«الوطن» داخل غرفة الحكومة لـ«مراقبة الهواء»: 3 شبكات ترصد التلوث بـ«الميكروجرام» .. وتقرير عن «جودته» كل ساعة
الخرائط التى تعمل بها غرفة مراقبة الهواء
فى جنوب مدينة القاهرة، وعلى طريق «مصر - حلوان» الزراعى، تقبع غرفة حديثة داخل مقر جهاز شئون البيئة بالمعادى، تسكنها «خلية نحل» من المهندسين المختصين بمتابعة حالة هواء مصر بشكل لحظى، فيما يمكن تسميته بـ«غرفة مراقبة الهواء».
«الوطن» زارت «الغرفة»، بصحبة الدكتور مصطفى مراد، رئيس الإدارة المركزية لنوعية الهواء والحماية من الضوضاء، لتقف على آخر القراءات الرسمية، وحالة هواء مصر، ومناطقه الأكثر تلوثاً، والأخرى النظيفة، وكيفية رصد الحكومة المصرية، ممثلة فى جهاز شئون البيئة، لأحوال الهواء وسط شكاوى المواطنين فى بعض المناطق من تردى نوعية الهواء، وتلوثه.
مسئول «القومية للملوثات»: هواؤنا يتراوح بين «نظيف ومعتدل» فى أغلب الأوقات.. ومدير «الانبعاثات الصناعية»: نرصد الغبار والغازات الخارجة من مداخن 46 شركة كبرى إلكترونياً
فور دخولك للغرفة تجد عدداً من المهندسين يتابعون قراءات محطات الرصد، والقياس المنتشرة فى عدد من مواقع الجمهورية على نظام خاص للرصد، والمراقبة، مع شاشة تليفزيونية معلقة لعرض أحدث التطورات عليها، مع عمل تقارير بقراءات محطات رصد، وقياس الهواء، لتقديمها لوزير البيئة، ورئيس «شئون البيئة»، ومسئولى التفتيش، والفروع بالجهاز فى أوقات الأزمات، ويرتكز عمل مهندسى «الغرفة» على متابعة عمل 3 شبكات تراقب نوعية، وحالة الهواء بشكل لحظى، الأولى شبكة قومية لرصد ملوثات الهواء، والثانية لرصد الانبعاثات الصناعية، والثالثة لرصد «الضوضاء».
يقول المهندس سامح عقيلة، مسئول متابعة محطات الشبكة القومية لرصد ملوثات الهواء، إنهم يتابعون قراءات 92 محطة لرصد ملوثات الهواء منتشرة على مستوى الجمهورية من الإسكندرية، وحتى أسوان، وأضاف «عقيلة» لـ«الوطن»، أن المحطات ترصد عدة ملوثات رئيسية، منها الجسيمات العالقة فى الهواء بقطر أقل من 10 ميكروجرام، وهى الأتربة، وأكاسيد الكبريت، وأكاسيد النيتروجين، وأول أكسيد الكربون، والأوزون، مشيراً إلى أن تلك المحطات مربوطة بـ«سيرفر» يعمل على تجميع البيانات من المحطات لحظة بلحظة، مع أخذ متوسط لتلك القراءات كل ساعة، موضحاً أن هناك تقريراً يومياً بكل ساعة من ساعات اليوم بشأن تلك القراءات، وأطلع مسئول متابعة محطات الشبكة القومية لرصد ملوثات الهواء «الوطن» على أحد التقارير، التى كانت ملونة، وأوضح أن كل لون يعنى وجود درجة جودة معينة للهواء.
«عقيلة»: القاهرة «بوتقة» تتجمع فيها الملوثات المقبلة من الشمال.. وجنوب المدينة أكثر القطاعات تلوثاً.. و«فكرى»: نراقب انبعاثات 24 شركة أسمنت
وأشار إلى أن نوعية الهواء مقسمة لـ7 درجات من الجودة؛ أولها الـ«نظيف»، وهو الذى يكون تركيز الملوثات فيه من صفر حتى 99 ميكروجراماً فى المتر المكعب، ويُعبر عنها بلون الأخضر الغامق، ثم المعتدل وهو من 100 حتى 199 «ميكرو»، ويُعبر عنها باللون الأخضر الفاتح، والجودة المتوسطة، وهى من 200 حتى 349 «ميكرو»، ويُعبر عنها باللون الأصفر، ثم درجة «التنبيه»، وهى من 350 إلى 419 «ميكرو»، ويُعبر عنها باللون البرتقالى، ثم «التحذير» من 420 إلى 549 «ميكرو»، ويُعبر عنها باللون الأحمر الفاتح، ثم «الإنذار» من 550 حتى 649 ميكرو، وأخيراً درجة الـ«طوارئ»، وهى من 650 ميكرو جرام فى المتر المكعب فيما أعلى، مشدداً على أن تلك الحالة لا تحدث إلا فى موسم السحابة السوداء أو هبوب أتربة، وكان التقرير الذى اطلعت «الوطن» عليه أغلبه باللون «النظيف»، و«المعتدل»، عدا منطقة شبرا الخيمة، التى ارتفعت فيها معدلات التلوث عن ذلك، واختلفت باختلاف ساعات اليوم، ويوضح «عقيلة» أن محطات الرصد والقياس موزعة جغرافياً على مستوى الجمهورية، مستعرضاً محطات محافظات القاهرة الكبرى، قائلاً: فى «شمال القاهرة» محطات أبوزعبل، وقها، وشبرا الخيمة، ومعهد ناصر، وفى شرق القاهرة محطات مصر الجديدة، والعباسية، ومدينة نصر، والقاهرة الجديدة، والسلام، والمطار، ومدينة بدر، أما غرب القاهرة فتوجد محطات 6 أكتوبر، والمهندسين، والجيزة، وهضبة الهرم، فيما كانت محطات الجنوب من المعادى حتى التبين مروراً بحلوان والبدرشين، ولفت إلى أن مستوى محافظة القاهرة منخفض، كما تحده يميناً ويساراً هضبتا المقطم، والهرم، ومن ثم تصبح «بوتقة» تتجمع فيها الملوثات المقبلة من الشمال، حيث إن أغلب الرياح فى مصر تكون شمالية، وعن القياسات المعتاد رصدها، قال إن هواء مصر نظيف إلى معتدل فى أوقات السنة العادية، وإنه فى أوقات السحابة السوداء قد يصل المعدل إلى متوسط أو أكثر مع الأزمات مثل «السحابة» أو قدوم أتربة من خارج البلاد، وفى فترات الانتقال ما بين الفصول وبعضها، وأكد «عقيلة» أن أكثر المناطق تلوثاً تكون فى جنوب القاهرة بسبب الصناعات الثقيلة الموجودة فيها، مردفاً: «الهواء لو نشط مش هيبقى فيه ملوثات ملحوظة لأنه بيشتت الملوثات، أما لو حدث سكون فى حركة الرياح هيبان التلوث»، ولفت إلى أنه فى أوقات الأزمات يرسل تقريراً «ساعة بساعة» لقيادات جهاز شئون البيئة، حتى يتم التعامل مع المشكلة الموجودة قدر الإمكان، مشيراً إلى أن استخدام الـ«جهاز» لصور الأقمار الصناعية لتحديد مواقع السحابة السوداء ساعدتهم أثناء العمل، وعن المدة الزمنية التى يحتاجها المختصون حتى يصلهم التقرير، قال إنها لا تكاد تذكر، إذ إن هناك «جروب» على الـ«واتس أب» يوجد عليه جميع المعنيين بالإدارات، والأفرع ليصلهم التقرير بشكل فورى، بدلاً من إرسال تقرير ورقى قد يكون المسئول عنه غير موجود، أو يستغرق وقتاً حتى يقرأه، لكن الوضع مختلف على الـ«واتس أب».
الرياح تُشتت الملوثات ولو سكنت «هتبان».. ونستخدم الـ«واتس أب» للوصول للمسئولين بسرعة
أما الدكتورة شيرين فكرى، مدير إدارة انبعاثات المنشآت بجهاز شئون البيئة ومسئول الشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية؛ فقالت إن الشبكة عبارة عن أجهزة رصد مثبتة على مداخن المنشآت الصناعية الكبرى، التى ترصد انبعاثاتها وترسلها لقاعدة بيانات جهاز شئون البيئة على مدار الـ24 ساعة، وأضافت «فكرى»، فى تصريح لـ«الوطن» على هامش زيارتنا لـ«الغرفة»، أن «شبكة رصد الانبعاثات الصناعية» ترصد بدقة انبعاثات الغازات، والأتربة المنبعثة من المداخن، موضحة أن هناك 46 شركة كبرى منضمة لـ«الشبكة»، وهى شركات أسمدة، وأسمنت، وبتروكيماويات، وحديد وصلب، وسيراميك. وأوضحت أن جهاز شئون البيئة يمتلك خطة لضم كل الصناعات الكبرى الموجودة على مستوى الجمهورية لشبكتها، مشددةً على أنه يجرى تحليل المعلومات المقبلة من قراءات «الشبكة» للجهاز، وأنه حال تعدى الانبعاثات للحد المسموح به قانوناً يتم اتخاذ إجراءات لتوفيق الأوضاع، والإجراءات المقررة قانوناً، ولفتت إلى أن الشركات الكبرى متعاونة معهم، وملتزمة بشكل كبير، ولا يتجاوزون الحدود المسموح بها قانوناً، مضيفة: «الشبكة بتدى انطباع عن الشركات دى إن فيها كفاءة استخدام الطاقة، والعملية الإنتاجية لأن الانبعاثات معناها عدم كفاءة للنظام، لأن الانبعاثات منتج ممكن تستخدمه»، وعن مصانع «حلوان»، قالت إن هناك مشكلة فى إحدى الشركات، ولكنها لا تتمثل فى الانبعاثات عبر المداخن، ولكن أتربة بسبب «بيئة العمل»، مضيفة أنه يجرى عملهم لتوفيق الأوضاع حالياً، و«الوضع هناك تحسن كثيراً.. وحلوان بقت غير الأول».
وأوضحت أنهم يقيسون الانبعاثات الخارجة من المداخن، ولكن يمكن أن يكون هناك تسريب فى المداخن أو عبر «بيئة العمل» لأن وجود أتربة على الأرض يمكن أن يتحول لغبار مع حركة العمال والنقل، ما يدفعهم للعمل مع تلك المصانع لـ«توفيق أوضاعهم البيئية»، وأشارت إلى أن أغلب شركات الأسمنت منضمة للشبكة، فهناك 26 شركة فى مصر، 24 منها مرتبطة بالشبكة، وتستعد شركة العريش للأسمنت التابعة للقوات المسلحة للانضمام لـ«الشبكة» بعدما وردت الأجهزة اللازمة لها، لتتبقى شركة واحدة يتم التنسيق معها فى هذا الصدد.