رضا: أنا «المنسى»
بين أقدام الناخبين يتجول باحثاً عن شىء معين، بوجه يملؤه الوجوم وقلة الحيلة والخجل يتلفت حوله، ويسأل نفسه هل هو لافت لانتباههم أم لا؟.. هو رضا (16 عاما) أحد خدام الناخبين المنسيين، يعمل يومياً للحصول على الرضا، يتوه وسط زحامهم، ويلتقط قمامتهم ليضعها فى كيس بلاستيكى، وعندما يزيد الحمل على كتفه يذهب إلى أقرب صندوق ويتخلص من القمامة الانتخابية.
شبشب مهترئ هو ما يحميه من سخونة الأرض التى يمهدها وينظفها تمهيداً لسير الناخبين عليها.. وفى ذلك الطابور الانتخابى يرى أطفالا أقل منه سناً ليتحدث لسان حاله: «أنا إيه بس اللى رمانى على الهم.. ليه ماتولدتش زى دول واتمتعت بطفولتى».
كان يتمنى أن ينتخب رئيس مصر القادم، ولكن لأنه دون السن القانونية عجز عن ذلك، فى الوقت الذى يؤكد فيه أنه لو سنحت له الفرصة للانتخاب فلن يعطى صوته لأحد سواء كان مرسى أو شفيق: «لأن الاتنين ماينفعوش».
«رونالدينهو.. ديكو».. نجما كرة القدم العالمية ارتديا قميص نادى برشلونة، وصنعا نجوميتهما من خلاله، «رضا» أيضا ارتدى القميص نفسه، ليس حبا فى النادى أو كرة القدم، ولكن لأنه ليس لديه سواه، يرتديه أثناء عمله وعند سفره كل أول شهر إلى المنيا لرؤية أهله.
«400 جنيه» هو المبلغ الذى يتقاضاه «رضا»، يوفر منها ما يستطيع ويحتفظ بالبقية لإرسالها لوالديه اللذين باعا كل ما يملكان حتى تلك الأرض التى كانت مصدر رزقهما وذلك بعد غلاء الأسعار و«وقف الحال».
«كان عادل إمام يقوم بدور موظف فى كشك القطارات يتحكم فى تحويلة السكك الحديدية وبدونه تتخبط القطارات» وذلك فى فيلم «المنسى».. «رضا» أيضا هو الشخص الذى يخدم المواطنين دون الظهور أو التلميع. وبين هدوء توافد الناخبين على إحدى اللجان الانتخابية بـ6 أكتوبر؛ يهرب «الشاب» بعيداً عن سور اللجنة يتكئ ويستريح، ليجد بعض الناخبين قد منوا عليه ببضع عملات: «ساعات كتير بافكر هو أنا شحات ولا زبال.. مابقتش عارف أنا شغال إيه».