عاملو هيئة «الثروة المعدنية» يطلبون الانفصال عن «البترول».. ويؤكدون: إهدار ثروات مصر مستمر
يدخل اعتصام العاملين بالهيئة العامة للثروة المعدنية، أسبوعه الثانى على التوالى، وهى ليست المرة الأولى التى يُعلن فيها عاملو الهيئة اعتصاماً مفتوحاً للمطالبة بانفصال الهيئة عن وزارة البترول وإعادة النظر فى القوانين التى تنظم المناجم والمحاجر، فضلاً عن تحسين أوضاع العمال المعيشية والمادية.
من داخل مبنى الهيئة بشارع صلاح سالم، التقينا عدداً كبيراً من المعتصمين الذين منعوا دخول الدكتور مسعد هاشم، رئيس الهيئة، إلى مكتبه رافضين أن يمارس مهام عمله باعتباره فاقداً شرعيته كرئيس للهيئة، وعلى الرغم من أنه أحد أبنائها، فإن العاملين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بسبب إغفاله مطالب اعتصامهم، التى جاء على رأسها فصل الهيئة عن وزارة البترول، وقالوا: «ولاؤه ليس للهيئة، ولكن لمن منحه كرسى الرئاسة».
قال الجيولوجى عزت شافع، أحد المعتصمين، إن الهيئة لم تصلها الثورة، فنظام إهدار ثروة مصر التعدينية لا يزال قائماً فيها، مشيراً إلى أن هذا النظام الذى أهدر ثروة مصر من الغاز الطبيعى والبترول وغيرهما هو من يدير باقى الثروات.
وأضاف «شافع»: أن «أسامة كمال، وزير البترول الحالى، استجاب لطلب فصل الهيئة عن إشراف وزارته، ولدينا مستند به، ووقّع بنفسه عليه، وعلى الرغم من ذلك فإنه ذهب السبت الماضى فى زيارة إلى منجم السكرى عقب صدور حكم وقف بطلان تعاقده، وزار المنجم الذى نعرف جميعاً أن مصر لم تحصل منه على شىء، فأرباحه تعدّت الـ10 مليارات جنيه ونحصل منه على 200 مليون جنيه فقط، بينما أعلن الوزير عن استمرار الدولة فى منحه بـ400 مليون جنيه دعم طاقة».
وقال الجيولوجى محمد محمد، إن الثروة المعدنية التى تمتلكها مصر فى صحرائها، فى الدلتا والصعيد، كفيلة بالنهوض بها فى أقل من عام واحد، موضحاً أنه يمكن أن تدر على الدولة أرباحاً سنوية تتجاوز 100 مليار جنيه حال «صفاء النوايا»، قائلاً: «بدلاً من السعى وراء قرض صندوق النقد الدولى الذى سيكبّل البلاد مزيداً من القيود الاقتصادية، يمكن أن تحقق الثروة المعدنية إذا جرى استغلالها بشكل وطنى وسليم أكثر من 40 ملياراً فى 6 أشهر فقط».[SecondImage]
وقال الجيولوجى خالد زغلول، إن مطالب العاملين فى الهيئة، وهى الحفاظ على ثروات البلاد، يمكن تحقيقها من خلال عدة أمور، أهمها توحيد الجهات المشرفة على التعدين. وتابع: «يجب محاسبة الفاسدين دون إغفال لكبيرهم أو صغيرهم، فضلاً عن تعديل قانون الثروة المعدنية الذى نعمل به منذ عام 1956 حتى الآن».
وأكد «زغلول» أن الدولة إذا فعلت تلك الخطوات سنحفظ للأجيال الحالية والمقبلة حقوقهم فى ثروات مصر. وقال إن ما يحدث حالياً فى مجال التعدين يعد إهداراً لهذه الحقوق والثروات، وضرب مثلاً بـ«الفوسفات» الذى يجرى استخراجه من صحراء «القصير»، قائلاً: «استخدام الفوسفات فى الأسمدة الزراعية يعد إهداراً لما نمتلكه من ثروة، لأن الفوسفات الموجود مشع، ويمكن استخدامه فى أمور عدة، آخرها الأسمدة».
وعن أوضاع الهيئة والعاملين بها، أكد المعتصمون أنها فى أسوأ أحوالها، وأن شيئاً لم يتغيّر داخلها منذ نحو 13 عاماً تقريباً، وقالوا إن عدداً من الأجهزة والعربات والآليات المستخدَمة تحتاج إلى قطع غيار لم يجر إدراجها فى الميزانية، وتابعوا: «القائمون على الهيئة يعيدون نسبة كبيرة من ميزانية الهيئة إلى وزارة المالية ليحصلوا على نسبة 10% التى تمنحها المالية لمن يفعل ذلك، ويجرى توزيعها على رئيس الهيئة ومديرى أقسام المشتريات والمستشارين».
وطالب المعتصمون الرقابة الإدارية بالتحقيق فى تجاوزات مالية داخل الهيئة، خصوصاً فى ظل توقُّف العديد من أنشطة الهيئة البحثية والميدانية، فضلاً عن مطالبتهم بالتحقيق فى توريد منجم السكرى للذهب ما قيمته 8 ملايين و200 ألف دولار لوزارة المالية مباشرة، دون حصول الهيئة على نسبتها القانونية.
وعن أحوال المهندسين والجيولوجيين بالهيئة، قال الجيولوجى محمد يونس، إنه ينطبق عليهم قانون 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين بالدولة، مشيراً إلى أن القوانين القديمة لا تزال تتعامل بـ«المليم والشلن»، وهى عملات فقدت قيمتها حالياً.
وأضاف «يونس» أن المرتب الأساسى للجيولوجى 48 جنيهاً ويحصل على بدل سفر يبلغ 6 جنيهات عن اليوم الواحد، بينما يحصل المقيم فى الصحراء على بدل يتراوح بين 36 و72 جنيهاً شهرياً، مضيفاً: «معظم الجيولوجيين فى الهيئة يعملون فى بيئات صحراوية ويقضون شهوراً متواصلة فى عمليات بحث وتنقيب فى الصحراء، فكيف يجرى التعامل معهم مادياً بهذا القانون».[ThirdImage]
وتابع «يونس»: «لا تمنحنا إدارة الهيئة من الميزانية شيئاً، وإذا كنا لا نريد الحصول على بدلات سفر وغيرها، فنحن نريد أن تقوم الهيئة بعمليات صيانة وتركيب قطع غيار جديدة لمعداتنا وأجهزتنا البحثية لنتمكّن من الحفاظ على حياتنا فى الصحراء والجبال».
ووصف الجيولوجى خالد زغلول، ظروف عمله، قائلاً: «عملى دائماً فى جبال البحر الأحمر، وهى ذات طبيعة قاسية، والسيارات التى تمنحها لنا الهيئة، لا تستطيع تحمُّل هذه الطبيعة مع استمرار صعودنا وهبوطنا فى الجبل الصخرى، فتُصاب عجلات السيارة بالشقوق والقطع، وترفض الإدارة شراء قطع غيار، فنلجأ إلى خياطة العجلات، كما نخيط الثياب».
وأضاف أن العاملين فى الصحراء لا يحصلون على أمصال ضد لدغات العقارب والثعابين المنتشرة فى الجبال هناك، فإذا تعطّلت السيارة وسط الجبال لا بد من أن نبيت جوارها، مشيراً إلى أن عدداً من مهندسى وجيولوجيى الهيئة لاقوا حتفهم فى مواقف مشابهة.
وقال المهندس عبده سالم، مدير عام الحفر الآلى بالهيئة وأحد المعتصمين، إن الحفر يدر على الهيئة نحو مليون و300 ألف جنيه شهرياً، وعلى الرغم من ذلك فإن الهيئة لا تمنحه اهتماماً وترفض شراء قطع غيار لمعداته، قائلاً: «العربة الوحيدة التى تمتلكها الإدارة لجر المقطورات تعطّلت بسبب رفض الهيئة شراء إطار جديد لإحدى عجلاتها، وهى حالياً معطّلة فى الجراج دون عمل».
استراحة الجيولوجيين التى أنشئت، أمام مقر الهيئة فى أحد الشوارع المتفرّعة من صلاح سالم، لإقامة العاملين المغتربين بالهيئة، واستضافة مهندسين وباحثين من دول أخرى، جرى تأجيرها لإحدى الشركات، بينما تحوّلت بعض مكاتب الشئون القانونية والمخازن إلى غرف إقامة لعاملى الهيئة.
وتحوّلت المكاتب والمخازن إلى غرف معيشة لجيولوجيين ومهندسين، لا تصلح للإقامة، فهى غير مجهزة لذلك، فضلاً عن كونها غير نظيفة ومعتمة والأسرّة بها لم تتغير منذ سنوات، بينما لم يتم إصلاح الصرف الصحى فى الحمامات منذ بضع سنوات.
أخبار متعلقة:
«الوطن» وسط صحراء الفوسفات المشع بـ«القصير».. هنا الثروة المهدرة
«الثروة المعدنية» توقف تراخيص الحفر وتغلق المناجم منذ عامين
«النصر للتعدين» تواجه الأزمات الاقتصادية ببيع طن الفوسفات المشع بـ120 دولاراً
رئيس «الثروة المعدنية»: سنمنح تراخيص الاستخراج للشركات الكبرى فقط
خبير بـ«الثروة المعدنية» يطالب باستقلال الهيئة عن «البترول».. ويطالب بقانون جديد يراعى الأسعار العالمية
البنود المثيرة للجدل فى قانون سامح فهمى الذى يناقشه مجلس الشورى