2016 مصر فى عنق الزجاجة
2016 مصر فى عنق الزجاجة
كان عاماً صعباً على المصريين.. غائماً.. مقبضاً. كان اختباراً حقيقياً للدولة المصرية وإدارتها السياسية. كانت حرب إرادة، خاضها المواطنون -غنيهم وفقيرهم- على جبهات متعددة، وكلها مفتوحة فى وقت واحد. اشتد وطيس المؤامرة وحوصرت مصر من الوريد إلى الوريد. نار الإرهاب لا تزال مشتعلة على الحدود وفى الأطراف، ونار الأزمات تلف الجبهة الداخلية، والناس بين نارين، لكن 2016 انقضى ولسان حال المصريين: نحن أحسن من غيرنا. محبطون، مختنقون، مندهشون، و«مش فاهمين»، لكنهم آخر اليوم يعودون إلى بيوتهم، إلى أحضان أسرهم، وهذا أضعف الإيمان. كانت سنة معارك بحق، وإلى حد ما كانت سنة طموح وبناء وتحدٍّ. لم تفقد مصر الأمل. بَنت مدناً وعاصمة، وزرعت أرضاً، ومدت طرقاً، ووضعت قدماً فى كل ما يجرى حولها إقليمياً ودولياً. نجحت مصر وقالت لنفسها وللدنيا: أنا دولة مأزومة، محاصرة، مستهدفة، لكننى لن أركع ولن أسقط ولن أفقد عشقى للحياة، فأنا دولة أزمات. أنا دولة نهوض وكبواتى تقوينى.. و«ياما دقت على راسى طبول».
واجه المصريون أزمات 2016 بثبات ليس غريباً عليهم. اتسع نطاق إرهاب عصابة الإخوان ولم يعد القاتل والمتآمر والخائن «إخوانياً» فقط، بل تناسل فى داعش وبيت المقدس وغيرهما، ومع استمرار النزيف والخراب خرجت من الأنقاض بضع دعوات للمصالحة، لكنها كالعادة قوبلت بعاصفة رفض. وعلى جبهة الخطاب الدينى تحقق القليل، لكن المعركة طويلة وشاقة.
معركة الأسعار خسرتها الحكومة بالثلث: انفلات من ناحية وضعف رقابة من ناحية أخرى. هذه «أم المعارك» بالنسبة للمصريين: إنها لقمة عيشهم التى استغلها أعداء النظام للتبشير بثورة جياع والتحريض على الدولة.
لكن المعركة كانت حتمية، فهى الثمن المتوقع لإجراءات الإصلاح الاقتصادى، والتى بدونها ستظل الأزمة قائمة وأبدية.. رئيساً بعد رئيس، وحكومة تلو حكومة. وعلى هامش معركة الأسعار كانت هناك معركة قانون الاستثمار: شد وجذب وتبادل اتهامات، والنتيجة أن السنة مضت ولم يصدر. أين يكمن جذر هذه المعركة وهامشها؟ إنه «التعويم»: غرق «الجنيه» وأصيب «الدولار» بحالة من الجنون أوقفت حال الكثيرين وجعلت المواطن «يكلم نفسه».. إذ لم يجد من يكلمه ليفهم!. أيام قليلة ويودع المصريون 2016 وكأنهم -هذا مؤكد- خرجوا من كابوس، ويدخلون 2017 بكثير من الحذر والقلق وبصيص أمل: ذهبت الأيام الصعبة، والقادم لن يكون أسوأ.