بالصور| شارع الموبيليا بدمياط يتحول لـ"منطقة مهجورة" بعد انحسار حركة البيع
شارع عبد الرحمن بدمياط
"بيوتنا خربت لا بيع ولا شراء، أكبر سوق لبيع الموبيليا كاملة التشطيب ونصف تشطيب بمصر تحوَّلت لخرابة ونحو 60% أغلق وتم تسريح آلاف الصناع"، بتلك الكلمات بدأ العاملون بشارع عبدالرحمن الشهير بأكبر معرض لبيع الموبيليا يأتي إليه المواطنون من كل أنحاء مصر والدول العربية، ومع تزايد الوضع سوءا اضطر الصناع وأصحاب المعارض لإغلاق مصالحهم اليوم لإجبار التجار على خفض أسعار الخامات.
ويُعد شارع عبد الرحمن قبلة حديثي الزواج من كل أنحاء الجمهورية، حيث اكتسب شهرته الواسعة نظرا للأثاث الراقي المعروض به وتنوع الأسعار لتناسب كل المستويات ويعد عبد الرحمن سوقا متكاملة لتأثيت الشقق والفيلات فيوجد به موبيليا وأنتيكات وتحف وأكسسوارت تحتاجها الشقق السكنية ويرجع تاريخ الشارع لستينيات القرن العشرين، حيث بدأ بعدد محدود من الورش ليتطور عقب ذلك للعديد من الورش والمصانع.
أمام معرضه يجلس محمد مطاوع، تاجر أنتيكات، متكئا على مقعد ينظر إلى أول الشارع في انتظار فرج الله الكريم قائلا: "قبل تعويم الجنيه كان البيع نحو 30% أما بعد التعويم فوجئنا بارتفاع أسعار الخامات بنحو 60%، وهو ما أدى لانخفاض حركة البيع لنحو 3% وهو ما لم نشهده من قبل واضطررت لتسريح العمالة، خاصة وأنه لا يوجد بيع ولا شراء والعمال مسؤولين عن أسر ولم أعد قادرا على دفع أجورهم.
وبنبرة حزينة يقول مطاوع: "لو استمر الحال على ما هو عليه سأضطر لتغيير مهنتي التي عملت فيها قبل 10 أعوام"، مضيفا: "لم أعد أفتح معرضي 5 ساعات يوميا نظرا لعدم البيع أو الشراء فكل المعارض لا يوجد بيع أو شراء"، موضحا أن القيادة التنفيذية في المحافظة لم تفعل شيئا لصناع الأثاث والناس تعبانة"، موجها رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي: "يا ريت الناس اللي بتشتغل تحت إيدك عندهم نصف الضمير اللي عندك".
ويضيف محمد ورد قائلا: "أعمل في تجارة الأنتيكات منذ 20 عاما وبدفع أجور العمال من لحم الحي مفيش لا بيع ولا شراء، فقبل قرار تعويم الجنيه كانت المبيعات 60% حاليا مفيش زي ما بفتح زي ما بقفل لا بيع ولا شراء"، مضيفا: "شارع عبدالرحمن بات وكأنه في الإنعاش فنحو 70% من المعارض أغلقت ولو غيرت النشاط مش عارف هشتغل فى إيه دي المهنة اللي قضيت عمري فيها والتجار استغلوا الأزمة ورفعوا الأسعار 100% ورسالتي للتجار ورئيس الوزراء كفاية ظلم، أما الغرفة التجارية فلم تقدم لنا كصناع شيئا"، وذلك بحسب تعبيره.
على بعد أمتار من "محمد" يجلس "عبده ورد"، تاجر أنتيكات، وبنبرة يائسة يقول: "حسبي الله ونعم الوكيل في التجار فنتيجة لتحرير سعر الصرف ارتفعت أسعار الخامات بنحو 25% وذلك بحسب هوى كل تاجر فالزيادة باتت ضعفين"، مضيفا: "أعمل في المهنة منذ 25 عاما ولا نريد سوى تثبيت سعر الدولار، ورغم أن الزيادة الفعلية 10% إلا أن التجار استغلوا الفرصة ورفعوا الأسعار بنحو 25% وهو ما أدى لانخفاض حركة البيع بنحو 80%"، مطالبا بتولي الدولة مسؤولية استيراد خامات صناعة الأثاث بدلا من أننا بتنا تحت سيطرة التجار وتشديد الرقابة لوقف الأسعار عند حد معين حتى بات المنتج يخشى شراء الخامات، علاوة على احتفاظ التجار بالخامات بمخازنهم لاستغلال الأزمة ورفع الأسعار.
ويضيف ورد: "قبل سنوات كان شارع عبد الرحمن لا يتمكن أحد من السير فيه، أما حاليا فتمشي في الشارع تشعر وكأنك في إجازة وللأسف لا يمكنني ترك مهنتي التي قضيت فيها سنوات عمري للجوء لمهنة أخرى لا أعلم عنها شيئا".
وبوجه بائس وقف شريف العزب أمام معرضه وبجواره ثلاثة من الصناع يتحدث معهم عن وضع المهنة بعد تدهورها، ويقول العزب لـ"الوطن": "أعمل تاجر موبيليا، وبعد 30 عاما عمل في صناعة الأثاث حالنا وقف ولا عاد في بيع ولا شراء، فين شارع عبد الرحمن زمان مكنش حد يعرف يقف فيه، حاليا أغلب المعارض والورش مغلقة وكل واحد قاعد أمام مصلحته يشكو حاله وينظر لأطقم الموبيليا متحسرا، فأسعار الخامات زادت بصورة جنونية فبعدما كان متر الخشب بـ2600 جنيه تجاوز 7000 جنيه، وذلك بعد تحرير سعر الصرف"، مناشدا القوات المسلحة بسرعة التدخل واستيراد الخامات.
ويضيف العزب: "دعوتنا للصناع هي إغلاق الورش ليوم فقط لإجبار التجار على خفض الأسعار ولو ارتفعت الأسعار أكثر من كده هتحصل كارثة فأسعار أطقم الموبيليا زادت الضعف وعدد كبير من المقبلين على الزواج استغنوا عن أطقم الصالون والأنتريه، ويعد 25 تاجرا هم المسيطرون على السوق ولا بد من وقف احتكارهم وتدخل الجيش لإنقاذ الصناعة التي توارثنها أبا عن جد".
ويقول العزب: "المستوردين قفلوا مخازنهم ورفضوا بيع الخامات منذ شهرين، فنحو 75% من التجار قفلوا معارضهم"، معتبرا مشروع مدينة الأثاث "لا فائدة منه ومش عارفين هما عملوه لصالح مين، فلن يستفيد صغار الصناع كما سبق وحدث بالمدينة الصناعية بدمياط الجديدة".
ووجَّه شريف رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي: "إلحقنا يا ريس المهنة بتدمر والورش قفلت، والصناعة تواجه شبح الانهيار، والتجار بيلعبوا بينا عايزين القوات المسلحة تتولى مسؤولية استيراد خامات الصناعة باعتبارها خامات استراتيجية ومنع المستوردين أصحاب رأس المال من الاستيراد".
ويقول عمرو شولح، نجار، 35 عاما: "قفلت ورشتي منذ 3 أشهر بسبب ارتفاع أسعار الخامات التي باتت تزداد يوما تلو الآخر حتى زادت 200% وذلك رغم أن الخامات مخزنة بمخازن المستوردين إلا أنهم استغلوا الأزمة وباتوا يرفعونها وقمت بتسريح 8 عمال"، مطالبا الدولة بالتدخل ومراقبة الأسعار فالكبير يريد أكل الصغير.
أما محمد أبو عطية، أويمجي، يقول: "أغلقت ورشتي قبل سنوات وسرحت 5 عمال بسبب دخول الماكينات الكمبيوتر التي غزت الأسواق وقضت على حرفة الأويما وتسببت في تسريح نحو 100 ألف صانع وتحولت من صانع صاحب ورشة لشيال بعدما قضيت نحو 40 عاما في المهنة"، مناشدا الدولة بالتدخل لتقنين ماكينات الكمبيوتر كما اضطر أبنائي لترك المحافظة والعمل بأحد المصانع بالقاهرة.
ومن جانبه، يقول محمد عبده مسلم، رئيس نقابة صناع الأثاث المستقلة بدمياط، لـ"الوطن": "شارع عبد الرحمن متخصص في الموبيليا نصف تشطيب والتشطيب، ويبلغ عدد الورش 5000 ورشة بمعدل 30000 صانع، وتأثرت الصناعة بارتفاع أسعار الخامات بصورة مبالغ فيها، ما تسبب في إغلاق نحو 60% من الورش"، مضيفا: "رغم إطلاقهم دعوات بإغلاق الورش والمعارض ليوم اعتراضا على ارتفاع أسعار الخامات بنسبة تتراوح من 100 حتى 200% حيث خزَّن العديد من المستوردين الأخشاب استغلالا للأزمة لرفع أسعار الخامات".
وطالب مسلم بسرعة تدخل الدولة ومراقبة السوق وتثبيت سعر الدولار عند حد معين ومواجهة جشع التجار.
ويقول علي أبو عبد الله، تاجر: "بيوتنا خربت ومصالحنا باظت فقد انخفضت المبيعات تأثرا بتحرير سعر الصرف بنحو 80%"، مضيفا: "أعمل في المهنة قبل 16 عاما، وحاليا وأنا أفكر جديا في تغيير مهنتي منذ 4 أشهر، خاصة بعد ارتفاع سعر الخامات بنحو 200%".
ووجه أبو عبدالله رسالته للمسؤولين: "مفيش حد بيفكر فينا ليه مش بترفع الجمارك على خامات صناعة الأثاث المستوردة باعتبارها سلعة استراتيجية".
وبوجه عابس، جلس بلال همام، تاجر أنتيكات، أمام معرضه يضرب كفا بكف، داعيا الله لأن يفرج كربته: "فوجئت بعدد من المتهمين معي بشراء الأنتيكات بكميات أكبر لتخزينه خشية استمرار ارتفاع الأسعار"، مضيفا: "وضعنا من بعد عيد الأضحى لا يسر عدو ولا حبيب، حيث فوجئنا بارتفاع أسعار الخامات لنفاجأ بزيادات متتالية حتى كارثة تحرير سعر الصرف والتي تسببت في انخفاض المبيعات بنحو 90% وهو ما دفعنا لتسريح 5 عمال، خاصة بعدما أصبحت عاجزا عن صرف أجرهم كاملة، وباتت أيام عدة تمر ولا أبيع قطعة أنتيكات واحدة".
ويضيف بلال قائلا: "الشغلانة مش جايبة همها وحاليا أفكر جديا في الهجرة للخارج"، محملا الحكومة مسؤولية الكارثة التي تشهدها صناعة الأثاث بدمياط بسبب ارتفاع الأسعار، متسائلا: "يعني إيه أسعار الخامات ترتفع لـ100%، علاوة على قيام نحو 80% من المستوردين بتخزين الأخشاب ورفضهم البيع حتى يبيعوها بسعر أعلى"، ووجَّه بلال رسالته للحكومة قائلا: "حرام ما يحدث لصناعة الأثاث، المهنة بتموت ولا عاد فيه بيع ولا شراء"، مضيفا: "التصدير وقف تماما ولم نعد نصدر كما كان يحدث من قبل، خاصة بعد إغلاق 60% من الورش".