د.هشام عاشور: النظام الصحى الألمانى من أفضل النظم الصحية على مستوى العالم
الدكتور هشام عاشور الجراح العالمى وأستاذ أمراض النساء وطب التوليد
قال الدكتور هشام عاشور، الجراح العالمى وأستاذ أمراض النساء وطب التوليد، إن النظام الصحى الألمانى يعد من أفضل النظم الصحية على مستوى العالم، وحوالى تسعين فى المائة من الشعب الألمانى راضون عن هذا النظام، وفقاً لأحدث استطلاعات الرأى، فهو نظام متميز، ومتفرد يمكن لمصر الاستفادة منه فى نقاط عديدة، وهو قائم على مجموعة من الدعامات، أبرزها التكافل، والتعاون بمعنى أن الأغنياء يدفعون لكفالة الفقير ما يساهم فى نشر السلام الاجتماعى داخل المجتمع دون أحقاد.وأضاف عاشور لـ"الوطن": "لن تجد شخصاً ثرياً يخاف على وضع سيارته بالشارع بسبب نظام التكافل الذى تطبقه ألمانيا، والذى ينص عليه الدستور الألمانى، وأول من وضع النظام الصحى الألمانى هو «أوتو فون بسمارك»، مؤسس الاشتراكية الديمقراطية، حيث يخلط البعض فى مصر بين الاشتراكية والشيوعية، وهما مفهومان مختلفان عن بعضهما"، موضحا أن ألمانيا بدأت فى تشريع قانون التأمين الصحى عام 1883، ثم تشريع قانون تأمين الحوادث بعدها بعام، وفى عام 1889 شرع قانون تأمين العجز والشيخوخة، بدأها مع فئة العمال إلى أن عممت على جميع طبقات الشعب، ما يؤكد أن تطبيق النظام يمكن أن يبدأ بفئة ثم يعمم فيما بعد، ويصل عدد الأطباء فى ألمانيا إلى 365 ألف طبيب، بمعدل طبيب لكل 221 مواطناً، وبالمقارنة بمصر نجد 380 ألف طبيب بمعدل طبيب لكل 180 مواطناً، ما يؤكد أن مصر ليس لديها مشكلة فى عدد الأطباء، ويصل عدد أطباء العيادات فى ألمانيا إلى 74 ألف طبيب، منهم 42 ألفاً فى تخصص الأسنان، وهناك 1996 مستشفى فى ألمانيا، تنقسم إلى 596 مستشفى عمومياً، وليس حكومياً، و760 مستشفى خيرياً تابعاً للكنيسة، و694 مستشفى خاصاً، ولا يعنى أنها تعالج مرضى بعينهم بل يمكن لأى مواطن العلاج بها بنفس نظام المستشفيات الأخرى، ولكن الفارق بأن ملاكها شركات خاصة.وأشار عاشور، إلى أنه وفقاً للقانون الألمانى يمنع الطبيب من العمل فى المستشفى والعيادة الخاصة به فى نفس الوقت، فلا يجوز أن يعمل الطبيب بالمستشفى وفى آخر اليوم يذهب للعيادة، يجب أن يختار أحدهما، لذا نجد ثقة المريض الألمانى كبيرة فى تشخيص الطبيب، وليس مثلما يفعل المريض المصرى الذى نجده يحمل كيس بلاستيك به الإشاعات ويظل يمر على أكثر من طبيب لفقدانه الثقة فى تشخيص أحدهم، بخاصة إذا طلب منه أن يجرى عملية، يظن أنها بهدف كسب مزيد من الأموال من جانب الطبيب، بينما فى ألمانيا طبيب العيادة هو الذى يقرر إجراء العملية، ويرسل المريض إلى طبيب المستشفى لإجرائها، أى إنه يصبح جهة مستقلة لا تستفيد من إجراء العملية، ولكنه فقط يبدى رأيه العلمى بضرورة إجراء الجراحة، منعاً للتحيز.
وقال "عاشور"، إن نظام تمويل التأمين الصحي في ألمانيا يعتمد على نسبة 15% من دخل المواطنين، ونظام التأمين إجبارى لكل مواطن يقل دخله عن 56 ألف يورو فى السنة، من خلال شركات التأمين العامة، لضمان الرعاية الصحية لجميع المواطنين حتى لا يذهب مواطن للمستشفى ويبقى فى الشارع دون علاج، بل يذهب المواطن الألمانى لأى مستشفى ومعه كارت التأمين ويتلقى الرعاية الصحية على أعلى مستوى، ويتعامل المواطنون أصحاب دخل أكثر من 55 ألف يورو مع شركات تأمين خاصة، ولكنها تقدم نفس الخدمة التى تقدمها شركات التأمين العامة إلا أنها تتنافس فيما بينها على تقديم أكبر عدد من الخدمات بأسعار أقل، لذا نظام التأمين الصحى الشامل نظام يدعو للجمود والاحتكار.وأضاف "عاشور": "إذا كان هناك مستورد واحد لصنف من الأغذية سيحتكر الأسعار، ولكن مع وجود العديد من الشركات تبدأ الخدمات ترتفع والأسعار تنخفض، وذكر رئيس اتحاد الأطباء الألمان أن التأمين الصحى الخاص هو شريك مهم للغاية، والمنافسة بين خطط التأمين تجبر نظام التأمين الصحى العام على البقاء قادراً على المنافسة، والعمل باستمرار على تحسين الخدمات ولولا هذا النظام كانت ألمانيا ستواجه خدمات صحية أسوأ لو اعتمدوا على فكرة التأمين العام الموحد وتجاهلوا التنوع الذى يخلق التنافس، فالمنافسة تَخَلَّق التطور، وهو ما رددته دورية فايفر رئيس اتحاد شركات التأمين العام بأنه من دون منافسة شركات التأمين الخاص كان من الممكن مواجهة خطر انخفاض الخدمات إلى مستوى معايير الرعاية الصحية الدنيا، والخمسة عشر فى المائة التى يدفعها المواطن مقابل الرعاية الصحية من راتبه تقسم بينه وبين صاحب العمل، سواء كان العمل حكومياً أو خاصاً، بواقع سبعة فى المائة يدفعها صاحب العمل، وسبعة فى المائة يدفعها المواطن، والحكومة تدفع تسعة من عشرة فى المائة، أقل من واحد بالمائة، لتوازن التكاليف فى حال وجود عجز فى الموارد المالية بشركات التأمين، وهناك سبعون مليون ألمانى مؤمن عليه فى شركات التأمين العامة، وأربعة ونصف مليون ألمانى بشركات التأمين الخاصة، وهناك مجموعة لهم تأمين مختلف تماماً، هم رجال القضاء، والجيش، والشرطة، ومجموعة أخرى تدفع لهم الدولة التأمين بالكامل منهم المسئولون، واللاجئون، والأشخاص الذين يعانون من البطالة فى مرحلة من حياتهم، ويمثل نظام الرعاية الصحية فى ألمانيا عاملاً اقتصادياً مهماً للبلاد، لأن هناك اثنين ونصف مليون شخص يعملون فى هذا النظام ما بين أطباء، وموظفين".