ماجدة واصف: واجهنا تحديات صعبة هذا العام.. وارتفاع سعر الدولار وضعنا فى مأزق
ماجدة واصف
للعام الثانى على التوالى، تواصل الدكتورة ماجدة واصف رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وخلال ثمانية أشهر طويلة تبدأ الإعداد للدورة الـ38 من عمر المهرجان، مدعومة بفريق عمل صغير، يحمل اسم «القاهرة» على عاتقه، فى مواجهة كل التحديات، بداية من اختيار الأفلام، تنظيم لجان المشاهدة، إعداد قوائم الحضور والتفاوض مع الضيوف الأجانب، يتحول معها العاملون إلى خلية نحل تعمل بصورة مستمرة تجنى ثمار مجهودها مع إسدال ستار الدورة الحالية، وخلال حوارها لـ«الوطن» تكشف ماجدة واصف، كواليس العمل على الدورة الحالية وأهم التحديات التى واجهت إدارة المهرجان، كما تطرّق إلى الأزمات المبكرة، والاستعدادات اللازمة لخروج الدورة الـ38 بالصورة الأفضل.. وإلى نص الحوار:
ضيق ذات اليد وراء غياب النجوم العالميين عن الدورة الحالية.. والمهرجان ليس ضمن أولويات رجال الأعمال
■ ما السلبيات التى تجنّبتها الدورة الـ38 من المهرجان بعد الدورة الماضية؟
- العامل الأول متعلق بالنواحى التنظيمية، ومع الدورة هذا العام وضعنا نظاماً مختلفاً لدخول صالات العرض، تجنّباً للفوضى وتكدس الحضور فى طوابير أمام قاعات العرض التى حدثت الدورة السابقة، لذلك أتمنى تعاون الجميع معنا لنُحقق النجاح المطلوب، حيث يقتضى النظام بالحجز الإلكترونى قبل حضور الفيلم سواء للجمهور، أو الصحفيين والنقاد أو أصحاب الدعوات المجانية، وليس بأسبقية الحضور، وبسبب الزحام على الأفلام المصرية تحديداً قررنا إعادة عرض الفيلم فى اليوم الثانى على المسرح الكبير، وجاء ذلك بالتعاون مع موقع «السينما»، حيث يضم قاعدة بيانات بكل الأفلام ومواعيد عرضها. وعلى الجانب الآخر يُمكِّننا الحجز الإلكترونى من التعرّف على حجم إشغال قاعات العرض والإقبال على الأفلام ومعرفة نسبة الجمهور والصحفيين بشكل دقيق، ويمكننا من وضع إحصائيات سليمة، كما تم تصميم تطبيق للمهرجان على الهواتف الذكية يتيح للجميع معرفة مواعيد وأماكن عرض الأفلام، فضلاً عن أخبار المهرجان وغيرها، وهذا النظام يدخل المهرجان داخل الزمن ويُوفر الكثير من الوقت والمجهود، وبالتالى ننتظر مشاهدة مدى نجاح العملية وتفاعل الجمهور معها على أرض الواقع، ورغم أنها تكلفت جهداً ومصاريف مالية كبيرة، إلا أنها تعد نقلة بالنسبة للمهرجان.
■ بالحديث عن التكاليف المالية، هل واجهت إدارة المهرجان أزمة فى ما يتعلق بالميزانية؟
- الوضع غاية فى الصعوبة، خصوصاً بعد الزيادة الأخيرة فى سعر الدولار، ولم نستوعب تلك الزيادة الرهيبة وتفاجأنا بها، حيث وصلت أسعار تذاكر الطيران إلى 54 ألف جنيه، وبالتالى تحدّثنا إلى وزارة الثقافة، التى تواصلت بدورها مع المسئولين فى «مصر للطيران»، لأن برنامجنا الكامل فى المهرجان يقوم على دعوة الضيوف من الخارج، وبعد حل الوضع، تابع الدولار الزيادة بصورة أكبر، ليُصبح الوضع مأساوياً بالفعل، فالميزانية كانت تعادل مليون دولار منذ عدة سنوات، أما الآن ومع الزيادة فانخفضت قيمة الميزانية لأقل من النصف.
فشل شركة التسويق وراء غياب الرعاة الرسميين.. ودفعنا نحن ثمن إخفاقها
■ ما أبرز التحديات التى واجهت الإدارة فى الإعداد للدورة الحالية؟
- واجهنا كماً كبيراً من التحديات لسنا مسئولين عنها، فنحن نرغب فى وجود أفلام جيدة، واستضافة سينمائيين من جميع دول العالم واستقبالهم بصورة جيّدة ومشرّفة، لكن العوامل المعاكسة والمحيطة لا يمكن التحكم فيها، فينطبق علينا مثل «الشاطرة تغزل...»، فنحن نواجه معاناة فى الحصول على أفلام جيّدة لأننا نأتى فى نهاية العام بعد مجموعة من المهرجانات العالمية، إضافة إلى أن مصر لا تُعتبر سوقاً للسينما تضمن شراء الفيلم أو تسويقه، لأنه فى النهاية سلعة، ورغم كل ذلك نحاول الخروج بدورة مميزة فى حدود الإمكانيات المتاحة، ولدينا فريق عمل قد يكون صغيراً بالنسبة للمهرجانات الكبيرة، لكن كل من يعمل به يعطى دون حساب، لذلك نأمل أن تخرج الدورة الـ38 من مهرجان القاهرة بصورة مشرّفة.
■ لماذا لا توجد مطالبات من قِبَل إدارة المهرجان بزيادة الميزانية بالشكل الذى يتناسب مع زيادة الأسعار؟
- أنا لن أطالب بذلك الآن، وبعد انتهاء الدورة الحالية سنبدأ بهدوء فى تقييم الأمر ووضعه أمام المسئولين، وخلالها نُقدم الأرقام وما تم تنفيذه من خلالها، ونترك لهم التقييم، فنحن نعى جيداً الأزمة التى تمر بها الدولة والمشكلات الاقتصادية الراهنة، ولن نطالبها بما يفوق طاقتها، لكن لا بد من إعادة التفكير فى السياسات الثقافية ومخصصاتها، بعيداً عن العمل فى جزر منعزلة، فيجب طرح مجموعة من الأسئلة، أهمها ما الذى تريده الدولة من الثقافة المصرية، وما الذى تُخصّصه لها، ثم تعيد ترتيب أولوياتها، وفقاً لذلك.
■ شهدت الدورات السابقة وجود رعاة رسميين ورجال أعمال يدعمون المهرجان، لماذا لم يتم الاستعانة بهم هذا العام؟
- بالفعل تعاقدنا هذا العام مع شركة تسويق متخصّصة فى الحصول على رعاية للمهرجان، لأننا فى النهاية سينمائيون متخصصون فى الجوانب الفنية وتنظيم الفعاليات الثقافية، لكن الحصول على الدعم والمخصصات المالية خارج نطاقنا، وبالتالى قرّرنا إعطاء العيش لخبازه، وللأسف الشركة التى تعاملنا معها لم تكن على مستوى المسئولية، فلم ينجحوا ودفعنا نحن الثمن بعدم حصولنا على ما كنا نتمناه، وكان الوقت متأخراً للتعاقد مع شركة أخرى، أما رجال الأعمال الذين دعموا المهرجان فى دورات سابقة، فلديهم أولويات أخرى الآن، وفى النهاية هم متطوعون، لا يمكننا إجبارهم على دعم المهرجان، لكن دعمهم كان يعطى المهرجان إمكانيات أكبر من المتاحة له الآن، وأنا لا ألوم أحداً، لأن الظروف تجعل كل شخص يعيد النظر فى أولوياته، وعلى الأرجح نحن لسنا ضمن أولوياتهم.
■ ما سبب غياب النجوم عن الدورة الحالية من المهرجان؟
- وضعنا قائمة تضم مجموعة كبيرة من الأسماء، عملنا عليها خلال فترة طويلة، لكن ضيق ذات اليد كان أبرز العوامل، لكن أيضاً هناك مجموعة من الشخصيات الكبيرة من صانعى الأفلام، ففى حفل الافتتاح من المقرر تكريم المخرج الصينى جيا زانكيه، حيث يُعد من أكبر السينمائيين الصينيين فى العالم، إضافة إلى المخرج الألمانى كريستيان بيتزولد، قد لا يكون لديهما بريق نجوم هوليوود، لكن إسهاماتهما السينمائية مهمة جداً، وعلى الجانب الآخر حاولنا إحضار «شاروخان» وتواصلنا معه لشهور طويلة، وساعدتنا المخرجة الهندية فرح خان، التى كرّمها المهرجان الدورة الماضية، فى التواصل معه، لكن كانت لديه ارتباطات أخرى، والقصة نفسها بالنسبة للنجم جاكى شان وجيت لى، ولم ننجح بسبب ارتباطاتهما التى يبدآن فى برمجتها قبل عام، وبالتالى التواصل معهما قبل ستة أشهر لم يكن كافياً، ونعتذر للجمهور الذى انتظرهما هذا العام.
■ كيف جاء اختيار الأفلام المصرية المشاركة فى المسابقة الدولية، وهل يجب أن تضم المسابقة عملاً مصرياً؟
- على الإطلاق، لا يوجد فى اللوائح ما ينص على ضرورة وجود فيلم مصرى فى المسابقة الدولية، وكان من الممكن أن يكون ثلاثة أفلام أو فيلماً واحداً، فنحن غير مرتبطين بعدد معين، ويعد فيلم «يوم للستات» للمخرجة كاملة أبوذكرى عملاً جيداً، ويقدم موضوعاً طريفاً وجديداً حول تخصيص يوم للسيدات فى أحد مراكز الشباب فى المناطق الشعبية، إضافة إلى فيلم «البر التانى» للمخرج على إدريس، وعلى الجانب الآخر لم تقتصر الأفلام المصرية على المسابقة الرسمية فقط، هناك عدد كبير من الأفلام المصرية على العرض فى قسم خاص، وتضم أقوى إنتاجات 2015 و2016 مترجمة إلى الإنجليزية، لمجموعة من كبار المخرجين، وتفتح الباب أمام الضيوف الأجانب للتعرّف على السينما المصرية بمختلف أشكالها، خصوصاً أنه ليس كل الأفلام يُتاح لها فرصة العرض فى الخارج.
■ يُرجع البعض استبعاد فيلم «آخر أيام المدينة» إلى أسباب أمنية، ما مدى صحة ذلك؟
- اخترنا فيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج تامر السعيد للمشاركة فى المهرجان، وكنا سعداء بذلك، واعتباره نوعية مختلفة من الأفلام رغم مشاركته فى عدد من المهرجانات السينمائية قبل اختياره، وكان يجب بعد الوجود فى المسابقة أن يلتزم بالاتفاق الذى تم مع يوسف شريف رزق الله، المدير الفنى للمهرجان، الذى يقتضى بعدم إرسال الفيلم فى مهرجانات أخرى، لكن استمر الموضوع، فهل لهذه الدرجة يُستهان بمهرجان القاهرة حتى يحظى بالعرض «الإقليمى» الأول للمهرجان، فـ«القاهرة» مهرجان دولى وليس إقليمياً، وهو الوحيد المعترَف به فى المنطقة العربية، وفى النهاية لم يفهم أبعاد المسألة بشكل واضح، والأمر نفسه بالنسبة لـ«يوم للستات» بعد ضغط كبير وافقنا على عرض الفيلم على هامش مهرجان «لندن»، وعندما عُرضت عليهم المشاركة فى مهرجان آخر رفضنا ذلك، وهم احترموا ذلك، وبالتالى تعاملنا مع الفيلمين بالمعايير نفسها.
■ وهل جاء اختيار فيلم «البر التانى» بديلاً عن «آخر أيام المدينة»؟
- كان من الممكن الاكتفاء بفيلم مصرى واحد فى المسابقة الرسمية، لكن تلقينا عرضاً بمشاهدة الفيلم، ووافقنا، وبعد المشاهدة رحّبنا بمشاركته فى المسابقة، لأننا وجدناه عملاً يناقش قضية الهجرة غير الشرعية، تزامناً مع حادث مركب رشيد، الذى يعتبر حياً فى أذهان الجميع، رغم أنهم بدأوا العمل على الفيلم منذ عامين، وبذلت المؤلفة زينب عزيز مجهوداً كبيراً فى البحث عن القصص ومعايشتها على أرض الواقع، وبالتالى كنا سعداء بفيلم مصرى يهتم بقضية غير مطروحة فى السينما.