قضاة وقانونيون: المعفو عنهم بقرارات جمهورية لا تسقط جرائمهم في "الفيش والتشبيه"
احد الشباب المفرج عنهم
أكد قضاة وقانونيون أن قرار الرئيس السيسي بالعفو عن 83 من المحكوم عليهم لا يعني سقوط الجرائم التي ارتكبوها، وستظل تلك الجرائم والأحكام الصادرة ضدهم مقيدة في الصحف الجنائية الخاصة بهم، بل إنه سيوقع عليهم عقوبات أشد في حال العودة لارتكاب تلك الجرائم مرة أخرى.
وأكدوا أن العفو الرئاسي يختلف تماماً عن العفو الشامل الذي يتم بموجبه إسقاط الجريمة وليس فقط العفو عن تنفيذ العقوبة، وفي هذا الصدد تعكف وزارة العدل على إعداد مشروع قانون للعفو الشامل، لعرضه على مجلس النواب.
وقال المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن قرار رئيس الجمهورية بالعفو عن 82 مسجوناً يأتي في إطار العفو الرئاسي الذي نصت عليه المادة 155 من الدستور، التي تمنح الرئيس حق العفو عن تنفيذ العقوبة المقضى بها نهائياً من المحاكم على اختلاف درجاتها، سواء كان ذلك عفواً كلياً أو جزئياً.
وأضاف "السيد" أن قرارات الرئيس بالعفو التي صدرت أمس الأول لم تكن الأولى، فكل عام يصدر الرئيس عدة قرارات مشابهة بالعفو بمناسبة الأعياد، وتكون بناء على طلب مقدم من مصلحة السجون ووزارة الداخلية بقائمة من المقرر العفو عنهم، ولكن ما أثار الأمر هذه المرة إعلامياً أن القائمة كانت معدة من قبل اللجنة التي شكَّلها الرئيس لبحث العفو عن الشباب المحبوسين في قضايا الرأي والتظاهر والتجمهر، وهذه اللجنة رفعت تقريراً استشارياً للرئاسة للعفو عن عدد من الشباب المحبوسين.
وأوضح أن العفو الرئاسي لا يعني أن الجرائم التي ارتكبها المعفو عنهم تسقط، ولكنها ستظل عالقة بهم وينطبق في شأنهم جميع العقوبات التبعية المترتبة على الحكم بعقوبة، فمثلاً المحكوم عليهم في جرائم مخلة بالشرف والأمانة لن يتمكنوا -رغم العفو عنهم- من ممارسة حقوقهم السياسية بالترشح أو الانتخاب أو الالتحاق بوظيفة حكومية، كما ستظهر تلك الأحكام في صحفهم الجنائية، مضيفاً أن المعفو عنهم مجرمون بأحكام القضاء، ولا يملك أحد حجب تلك الحقيقة.
وأشار إلى أن العفو الشامل يعني إلغاء الجريمة، ولا بد له من قانون، ولا يجوز للرئيس أن يصدر قراراً بالعفو الشامل إلا بناء على قانون يصدر بأغلبية مجلس النواب، فعلى سبيل المثال عقب ثورة 23 يوليو 1952 كان هناك أشخاص محكوم عليهم استناداً إلى قانون العيب في الذات الملكية، وعندما تم إلغاء هذا القانون سقطت الجريمة عن المعاقبين بها.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم نايل، أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس، إن العفو الرئاسي يكون بقرار جمهوري استناداً إلى المادة 155 من الدستور، بينما العفو الشامل لا يكون إلا بقانون، لأن العفو الشامل يلغي الجريمة ذاتها وهو بمثابة تعطيل لمواد بقانون العقوبات، موضحاً أن العفو الرئاسي يلغي العقوبة فقط، ولكن لا يُسقط الجريمة، فتظل عالقة بالمفرج عنهم وموجودة في الصحيفة الجنائية الخاصة بهم.
وأشار "نايل" إلى أن قائمة المعفو عنهم بقرار جمهوري سيواجهون عقوبات أشد في حال ارتكابهم أي جريمة أخرى، لأن الصحف الجنائية "الفيش والتشبيه" الخاصة بهم سيكون بها الأحكام الصادرة ضدهم.
في سياق متصل، قالت مصادر قضائية بوزارة العدل، إن قطاع التشريع يعكف على الانتهاء من تعديلات قانون العفو الشامل، الذي بموجبه يستطيع رئيس الجمهورية، عقب موافقة أغلبية النواب عليه "298 + 1"، العفو الشامل، بمعنى إلغاء الجريمة ذاتها.
وقالت المصادر إن العفو الشامل هو تعطيل للجريمة نفسها، فلا يتم فيه تحديد أشخاص بعينها، وإنما تحديد جرائم، فعلى سبيل المثال ينص القانون على العفو عن الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة التظاهر خلال فترة محددة، وبالتالي يتم العفو عن المحكوم عليهم أو الخاضعين للتحقيق الذين ارتكبوا هذه الجريمة في تلك الفترة أياً كان عددهم أو انتماءاتهم السياسية، أي أن يصبح هذا الفعل أو هذه الجريمة المعفو عنها "مباحة" في تلك الفترة التي حددها القانون.