«شكر»: قلب مفاعل «أنشاص» صناعة مصرية.. والوعاء المساعد تصنيع ورشة بـ«العاشر»
الكتور أمجد شكر
حاورت «الوطن» الدكتور أمجد شكر، مدير برامج الحماية النووية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذى شارك فى التصميمات النووية للمفاعل البحثى الثانى بمنطقة «أنشاص»، وكان أول مدير له عام 1997، قبل أن يقدم أوراقه لوظيفة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويتدرج بها فى عدة مناصب إلى أن أصبح مديراً لبرنامج الحماية للمنشآت النووية، ودورة الوقود للمحطات. يثق «أمجد» فى إمكانيات الصناعة الوطنية للمشاركة فى إنشاء أولى المحطات النووية بمنطقة الضبعة، خاصة أن الصناعات الوطنية شاركت فى التسعينات فى تصميم مفاعل أنشاص الثانى، كما أن المكونات الرئيسية لهذا المفاعل، مثل وعاء القلب، صناعة مصرية خالصة، تمت بالتنسيق مع «الأرجنتين» المورد الرئيسى للمفاعل. ويقدم «أمجد» خبراته فى مجال إشراك الصناعة الوطنية لتصميم المفاعلات الأربعة بالضبعة.
■ بداية ما مقترحاتك لمشروع مصر النووى المزمع تنفيذه بالضبعة؟
- أقترح على الحكومة المصرية أن تبدأ فى تحديد نسبة بعينها لمساهمة الصناعات المحلية فى إنشاء المفاعل النووى الأول بمنطقة الضبعة، بقدرة حوالى 1400 ميجاوات، بالاتفاق مع الشركة الموردة للمفاعل، على أن تزيد هذه النسبة تدريجياً حتى المفاعل الرابع، لأن إشراك الصناعات المحلية يساهم فى زيادة الاستثمارات الوطنية، ويتضمن مستويات من الكفاءة لضمان التشغيل أثناء الخدمة، ما يساهم فى تطوير الصناعات، والقدرات البشرية والمحلية فى هذا المجال.
وتحتاج أى محطة نووية لتطوير البنية التحتية لموقع المفاعلات لضمان تحقيق عدد من العوامل بينها الأمان النووى، وتطوير الشبكة الكهربية، ومعالجة النفايات النووية، ويمكن أن تشارك الصناعة الوطنية فى هذا المجال، طالما اتفقت الدولة منذ البداية مع الشركة الموردة، وعلينا ألا نخسر فوائد هذه المشاركة فى تعظيم القدرات والعوائد الاقتصادية للبلاد.
مدير الحماية النووية بـ«الدولية للطاقة الذرية»: أقترح أن تساهم الصناعات المحلية بـ1400 ميجاوات فى المفاعل النووى الأول بـ«الضبعة»
■ ما أهم المجالات التى تمكّن الصناعة الوطنية من المشاركة بالمشروع النووى؟
- يمكن للصناعات المحلية المشاركة بالمشروع النووى بحسب مراحل تصميم المفاعلات، فى عدة تخصصات سواء هندسية، أو إدارية، سواء فى التخصصات النووية أو غير النووية. وفى حال المهمات غير النووية، يمكن الاستفادة من الشركات التى تعمل فى مجال إنشاء السدود والمطارات والبتروكيماويات، خاصة أن 60% من مهمات إنشاء المفاعل النووى أعمال مدنية، ما يعكس حجم المشاركة الوطنية فى إنشاء المفاعلات، والاستفادة منها، ولدينا سابقة خبرة فى هذا المجال من خلال إنشاء مفاعل مصر البحثى الثانى بمنطقة أنشاص قدرة 22 ميجاوات، الذى نفذته شركة «إينفاب» الأرجنتينية فى التسعينات، وساهمت الشركات المصرية فى الأعمال المدنية، والكثيرون لا يعلمون أن الوعاء الخارجى لقلب المفاعل البحثى الثانى، الذى يُعد من الأجزاء الرئيسية بالمفاعلات، صناعة مصرية، كما أن الوعاء المساعد للمفاعل صنعته ورشة مصرية بالعاشر. ويمكن للشركات المصرية المساهمة فى توريد العديد من المهمات مثل الكابلات، والمعدات المختلفة. وقبل التعاقد مع الشركات المحلية يجب بحث سابقة الخبرة لها، ومستوى كفاءتها، كما يمكن أن تتفق الدول مع الشركة الأجنبية المنفذة للمحطة النووية الأولى على تدريب العمالة المصرية المساهمة فى هذا المشروع لضمان أعلى مستويات من الكفاءة.
■ ما مدى قدرة الحكومة المصرية على إدارة المفاعلات النووية المزمع إنشاؤها؟
- فى البداية يجب أن نعلم أن مسئولية أمان المفاعلات تقع على الدولة صاحبة المفاعل، وليس على الدولة التى تنتمى لها الشركة الأجنبية المنفذة للمفاعل، ما يوجب علينا أن ننتبه لعدد من الأمور على رأسها تدريب العمالة المصرية جيداً على تشغيل المفاعل. ويجب أن يشمل هذا التدريب أساليب الإدارة، والسلوكيات، وثقافة الأمان التى تُعد من أهم المتطلبات التى يجب أن تنتشر بين العمال والمهندسين المصريين أثناء تشغيل وإدارة المفاعلات النووية المصرية، مع الالتزام باللوائح والقوانين فى ظل إشراف دورى من هيئة الرقابة النووية، ومن المعروف أن إنشاء المفاعلات النووية المصرية يكون بنظام تسليم المفتاح، ما يجعلنا ننتبه لهذه الأمور فى حال بدء تولى المصريين إدارتها وتشغيلها.
■ حدثنا عن مهام عملك بالوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
- التحقت عقب التخرج بالعمل بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وشاركت فى تنفيذ مشروع إنشاء المفاعل البحثى الثانى بمنطقة أنشاص فى التسعينات، واشترطت مصر فى التعاقد مع الشركة الأرجنتينية المنفذة للمفاعل تدريب المهندسين المصريين المشاركين بالمشروع. وعقب الانتهاء من إنشاء المشروع تقدمت لإحدى الوظائف التى أعلنت عنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقُبلت بالوظيفة، وتدرجت فى عدد من المناصب داخل الوكالة، آخرها مدير برنامج الحماية النووية بالوكالة. ورغم التحاقى بالوكالة فإننى مازلت على تواصل مستمر مع مسئولى المفاعل البحثى الثانى، الذى أحفظ تصميمه أكثر من حفظ مكونات بيتى.
■ كيف أفاد إنشاء مفاعل بحثى مصر فى التسعينات؟
- يساهم المفاعل البحثى فى التدريب والتأهيل بمجال الفيزياء النووية، ويمكن لتطبيقاته أن تفيد بمجالات الطب، والزراعة، والصناعة، مثلاً النظائر المشعة التى ينتجها المفاعل يستعان بها فى المستشفيات، كما أن المفاعلات البحثية تحسّن المنتجات الصناعية مثل أشباه الموصلات، التى تستخدم فى تكنولوجيا الهواتف. وفوائد المفاعلات البحثية لا تغنى عن إنشاء مفاعلات إنتاج الطاقة الموجودة فى 30 دولة حول العالم، لما لها من تأثيرات اقتصادية أبعد من مجرد الإمداد بالكهرباء، بينها المساهمة فى زيادة جودة الصناعات النووية، وتوطينها، وتطوير عدد من التخصصات المحلية فى علوم الإدارة والأمان النووى.
■ ما تقييمك للمجهودات المصرية فى تنفيذ المشروع النووى المصرى؟
- لدينا قرار سياسى بإنشاء مفاعلات نووية، والمفاوضات ما زالت سارية فى هذا المجال، والالتزام السياسى لمصر له تأثيرات دولية، خاصة أن الدولة يقع على عاتقها الأمان، وتأسيس البنية التحتية لموقع إنشاء المفاعلات النووية، ونحتاج لتطوير إدارات الطوارئ الإشعاعية، وزيادة مستويات الجاهزية، وقدرات معالجة النفايات النووية بالموقع. وتصل الفترة الزمنية لإنشاء المفاعل إلى 10 سنوات، مضى منها عامان فى المفاوضات، ويستغرق إنشاء المفاعل ما يقرب من عامين ونصف العام، واستطاعت مصر فى الماضى إنشاء المفاعلات البحثية النووية، ومنهج تنفيذها لا يختلف كثيراً عن مفاعلات الطاقة، وكل ما نحتاجه مزيد من الجاهزية، والالتزام بالمعايير الدولية.
■ أخيراً كيف ترى تفاعل صانع القرار مع خبرات علماء مصر بالخارج؟
- التفاعل مع خبرات علماء مصر بالخارج، فى رأيى، مختلف تماماً هذه المرة، هناك متابعة من قبَل الدولة ممثلة فى الحكومة والوزارات المختلفة، خاصة وزارتَى الكهرباء، والإنتاج الحربى. ما يزيد الآمال فى سرعة الاستجابة وتحقيق تنمية حقيقية بمصر بمساعدة أبنائها بالخارج، والداخل.