يوسف شريف رزق الله: تغلبنا على التحديات المادية والفنية.. وعانينا من التصيد بالرغم من محدودية الإمكانيات
يوسف شريف رزق الله
رحلة قصيرة لم تتجاوز الـ10 أيام قطعتها إدارة مهرجان القاهرة لتخرج بدورة مميزة على بعض الجوانب فى ضوء إمكانياتها المحدودة ولا تخلو من السلبيات على الجوانب الأخرى، لتقدم الإدارة نوعاً من المكاشفة والشفافية لتعلن عن أخطائها مؤكدة قدرتها على تجاوزها فى الدورات المقبلة.
يرد يوسف شريف رزق الله، المدير الفنى لمهرجان القاهرة، على أبرز الانتقادات التى وجهت للدورة الحالية، كما يتطرق إلى الصعوبات التى واجهتها الإدارة خلال فترة المهرجان، كما يلقى الضوء على الإمكانيات من وجهة نظره.
الرقابة لم تتدخل فى اختيارات المهرجان.. ورفضنا بعض الأعمال التى تسبب صدمة للمجتمع الشرقى
■ مع نهاية الدورة الـ38.. كيف تعاملت إدارة المهرجان مع التحديات التى واجهتها؟
- قرار تعويم الجنيه أربك حسابات المهرجان، خاصة أن كل التعاملات تتم مع ضيوف من خارج مصر، وبالتالى كان تحدياً كبيراً بالنسبة لنا أن نقدم الدورة بهذه الإمكانيات المادية، وهو ما أثر على زيادة أسعار تذاكر الطيران والطباعة إلى النصف، وغيرها من الأمور المتعلقة بتنظيم فعاليات المهرجان، ومن الجانب الآخر وزارة الثقافة كانت فى «ضهرنا» ووعدت بتوفير كل الحلول للمشكلات التى تواجهنا، لأنه فى النهاية هو مهرجان حكومى، أما وزارة السياحة فتقدم دعماً 2 مليون جنيه، ولكن هذا العام خصصتها الوزارة للنقل والإقامة، ولكن لم نفهم طلبهم فى اختيار فندق يعد الأعلى سعراً بين عروض الفنادق الأخرى، كما يعد بعيداً نسبياً عن دار الأوبرا المصرية، ويطل على منطقة شعبية غير مناسبة لضيوف المهرجان، ولكن تدخلت وزارة الثقافة لحل تلك الأزمة مع وزارة السياحة، وتلك هى أبرز التحديات المالية التى استطعنا التغلب عليها.
■ وبالنسبة للتحديات الفنية؟
- هذا الجزء خاص بعملى بشكل أكبر، فواجهنا مشكلة كبيرة فى الحصول على أفلام من الخارج، حيث نفتقر لوجود سوق للأفلام غير التجارية الأمريكية، وبالتالى يرفض المنتجون والموزعون الوجود فى المهرجان بسبب عدم وجود عروض تجارية للأفلام أو بيع لتلك الأعمال، ولكن تغلبنا على ذلك بشكل أو بآخر، فعرض فى المهرجان ضمن الأقسام غير الرسمية مجموعة من الأفلام المهمة، منها الأعمال التى عرضت فى الدورة الماضية من كان، التى شهدت رواجاً جماهيرياً كبيراً وكتابات نقدية وفنية مشيدة بها، فكان هناك إقبال جماهيرى على التجارب المختلفة، منها الأفلام الوثائقية مثل «جمهورية ناصر»، «تاريخ الباليه» و«احنا مصريين أرمن»، وبالتالى نجحنا فى التحديات الفنية من خلال تقديم أفلام على مستوى فنى عال.
■ ما الإيجابيات التى ميزت الدورة الـ38؟
- برنامج بانوراما الأفلام المصرية حقق رواجاً جيداً بين ضيوف المهرجان الأجانب، وعرّفنا الحضور على مستوى فنى جيد للسينما المصرية، وتعتبر أهم الإيجابيات وأتمنى أن يُنتج العام الحالى أفلام جيدة لنستطيع تكرار التجربة العام المقبل، والعودة إلى قاعات العرض السينمائى فى وسط البلد، كما نجحنا فى استضافة مجموعة كبيرة من الضيوف أصحاب الأفلام، مما يتيح للجمهور فرصة النقاش مع المخرج أو أبطال العمل، وشهدت الدورة مجموعة من الندوات الناجحة، سواء التشريعات السينمائية أو ندوة ربيع السينما العربية، إضافة إلى الأفلام الجيدة فى البرامج الموازية، حيث رشحنا مجموعة من الأفلام لمسابقة أسبوع النقاد وأخرى لـ«آفاق السينما العربية» منها «المدينة» للمخرج عمر شرقاوى.
■ بم تصف الهجوم على المهرجان أثناء الدورة؟
- هناك تربص بالمهرجان من جانب البعض دون النظر للتحديات والإمكانيات التى أتيحت لنا للخروج بصورة جيدة، إضافة إلى التركيز على مجموعة من الأخبار التى انتشرت ولم يتحقق منها الصحفيون، مثل الأخبار المتداولة عن إلغاء بعض الندوات، ويعد السبب الأساسى هو تخلف الصحفيين عن حضورها، ويقتصر الحضور على الضيف ومدير الندوة فقط، فبعضهم يركزون اهتماماتهم على أشياء صغيرة، مقابل مجموعة أخرى تهتم بكتابة مقالات نقدية عن الأفلام، إضافة إلى متابعة الندوات وإجراء أحاديث مع ضيوف المهرجان.
إدارة المهرجان لم تروج لـ«البر التانى».. وسنعقد جلسات عمل لبحث سلبيات الدورة
■ مع عودة مهرجان القاهرة لوسط البلد بعد فترة انقطاع، ما تقييمك للتجربة؟
- قدمنا عروض الأفلام الأولى فى الأوبرا والإعادة فى خمس قاعات بوسط البلد، ولكن الإقبال لم يكن بالصورة التى نتمناها، فهناك أفلام شهدت حضوراً جماهيرياً أكثر من غيرها، منها الفيلم التسجيلى «جمهورية ناصر» للمخرجة ميشال جولدمان، وبالتالى كان الوضع يحتاج إلى دعاية مكثفة وأكثر قوة، مع عدم توافر آلة الترجمة الإلكترونية سوى فى قاعتين فقط فى وسط البلد، ومن الضرورى أن نعمل على الدعاية وجذب الجمهور مرة أخرى فى الدورة المقبلة، وفى النهاية نحن نتعلم من التجربة حتى نستطيع تقديمها بشكل أفضل.
■ وصف بعض النقاد الأفلام المصرية بأنها «الحلقة الأضعف» فى أفلام المسابقة الرسمية، هل هناك صعوبة بالنسبة للإدارة فى اختيار الفيلم المصرى؟
- فيلم الافتتاح «يوم للستات» يعد عملاً سينمائياً لمخرجة معروفة لها تجارب مميزة فى السينما والتليفزيون، ويضم مجموعة من كبار النجوم، على رأسهم الفنانة والمنتجة إلهام شاهين، وهى كلها عناصر تؤهله للوجود والمنافسة فى المسابقة الدولية، وشهد الفيلم منافسة على العرض بين مهرجانى القاهرة ودبى، وفى النهاية اختارت منتجة العمل مهرجان القاهرة، أما فيلم «البر التانى» فكان من الأفلام الجاهزة ومناسباً من جانب الإنتاج، ويردد البعض أن المهرجان يروج ويقدم دعاية للفيلم وهو أمر غير صحيح إطلاقاً، إضافة إلى أن هناك محدودية فى الإنتاج السينمائى المصرى وبالتالى يتم الاختيار من أعمال قليلة، هناك أفلام كثيرة كنت أتمنى جاهزيتها للعرض فى المهرجان، منها «نوارة» و«قبل زحمة الصيف» العام الماضى، وهذا العام كانت لدىَّ رغبة فى وجود أفلام مصرية، منها «طلق صناعى» للمخرج محمد دياب، و«الأصليين» للمخرج مروان حامد، ولكن عدم جاهزيتهما كان حائلاً أمام الأمر، ولا أعلم إذا كانت لديهما رغبة فى عرض أعمالهما بـ«القاهرة»، أو فيلم «على معزة وإبراهيم» للمخرج شريف البندارى ولكنه مرتبط بالعرض فى مهرجان دبى لأنه حاصل على دعم من المهرجان.
■ واجه الصحفيون مجموعة من المشاكل منها تأخر صدور الكارنيهات التى تتيح حضور ثلاثة أفلام فقط، وأخرى متعلقة بالحجز الإلكترونى، فهل يعنى ذلك فشل النظام الجديد للمهرجان؟
- ثلاثة عروض يومياً كافية ومناسبة للصحفى، فلا يستطيع أحد أن يشاهد أكثر من ذلك فى اليوم الواحد، حيث لم يتم استهلاك كل التذاكر المدفوعة من قبل المهرجان، مما يعنى أن العدد مناسب جداً للحضور، أما تأخر صدور الكارنيهات فهو أمر نعتذر عنه لأن الشركة المسئولة عن الحجز تسببت فى تأخر صدور الكارنيهات، وفى ختام المهرجان ستقيم الدكتورة ماجدة خيرالله جلسات لتقييم سلبيات الدورة قبل إيجابياتها والوقوف على أسبابها لتجنبها فى المستقبل، أما حجز الصحفى للأفلام من شباك التذاكر يومياً فليس بدعة ومعمول به فى معظم مهرجانات السينما العالمية، ويضمن له الجلوس فى مكان مناسب له دون حاجة إلى التكدس فى طوابير أمام قاعات العرض، ويتتيح لإدارة المهرجان من خلال «الباركود» الخاص بالكارنيه معرفة الأفلام التى شهدت إقبالاً أكثر من غيرها، وإحصائيات دقيقة لحضور المهرجان ما بين النقاد والصحفيين والجمهور العادى، ولكن سيشهد تطوراً العام القادم.
■ هل من المنطقى أن تتدخل الرقابة فى اختيارات الأفلام وتصنيفاتها فى العام الـ38 من تاريخ المهرجان؟
- من الصعب أن أشاهد كل الأفلام المشاركة فى المهرجان، وبالتالى لجنة المشاهدة تقيّم الأفلام فى تقارير وترفعها لى، وطالبت فى حالة وجود أفلام تضم مشاهد غير لائقة أن أشاهدها بنفسى لأستطيع الحكم عليها، وأرى هل تناسب معايير الرقابة أم لا، بخلاف ذلك تُصنف الأعمال إما «للعرض العام»، «للكبار» أو «للكبار +18»، إضافة إلى أعمال يسمح لها بعرض واحد داخل الأوبرا، وهو ما نفذناه بالفعل حتى نستطيع تحذير الجمهور قبل مشاهدة الفيلم، ولا نستطيع القول إن الرقابة رفضت أعمالاً لأن ما كنا نراه غير مناسب لن نعرضه، وكلها أعمال قد تسبب حالة صدمة فى مجتمع شرقى لا بد من مراعاة تقاليده.
■ هل تأجيل تكريم الفنان يحيى الفخرانى لحفل الختام أربك حسابات المهرجان؟
- إطلاقاً، فمن البداية عندما أبلغته بتكريمه بجائزة فاتن حمامة التقديرية، ذكر أنه مرتبط برحلة علاجية فى الفترة من 12 إلى 23 نوفمبر، وتأكد من عدم الإعلان عن موعد بدء مسرحيته فى الإسكندرية ليستطيع الحضور فى حفل الختام.
■ ما أهم النقاط التى سيتم العمل عليها بعد انتهاء المهرجان؟
- المهرجان يحتاج إلى زيادة ميزانية، لأن قيمتها الحقيقية ضعيفة جداً، ولا تستطيع أن تقدم مهرجاناً سينمائياً قوياً، إضافة إلى رغبتنا فى ضم عناصر شابة إلى الإدارة، حيث نفتقر لوجودهم الذى يعد مكسباً للمهرجان، ولكن المشكلة تظل فى الميزانية.