مستشفيات الكنائس.. كلنا فـى المـرض مصـريـون
منتقبة أثناء وجودها بمستشفى تابع لكنيسة
فى أحد الشوارع الرئيسية لمنطقة الزيتون بالقاهرة، وفى الجهة المقابلة لكنيسة العذراء، استقر ذلك المبنى الكبير بلونه الداكن، يمر الداخلون والخارجون منه عبر بوابة حديدية كبيرة، تعلوها لافتة كتب عليها بخط واضح: «مستشفى السيدة العذراء الخيرى بالزيتون»، وعلى بعد خطوات كان مشهد ربما يلفت أنظار المترددين للمرة الأولى على المستشفيات الخيرية الملحقة بالكنائس، حيث جمعت كراسى الاستراحة، التى توسطت مبنى المستشفى، أعداداً كبيرة من المرضى يتوسطهم عدد ليس قليلاً من المسلمين، تعوّد أغلبهم منذ أعوام طويلة مضت على التردد على مثل هذه الأنواع من المستشفيات.
«الخدمة اللى بتتقدم هنا ممتازة جداً فى كل حاجة سواء فى الكشف أو فى التحاليل أو الأشعات»، تقولها «نادية صالح» المرأة الخمسينية التى جاءت إلى مستشفى العذراء قاصدة عيادة المسالك البولية بصحبة ابنتها صاحبة الواحد والعشرين عاماً التى تتردد على المستشفى منذ أن كانت فى سن الثالثة، مضيفة: «إحنا متعودين من زمان جداً إننا نكشف هنا لو تعبنا، وبنتى دى بكشف عليها هنا من وهى طفلة». وأمام عيادة العظام جلست «أم عمر» مرتدية نقابها الأسود وبجوارها زوجة شقيقها الثلاثينية «هبة سامى»، فى يوم لم يكن الأول لهما داخل مستشفى العذراء، حيث يترددان عليها منذ شهر مضى لمتابعة إجراءات عملية جراحية يفترض أن تجريها «هبة» فى ركبتها.
داخل عيادة الأطفال وقفت «مروة» تهدهد رضيعتها لإسكاتها قبل أن تقول: «أنا هنا بلاقى كل حاجة بحتاجها وبكون مرتاحة نفسياً ومتطمنة على بنتى»
تقول «هبة»: «أنا جيت الشهر اللى فات أكشف هنا عند دكتور العظام عشان ركبتى وجعانى وطلب منى أشعة، وبعد كده قال لى إن ركبتى محتاجة عملية، وجاية النهارده عشان أحدد ميعاد العملية خلاص»، ورغم بعد المسافات التى تقطعها «هبة» وشقيقة زوجها من مدينة العبور إلى مستشفى العذراء بالزيتون، إلا أنهما لا يفضلان مكاناً آخر، تضيف «هبة»: «أحلى حاجة فى المستشفى هنا إن كل حاجة ماشية بنظام وكل واحد بياخد حقه، ويمكن ده اللى خلانى سبت أكتر من مستشفى وأكتر من دكتور كشفت عندهم قبل كده وجيت أعمل العملية هنا». وتوضح «أم عمر» أن معرفتها بمستشفى العذراء كانت من خلال أصدقائها وجيرانها من المسلمين الذى شكروا لها فى المستشفى، تقول: «أنا قلت لزوجة أخويا نيجى نشوف الوضع أيه وفعلاً لقينا كلام الناس صح جداً، والمريض عادة بيكون أهم حاجة عنده إنه يخف من مرضه، فبالتالى ماتفرقش بقا أكشف فين المهم إنى أكون رايحة لدكتور كفء». وداخل عيادة الأطفال وقفت الثلاثينية «مروة مصطفى» تهدهد طفلتها الرضيعة بين يديها فى محاولة منها لإسكات بكائها المتواصل، تقول: «إحنا ساكنين هنا جنب المستشفى على طول، وكشفت هنا كتير جداً قبل كده، سواء كشفت لنفسى أو لأولادى الصغيرين»، موضحة أسباب تفضيلها مستشفى كنيسة العذراء رغم أنها مسلمة: «أنا هنا بلاقى كل حاجة بحتاجها وبكون مرتاحة نفسياً ومتطمنة على بنتى».
وعلى كراسى الاستراحة لعيادة الأنف والأذن، جلس الرجل الخمسينى «محمد عبدالمنعم» ينتظر دوره، موضحاً أنه يتردد على المستشفى منذ أعوام طويلة مضت، يقول: «أنا وأسرتى تقريباً عاملين أبونيه هنا من كتر ماحنا بنتعامل معاهم، وبقالنا أكتر من 7 سنين لو حد فينا تعب مابنروحش نكشف فى أى حتة تانية غير هنا».
ويحكى أحد حراس الأمن، فضل عدم ذكر اسمه، موقفاً من المواقف التى يعيشها مع المسلمين المترددين على المستشفى، قائلاً: «كان فيه ست منتقبة كبيرة جاية تكشف من كام يوم، وهى طالعة على السلم كانت هتقع وأنا قمت من على الكرسى بسرعة عشان ألحقها لدرجة إنى خبطت فى الدرابزين، وطبعاً لأنى عارف إن السيدات المسلمات ما بيسلموش على الرجالة خاصة المنتقبات منهم، وقفت قدامها محتار لحد ما هى اللى مدت إيديها ليا وسندتها لحد ما دخلت العيادة»، مضيفاً: «مفيش فرق عندنا بين مسلم ومسيحى، ومستشفى العذراء هنا شاملة كل الناس من غير أى تمييز».
ومن جانبه يقول الدكتور ناجى شلبى، مدير عام المستشفى، إن عيادات المستشفى تفتح أبوابها لكل الناس وليس لطائفة بعينها»، متابعاً: «شهرة المستشفى ليست مقتصرة على المناطق المحيطة بينا بس، لكن بيجيلها ناس من أماكن كتيرة جداً وبعيدة، ده غير الناس اللى بتيجى من محافظات تانية عشان تكشف».
فى شارع محمد الشيخ المتفرع من شارع معامل الألبان فى منطقة الخلفاوى بشبرا مصر، كان مبنى مستشفى مارمرقص الملحق بالكنيسة والمكون من طوابقه الستة على يسار الداخل، تحيط به البنايات من جوانبه الثلاثة، وفى واجهته بابان أحدهما صغير يأخذك إلى الطوابق العلوية، وآخر رئيسى مفتوح على باحة استقبال طويلة تعددت على جانبيها أبواب العيادات بين المفتوحة والمغلقة، واستقرت فى آخرها كراسى، يستريح عليها المرضى المترددون على المستشفى. «بقالى سنين أنا وأولادى بنكشف هنا فى مستشفى مارمرقص بالرغم إن فيه مستشفيات كتيرة موجودة جنبنا هنا فى المنطقة» تقولها «هناء عبدالله»، امرأة أربعينية جلست بجوار إحدى ممرضات المستشفى يتبادلان الحديث فى محاولة لإضاعة بعض الوقت فى انتظار طبيبها، تضيف قائلة: «بنتى لما جه ميعاد ولادتها صممت تولد فى مستشفى المحبة اللى فى أحمد حلمى وهى مستشفى مسيحية برضه». وفى جانب آخر للمستشفى جلست العشرينية «علا محمد» تنتظر حضور الطبيب المعالج بجوار والدتها السبعينية، تقول: «أنا جاية من المنوفية مخصوص عشان أكشف هنا، ورغم إن دى أول مرة آجى فيها مستشفى مارمرقص بس أنا على طول بتعامل مع المستشفيات المسيحية عادى جداً، ودايماً بكشف فى مستشفى سانت تريزا».
وتضيف «علا»: «أغلب الدكاترة اللى موجودين فى مستشفيات الكنائس بيكونوا أفضل بكتير جداً من الدكاترة اللى بره، وأنا عن نفسى كشفت عند ناس كتير جداً فى مستشفيات تانية حكومية وعيادات خاصة ومجابوش معايا أى نتيجة».