إقبال على المتحف المصرى.. وبائع فى «القلعة»: «أول مرة نشوف الأعداد دى من 5 سنين»
عدد من السياح خلال زيارة المتحف المصرى
استقبل المتحف المصرى بالتحرير أعداداً كبيرة من السياح العرب والأجانب فى آخر أيام العام الماضى بنسبة زيادة ملحوظة، وشهدت بوابة المتحف الخارجية بوسط مدينة القاهرة تشديدات أمنية مكثفة، وقام أفراد الشرطة بتفتيش السائحين ذاتياً بعد مرورهم من البوابة الإلكترونية الأولى، فى الوقت الذى كان يجرى فيه تفتيش الأوتوبيسات السياحية من الخارج عن طريق الكلاب البوليسية، فيما شهدت بوابة المتحف الرئيسية زحاماً على الدخول من قِبل السائحين الصينيين والهنود وبعض الأوروبيين.
ومع دقات الواحدة ظهراً شهد البهو الرئيسى للمتحف بالطابق الأرضى حضوراً كثيفاً من الأفواج السياحية من الصين والهند، والتف كل فوج مكون من 10 سائحين أو أكثر حول مرشده السياحى المصرى، واستمع السائحون الهنود إلى شرح أحد المرشدين الشبان عبر سماعات موحدة متصلة بميكروفون لا سلكى.
محمد سعيد، 50 سنة، مرشد سياحى كان يشرح لوفد صينى القطع الأثرية التى عثر عليها بمقبرة الملك توت عنخ آمون، وخاصة الأسلحة التى كان يستخدمها الملك الشاب والكرسى الخشبى والمرصع بالذهب، وأحد التماثيل الخشبية التى تمت سرقتها يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، والذى تم إعادته بعد فقدان بعض الأجزاء الذهبية منه، حيث تم وضعه فى المكان المخصص له بعد إعادة ترميمه، كان يتحدث المرشد الخمسينى بلغة جسد واثقة ممزوجة بالفخر من عظمة إرث الأجداد، يقول «سعيد»: «لا نستطيع أن نقول إن السياحة قد عادت إلى سابق عهدها قبل ثورة 25 يناير، لكن عندما نقارن وضع السياحة الآن بالسنة الماضية، فإننا نلمس وجود زيادة ملحوظة نسبياً فى أعداد السياح الوافدين إلى المتحف المصرى».
ويضيف «سعيد»: «أعتقد أن الزيادة الملحوظة فى أعداد السياح منذ أسبوع طبيعية أو أكثر من الطبيعية قليلاً، والمتحف المصرى ليس مقياساً لرصد زيادة الأعداد، لأن معظم السياح الموجودين فى مصر حالياً يتجمعون هنا بعد زيارتهم لمنطقة الأهرامات والقلعة وباقى المناطق الأثرية الأخرى»، وتابع: «الشىء الجدير بالذكر والمتابعة هو زيادة أعداد السائحين الصينيين فى الشهور الأخيرة بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الصين، وتوقيع بروتوكول تعاون فى مجال السياحة، بالإضافة إلى زيادة الوفود الهندية مؤخراً».
وأمام بوابة قلعة صلاح الدين بالمقطم، اصطف عشرات السائحين فى مجموعات إلى جوار بعضهم بعضاً، وآخرون وقفوا صفاً أمام «موظف الأمن» الذى يقوم بتفتيش الحقائب، قبل أن يدخلوا إلى «قلعة الجبل». «عيد الميلاد السنة دى مختلف وبقالنا 4 أو 5 أيام شايفين سياح بدأت تيجى تزور المكان تانى» كلمات قالها عمر سيد، الشاب الثلاثينى، صاحب محل مشروبات وأطعمة داخل القلعة، معبراً بها عن فرحته بما يراه أمامه من أعداد سائحين لم يرَها منذ أعوام، ليكمل حديثة قائلاً: «همّا أكيد عددهم قليل مقارنة بأيام زمان، بس دى تعتبر أول سنة من فترة كبيرة نشوف فيها أعداد السياح دى فى رأس السنة».
يعمل «عمر» فى محله داخل قلعة صلاح الدين منذ أكثر من عشرين عاماً، ليشير إلى اعتماد عملهم كبائعين بشكل كامل على السائحين الأجانب والعرب الذين لم يتوافدوا بأعداد تذكر خلال الأعوام الخمسة الماضية، وفق حديثه، مضيفاً: «إحنا زمان كنا متعودين إن أيام أعياد الميلاد بتكون من المواسم اللى بيزوروا فيها القلعة سياح كتير، لكن للأسف بقالنا فترة كبيرة بنعانى بسبب قلة السياح بشكل كبير جداً».
وداخل مسجد محمد على، جلس المرشد السياحى وائل على، وسط حلقة دائرية لفوجه السياحى التايلاندى، الذى وصل إلى مصر منذ يومين فقط، يشرح لهم المعالم الأثرية والتاريخية للمسجد، مشيراً إلى تاريخ قلعة صلاح الدين كواحد من أهم المزارات السياحية فى القاهرة.
ويقول «وائل»: «عيد الميلاد من أهم مواسم السياحة عندنا فى مصر، وده مفروض بيبدأ معانا من آخر شهر أكتوبر لحد شهر أبريل، وأعلى معدلات الزيارة فيه بتكون فى شهر نوفمبر وديسمبر»، مضيفاً: «أنا شغال مرشد إنجليزى وإندونيسى واشتغلت من خلال اللغتين دول مع جنسيات كتيرة جداً، بس طبعا بقالنا فترة كبيرة جداً السائح الأوروبى مش موجود، أو موجود بأعداد قليلة، والأغلبية دلوقتى للسياحة الآسيوية».
وفى جانب آخر من جوانب المتحف الحربى للقلعة، وقف محمد شحاته، الشاب العشرينى أمريكى الجنسية من أصل مصرى، جاء فى زيارته الأولى لمصر منذ 5 أعوام مضت على آخر زيارة له ليشير إلى اختلاف الوضع حالياً عما كان سابقاً، معبراً عن ذلك بلغته العربية الضعيفة قائلاً: «الناس قلّت شوية عن الأول، وحتى البياعين المصريين بقوا فى عنف فى تعاملهم معانا أكتر من زمان بسبب قلة البيع»، موضحاً أن سبب اهتمامه بقلعة صلاح الدين وغيرها من الأماكن الأثرية المعمارية كان نابعاً من طبيعة عمله فى الولايات المتحدة الأمريكية كمهندس معمارى «القلعة وغيرها من المبانى الأثرية بتكون مدهشة جداً بالنسبة لى».
ولم تجذب احتفالات رأس السنة السائحين الأجانب وحدهم إلى زيارة قلعة صلاح الدين، وإنما وجد المصريون كذلك بكثرة، بين عائلات جاءت بكامل أعدادها، وآخرين جاءوا بصحبة أصدقائهم لزيارة هذا المكان الذى لم يزوروه منذ سنين طويلة مضت.
محمود صلاح، يبلغ من العمر 23 عاماً، لم يزُر قلعة صلاح الدين منذ أن كان طفلاً فى الصف السادس الابتدائى، يؤكد أن ما رآه من توافد الزائرين على قلعة صلاح الدين كان على غير المتوقع منه لما كان يتردد على أسماعه من انهيار السياحة، يقول: «الفترة اللى فاتت كنت بسمع دايماً إن السياحة مضروبة فى البلد بس لما جيت النهارده لقيت الدنيا ماشية، حتى لو ما كانتش زى منا جيت من 10 سنين بس برضه المكان مش فاضى والسياح موجودين فى كل حتة».
ويضيف «محمود»: «بقالى فترة كبيرة عايز آجى تانى بس ظروف شغلى ما كانتش سامحة وأول ما عرفت آخد أجازة ما اترددتش، بس أكتر حاجة لفتت انتباهى قلة الجنسيات اللى موجودة، وشايف إن أغلب اللى موجودين سياح من دول شرق آسيا وروسيا، على العكس زمان لما زرت المكان كنت حاسس إن المكان فيه سياح من كل دول العالم».