الميكروباصات المتهالكة.. صداع فى رأس العاصمة
مواقف الميكروباص تفرقت فى كافة الأحياء والمناطق الداخلية في القاهرة الكبرى
طرق مختلفة ومواقف «ميكروباص»، تفرقت فى كافة الأحياء والمناطق الداخلية للقاهرة الكبرى، امتلأت عن آخرها بعربات متهالكة، لا يملك أغلبها رخصة للعمل كوسيلة نقل جماعية، ويشتكى منها السائق والراكب على حد سواء، فبين سائق لا يرى أمامه بديلاً عن سيارته التى تغنيه عن ذل السؤال، رغم ما يعانيه من صعوبة فى التعامل معها لقدمها وتهالكها، فضلاً عن بحثه الدائم عن طرق للهروب من رجال المرور الذين يلاحقونه باستمرار، وآخر مواطن أجبرته ظروفه على ركوب مثل هذه العربات، لا سيما فى أوقات الذروة التى تقل فيها العربات ويزيد عدد ركابها.
السائقون: «نفسنا نركب عربيات جديدة بس ما باليد حيلة».. ومواطنون: «غير آدمية ومضطرين نركبها علشان نروح مشاويرنا بأى طريقة»
«الناس دايماً بتبص لسواق الميكروباص على إنه واحد عايز يحط إيده فى جيوبهم وعايز يسرقهم، ميعرفوش إن السواق ده واحد عنده بيت وأسرة عايز يصرف عليها زيهم بالظبط»، يقولها «محمد محمود»، السائق الأربعينى، الذى يعمل فى هذا المجال منذ ما يقارب العشرين عاماً، مبدياً سخطه على النظرة الدونية لسائق الميكروباص من بعض راكبيه، ليكمل قائلاً: «كتير سمعنا عن إنهم هيجددوا الميكروباصات القديمة دى، بس كله كلام ومفيش أى حاجة بتحصل، وبالرغم إن منع العربيات القديمة ديه هيضر ناس كتير، بس فى الآخر هتكون أفضل بكتير والزبون هيلاقى عربية نضيفة يركبها، خاصة إن الزبون دايماً بيدور على العربية النضيفة مش العربية اللى ممكن تقطع له هدومه أو تعوره، وإن كان ده ما بيفرقش معايا فى الشغل، لأن عربيتى مش مهلوكة، بس بيفرق مع ناس كتير من اللى سايقين عربيات قديمة».
يضيف «محمود»: «العربيات القديمة أعطالها كتير جداً وقطع الغيار بتاعتها غير متوفرة وغالية وبتكلف صاحب العربية صيانة أكتر من اللازم، ده غير بقى إن أغلب السواقين اللى شغالين على العربيات ديه مش مؤهلين للسواقة أصلاً».
أغلب السيارات «عربات إحلال».. والسائقون يهربون من رجال المرور لعدم وجود رخص لها.. وبعض الركاب تحدث لهم إصابات.. ومسئولو الأحياء «ساكتة عليها»
وأشار «عزت مصطفى»، سائق ميكروباص خمسينى، إلى أن غالبية السيارات التى تعمل فى الخطوط الداخلية بالمناطق المختلفة تكون عبارة عن «عربات إحلال»، ليس لها رخصة عمل كوسيلة نقل جماعية، قائلاً: «للأسف مفيش قدامنا حلول تانية نعملها لأن أغلبنا معهوش فلوس يجيب عربيات جديدة، وأنا عن نفسى العربية بتاعتى تعبانى جداً فى الشغل، سواء فى السواقة أو فى التصليح كل شوية أو فى شكاوى الزباين اللى مبتخلصش، وإن كان عليَّا أنا عايز أركب عربية حديثة ونضيفة، بس هنعمل إيه ما باليد حيلة».
تبادرت إلى أسماع «عزت» خلال الآونة الأخيرة أن هناك بعض شركات استثمارية قد تتولى مسئولية النقل الجماعى فى هذه الأماكن التى تكثر فيها عربات الميكروباص المتهالكة، عن طريقة استبدالها بأخرى حديثة، إلا أن الفكرة لم تلق استحساناً لدى السائق الذى قضى عمره فى هذه المهنة، قائلاً: «ده طبعاً استحالة يحصل، ولو حصل إحنا مش هنسمح بيه، لأن أقل خط من الخطوط ديه شغال عليه ما لا يقل عن 500 عربية يعنى حوالى ألف سواق، كل واحد منهم عنده أسرته اللى بيصرف عليها، والناس ديه كلها مش هتقعد فى بيوتها عشان رجال الأعمال تشتغل»، متابعاً: «لو الحكومة مش عايزة العربيات القديمة ديه تشتغل فى الشارع كانت عملت معانا زى ما عملوا قبل كده مع التاكسى الأسود، ويلموا العربيات القديمة مننا ويعدموها ويدونا بدل منها ميكروباصات تانية جديدة وندفع تمنها أقساط بقى ولا بأى نظام يتعمل، إنما يقعدنى فى بيتى خالص ويوقف حالى ده مش هنرضى بيه»، ويرى «مصطفى حسن»، أحد سائقى هذه العربات المتهالكة، أنه لا يجد من الدوافع ما يجعله يعمل على تجديد سيارته القديمة، قائلاً: «أنا ليه أجدد العربية بتاعتى لما كل شوية الحكومة تجرى ورايا وتاخدها منى وتتبهدل تانى منى، لكن لو الحكومة عملت لنا أى ورق نمشى بيه ساعتها هنجدد العربيات ونخليها نضيفة ومش هنكون خايفين عليها»، ورغم ذلك رحب «مصطفى» بفكرة منع هذه العربات من العمل بشكل نهائى، بل وإعدامها: «ساعتها لازم يوفروا لنا البديل اللى نشتغل عليه وفى نفس الوقت الدخل بتاعنا يكون قريب لنفس دخلنا دلوقتى، وقتها إحنا مش هنمانع خاصة إنى هكون شغال على عربية حديثة ومريحانى»، مضيفاً: «فيه ناس كتير من اللى بتركب معايا بيتعوروا، وأقربها لسة واحدة امبارح جت تركب رجلها اتعورت جامد وهدومها اتقطعت، بس أنا كسواق هعمل إيه لصاحب العربية اللى مش عايز يصرف عليها ويصلحها، فى الوقت اللى أنا مفيش قدامى فرصة تانية أشتغل فيها فبكون مضطر».
وأمام موقف العشرين بمنطقة فيصل، وقف «أشرف طارق»، الطالب الجامعى، منتظراً «ميكروباص» ينقله إلى محل سكنه، يقول: «أنا لما بركب ميكروباص وألاقى المكان اللى أنا قاعد فيه نضيف ومريحنى بدفع الأجرة للسواق وأنا راضى ومبسوط، على العكس بقى، وده اللى بيحصل فى الغالب فى المواصلات اللى بتكون مسافاتها قصيرة، إنك تركب تلاقى العربية والسواق بتاعها ضايعين، ده غير الطرق اللى مفيهاش متر من غير مطب أو حفرة، وطبعاً الحاجات ديه كلها قدام مسئولين الحى شايفينها وساكتين عليها»، كان الجزء الأكبر من سخط «أشرف» على «الميكروباص» من نصيب سائقه، الذى لا يهمه سوى جنى أكبر قدر ممكن من المال، حسب ما قال الطالب الجامعى، قائلاً: «السواق دايماً بيكون عايز يملى العربية بالركاب وخلاص، ويقعدهم على كراسى صغيرة جداً متنفعش لطفل صغير حتى، ولو زبون اتخبط أو هدومه اتقطعت من حاجة فى العربية تلاقى السواق يقولك أنا مش ذنبى إنك مش واخد بالك، وكتير جداً بتحصل مشاكل بين الركاب والسواقين بس للأسف الغلبة بتكون للسواق، لأنه واخد على كده غير إن السواقين كلهم بيتلموا على الزبون اللى بيتكلم، وممكن يضربوه لو حصلت مشكلة»، ويضيف «أشرف»: «إحنا ممكن نستحمل العربيات القديمة خاصة إن المسافات اللى بنركبها فيها صغيرة، بس الأزمة الكبيرة بتكون فى طريقة تعامل السواقين مع الزباين، ديه اللى لازم يشوفوا لها حل، ولازم الحى يتدخل فى اختيار السواقين اللى شغالة فى نطاق الحى بتاعها، أو يكون فيه شركة محترمة تتولى هى الموضوع ده».
ويبدى «أحمد يونس»، الشاب الثلاثينى، سخطه على هذا النوع من وسائل المواصلات قائلاً: «العربيات اللى إحنا بنركبها ديه أغلبها عربيات مفروض ميركبش فيها البنى آدمين أصلاً، ولو أنا كشاب بعانى من الموضوع ده، ما بالك بقى بواحدة كبيرة أو ست حامل ركبت عربية زى ديه».
يضيف «يونس»: «الصبح وآخر النهار المواصلات بتكون زحمة جداً خاصة فى أيام المدارس، وفى الأوقات ديه الواحد بيكون مضطر يركب أى حاجة تيجى قدامه، لأنك بتكون عايز تروح بأى طريقة، ولو قلت هستنى اللى بعدها ممكن تطلع أسوأ منها».