.
4- تتهم إدارة المهرجان فريق الفيلم بنشر الأكاذيب والمغالطات وأعلنت في بيانها، بالإنجليزية، أن الفيلم شارك في 60 مهرجانا دوليا قبل مهرجان القاهرة، وهي معلومة غير صحيحة يستطيع أي مستخدم للإنترنت أن يتأكد من عدم صحتها، بينما الحقيقة أن الفيلم مدعو إجمالًا إلى نحو 60 مهرجانا حتى مايو المقبل، وما يقرب من نصف هذه المهرجانات سوف يعقد بعد مهرجان القاهرة.
5- تدعي الإدارة، في بيانها بالإنجليزية، أن سبب الاستبعاد هو رغبتها أن تكون منصفة مع فيلم "يوم للستات"، للمخرجة كاملة أبوذكري، وهو فيلم الافتتاح المصري المشارك في المسابقة، ونحن نؤكد احترامنا الكامل لهذا الفيلم ومخرجته، ونرفض محاولات إدارة المهرجان لوضعنا في مواجهة معها، لكن الحقيقة التي تعرفها الإدارة جيدًا أن "أبوذكري" وقعت بنفسها على بيان المطالبة بعودة الفيلم لمسابقة المهرجان، وأين هو الإنصاف في أن يعامل الفيلمان المصريان بمقاييس مختلفة عن تلك المطبَقة على الأفلام الأجنبية المشاركة في المهرجان؟ وكيف يعد هذا التمييز وسيلة لدعم أو إنصاف الأفلام المحلية؟.
واستنتج صناع الفيلم، في بيانهم، أحد أمرين، الأول: أن إدارة المهرجان تطبق معايير مزدوجة بشكل واضح وصريح على حساب فيلم "آخر ايام المدينة"، والثاني أن هناك سببًا آخر غير معلن للاستبعاد لم تفصح الإدارة عنه، وما إذا كان مورس عليها أي ضغوط لتستبعد الفيلم؟.
فيما وقَع 1200 شخصًا يعملون في المجال السينمائي، بينهم أسماء أعمدة المشهد السينمائي في مصر وشباب السينمائيين وكبار صناع السينما في العالم، بعضهم كرمه المهرجان في دورات سابقة، ومنهم من تشارك أفلامه في دورة هذا العام، وتضم التوقيعات مديرين ومبرمجين في مهرجانات دولية بعضها في قائمة الاتحاد الدولي للمنتجين التي يستخدمها المهرجان للدفاع عن قراره باستبعاد الفيلم، وبينهم ممثلين ومنتجين وكتاب وفنانين ونقاد وصحفيين وعشاق للسينما من مصر ومن 56 دولة في العالم.
وقال صناع الفيلم: "لم يعد لدينا أي رغبة في الاستمرار في محاولة عرض الفيلم بالمهرجان، محتفظين بحقنا في اتخاذ الخطوات القانونية تجاه إدارة المهرجان، حتى تتحمل مسؤوليتها عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت الفيلم، بسبب قرار استبعاده من المهرجان.
من ناحية أخرى، كانت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ38، أصدرت بيانًا 28 أكتوبر الماضي، أوضحت أسباب استبعاد الفيلم والملخصة في أن مهرجان ليس إقليميًا، ولا ترتبط عروضه بشرط العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل تخضع الاختيارات لمعايير يحددها ويشرف عليها الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF)، الذي يضع المهرجان ضمن 14 مهرجانا فقط حول العالم ضمن الفئة A للمهرجانات الدولية.
وذكر بيان المهرجان أن يوسف شريف رزق الله، المدير الفني للمهرجان، شاهد فيلم "آخر أيام المدينة" خلال عرضه مطلع العام ضمن قسم "المنتدى" بمهرجان برلين السينمائي الدولي، وتابع رحلته الناجحة في أكثر من مهرجان، وحيث إن الفيلم شارك في عدد كبير من المهرجانات منذ عرضه الأول، فرأى المدير الفني مشاركة الفيلم ضمن برنامج "آفاق السينما العربية"، الذي يضم مجموعة من أفضل إنتاجات السينما العربية الحديثة، واقترح ذلك على مخرج الفيلم تامر السعيد، إلا أن المخرج رفض هذا الاقتراح، واشترط أن تكون مشاركته ضمن المسابقة الدولية للمهرجان.
وأضاف: "وتمت الموافقة على هذا الشرط، نظرًا للإعجاب بمستوى الفيلم والرغبة في دعم هذا النوع من التجارب المعاصرة والمغايرة في السينما المصرية، وطلب المدير الفني من المخرج أن يتوقف عن إرسال الفيلم للمهرجانات الأخرى لحين عرضه في مهرجان القاهرة، احترامًا لحجم وقيمة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وكان رد المخرج تامر السعيد هو الموافقة، مع توضيح أنه كان اتفق بالفعل على المشاركة في عدد محدود من المهرجانات (3 أو 4 كما ذكر)، إلا أنه وبعد هذا الاتفاق فوجئ المهرجان بمشاركة الفيلم في قرابة الـ10 مهرجانات، جميعها يسبق تاريخه موعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومنها ما يقل كثيرًا في التاريخ والقيمة، وكأن فريق الفيلم يضع مهرجان القاهرة في ذيل قائمة اهتمامه".
وتابعت إدارة المهرجان: "من هنا لم يكن أمامنا إلا إرسال اعتذارًا لمخرج الفيلم عن المشاركة ضمن المسابقة الدولية للدورة الـ38، بتاريخ 13 أكتوبر".