القليوبية.. شهادات طبية للتحايل على اللوائح.. والمدرسة تحصيل حاصل
نسبة حضور عالية بين أطفال الحضانة وضعيفة جداً بين طلاب المدارس
اكتظت مراكز الدروس الخصوصية بالطلاب، فى الوقت الذى بدت فيه فصول المدارس خاوية على عروشها، لتتحول مراكز الدروس إلى أساس فى العملية التعليمية، خاصة فى الشهادات العامة بدءاً من المرحلة الابتدائية ومروراً بالمرحلة الإعدادية وانتهاء بالثانوى العام والفنى.
المدارس تحولت إلى مكان طارد.. والطلاب يفضلون «السناتر»
تقارير المتابعة الصادرة عن مديرية التعليم كشفت تجاوز نسب الغياب فى المدارس 80% بين طلاب الشهادات النهائية و55% لطلاب النقل، ولم تفلح إجراءات الغياب الإلكترونى والمتابعة فى وقف الظاهرة أو الحد منها، خاصة بعد انتهاء امتحانات «الميد تيرم»، ليعتبرها أولياء الأمور والمدرسين والطلاب إذناً بالغياب المفتوح حتى امتحانات نصف العام. أولياء الأمور أكدوا أن الذهاب للمدارس بلا فائدة بسبب تدنى كفاءة العملية التعليمية، ما يجبر الطلاب على اللجوء للدروس الخصوصية، مع التحايل على اللوائح الخاصة بنسب الغياب المخصصة للطلاب عن طريق الحصول على شهادات مرضية لأبنائهم حتى يتفرغوا للدروس، فيما بررت مديرية التعليم بأنها تواجه الظاهرة قدر المستطاع ورغم ذلك لم تستطع وقفها خاصة فى المرحلة النهائية بالثانوية العامة التى تشهد عزوفاً غير مسبوق من الطلاب عن الحضور للمدرسة لدرجة أن معظمهم يتعامل على أن الحضور للمدرسة مضيعة للوقت. عمر عادل، طالب بالصف الثالث الثانوى ببنها، فسر أسباب ظاهرة العزوف عن الذهاب للمدرسة، وعدم انتظام الطلاب فى الدراسة، مشيراً إلى أن الطالب تيقن من عدم استفادته حال ذهابه للمدرسة، مضيفاً: «الكل يعتمد على الدروس الخصوصية والمدرسون لا يقومون بواجبهم طمعاً فى راحة البال أو التفرغ للدروس الخصوصية»، وأيده فى الرأى عبدالرحمن محمد، طالب بالشهادة الثانوية العامة، موضحاً أن الطالب أولى بوقت المدرسة المهدر لاستغلاله فى المذاكرة بالمنزل والذهاب للدروس حتى يستطيع التحصيل بشكل أفضل. وقالت داليا عيد، ولى أمر طالب ثانوى بقليوب، إن ظاهرة الفصول الخاوية سببها الأول المدرسون ومديرو المدارس، الذين يفرغون المدارس للتغلب على أزمة الحضور والانصراف حتى يستطيعوا التزويغ لقضاء مصالحهم أو التفرغ للدروس الخصوصية، وكل هذا على حساب الطلاب الذين كرهوا الذهاب للمدرسة، وكشف حلمى عبدالشافى، عضو مجلس أمناء إدارة بنها التعليمية، أن مديرى المدارس والمدرسين يهيئون للطلاب سبل التغلب على تسجيل الغياب ويطرحون عليهم طرق التلاعب واستغلال الثغرات التى تمكنهم من الغياب دون وقوع أضرار من بينها الفصل والحرمان من الامتحانات، كما أن تطبيق نظام الغياب الإلكترونى لم يفلح فى مواجهة الأمر وظلت المدارس خاوية.
من جانبهم، رفض المدرسون ومديرو المدارس الاتهامات الموجهة من أولياء الأمور والطلاب، مؤكدين أن الأهالى يشجعون أبناءهم على الغياب ويساعدونهم فى استخراج الشهادات المرضية واختلاق الحجج لوقف إجراءات الفصل فى حالة تخطى نسب الغياب، واعترف مدير إحدى المدارس الثانوية بوجود نسبة غياب كبيرة بمدرسته، خاصة بين طلاب الصف الثالث الثانوى، حيث يفضل الطلاب مراكز الدروس والمذاكرة فى المنازل، مشيراً إلى أن انخفاض رسوم إعادة القيد له دور فى تجاهل الطلاب الذهاب للمدرسة.
وأكد طه عجلان، وكيل وزارة التعليم بالقليوبية، أن هناك لجان متابعة مستمرة على المدارس لمراقبة الحالة التعليمية وتطبيق منظومة الغياب الإلكترونى والسلوك، وفقاً لقرار وزير التربية والتعليم بالانتظام داخل الفصول، خاصة المدارس الفنية والثانوية، مشيراً إلى أنه تم تنظيم حملات توعية وتثقيف بالمدارس خلال الفترة الماضية لتعريف الطلاب بأهمية قرار الوزير الخاص بدرجات السلوك والغياب وأنه فى صالحهم وليس كما يروج البعض أنه سيلحق بهم الضرر، وأوضح أن تطبيق هذا القرار حقق حالة من الاستقرار والانضباط داخل المدارس وأسهم فى ارتفاع نسبة الحضور الطلابى، خاصة فى المدارس الثانوية. وأشار الدكتور صلاح محمود، أستاذ التربية والصحة النفسية وأحد الخبراء التربويين فى مصر والسعودية، إلى أن تلك الظاهرة أصبحت حقيقة مرة والطلبة هجروا المدارس بالفعل، بل إن الظاهرة تخطت المراحل الثانوية إلى الإعدادى والابتدائى مما يدق جرس إنذار بخطورتها، مشيراً إلى أن أسبابها كثيرة ومتعددة وأهمها الاعتماد على الدروس الخصوصية وغياب دور المدرسة واختصار التعليم فى النجاح والرسوب والمجموع، حيث تحولت المدارس لمراكز تعليمية طاردة بدلاً من مراكز ثقافية وتربوية واستكشافية للمواهب والقدرات الخاصة للطلاب فى ظل عدم قدرة الوزارة على وضع منهج واضح يجذب الطلاب إلى المدارس، مشدداً على ضرورة البحث عن أساليب جديدة لجذب الطلاب للحد من ظاهرة الغياب التى تدلل على فشل منظومة الغياب الإلكترونى، لافتاً إلى أن لائحة الانضباط والقرارات الوزارية لم تحل المشكلة بل زادت من تفاقمها، وسط انتشار مراكز الدروس الخصوصية.