«عشش محفوظ».. من خرابات إلى مساكن لوكس فى المنيا.. والأهالى: كنا فى قبور وطلعنا منها
«عشش محفوظ» بعد تطويرها
رحلة معاناة امتدت إلى أكثر من 25 سنة، هى عمر منطقة «عشش محفوظ» بالمنيا، تعايش سكانها مع الفقر والمرض، مفتقدين كل مظاهر الحياة الآدمية، كانوا ينامون وسط غرف صغيرة أشبه بالقبور، لا تدخلها الشمس ولا ترى النور، يقضون حاجتهم فى «صفائح»، بسبب طفح خزانات الصرف، الناموس والذباب ينهش أجسامهم ليلاً ونهاراً، الحر الشديد والبرد القارس يلفحان ظهورهم صيفاً وشتاءً.. أخيراً انتبهت الدولة إلى معاناة أهالى المنطقة، ومدت إليها يد التطوير، التى حوّلتها من «خرابات»، أو كما يسميها بعض الأهالى «قطعة من الجحيم»، إلى مساكن آدمية بتصميمات عصرية، وتشطيبات «لوكس»، ليبدأ الأهالى مرحلة جديدة من حياتهم، بعيداً عن مستنقع الجهل والتجاهل والنسيان.
«صبحى»: لن أنسى مراتى اللى سابت البيت من 10 سنين لتهرب بأولادى من الناموس والذباب
«الوطن» انتقلت إلى «عشش محفوظ»، لترصد التغيير الذى طرأ على المنطقة وسكانها، بعد تطويرها، وفى بداية حديثه طرح «نادى عبدالجليل»، أحد السكان المستفيدين، سؤالاً يتردّد على ألسنة الكثيرين من الأهالى فى المنطقة: «إحنا كنا فين؟»، وقال إن «الدولة بذلت مجهوداً كبيراً لتطوير المنطقة، وبالفعل نحن نشعر بأننا أصبحنا من ضمن البشر، ولسنا درجة أخيرة، فتطوير المنطقة ساعد فى نظافتها، ومنع التجاوزات التى كانت تحدث»، معرباً عن تقدير الأهالى للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استجاب لاستغاثاتهم، وجهود الحكومة على «ما قدمته لنا لانتشالنا من بؤرة الأمراض والجهل، وأعادت إلينا آدميتنا من جديد»، كما أعرب عن سعادته بالوحدة السكنية التى انتقل للإقامة فيها مع أسرته، قائلاً: «أشعر أنا وأبنائى بأمان، أستطيع أن أغلق باب الشقة وأنام وأنا سعيد دون قلق». وأضاف: «الحياة السابقة فى العشش كانت صعبة جداً، أما اليوم فنحن نسكن فى مكان آدمى».
وبابتسامة عريضة، روى «صبحى زكى»، 46 سنة، حال المنطقة قبل وبعد تطويرها، قائلاً: «كنا فى قبور وطلعنا منها، لن أنسى أبداً أن زوجتى تركت المنزل قبل 10 سنوات، لتُنقذ أطفالى الأربعة، من الذباب والناموس، الذى كان يطاردهم ليل نهار، والحر الشديد والبرد القارس ينهشان جلودهم صيفاً وشتاءً، العيشة هنا كانت مرة، ثلاث أسر كانت تعيش فى ثلاث غرف فقط، وفكرت أن أحرم أبنائى من التعليم، مقابل شراء سكن آدمى لهم، وفى عام 2010 قدّمت أوراقى بمجلس المدينة للحصول على شقه بمساكن الأسر الأولى بالرعاية، وبعد مرور شهرين اكتشفت أنها ضاعت، فتقدّمت بعدة شكاوى وتظلمات دون فائدة، حتى جاء الرئيس السيسى، وتم تطوير المنطقة».
«أبوالعلا»: كنا عايشين فى مأساة لـ25 سنة حتى جاء رئيس يحنو على الغلابة
أما «عبدالحكم أبوالعلا» فقال: «كنت أعيش فى منزل بالإيجار فى عزبة الخشابة، وبعد زلزال 1990 صدر قرار بإزالته، فوجدت نفسى فى مساكن عشش محفوظ، أعيش أنا وأسرتى المكونة من 6 أفراد، فى غرفة مساحتها 4 أمتار فى 4 أمتار، نشعر كأننا فى زنزانة، ونتحمل ما لا يخطر على قلب بشر، فالبرد والحر كانا يلفحان أطفالى، ومياه الصرف تطفح علينا، فلا فرق هنا بين الحيوان والإنسان، ولك أن تتخيل كيف ننام ونأكل ونشرب ويذاكر الأطفال فى هذا الجو وهذا المكان المزدحم، حتى إن خطوط الغاز الطبيعى تمر من أمام مساكن العشش، والمسئولون رفضوا توصيلها إلينا». وأضاف أن «هذه المعاناة استمرت لأكثر من 25 سنة، حتى جاء رئيس يحنو على الغلابة، وقرر تطوير المنطقة»، حسب وصفه.
كما أعربت «عطيات أحمد كفافى» عن سعادتها بتطوير المنطقة، وبدأت حديثها لـ«الوطن» بقولها: «يا رب جازى اللى طور منطقة العشش خير كبير لا ينقطع». وتابعت: «كنت أقيم هنا وأطفالى يفترشون الأرض، ويقضون حاجتهم فى الصفائح، وكان جميع المحافظين يهتمون بالمناطق الراقية، ويهدرون أموالنا فى تجميل الكورنيش والمتنزهات والأحياء التى يعيش فيها الكبار، ونحن كنا هنا نعيش فى قبور، وكأننا فى عِداد الأموات، وعندما نطلب الحصول على شقق فى مساكن الفقراء، نجد أنها من نصيب الأغنياء، والمياه الجوفية تطفو علينا فى الشتاء، والمنازل تكاد تتهدّم فوق رؤوسنا، وكنا نقوم بتخزين مياه الشرب فى الجراكن، والكهرباء تنقطع كثيراً، ولا أحد يشعر بنا أو يرحمنا، وفجأة تحقق الحلم بتطوير العشش، وإزالتها وبنائها من جديد».
وقال محمد طاهر، أحد العاملين فى التشطيبات بـ«عشش محفوظ»: إن العمل يبدأ فى الموقع مبكراً من الساعات الأولى من الصباح، مؤكداً أن هناك خطة للانتهاء من المشروع. وأضاف: «نحصل على أجورنا بشكل دائم ومنتظم، وتجمعنا روح الفريق والتكاتف من أجل الانتهاء من تسليم المشروع فى موعده، خصوصاً أننا نشعر بالفرحة التى دخلت نفوس الأهالى».