المنيا.. الطلبة حائرون بين مدرّس يتهرّب من التدريس.. وآخر يشجعهم على عدم الذهاب بإجبارهم على القيام بـ«جمع القمامة» من المدرسة
ظاهرة غياب الطلاب زادت خلال الفترة الأخيرة
«الفصول الخاوية» واقع مرير تعيشه المدارس فى المنيا، فرغم سعى الدولة لتطوير التعليم، إلا أن أيادى الهدم تمتد إليه من القائمين على العملية التعليمية ذاتها، فهناك معلمون حولوا المدارس ذاتها إلى مراكز للدروس الخصوصية، إلى جانب التلاعب فى دفاتر الحضور والانصراف، بل وتزوير فى نتائج طلبة راسبين لا يذهبون للمدرسة طيلة العام، وطلبة حائرون بين مدرس يتهرب وينصرف عند بدء اليوم الدراسى، وآخر يشجعهم على التسرب من خلال إجبارهم على القيام بأعمال نظافة وجمع قمامة، وإدارة مدرسة تفتح ذراعيها للتحويل إلى «نظام المنازل» بدلاً من الانتظام لجمع الأموال من الطلاب.
مدرس فى بلاغ للنائب العام: 5 تلاميذ يحضرون من أصل 110 ودفتر «5 سلوك» لغياب الطلاب ودفتر الحضور والانصراف للمعلمين يتم «التلاعب» فيهما
عصام محمد سعد، مدرس بالثانوى العام فى مدينة ملوى، يكشف عن كوارث طالت العملية التعليمية، من بينها وجود مدرسة مشتركة، حيث يحضر بها 5 طلاب بالثانوى العام، من أصل 110 طلاب، وتقرير يؤكد وجود «تلاعب» فى نتائج امتحانات النقل للصفين الأول والثانى الثانوى، حيث يتم التزوير فى درجات طلبة راسبين لا يحضرون للمدرسة طوال العام، بإضافة درجات النجاح لهم على غير الحقيقة.
هذه المخالفات الصارخة دفعت «عصام» للتقدم ببلاغ للنائب العام، يوم 15 من شهر نوفمبر الماضى برقم 14380، مؤكداً فى البلاغ أن «وكيل الوزارة ومدير الإدارة التعليمية لم يتخذا إى إجراء حتى الآن، وأعضاء لجنة الكنترول بالمدرسة لم يتم استبعادهم أو التحقيق معهم إدارياً، فضلاً عن قيام معلمة بإعطاء دروس خصوصية للطلاب داخل مكتبة المدرسة»، وموضحاً أن «هذه ليست فصول تقوية، حيث إن فصل التقوية يجب أن يكون قوامه بحد أدنى 15 طالباً ولا يزيد على 25 وأن يتم التدريس داخل الفصل أو المسرح، وهذا لا يحدث»، وأشار «عصام» فى بلاغه إلى أن دفتر «5 سلوك» الخاص بغياب الطلاب ودفتر الحضور والانصراف الخاص بالمعلمين «يتم التلاعب فيهما بإعداد نموذجين، أحدهما مطابق للحضور والانصراف الفعلى والآخر غير مطابق، كما يتم التلاعب بهما لتضليل لجان التفتيش والمتابعة، والإطاحة بالمدرسين الجادين الرافضين لهذا الفساد بنقلهم لمدارس أخرى، لافتاً إلى أن هناك تلاميذ ومعلمين يحضرون فى التاسعة صباحاً وينصرفون قبل العاشرة، كما أن هناك مدرسين يتم التوقيع لهم فى دفاتر الحضور والانصراف دون حضورهم.
من جانبه، قال محمد عبادة، رئيس مجلس أمناء المدرسة الصناعية بالمنيا، إنه «يتم اعتماد مجالس الأمناء على حسب الأهواء، حيث تم انتخابه رئيساً لمجلس الأمناء، دون دعوته لحضور الانتخابات على مستوى الإدارة التعليمية، وتجاهل معظم أمناء المدارس وتوجيه الدعوة لمدارس معينة»، مشيراً إلى أنه «ينبغى إرسال خطابات مسجلة بعلم الوصول لحضور الانتخابات وهذا لم يحدث، لأن المسئولين بالتعليم لا يرغبون فى اختيار مجالس أمناء جادة تواجه الخلل والتقصير وتتابع عملية التزام المدرسين والطلاب بالحضور حتى آخر يوم فى الدراسة».
فيما قال عمار النادى، مدير سابق بتعليم المنيا، إن الالتزام بالحضور والغياب مسئولية إدارة المدرسة فى المقام الأول، فهناك مديرون يتواطأون مع المدرسين من أجل الدروس الخصوصية، وتكون لجان المتابعة من المديرية صورية، ولا تقوم بالدور المنوط بها، بل إن هناك موجهين يطلبون من مدير المدرسة التوقيع بأسمائهم فى دفاتر الزيارة دون الحضور فعلياً للتفتيش، وهناك مدراء يشددون على الحضور سواء للطلبة أو المدرسين حتى نهاية العام، ويقومون بالشرح داخل الفصول فى تخصصاتهم حتى لا يتغيب الطلاب، ويهتمون بالأنشطة لجذب الطالب طوال العام»، ولفت «النادى» إلى أنه «ينبغى حضور جميع المعلمين طابور الصباح وتحية العلم وهذا لا يحدث، لدرجة أن الطلاب نسوا تحية العلم، أما المدارس الثانوى الفنى فالمعلمون لا يذهبون للمدرسة إلا للحصول على رواتبهم فقط، وبعض التلاميذ تكون حصصهم بدون معلم بسبب تغيبهم أو تركهم المدارس دون علم المدير، حتى لو بعلمه فلا توجد أى رقابة أو قيادة على مستوى المسئولية».
من جهة أخرى، يبرر «على. ف»، طالب بمدرسة ثانوية زراعية، تغيبه عن الدراسة، قائلاً: «يتم الاستعانة بنا فى أعمال النظافة وجمع القمامة من الأحواش ويحدث هذا فى معظم المدارس الزراعية، والبعض يتغيب بسبب عدم وجود شرح للمناهج وتغيب المدرسين طوال العام، وانصرافهم عقب التوقيع فى دفاتر الحضور، بل إن بعض المدرسين يقومون بطردنا وبالتالى نلجأ إلى التحويل بنظام المنازل، وإدارات المدارس ترحب بذلك لأن هناك أموالاً يتم تحصيلها من التحويل، ويتم توزيعها فى صورة مكافآت على إدارة المدرسة والمعلمين، حتى إن هناك مدارس زراعية بالمراكز تصل فيها نسبة المحولين إلى نظام المنازل%90».
من جهته، أوضح خيرى فؤاد، نقيب المعلمين بسمالوط، أن نسبة الحضور فى المدارس هذا العام جيدة مقارنة بالأعوام الماضية، لافتاً إلى أن وجود عجز فى بعض مدرسى المواد الأساسية، مثل الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية، فى مدارس القرى، مقابل التكدس فى مدارس المدن، وهو ما يجبر الطلبة على الغياب، وأضاف فؤاد أن «هذا العجز له أسباب كثيرة أقلها وجود معلمين يعملون بدواوين الإدارات التعليمية ويتقاضون كادر معلم، رغم أنه من قواعد الصرف التدريس فعلياً داخل الفصل، وكل هذا يؤثر على العملية التعليمية من الناحية الانضباطية»، وقال رمضان عبدالحميد، وكيل وزارة التعليم بالمنيا، إنه فى حالة تغيب الطالب 15 يوماً متصلة أو 30 يوماً متقطعة، يتم إرسال 3 إنذارات لولى أمره تفيد بذلك ويمكن إعادة قيده مرة أخرى، وينبغى أن تكون نسبة حضور الطالب 85% بالنسبة للثانوية العامة لكى يتمكن من حضور الامتحانات، أما بالنسبة للتعليم الفنى فيشترط أن تكون نسبة حضوره للمواد العملية 75% والنظرى 85%، ويكون الطالب حريصاً على الحضور فى الشهادة، لأنه يتابع إعداد الإجراءات التمهيدية للخامات المستخدمة لامتحانات العملى»، وتابع وكيل الوزارة «أما بالنسبة للتعليم الأساسى فهو تعليم إلزامى ولا يتم فصل أى طالب أو حرمانه من دخول الامتحانات مهما كانت نسبة غيابه، ولكن يقوم بدفع غرامات عن فترة الغياب»، منوهاً إلى أن «هناك لجاناً من المتابعة والتوجيه تقوم بزيارة جميع المدارس فى جميع الإدارات التعليمية للتأكد من حضور المدرسين والطلاب على حد سواء».
باب مدرسة مفتوح ولا يوجد طلاب بداخلها