مستثمرون: صدّرنا بـ2 مليار جنيه «نحل» هذا العام دون مساعدة «الحكومة»
طائرة شحن مصرية تنقل النحل إلى الإمارات
قال منتجون ومصدرون إن النحل المصرى يحظى بسمعة طيبة فى دول الخليج العربى، ويتم تصدير كميات كبيرة منه بملايين الدولارات سنوياً، لكن «صناعة النحل» تواجه مشكلات عديدة بسبب نقص السكر فى الأسواق وارتفاع سعره، ونفوق عدد كبير من ثروة النحل القومية، مطالبين بدعم الحكومة لهم فى عمليات التصدير، ومساعدتهم فى فتح أسواق جديدة، والانضمام إلى «منظمة النحل العالمية» ومقرها إيطاليا.
كان لدينا 3 ملايين خلية قبل «أزمة السكر».. تناقصت إلى أقل من النصف خلال 3 أشهر فقط.. و«أشرف»: شركتنا صدرت 44 ألف طرد هذا العام
أشرف محمد الصبّاح، مسئول تسويق فى إحدى شركات تصدير النحل بالمنوفية، يقول «شركتنا قامت بتصدير 44 ألف طرد نحل هذا العام إلى دول الخليج، ويعمل فى مجال التصدير فى مصر حالياً نحو 10 شركات، صدّرت مليون طرد نحل إلى السعودية والإمارات والكويت والأردن ولبنان وتركيا خلال العام الحالى، بقيمة تصل إلى 135 مليون دولار، أى حوالى 2 مليار جنيه، وهذا رقم كبير جداً مقارنة بالعامين الماضيين اللذين لم يزد التصدير فيهما عن نصف مليون طرد، وشهدت صناعة النحل ازدهاراً غير مسبوق خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بسبب استقرار سعر السكر قبل حدوث نقص حاد فيه خلال الأشهر الأخيرة»، وأضاف الصبّاح لـ«الوطن» أن «معظم المصريين يعتقدون أن صناعة النحل قائمة على العسل فقط، لكن العسل أحد منتجات النحل ولا يتم تصديره لعدم مطابقته للمواصفات القياسية الأوروبية، لذلك بدأ الاتجاه نحو تصدير النحل إلى الدول العربية، وهى أسواق ناشئة وتحتاج كميات كبيرة من النحل المصرى سنوياً، وكان يوجد فى مصر حوالى 3 ملايين خلية قبل أزمة السكر الأخيرة، لكنها تناقصت إلى أقل من النصف خلال 3 أشهر فقط، وكانت كل المحافظات تقريباً تعمل فى مجال التصدير، لأن جو مصر المعتدل يساعد على تربية النحل وتفريخه أو تحضينه كما نطلق عليها»، وتابع الصباح قائلاً إن «صناعة النحل تواجه حالياً خطر الانقراض، بسبب ارتفاع سعر السكر وعدم توافره تماماً، ما أدى إلى قيام التجار بعدم بيع العسل الذين كانوا ينوون بيعه وتخزينه لتغذية النحل بدلاً من السكر، غير أن كميات العسل المخزنة اقتربت على النفاد، والنحل يموت يومياً بسبب نقص الغذاء، لأن فترة الشتاء فترة فقيرة فى التغذية الطبيعية عكس الربيع والصيف»، وأوضح «الصبّاح» أن «مصر هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط، التى تصدر النحل، وهى رابع دولة على مستوى العالم فى هذا المجال بعد أستراليا والأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن لا بد لإنتاج النحل وتفريخه أو تحضينه من توافر شيئين اثنين، الأول الرحيق وهو السكر الذى يستخلصه النحل من الزهور، والثانى هو حبوب اللقاح، ولا تبيض ملكات النحل إلا إذا توافر هذان النوعان فى الخلية، لضمان وجود تغذية كافية للأجيال الجديدة، لأن الملكة قد تبيض فى اليوم الواحد حوالى 1500 بيضة، وهذا البيض يفقس بعد 22 يوماً فقط، وتكمن قوة مصر فى تنوع مصادر حبوب اللقاح الموجودة فى أشجار الموالح والفول والموز والكوسة وشجر الكافور أيضاً، الذى يعد من أهم مصادر تغذية النحل على الإطلاق، عكس شجر الفيكس الذى لا يستفيد منه النحل تماماً، لذلك نطالب الدولة بالتوسع فى زراعة الكافور ووقف عمليات التشجير بالفيكس نهائياً»، وأشار خبير التصدير والإنتاج إلى أن «مصر لديها فرص جيدة لتحقيق أرباح كبيرة من الاستثمار فى مجال تصنيع النحل تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً، لو أحسنت إدارة هذا المجال العملاق الذى يساهم حالياً فى إدخال عمله صعبة إلى البلاد، لكن للأسف جهود التصدير مجرد جهود فردية وليست رسمية»، منوهاً إلى «استفادة الكثير من الهيئات المصرية بعملية تصدير النحل إلى الخارج، مثل شركات التخليص الجمركى وشركات الشحن الجوى والطيران ووزارة الزراعة».
مصر هى رابع دولة على مستوى العالم فى مجال تصدير النحل بعد أستراليا والأرجنتين والولايات المتحدة
وعن دعم الدولة للصناعة، قال «الصباح»: «للأسف، لا يحصل مصدرو النحل على أى دعم للتصدير، ومن المتوقع أن يحدث تراجع كبير فى صادرات مصر بدءاً من النحل الموسم المقبل بسبب تراجع أعداد النحل بصورة غير مسبوقة فى الشهور الثلاثة الأخيرة بسبب نقص السكر».
النحل يموت يومياً بسبب نقص الغذاء لأن الشتاء «فترة فقيرة» فى التغذية الطبيعية عكس الربيع والصيف.. ومنظمة النحل العالمية تضم 135 دولة منتجة ليس بينها مصر.. ورئيس المنظمة يبدى إعجابه بالنحل المصرى
من جانبه، قال فرج لبيب، صاحب منحل ومصدر نحل، إن «هناك صورة ذهنية سلبية عن صناعة العسل فى مصر، حيث يعتقد الكثيرون أن النحالين يغشون العسل ويضعون عليه السكر، لكن الحقيقة غير ذلك، فالسكر يتم استخدامه كتغذية فقط لتعويض نقص التغذية الطبيعية فى الحقول والأشجار خلال بعض المواسم، وبسبب التغذية المركزة من السكر ينتج النحل عسلاً به زيادة كبيرة فى نسبة السكروز تتعدى 20%، بينما النسبة الطبيعية يجب ألا تزيد على 5%، وهذا هو ما يجعل المواطنين يعتقدون أنه مخلوط بالسكر، لكن هذا لا يمنع وجود تجار كثيرين يصنعون العسل المغشوش من مواد كيمائية فقط ويبيعونها فى الأسواق على أنها عسل طبيعى، وسعر العسل المغشوش يبدأ من 10 جنيهات حتى 20 جنيهاً حالياً، لكن العسل الطبيعى والجيد يصل سعر الكيلو منه إلى 50 جنيهاً، بعد أن كان يباع بسعر 25 جنيهاً للكيلو قبل أزمة السكر»، وأضاف «لبيب» أن «مصر يوجد بها كميات هائلة من حبوب اللقاح فى معظم أشهر السنة، وفى شهر يناير تتم تغذية النحل على رحيق الكافور أينما وُجد، أما فى فبراير فتتم تغذية النحل من زهور الكراوية والمشمش والخوخ، وفى مارس تكون التغذية بزهور البرتقال والموالح الأخرى، ويوجد فى مصر مصدران مهمان لهذه التغذية، هما وادى الملاك فى منطقة التل الكبير بالإسماعيلية، والبستان فى البحيرة، وهاتان المنطقتان تذهب إليهما آلاف الخلايا سنوياً، وفى شهر أبريل لا توجد أى زهور مناسبة، لذلك يجب التعويض عن ذلك من خلال تقديم السكر للنحل، وفى شهرى مايو ويونيو تظهر زهور البرسيم الغنية بالرحيق وحبوب اللقاح، وأما فى شهر يوليو فكنا نعتمد على زهرة القطن طويل التيلة، وهى زهور كانت غنية جداً بالرحيق الذى كان يعوضنا عن العسل لمدة 3 أشهر، وفى شهرى أغسطس وسبتمبر تتم تغذية النحل بزهور الذرة إن وجدت، بجانب زهور بعض الموالح، وفى آخر العام، أى خلال فصل الشتاء، لا يوجد مصدر لتغذية النحل سوى السكر لأنه فصل شحيح فى تفتيح زهور النبات»، ولفت «لبيب» إلى أن «ليس هناك توسع فى زراعة الأشجار المفيدة للنحل، مثل الكافور والسدر والثمر أو النبق، وتتوسع الحكومة فى زراعة أشجار الفيكس عديمة الفائدة، لكن الإمارات والكويت تتوسعان فى زراعة هذه الأشجار التى تصلح للزراعة فى المناطق الصحراوية، وقيمتها الغذائية للنحل عالية جداً، ويتم التصدير إلى دول الخليج فى موسمين فقط، وهذان الموسمان مرتبطان بزهور أشجار السدر والنبق، وموسم التصدير الأول يبدأ فى بداية العام، والثانى يبدأ فى سبتمبر وأكتوبر»، ونوه «لبيب» بأن المنتجين والمصدرين يسعون إلى الانضمام لمنظمة النحل العالمية «الأبيموتديا» ومقرها فى إيطاليا، التى تضم 135 دولة منتجة للنحل ليس بينهم مصر، والمنظمة تعقد مسابقة كل عامين لمنتجات النحل، وفازت بها مؤخراً دولة الكويت بسبب عسل السدر، ومن الجدير بالذكر أن رئيس المنظمة الأيرلندى الجنسية فيليب ماكيب، أبدى إعجابه الشديد بالنحل المصرى، وقال فى المؤتمر الذى عقد مؤخراً فى دولة الإمارات (إن هذه هى المرة الأولى التى أعلم فيها أن مصر تنتج النحل وتصدّره)، وحرص الرجل على استقبال شحنات النحل المصرية فى مطار الشارقة للوقوف على مستوى وجودة النحل المصرى، وكل ذلك تم بجهود فردية بعيداً عن وزارة الزراعة التى لا تقدم لنا أى مساعدات على الإطلاق، لذلك ندعوها للانضمام إلى هذه المنظمة والاشتراك فى المؤتمر المقبل الذى سينعقد فى تركيا وعرض منتجاتنا التى لا تقل جودة عن منتجات الكويت والإمارات، مثل منتج عسل البرسيم لأنه منتج عالمى.