«داعش» و«بوكو حرام» مسئولان عن 51% من وفيات الإرهاب فى العالم خلال 2014.. وتونس الأكثر تصديراً للمقاتلين
جماعة «بوكو حرام» المسلحة مسئولة عن العديد من العمليات الإرهابية فى العالم
يستعرض كتاب «الخبرات الدولية والإقليمية فى مكافحة التطرف» للكاتب يوسف وردانى، أربعة محاور رئيسية تتعلق بدراسة ظاهرة الإرهاب وسبل مكافحته، الأول هو التطرف كقضية عالمية، والثانى التعامل مع المتطرفين، والثالث مساعدة ضحايا التطرف، وأخيراً كيفية الوقاية وتحصين المجتمع منه.
ويتناول الكتاب، فى بدايته، التطرف كقضية عالمية والنقاط الأساسية التى تشكل البيئة أو «الحاضنة» التى ينتشر فيها التطرف على المستوى الدولى والإقليمى، فرغم أن التطرف ظاهرة قديمة فإن الحديث عن مخاطره بدأ فى أعقاب الأحداث الإرهابية التى استهدفت أمريكا فى 11 سبتمبر 2001، وازدادت فى الأعوام من 2014- 2016 نتيجة زيادة عدد الحركات والتنظيمات المتطرفة، وتنوع استراتيجياتها وأساليبها على نحو أفضى إلى انتهاء سيطرة بعض الدول على مساحات واسعة من أراضيها كما فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، ومعاناة أوروبا من الآثار السلبية لأعمال العنف والإرهاب.
«خبرات الدول فى مكافحة التطرف».. كتاب جديد يستعرض ظاهرة الإرهاب وكيفية التعامل معها دولياً وإقليمياً
المحور الأول: التطرف كقضية عالمية
تطرق الكتاب إلى مؤشر الإرهاب العالمى، الذى أصدره معهد الاقتصاديات والسلام Institute for Economics and Peace فى 2015، الذى أشار إلى أن حركة بوكو حرام، وتنظيم داعش الإرهابيين، مسئولان عن 51% من الوفيات العالمية الناتجة عن الأعمال الإرهابية فى 2014، ما يشير إلى أن تلك المرحلة بمثابة «ربيع» الجماعات المتطرفة فى ظل ما شهدته من صعود تيارات الإسلام السياسى إلى السلطة بعد الثورات العربية، فيما تزايد قلق الدول العربية من صعود اليمين المتطرف فى أوروبا، واقتران أفكار تنظيماته بالفاشية والنازية ومعاداة الأقليات والمسلمين بصورة رئيسية، ومن هنا يمكن القول إن هناك عدة سياقات هى بمثابة بيئة تُيسّر وتُسهّل انتشار التطرف على المستويين الدولى والإقليمى كالتالى:
1- «ربيع» المتطرفين فى الشرق الأوسط
انخرطت تونس فى مسار ديمقراطى منذ قيام ثورتها فى ديسمبر 2010، إلا أنها، مع ذلك، البلد الأكثر تصديراً للمقاتلين لمناطق النزاع فى سوريا والعراق، فوفقاً لتقارير دولية آخرها تقرير مركز فيريل للدراسات ببرلين، ارتفع عدد التونسيين المنضمين إلى «داعش» فى 31 يناير 2016 إلى 8540 شخصاً، ولا يقترب من تونس فى هذه التقديرات من الدول العربية سوى المملكة العربية السعودية التى تراوح عدد مقاتليها بـ«داعش» فى يناير 2015 من 200 إلى 1500 مقاتل، وفقاً لتقديرات المركز الدولى لدراسات التطرف والعنف السياسى بجامعة لندن. وأوضح الكتاب أن هذا لا يعنى أن غياب الديمقراطية سيؤدى لانحسار موجات التطرف، لأنه يوجد هناك «تطرف تراكمى»، فالثورات التى تحولت إلى صراعات كما فى سوريا واليمن وليبيا، مُولّدة لأنماط متعددة من التنظيمات المتطرفة والإرهابية التى أصبحت متعدية للحدود -ليس فى نشاطها فقط وإنما فى قياداتها أيضاً- كما هو حال «داعش».
ويكشف تحليل الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لمن يتم تجنيدهم فى هذه التنظيمات أن الفقر لم يكن العامل أو السبب المشترك لانضمامهم لتلك التنظيمات، وهو ما يظهر فى حالة «إسلام يكن» الشاب المصرى الذى درس فى مدراس أجنبية، ونجل رجل الأعمال أحمد عزت شعبان، الذى تعاون مع محمد بكرى هارون فى اغتيال ضابط الأمن الوطنى محمد مبروك.
ويشير التحليل كذلك إلى توافر الحاضنة الفكرية والثقافية للتطرف والإرهاب فى المجتمعات العربية التى تحيط بعملية تنشئة الشباب، لتعيد إنتاج وبث الأفكار الظلامية وفق نسق أحادى متشدد يرفض التعايش مع الأنساق المجتمعية الأخرى.
مكافحة التطرف تحتاج المحاصرة الأمنية ومنع التمويل ومراجعات فكرية وإعادة تأهيل المتطرفين.. وصعود الأحزاب المتطرفة فى أوروبا أحد أسباب انتشار الإرهاب وعدد مواقع التنظيمات بلغ 150 ألفاً فى 2015
وانتهى الكتاب إلى أن السمة المشتركة بين هذا النوع من المتطرفين أنهم لم يتلقوا تعليماً دينياً، وهى سمة موجودة قبل الثورات العربية، فالمعلومات المتعلقة بـ673 من الشباب الذين اعتُقلوا فى السعودية عام 2004 بسبب تورطهم فى أحداث إرهابية وقعت فى المملكة عام 2003، أشارت إلى أن 5% فقط منهم يعملون كمؤذنين أو خطباء مساجد، فيما لم يتلق الباقون أى نوع من التعليم الدينى.
كما أصبح تنظيم مثل «داعش» قادراً على نشر أفكاره المتطرفة بين عدد كبير من الأوروبيين المسلمين، أو الأوروبيين من أصل مسلم، الذين يشكلون ظاهرة «المقاتلين الأوروبيين» وبلغ عددهم فى تنظيم الدولة (داعش)، وفق تقديرات المركز الدولى لدراسة التطرف، 20730 مقاتلاً حتى يناير 2015، منهم 4 آلاف من دول أوروبا الغربية، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، و3 آلاف من دول الاتحاد السوفييتى السابق، و11 ألفاً من دول شرق أوسطية.
2- صعود الأحزاب المتطرفة فى أوروبا
تطرق الكتاب إلى أنه رغم تقدم الدول الأوروبية سياسياً واقتصادياً فإنها لا تزال تشهد تزايداً فى شعبية الأحزاب المتطرفة على تنوعها، ما يمثل تحدياً لاتجاه رئيسى ساد فى الدراسات المعنية بقضية التطرف، فقد كشفت مثلاً نتائج انتخابات البرلمان الأوروبى فى مايو 2014 عن اتساع تمثيل الأحزاب المتطرفة فى البرلمان الأوروبى، وأدى هذا المناخ إلى تصاعد حدة الأفكار العنصرية لأعضاء التنظيمات اليمينية المتطرفة، وانخراطهم فى ممارسات عنف ضد المهاجرين واللاجئين.
3- التحول لمتطرف يتطلب Like أوFollow
ركز الكتاب على دور الوسائل الإلكترونية فى نشر الأفكار المتطرفة حول العالم، مع انتشار الهواتف الذكية التى تسمح بالدخول على الإنترنت من أى مكان، ولم يعد معها انضمام الفرد للجماعات المتطرفة يتطلب الانتقال إلى مخيماتها للتدريب، بعد أن باتت الجماعات المتطرفة تستخدم مواقع الإنترنت وصفحات «فيس بوك» لنشر أفكارها، وتضخمت تلك المواقع والصفحات بصورة مطردة فى العقد الأول من القرن العشرين، حيث أشار تقرير مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، الذى صدر بعنوان «دور المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى فى تجنيد الإرهابيين» إلى أن عدد المواقع المتطرفة بلغ 150 ألفاً فى يوليو 2015.
ويُعد «داعش» من أكثر التنظيمات توظيفاً لوسائل التواصل الاجتماعى على تنوعها، سواء فى توثيق العمليات الإرهابية، أو تجنيد عناصر جديدة، أو التدريب على العمليات والتفاعل والتنسيق لتنفيذها، فلديه «جيوش إلكترونية» من الشباب فى سن العشرينيات لديهم خبرة فى استخدام أدوات التواصل الاجتماعى وصياغة الرسائل الجاذبة للشباب، كما توجه التنظيم إلى فئات الأطفال والمراهقين عبر الألعاب الرقمية مثل لعبة «صليل الصوارم»، واستخدم من يجندهن من الفتيات للترويج له.
المقاتلون الأوروبيون فى «تنظيم الدولة» عددهم 20730 فرداً.. والسمة المميزة للمتطرفين عدم تلقيهم تعليماً دينياً
واستعرض الكتاب إحدى دراسات معهد بروكنجز فى مارس 2015، تشير إلى أن هناك ما لا يقل عن 46 ألف حساب يستخدمها أنصار «داعش» على موقع «تويتر» فى الفترة من سبتمبر حتى ديسمبر 2014، وأكثر الدول التى تنتمى إليها تلك الحسابات، حسبما كشف مستخدموها عن ذلك صراحة، هى السعودية وسوريا والعراق وأمريكا ومصر والكويت وتركيا والأراضى الفلسطينية المحتلة ولبنان والمملكة المتحدة وتونس. كما كشف تقرير الإفتاء المصرية فى يوليو 2015 عن أن 80% ممن انتسبوا إلى التنظيم تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
المحور الثانى: التعامل مع المتطرفين
تناول الكتاب فى محوره الثانى كيفية تعامل الدول مع المتطرفين، حيث أشار إلى أنها تتبع 4 سياسات رئيسية، تتمثل فى «المحاصرة الأمنية بغرض تفكيك الجماعات المتطرفة، ومنع التمويل الذى يتلقاه المتطرفون، والمراجعة الفكرية والأيديولوجية للأفكار المتطرفة، وإعادة تأهيل المتطرفين بعد انخراطهم فى الأعمال الإرهابية وتلك الناتجة عن التطرف العنيف».
«داعش» جنّد 80% من عناصره عبر وسائل التواصل ومؤيدوه يستخدمون 46 ألف حساب على «تويتر»
1- المحاصرة الأمنية «تفكيك الجماعات المتطرفة»
تُعد هذه السياسة هى خط المكافحة الأول للجماعات المتطرفة، وتتبعها الدول مع الجماعات التى تمارس إرهاباً أو عنفاً مسلحاً فى مواجهة الدولة، وتقاس فاعليتها بقدرتها على منع وقوع أى أعمال إرهابية، حيث يجرى الاعتماد على مؤسسات الدولة الأمنية سواء الشرطية أو العسكرية فى تتبع الجماعات المتطرفة، وتصفيتها، أو القبض على قياداتها وأعضائها وإخضاعهم للمحاكمة، فضلاً عن تطوير إجراءات التحقيق والتقاضى على نحو يضمن سرعة تلك المحاكمات.
2- منع تمويل المتطرفين
يلاحظ تطور الكيفية التى تحصل بها الجماعات المتطرفة على التمويل، على نحو يمكن معه التمييز بين مسارين، الأول: فى التمويل الذاتى، من خلال تطويرها شبكة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية لتدر عائداً، كأن تفتح مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر فى الأحياء الفقيرة والمهمشة لتقديم سلع وخدمات غير موجودة فيها، أو أن تتجه الجماعات للسيطرة على مناطق غنية بالموارد يمكن «تسييلها».
ويتمثل المسار الثانى فى حصولها على تمويل من الخارج، نتيجة تعاونها مع تنظيمات أو أفراد يجمعون لها الأموال، فى صورة صدقات أو زكاة أو تبرعات خيرية موسمية، وعادة ما تتولى ذلك المنظمات الأهلية غير الهادفة للربح، وتصل الأموال للتنظيم عبر تحويلات بنكية إلكترونية أو باستخدام نظام الحوالة، أو عن طريق استغلال المنافذ الحدودية.
ويندرج ضمن هذا المسار، الحصول على الأموال من قبَل عصابات الجريمة المنظمة، لا سيما تلك التى تعمل فى مجال تجارة السلاح والمخدرات، حيث عادة ما تنشأ تجارة هجينة بين الجماعات المتطرفة وهذه التنظيمات تضمن للأخيرة العبور فى مناطق سيطرة الجماعات المتطرفة مقابل مبالغ محددة.
وبُذلت منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 جهود لتقييد عملية تمويل هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية، فى إطار مجموعة عمل الرقابة المالية Financial Action Task Force (FATF)، إلا أن هذه الجماعات لا تزال قادرة على التحايل على الإجراءات بتوظيف التطورات التكنولوجية للإفلات من الرقابة على حركة الأموال العالمية مع تزايد انتشار العملات الافتراضية Virtual currencies.
3- المراجعات الفكرية والأيديولوجية
وجوهر هذه الاستراتيجية هو إقناع المتطرفين والجماعات التى لديها ميول للتطرف بأهمية مراجعة أفكارهم والعدول عنها. ومن أبرز الدول التى لديها خبرة فى هذا المجال، مصر التى نفذت برنامجاً للمراجعات الفكرية والأيديولوجية لأعضاء الجماعة الإسلامية فى التسعينات من القرن العشرين، لوقف العنف المستشرى فى البلاد.
وتشير العديد من الخبرات إلى أن ما اتُبع من سياسات لم يحل دون عودة من تم إقناعهم بالتخلى عن الأفكار المتطرفة عن تبنى الفكر المتطرف، وإنما كان هؤلاء أكثر رغبة فى الإقبال على عمل عنيف وممارسة أنماط جديدة من الإرهاب، ففى حالة السعودية تشير العديد من الدراسات التى اهتمت بتقييم السياسات الخاصة بمكافحة التطرف، إلى أنها تهتم بإقناع الفرد بالعدول عن ممارسة العنف كشرط لخروجه من السجن دون أن يصاحب ذلك تغير حقيقى فى أفكار الفرد، ما نتج عنه انخراط عدد ممن تم إطلاق سراحهم وفق برنامج المناصحة فى أعمال إرهابية عانت منها السعودية خلال الفترة الماضية بلغ وفق التقديرات 12% ممن خضعوا لهذا البرنامج.
وأعلن عاصم عبدالماجد، أحد قادة مراجعات الجماعة الإسلامية فى مصر خلال التسعينات، عن أن المراجعات كانت بمثابة صفقة مع نظام مبارك، وبمجرد سقوطه لم تعد ملزمة، وهو ما شجع الأجيال الشابة فى الجماعة على العودة للأفكار المتطرفة.
4- إعادة تأهيل المتطرفين
تقوم هذه السياسة على إمكانية تخلى الجماعات المتطرفة عن أفكارها فى معظم الحالات بعد تمضيتهم فترة معينة فى السجون، وإمكانية إعادة دمج أفرادها فى المجتمع مرة أخرى كمواطنين عاديين.
وتكشف الخبرات الدولية عن وجود صورتين لما يمكن أن تسفر عنه سياسات إعادة التأهيل، الأولى هى الأفراد الذين انتهت أى علاقات تنظيمية بينهم وبين الجماعات المتطرفة ولكن دون أن يتخلوا عن أفكارهم المتطرفة، فيما يسمى بفك الارتباط Disengagement، والثانية هى الأفراد الذين تخلوا عن الأفكار المتطرفة De-radicalized.
المحور الثالث: مساعدة ضحايا التطرف
يهدف هذا المستوى فى مكافحة التطرف إلى الحيلولة دون انتشار الأفكار المتطرفة بين ضحايا المتطرفين أفراداً أو جماعات، وتشمل هذه الدائرة أقارب المتطرفين وأصدقاءهم.
المحور الرابع: الوقاية وتحصين المجتمع
تهتم هذه المجموعة من السياسات بمكافحة نشر الأفكار المتطرفة بأنواعها، وتكشف الخبرات الدولية عن أن نشر التطرف لم يعد يرتبط فقط بالتواصل المباشر بين من يعتنق هذه الأفكار وبين الكتل السائلة، لأن الإنترنت أصبح مكاناً لعملية التطرف باستمرار، إلى جانب الأماكن التقليدية مثل المدارس والمساجد والسجون والتجمعات التطوعية.
وتنصرف معظم الجهود المبذولة على هذا المستوى إلى سياسات الوقاية وتحصين الكتل السائلة فى المجتمع من خلال إعطاء الأولوية للتعليم، وخلق منصات نشطة للحوار المجتمعى حول مكافحة التطرف، ومواجهة تجنيد المتطرفين ومحاربة الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، وتعميق الشراكة مع المرأة والمجتمع المدنى فى جهود المكافحة، وخلق كيانات بديلة، وتشجيع إنشاء مراكز فكر متخصصة لمكافحة التطرف تكون بمثابة «العقل المفكر» للحكومات فى مواجهة المتطرفين، وتأهيل الشرطة لمكافحة التطرف، وأخيراً مكافحة التطرف المحتمل حدوثه داخل السجون كالتالى:
1- أولوية التعليم:
تقوم هذه السياسة على تفاعل الأجهزة الأمنية فى الدولة مع المؤسسات التعليمية، بهدف رفع وعيها حول التطرف ومخاطره، والتواصل مع الأطفال داخل هذه المؤسسات لتحصينهم من الأفكار المتطرفة.
2- خلق منصات للحوار المجتمعى حول مكافحة التطرف:
يكتسب إطلاق برامج تهدف إلى رفع وعى الجماعات الأكثر عرضة للاستقطاب من قبَل الجماعات المتطرفة أولوية كبيرة لدى الدول التى شهدت ارتفاعاً فى معدلات العنف، واتخذت هذه البرامج شكلين، منها تخليق مواد إعلامية توثق قصص متطرفين سابقين تراجعوا عن أفكارهم، بهدف توعية الشباب بالمصير الذى يمكن أن يلاقوه حال انضمامهم للمتطرفين.
3- المواجهة الإلكترونية للتطرف:
اهتمت العديد من الدول، خصوصاً الغربية، بتطوير سياسات تمكّنها من تتبع الجماعات المتطرفة عبر الوسائل الإلكترونية، حيث يتواصل المسئولون فى الاتحاد الأوروبى منذ فترة مع شركات جوجل وفيس بوك ومايكروسوفت لمناقشة سبل منع انتشار الدعوات المتطرفة والإرهابية على المواقع الإلكترونية، عن طريق منع عرض الرسائل الخاصة بهم ومقاطع الفيديو التى يصورونها.
وفى محاولة منها لتعزيز دورها فى مجال نشر الأفكار الوسطية، أطلقت مصر مرصد الأزهر فى 2 يونيو 2015 بهدف رصد الأفكار المتطرفة التى تبثها التنظيمات الإرهابية، وإعداد الردود العلمية على الأفكار المنحرفة والمناهج التضليلية بنفس اللغة التى تستخدمها الجماعات.
4- الشراكة مع المرأة:
تُعد النساء قوة رئيسية يمكن توظيفها من أجل مكافحة التطرف بين الشباب ومنع انتقال الأفكار المتطرفة إلى الأجيال الجديدة، لكن من الملاحظ أنه فى ظل تزايد الاهتمام بمكافحة التطرف، عادة ما يتم إغفال البعد النوعى فى عملية المكافحة، الذى يتعلق بصورة رئيسية بتحول النساء عامة إلى هدف للتجنيد من قبَل الجماعات المتطرفة، وكشفت إحدى الدراسات عن أن النساء يشكلن 10% من جملة المقاتلين الأجانب فى صفوف داعش البالغ عددهم حوالى 20 ألفاً فى نهاية 2014، وأن التنظيم لم يعد يُقصر دور النساء على كونهن أداة جنسية للمقاتلين الذكور، بل جعلهن فاعلاً أساسياً، وأنشأ لهن «كتيبة الخنساء» مطلع 2014.
5- الشراكة مع المجتمع المدنى:
أصبح إشراك مؤسسات المجتمع المدنى فى مكافحة التطرف اتجاهاً سائداً، فى ظل قدرة هذه المؤسسات على التواصل بصورة سريعة، وربما أكثر فاعلية من المؤسسات الحكومية مع الفئات المختلفة، سواء تلك المتأثرة بأفكار الجماعات المتطرفة، أو ضحايا التطرف.
6- خلق وتشجيع كيانات بديلة:
اتجهت بعض الدول لخلق كيانات بديلة للجماعات المتطرفة، أو تعزيز الكيانات الموجودة التى تتبنى فكراً وسطياً، وتكشف الخبرات الدولية والإقليمية أن هذه السياسة عادة ما يتم اتباعها فى مواجهة التطرف الدينى، بدعم الجماعات الصوفية أو المؤسسات التابعة للأزهر، لتحجيم دور الكيانات المتطرفة.
7- إنشاء مراكز فكر متخصصة فى مكافحة التطرف:
يرتبط جزء كبير من التحدى الذى يمثله التطرف بالنسبة للعديد من الدول فى عدم وجود معرفة بطبيعة هذه الظاهرة وأبعادها، أو بالأنواع المختلفة للجماعات المتطرفة واستراتيجيات عملها، وإذا كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 عززت من تطور مجالات جديدة فى الدراسات الأمنية تحت اسم دراسات الإرهاب، وفى إطاره قدمت العديد من المنح الدراسية للعديد من المهتمين، فإن الاهتمام بقضية التطرف لم يصل بعد إلى ذات المستوى، حيث لا تزال هناك فجوات معرفية ملحوظة بقضية التطرف، خصوصاً فى الشرق الأوسط.
8- تأهيل الشرطة لمكافحة التطرف:
تكشف الخبرات الإقليمية والدولية عن أن لعبها دوراً فعالاً فى مكافحة التطرف يتطلب فى البداية تحسين صورتها فى المجتمع، خصوصاً فى الدول التى لمؤسسة الشرطة فيها ميراث سيئ فى التعامل مع المواطنين، ويقوم ذلك أساساً من خلال انفتاحها على المجتمع بصورة تقوم على أساس الثقة المتبادلة، وهو ما يتم التعبير عنه باسم الشرطة المجتمعية Community Police، أى تفاعل عناصر الشرطة مع المواطنين الملتزمين بالقانون والاستماع إلى آرائهم بشأن أولويات الأمن فى المجتمع.
9- مكافحة انتشار التطرف داخل السجون:
تُعد هذه السياسة ضرورية لتفكيك الجماعات المتطرفة، والحيلولة دون تحول السجون إلى «جامعات» و«حاضنات» لتجنيد متطرفين جدد. وتسهم عدة عوامل فى انتشار وتيرة الفكر المتطرف أهمها الظروف السيئة داخل السجن، وعدم فصل السجناء فى قضايا التطرف والإرهاب عن غيرهم، خصوصاً الشباب.