«مصر والخليج»: توقعات بـ«شراكة» فى استراتيجية الرئيس الجديد وتراجع «الوعود المتشددة»
لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع دونالد ترامب
يتفق الكثير من الخبراء والمتابعين للشئون الأمريكية على أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط لن تتغير كثيراً برحيل «أوباما» ووصول «ترامب» إلى «المكتب البيضاوى»، نظراً لخضوع السياسة الأمريكية لمحددات وأسس ومبادئ ثابتة تحددها «المؤسسات» الأمريكية، إلا أن البعض يجادل بوجود سياسة جديدة للولايات المتحدة فى عهد «ترامب» نتيجة لفشل سياسات «أوباما» فى الإقليم، ونظراً لتوجهات «ترامب» المعلنة ضد إيران وتعويله على الاستقرار على حساب التحول الديمقراطى، فيما يرى البعض أن تغير سياسة الرئيس الأمريكى الخارجية ستنبع من عدم خبرته فى السياسة الخارجية، ما يتيح إطلاق يد المؤسسات لرسم السياسة وتنفيذها.
وأكد السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن أبرز توجهات الرئيس الأمريكى الجديد فى الشرق الأوسط ستعتمد على مراجعة علاقاته مع إيران، والدعم الكامل لإسرائيل، ومحاربة ما تطلق عليه الولايات المتحدة مسمى «الإسلام الراديكالى أو الجهادى» وتيار الإسلام السياسى بصورة عامة.
«هريدى»: «ترامب» سيعمل على تحجيم نفوذ طهران.. و«عبدالعاطى»: سيطالب «الخليج» بتحمل تكاليف حل الصراعات
وأوضح «هريدى»، لـ«الوطن»، أن تلك التوجهات ستكون المدخل الرئيسى لسياساته ومواقفه إزاء العديد من الأزمات التى يشهدها الإقليم، ومنها إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا، وأن تقبل الدول العربية الشروط الإسرائيلية والأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية. وفى سوريا، التى تلعب فيها روسيا الدور الأهم، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الرئيس الأمريكى سيتعاون مع موسكو، حيث سيضع أولويته هى محاربة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«فتح الشام» والمحسوبين على «القاعدة» وغيرهم، بالتعاون والتنسيق مع التدخل الروسى، مشيراً إلى أنه يتوقع عدم اهتمام «ترامب» كثيراً بالملف اليمنى.
وفيما يتعلق بالعلاقات المتوقعة بين «ترامب» وإيران، قال: «أرى أن الرئيس الأمريكى سيراجع سياسة الولايات المتحدة إزاء طهران بصورة ملموسة، حيث سيعمل على تحجيم نفوذ إيران، وسوف يتخذ مواقف متشددة تجاهها، فعندما نتحدث عن دعم كامل وأكيد من «ترامب» لإسرائيل، التى تعتبر إيران عدوها الأول، فإن إسرائيل تريد أيضاً إقامة تحالف مع دول المنطقة ضد إيران لكى تقف بوجه نفوذها وتدخلها فى المنطقة، وهنا الرئيس الأمريكى سيعمل على تدشين شراكة أمنية جديدة بين مصر والأردن ودول الخليج والولايات المتحدة لاحتواء التمدد الإيرانى، وهذه الشراكة الأمنية الجديدة فى المنطقة ليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية أو طريقة تسويتها».
وقال عمرو عبدالعاطى، الباحث المتخصص فى الشئون الأمريكية والمحرر المشارك بمجلة السياسة الدولية، إن السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، لن تختلف كثيراً عن السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، تجاه منطقة الشرق الأوسط، حيث ستستمر سياسة الانكفاء الأمريكى عن منطقة الشرق الأوسط، وتقليل الانخراط الأمريكى المباشر فى المنطقة؛ طالما أن التطورات فيها لا تشكل تهديداً مباشراً للمصالح الأمريكية هناك ولا لإسرائيل -الحليف الاستراتيجى للولايات المتحدة- ومع الامتناع الأمريكى عن التدخل العسكرى المباشر فى المنطقة فى وقت تتنامى فيه نفوذ التنظيمات الإرهابية والمسلحة فإن إدارة «ترامب» ستستمر فى التعاون الأمنى والعسكرى مع الدول العربية لمحاربة الإرهاب، والاعتماد على الحلفاء الرئيسيين بصورة رئيسية لمحاربته، وهذا سيكون محور عودة العلاقات الاستراتيجية الأمريكية - المصرية بعد سنوات من التوتر والتذبذب خلال إدارة الرئيس باراك أوباما. وأكد الباحث أنه فى ظل عدم رغبة الإدارة الأمريكية الجديدة فى تحمل تكلفة أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط فإنها ستطالب الدول العربية، وعلى رأسها الدول الخليجية، بتحمل التكلفة المالية لحل الصراعات والأزمات التى تموج بها المنطقة، وأن أمنها سيكون مسئولية دولها.
ولفت «عبدالعاطى» إلى أنه خلال إدارة الرئيس المنتخب «ترامب» سيغيب الحديث عن الضغط الأمريكى على الدول العربية لتبنى إجراءات على طريق الإصلاح السياسى واحترام حقوق الإنسان، حيث إنها لن تكون قضية ذات أولوية على أجندة الرئيس الأمريكى الجديد، الذى سيصاحبه إعادة التقارب مع دول عربية تأزمت العلاقات الأمريكية معها خلال سنوات حكم إدارة «أوباما» على خلفية ملف الإصلاح السياسى وحقوق الإنسان، والتأكيد على استمرار الأنظمة العربية والقيادات القوية التى تحكم طالما أنها قادرة على حفظ الاستقرار والأمن الداخلى.
وعلى عكس نهج التقارب مع إيران خلال إدارة «أوباما» فإن سياسات الإدارة الجديدة تجاه إيران ستتقارب مع وجهة النظر الإسرائيلية والخليجية التى ترى أن السياسات الإيرانية تمثل تهديداً لمنطقة الشرق الأوسط، وأنها بعد الاتفاق النووى تنامى دورها «المخرب» فى المنطقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال وكلائها المسلحين فى المنطقة، لا سيما حزب الله اللبنانى.
وقالت السفيرة هاجر الإسلامبولى، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن «ترامب» لن يكون ملزماً بتنفيذ كافة وعوده وتصريحاته خلال الحملة الانتخابية بعد وصوله للرئاسة، وعلى رأسها التصريحات المتشددة عن المسلمين والمهاجرين بشكل عام، متوقعة أنه لن تكون هناك تغيرات واسعة فى السياسة الخارجية الأمريكية نظراً لخضوعها لمحددات وأسس تحددها المؤسسات الأمريكية، وعلى رأسها الجهات السيادية ومجلسا الشيوخ والنواب، إلا أن ذلك لم يمنع «الإسلامبولى» من التأكيد أن الرئيس الأمريكى ستكون له سياسات جديدة تجاه الأزمة السورية، تسير فى اتجاه مزيد من تعزيز التعاون مع الجانب الروسى فى سوريا ووضع «مكافحة الإرهاب» على رأس أولويات السياسة الأمريكية الجديدة فى سوريا، لافتة إلى اعتقادها بأن العلاقات بين واشنطن ودول الخليج لن تتوتر فى عهد «ترامب»، بل ستكون هناك مجالات للتعاون فى مواجهة تمدد النفوذ الإيرانى.