«مطران سمالوط» لـ«الأرثوذكس» يثير جدلاً قبطياً بإباحته «تناول» المرأة أثناء «الدورة الشهرية».. ومطالبات بالتحقيق معه
«البابا» مع مطران سمالوط
أثار الأنبا «بفنوتيوس»، مطران سمالوط للأقباط الأرثوذكس والمرشح البابوى السابق، جدلاً قبطياً وكنسياً حول «تناول المرأة أثناء الدورة الشهرية»، بعد أن أفتى بإباحة «التناول» (وهو أحد أُسس الدين المسيحى) للمرأة الحائض، التى تمنع الكنيسة تناولها بحجة عدم طهارتها، مما فتح عليه جبهات المتشددين داخل الكنيسة وفى أوساط الأقباط الذين اتهموه بمخالفة التعاليم الكنسية، مطالبين المجمع المقدس بالتحقيق معه، فيما أعلن «التيار العلمانى القبطى» دعمه وتأييده لما ذكره الأنبا بفنوتيوس. جاءت بداية هذا الجدل الذى فجره الأنبا «بفنوتيوس» عبر كتابه «المرأة فى المسيحية.. قضايا مثيرة للجدل»، الصادر مؤخراً عن مطرانية سمالوط، والذى أباح خلاله تناول المرأة أثناء الدورة الشهرية؛ باعتبارها عملية فسيولوجية طبيعية خلقها الله مثل باقى إفرازات الجسم ومنها العرق أو اللعاب أو الدموع، وأن المسيح لم «يرذل» المرأة نازفة الدم، مشيراً إلى أن النظافة الجسدية الخارجية لا تعنى أحداً، بل ما يعنيهم هو النقاوة القلبية، وهو ما أكد عليه المسيح. ويعارض مطران سمالوط كذلك المؤيدين لتعميد الولد القبطى بعد ولادته بأربعين يوماً والبنت بعد ثمانين يوماً، ويطالب الكنيسة بالسماح باستخدام وسائل منع الحمل التى تسبب إجهاضاً بنسب مختلفة مؤقتاً بمبدأ الرحمة فوق العدل لحين وجود بديل كفء لها لا يسبب إجهاضاً. ويطالب المطران بالاستفادة من المادة الثالثة فى الدستور التى أعطت المسيحيين حق الاحتكام إلى شريعتهم بإقرار حق التبنى للمسيحيين، خاصة أن مصر وقعت اتفاقية دولية فى عام 1990 خاصة بحماية حقوق الطفل وتتضمن بنوداً تتعلق بالتبنى، كما أن هناك دولاً إسلامية، مثل العراق وسوريا والأردن، لديها قانون خاص بالتبنى، بشرط أن يكون التبنى لطفل معروف النسب حتى لا يدّعى البعض أن هدف المسيحيين من التبنى هو «تنصير» الأطفال.
«حُماة الإيمان»: يخالف «التسليم الكنسى الأرثوذكسى السليم».. و«زاخر»: «الحرس القديم» يشوهه عبر كتائبه الإلكترونية
وتسبب الكتاب والآراء الواردة فيه فى هجوم شديد على «بفنوتيوس»، على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث وصف «مينا أسعد»، مدرس الدفاع اللاهوتى بالكنيسة ومؤسس حركة «حماة الإيمان»، الكتاب بأنه «ذلة أكاديمية ربما تكون غير مقصودة، حيث يكاد يكون الكتاب بأكمله عبارة عن مقتطفات عشوائية من مواقع إنترنت بعضها يفتقد للمصداقية تم وضعها فى سياق ليخرج لنا الكتاب»، على حد قوله. وقال «أسعد» لـ«الوطن»: «عنوان الكتاب - المرأة فى المسيحية - يخالف المضمون بغرض الإلهاء عن مخالفته للطقوس وإعطاء إيحاء أنه يتحدث عن قضية حقوقية وهمية، حيث إن الكتاب من حيث العقيدة والممارسات الطقسية يخالف التسليم الكنسى الأرثوذكسى السليم ويحتوى على عدد كبير من المغالطات اللاهوتية غير المبررة. واعتبر مدرس اللاهوت الدفاعى أن «هناك من ورط المطران فى هذا الكتاب بهذا المستوى»، مشيراً إلى أنه ينتظر رأى «المجمع المقدس» فيما ورد بالكتاب من مغالطات مخالفة للتعاليم الكنسية. فى المقابل، دافع كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى القبطى، عن الكتاب والكاتب، مؤيداً إباحة تناول المرأة أثناء الحيض، مشيراً إلى أن القضية هى استيعاب مفهوم الطهارة فى المسيحية لأنه للأسف هناك البعض المتأثر بفكر «العهد القديم» وفكرة الطهارة الجسدية التى كانت محكومة به فى هذا التوقيت، معتبراً أن الطهارة فى «العهد الجديد» تجاوزت الجسد إلى الروح. وقال «زاخر» لـ«الوطن»: «فى المسيحية لا يوجد تمييز بين المرأة والرجل، وتحجيم الطهارة فى الاغتسال هو تقزيم للقضية، وأى أحد يشكك فى الطهارة يشكك فيما عمله المسيح من الفداء والخلاص»، مشيراً إلى أن تأييده لتناول المرأة أثناء الحيض لأن إفراز الدم عندها لا يمكن أن يكون إفرازاً من الشيطان وإلا أصبح البشر أولاد «شياطين». وتابع: «الهجوم على مطران سمالوط مرتبط بالمرحلة الانتقالية فى الكنيسة والصراع الدائر بين الحرس القديم والجديد داخل الكنيسة، ولا أستبعد أن يكون الحرس القديم الذى كوّن مراكز قوى فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث هو من يهاجم مطران سمالوط الآن عبر الكتائب الإلكترونية التى يتم إطلاقها لتشويه المختلفين معهم».
يذكر أن الأنبا بفنوتيوس، معروف بأنه صاحب آراء إصلاحية داخل الكنيسة وقد عبر عنها فى العديد من كتاباته، مثل كتابه الشهير «حتمية النهوض بالعمل الكنسى» الذى أثار عاصفة من الجدل وكانت هناك تشابكات فكرية وردود عبر الكتب على أفكاره مع الأنبا بيشوى، مطران كفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس السابق.
وكان «بيشوى» أصدر منذ شهور دراسات بحثية يدافع فيها عن معمودية الولد والبنت بعد الولادة بفترة أربعين يوماً للولد وثمانين للبنت، كما دافع عن منع تناول المرأة أثناء الدورة الشهرية فى رده على كتاب الراهب يوئيل المقارى «المرأة والتناول».