الصراعات السياسية والفكرية المروج الأول لـ"العربية"
الدكتور تامر فايز - أستاذ اللغة العربية
"من تعلم القرآن عظم قدره.. ومن تعلم الحديث قويت حجته.. ومن تعلم العربية رق طبعه"، هكذا قال الإمام الشافعي قبل نحو 1200 عام، فكما يعظم القرآن من قدر الشخص ويقوي الحديث حجته، فالعربية ترق من طباعه، فنجد آلاف الأجانب مقبلون على الجامعات العربية لتعلم اللغة، ومراكز اللغات العالمية تدرس العربية، والجامعات الأوروبية تفتح أقساما للغات الشرقية، ودائما انتشرت أقاويل تزعم صعوبة لغة الضاد، لكن سرعان ما تحطم هذا الوهم بعد شهر أو شهرين من الدراسة.
ويقول الدكتور تامر فايز مدرس اللغة العربية لغير الناطقين بها وعضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة القاهرة، إن الأجانب يأتون مصر محملون بفكرة تقول إن العربية أصعب اللغات، ربما للفروق بين العربية وغيرها، وبمجرد البدء يكتشفوا عكس ذلك، فالأصوات العربية يممكن للكثير من الجنسيات الأخرى إتقانها، ولا يمر وقت طويل حتى يجدوا أنفسهم على مقدرة بنطقها بشكل سليم.
وأوضح فايز لـ"الوطن"، أن العربية فيها بعض الأصوات التي لا توجد في لغات أخرى، ما تسبب مشكلة لدى البعض، تحتم على المدرس تعريف الطلاب على مخارج الحروف التي يمكن من خلالها إدراك الفروض.
وأكد فايز، أن الصراعات السياسية والثقافية والفكرية في الوطن الحالي، أدت لرغبة الأجانب في التعرف على هوية العرب وتعلم لغتهم، وأيضا الرغبة الدائمة في توطيد العلاقات بين الشرق والغرب، بخاصة بعد القرن التاسع عشر وحركات الاستشراق التي فتحت الباب لأوروبا، للاطلاع على الثقافات والحضارات الشرقية، فحتى بعد انتهاء فترة الاحتلال تركت اللغة العربية فيهم تأثيرات جلية، حتى أن الكثير من الشوارع في الغرب تسمى بأسماء عربية.
بدروه، قال الدكتور علاء فاروق مدرس علم اللغة بجامعة القاهرة، إن المقبلين على تعلم اللغة العربية من الناطقين بغيرها، يواجهون صعوبات في مجموعات أصوات الحلق والإطباق، والتي تختص بها اللغات السامية، وأيضا تتفاوت درجات الصعوبة من جنسية لأخرى، فالأجانب ليسوا حالة واحدة، فالألمانيين على سيبل المثال يجمعون الـ"ر" و"الغين" في نفس النطق، فتكون الصعوبة في نطق كلمات مثل غرب ومغرب، كما تواجه اليابانية أو الكورية أو الصينية صعوبة في التفريق الفرق بين الـ"ر" والـ"اللام".
وأضاف فاروق، في تصريحات لـ"الوطن"، أن كل لغات العالم تتحرك في عدد محدود من الأصوات، نظرا لقصور الجهاز الصوتي لدى الإنسان الذي ينتج نحو 50 صوتا كحد أقصى لكل لغة، وكل لغة لها نصيب من الصوتيات، فيبدأ البعض بعشرين أو أكثر. حتى 33 صوتها، والعربية من اللغات المتوسطة، حيث تحتوي على 28 حرفا أو 29 بإضافة الهمزة.
وأشار مدرس علم اللغة، إلى أن الدبلوماسيين يقبلون على تعلم اللغة العربية، كما أن الصراع السياسي في المنطقة ساهم في الاتجاه لتعلمها، وضرب مثلا لبعض الطلبة المقبلون على تعلم العربية من أوروبا الغربية، فمع ظهور البترول اتجه الأوروبيون لتعلم اللغة العربية للعمل في دبي مثلا.
وأكد فاروق، أن بعض الجامعات في ألمانيا تنظم يوما يطلق عليه "يوم اللغات"، ويكون على هيئة معارض، ويعرض كل أستاذ لغته لجذب الطلاب إليها، أيضا هناك من يتجه لدراستها بسبب شكل الخط، مشيرا إلى واقعة حدثت في تسعينيات القرن الماضي، حيث مر طالب نرويجي بأزمة نفسية، وطلب منه الطبيب العيش في بلد أخرى، فعاش في إندونيسيا واختار تعلم العربية كعلاج.