كشافة الكنيسة: حارس.. ومتهم
أحد الكشافة مع قس خلال احتفالية سابقة
بعد الحادث الإرهابى المفجع فى الكنيسة، الذى وقع يوم 11 من الشهر الحالى، وراح ضحيته 27 شهيداً، فضلاً عن عشرات الإصابات، واتجه البعض باللوم بالتقصير إلى أعضاء الكشافة، أثناء تغطيتهم قداس الأحد الذى وقع أثناءه الحادث، معتبرين أن مثل ذلك التقصير من الممكن تكراره فى مناسبات أخرى ويستغله الإرهابيون فى اختراق الكنائس وتخربيها أو تفجيرها ثانية، لكن «الكشافة» وأعضاءها كان لهم رأى أخر.
فى المناسبات والاحتفالات الرسمية داخل الكنائس، يقفون مميزين بزيهم الموحّد يعملون على قدم وساق دون تكاسل، ففى الوقت الذى يتمتع فيه الجميع بالروحانية والصلاة، يبذلون جهوداً بمختلف أعمارهم لتنظيم الطرقات والتعامل مع الأطفال وتجنّب الزحام وغيرها من الأمور التى تُهيئ للآخرين أجواءً هادئة منظمة للتعبد، هكذا وهب أعضاء وقادة «الكشافة» من وقتهم لخدمة الكنيسة، إلا أن حادث «البطرسية» وجّه بعض الأنظار إليهم من زاوية أخرى وجهت إليهم فيها بعض الاتهامات.
«إحنا مش أفراد أمن، إحنا أعضاء فى الكشافة، متطوعين ننظم الكنيسة ونساعد الناس».. قالها «أ. ع. ا»، أحد قادة الكشافة بالكنيسة البطرسية، الذى فضّل عدم ذكر اسمه، آخذاً من خدمته التى يعطى فيها بلا مقابل أو ظهور مثالاً، رافضاً تماماً أى اتهامات موجهة إلى الكشافة وأعضائها بالتقصير، مؤكداً «كل ما خارج الكنيسة مش تبعنا، إحنا بننظم جوه الكنيسة بس، خارج الكنيسة مسئولية الأمن».
وعن دور الكشافة، قال لـ«الوطن»: إن دورها الرئيسى ليس «تأمينياً» بل «تنظيمى» يرتكز على التنظيم فى المناسبات والأعياد وبعض القداسات وليس كلها، وأى حديث عن تأمين هو «كلام فاضى» إحنا مالناش أى علاقة إطلاقاً بالتأمين، مشيراً إلى التعاون بين كشافة الكنائس وقوات الأمن فى الأعياد، قائلاً: «بيبقى فيه شخصيات عامة فى الأعياد، فبنتعاون مع الأمن لتنظيم دخولهم وخروجهم فقط، وإرشادهم إلى أماكنهم».
«وجود ميليشيا خاصة للكنيسة موازية للقوات النظامية، تقوم بمهامها من فرض سياجات أمنية وتفتيش المواطنين والتحقيق معهم واحتجازهم فى قاعات التحقيق بالكنيسة»، هكذا وصف أحد المتطرفين على صفحات «فيس بوك» بعد ساعات من تفجير «البطرسية».
«من الطبيعى أن أى شخص يمر يتم تفتيشه من الأمن على أبواب الكنائس، يتعامل معه أعضاء الكشافة عادى، لأنه بالفعل تم تفتيشه، وقوات الأمن قامت بدورها، لذا الكشافة لاعلاقة لها بالتأمين» يشرح قائد الكشافة بالكنيسة دور قوات الأمن، مشيراً إلى أن أعضاء الكشافة يقومون بهذا الدور فى حالة عدم وجود قوات أمن.
«هل ستكون هناك تدريبات لأعضاء الكشافة بعد حادث البطرسية تؤهلهم للمساهمة فى الحفاظ على أمن المصلين بالكنائس، أو سيكون هناك تعاون مع قوات الأمن للقيام بهذا الدور؟».. هو السؤال الأبرز الذى طرح بعد الاتهامات المتبادلة بالتقصير، ويجيب قائد كشافة الكنيسة بمنتهى الوضوح قائلاً: «لأ، الكشافة هتمارس نفس دورها التنظيمى داخل الكنائس، إحنا ككشافة دورنا تعليم الأولاد المسئولية، والاعتماد على النفس، وخدمة الوطن ومساعدة الناس تحت أى ظرف». وافقه تماماً فى رأيه فادى فايز، قائد بالكشافة، معرّفاً الكشافة بأنها «حركة شبابية تربوية تطوعية، غير سياسية، هدفها تنمية الشباب، وهى تمارس اجتماعياً أيضاً فى الجامعات والمراكز الشبابية وليس فى الكنائس فقط»، مؤكداً دور الكشافة «التنظيمى» وليس «التأمينى» كما تناولته بعض وسائل الإعلام عقب حادث «البطرسية» الذى وصفه بـ«متاجرة بدم الشهداء، وناس بتجرى ورا الشهرة».
وتطرّق «فايز» إلى أن الانضمام إلى الكشافة فى الكنيسة عمل «تطوعى»، لا يتقاضى أحد أجراً عنه، بل هى خدمة كنيسة يشارك فيها الأطفال والشباب، ويقومون خلالها بالعديد من الخدمات والأنشطة مثل المعسكرات وزيارات الملاجئ والمرضى وتنظيم الأعياد والمناسبات داخل الكنائس فقط وليس خارجها، مشيراً إلى أن قوات الأمن هم المؤهلون والمدربون على تأمين الكنائس والأشخاص، وليس أفراد الكشافة الذين هم فى الأصل طلبة وناس لديهم عملهم الخاص ويتطوعون بجزء من وقتهم للخدمة فى الكنيسة من خلال الكشافة.
«الكشافة مش أفراد أمن، الكشافة أسلوب حياة»، شعار رفعه مينا صدقى، مدير مجموعة كشفية بكنيسة مار مرقس بأسيوط الجديدة، ردّده كثيراً عقب حادث «البطرسية»، ويقول عن الكشافة لـ«الوطن»: «دورنا الأساسى هو خدمة أولاد الكنيسة، فالكشافة خدمة تطوعية بمعنى أن الأولاد بيدخلوا فيها بإرادتهم، وبتبدأ من سن تانية ابتدائى لحد الجامعة». ويضيف «الهدف الأسمى للكشافة أنها طريقة جذب للأولاد، علشان يفرّغوا طاقتهم فيها من خلال المعسكرات والرحلات والمؤتمرات والأيام الرياضية والترفيهية».
الدور الأساسى للكشافة كما أوضح «مينا» واتفق مع غيره من القادة، هو الحفاظ على نظام الكنيسة من الداخل، وليس التأمين كما يدّعى البعض، مشيراً إلى أن قوات الأمن توجد خارج الكنائس فى أسيوط كغيرها من المحافظات، لكن حتى لا تحدث أى احتكاكات بين الأمن وشعب الكنيسة، خصوصاً فى أوقات الزحام كالأعياد والمناسبات تحديداً يوجد أفراد الكشافة للتنظيم، خصوصاً أنه من الصعب توفير عدد من أفراد الكشافة يومياً فى الكنيسة، لأن معظمهم من طلبة الجامعات أو المرتبطين بجهات عملهم، لذا فإن الأمن يوجد من خلال فرد أو اثنين أمام أو داخل الكنيسة. بعد حادث «البطرسية» واختراق قوات الأمن وتنفيذ عملية إرهابية، يقول «مينا» إن أعضاء الكشافة «تيقظوا أكتر»، وبعدها أصبح أعضاء الكشافة يقفون على باب الكنيسة يتأكدون من هوية من يدخل ويخرج منها، بحيث يسلمون أى غريب إلى قوات الأمن يتعاملون هم معه.
«تأمين الكنائس يبدأ بالشرطة، حتى وجودنا إحنا فى الأعياد بنبقى ورا الشرطة، أما دور الكشافة فهو مرحلة تانية بعد الشرطة، فالشرطة هى التى لها حق الاشتباه بأحد وتوقيفه»..
وعلى مستوى كنائس مصر، تحتضن الأمانة العامة للكشافة والمرشدات بأسقفية الشباب مظلة أعضاء وقادة الكشافة، تحت إشراف ورعاية الأنبا موسى، أسقف الشباب، منذ أن تأسست الأمانة وانطلقت فى عهد البابا شنودة الراحل، كما يقول الدكتور صموئيل متياس، الأمين العام للكشافة، لـ«الوطن»، مؤكداً أن مساعدة الناس دون النظر إلى عقيدتهم أو ثقافتهم أو انتماءاتهم هى الأساس الذى تقوم عليه فكرة الكشافة.
«الكشافة فى الكنايس زى الجوالة فى الجامعات، هل الجوالة مهمتها التأمين؟ لا.. بل دورها تربوى منوط بالنظام والتسهيل، وليس التأمين».. هكذا وصف الأمين العام للكشافة دورها الرئيسى الذى هُوجمت بسببه عقب حادث «البطرسية»، مشيراً إلى أن أعضاء الكشافة ليس دورهم بالأساس أن يؤمنوا كنائس، فهم غير مدربين وغير مؤهلين، يمكنهم الحصول على تدريبات إسعافات أولية، حالات اختناق، لكن ليس تأميناً.
هناك تواصل دائم بين الجمعيات المركزية للكشافة التابعة لوزارة الشباب، وغيرها من الجمعيات المسئولة عن الكشافة، لتأهيل القادة فى الكنائس، كما أشار الدكتور صموئيل، مضيفاً أن هناك قادة ليسوا أقباطاً يحضرون باستمرار المؤتمرات والتدريبات التى تنظمها الكنيسة لإعداد القادة فى الكشافة بالأسقفية.