مئات الأقباط والمسلمين أمام «العذراء» فى «الوداع الأخير»
مئات الأقباط والمسلمين توافدوا لحضور جنازة الضحايا
فى منظر مهيب، صباح أمس، أمام كنيسة السيدة العذراء والقديس أثنانيوس بمدينة نصر، تجمع المئات من الأقباط رافعين شعار «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم» أمام الكردون الأمنى الذى فرضته قوات الأمن المركزى فى جميع الشوارع المحيطة والمؤدية إلى الكنيسة، حيث بدأ حضور جنازة ضحايا الكنيسة البطرسية يتوافدون على كنيسة السيدة العذراء فى الساعات الأولى من اليوم، ليتفاجأوا بأن حضور «القداس» لن يكون إلا لأهالى الضحايا من الذين تم إرسال دعوات الحضور لهم.
إجراءات أمنية مشددة فى محيط الكنيسة.. ودعوات لأسر الضحايا للمشاركة فى الصلاة
«المكان جوه مش هيشيل الناس دى كلها، وكان لازم يبقى يتحدد مين اللى هيدخل»، كلمات قالها فرد الكشافة المسئول عن تنظيم الدخول إلى الكنيسة، ليؤكد أن الكنيسة أرسلت مساء يوم الحادث دعوات حضور لأهالى الشهداء فقط، حيث يمكن حضور 15 فرداً لا أكثر من أسرة كل شهيد، الأمر الذى أدى إلى تصادم قوات الشرطة الموجودة مع عدد من الأهالى فى بداية اليوم نتج عنه القبض على بعض الشباب وتحفظ قوات الأمن عليهم حتى خروج الجثامين من الكنيسة، ويقول سعيد شوقى، الشاب العشرينى الذى جاء لحضور صلاة الجنازة، رغم أنه لا يعرف من الشهداء أحداً معرفة شخصية: «إحنا هنا من الساعة 8 الصبح عشان نحضر قداس إخوتنا اللى ماتوا، لكن لما جينا اتفاجئنا إن الدخول بدعوات ومنعونا إننا ندخل»، الأمر الذى أثار غضب «سعيد» وعدد كبير من أصدقائه الذين دخلوا فى مشادات كلامية بادئ الأمر مع رجال الأمن، تحولت بعد ذلك إلى تحذيرات شفهية بإخلاء المكان، ومن ثم كر وفر بينهم وبين رجال الأمن: «قبضوا على 13 واحد مننا بالرغم من إن إحنا جايين عشان نعزى مش جايين نبلطج، وسايبين شغلنا عشان نيجى نودع إخوتنا، ولو همّا كانوا مش عايزين الناس تيجى كانوا قالوا من بالليل، ورغم إن همّا قالوا لنا إن اللى قبضوا عليهم هيخرجوا بعد انتهاء القداس، بس ده ما حصلش ورجعوا قالوا لنا كل واحد منهم هيترحل على القسم اللى تابع ليه».
تتابعت الأحداث بعد ذلك وتزايدت أعداد الحاضرين فى الشوارع المحيطة بالكنيسة، وبدأ الحاضرون فى ترديد هتافاتهم المختلفة، تارة ينددون بالحادث الإرهابى الذى راح ضحيته أقاربهم وذووهم وجيرانهم، وتارة أخرى يرفع الشباب هتافاتهم التى يطالبون فيها رجال الأمن بترك من قاموا بالقبض عليهم، ليظل الأمر على هذا الوضع حتى تجددت المشادات مرة أخرى على البوابة الخلفية للكنيسة بعد أن توجه إليها الأهالى لاعتقادهم بخروج جثامين الشهداء منها، إلا أن قوات الأمن المركزى قامت بتفريقهم بالقوة ليتراشقوا بعدها بالحجارة إلى أن نادى بعضهم: «سلمية»، فهدأ الوضع مرة ثانية.
وفى جانب آخر وقفت فايزة شكران، المرأة الخمسينية، وقت أن يئست من محاولات الدخول إلى الكنيسة بعد أن منعها رجال الأمن أكثر من مرة، تقول: «أنا هنا من الساعة 9 الصبح، وكان كل أملى إنى أحضر الصلاة على الشهداء»، مضيفة: «أنا محدش مات لى فى الحادث بس الموقف صعب جداً علينا كلنا».
وفى محيط النصب التذكارى، حيث المقر الرئيسى للجنازة العسكرية، تجمع عشرات المسلمين الذى جاءوا لمواساة إخوتهم المسيحيين، تقول صباح سعيد، صاحبة الأربعين عاماً التى جاءت من المطرية من الساعة الثامنة صباحاً لحضور الجنازة: «الناس اللى عملت كده ديه ما تعرفش ربنا ولازم يتحاسبوا أكبر حساب، وإحنا طول عمرنا عايشين مع المسيحيين وهما إخوتنا ومفيش حاجة هتعرف تفرقنا عن بعض أبداً».
وفى جانب آخر جلست عواطف رشاد، وقد ملأت الدموع عينيها، تقول: «أنا ما نمتش إمبارح طول الليل من كتر البكا على اللى ماتوا، وهما فاكرين إن همَّا كده بيوقعوا مصر، وما يعرفوش إن الحاجات دى هتزيدنا تماسك»، مضيفة: «ربنا يصبرنا ويصبر أهالى الشهداء».