«الوطن» تبحث عن المحصول فى أكبر محافظات زراعته: إنتاج «الدقهلية» من الأرز فى مخازن التجار وكبار المزارعين
زراعة الأرز
تعد «الدقهلية» أكبر محافظة فى إنتاج محصول الأرز، بسبب مساحتها الكبيرة التى تتوسط مدن ومحافظات الدلتا، وتشترك كل مراكز المحافظة، التى يبلغ عددها 19 مركزاً، فى إنتاج المحصول المهم فى فصل الصيف، وتساعد الترع الطويلة وفروع النيل فى رى الأراضى بالمياه طوال العام، بجانب خصوبة أراضيها الطينية بمعظم أنحاء المحافظة، وبلغ إجمالى المساحة المزروعة بالأرز العام الماضى نحو 400 ألف فدان، بما يعادل ربع المساحة المزروعة بالأرز على مستوى الجمهورية، وفقاً لنقيب الفلاحين بالدقهلية، ورغم زيادة المساحة المزروعة بالأرز عام 2016، مقارنة بعام 2015، بنحو 700 ألف فدان بمحافظات الدلتا، فإن هناك فجوة كبيرة بين قلة كميات الأرز المعروضة فى الأسواق، وزيادة الطلب عليه، حتى وصل سعر الكيلو إلى نحو 10 جنيهات للأرز «السايب» فى محلات العطارة، وأكثر من 12 جنيهاً لكيلو الأرز المعبأ والفاخر بالسلاسل التجارية الشهيرة. وللإجابة عن السؤال المهم: أين ذهب إنتاج مصر من محصول العام الماضى والمقدر بمئات الآلاف من أطنان الأرز؟ اختارت «الوطن» محافظة الدقهلية، أكبر محافظات مصر إنتاجاً للأرز، للبحث عن كميات الأرز الشعير الهائلة بها، التى لم يتم ضخها فى الأسواق حتى الآن، والتقت العديد من كبار وصغار المزارعين، وممثلى نقابة فلاحى الدقهلية بمختلف مراكز المحافظة، بجانب بعض تجار المحاصيل، للوقوف على سبب ارتفاع الأسعار، ولجوء الحكومة إلى الاستيراد من الخارج لسد الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب.
«الوطن» تبحث عن المحصول فى أكبر محافظات زراعته
يعتمد معظم الفلاحين بمحافظة الدقهلية على زراعة محاصيل رئيسية طوال العام وهى الأرز فى الصيف، ومن بعده القمح والبرسيم فى الشتاء، ويستطيع زائر المحافظة رؤية هذه المحاصيل بوضوح، بمجرد دخوله إلى المحافظة عبر طريق (بنها - المنصورة) وبالتحديد عند مركز ومدينة ميت غمر.
السيد محمد منصور، 67 سنة، مدير عام سابق بالتموين، يقيم فى قرية صهرجت الصغرى، مركز أجا، والواقعة على طريق (بنها - المنصورة)، حاصل على لقب «أحسن منتج قمح» فى عامى 2007، و2008، يقول «السيد» الذى يرتدى نظارة طبية وجلباباً فضفاضاً بنبرة مرتفعة مملوءة بالحماس «أستاجر 30 فداناً، بمناطق متنوعة، بإجمالى 120 ألف جنيه فى العام، زرعتها جميعاً بالأرز، وأنتج الفدان الواحد 3 أطنان، وإنتاج هذا العام أفضل من إنتاج العام الماضى، وقمت ببيع نصيبى البالغ 15 طناً بسعر 2020 جنيهاً للطن الواحد فى نهاية شهر سبتمبر فى صورة شعير أخضر، وبعت للأهالى الذين يشترونه بغرض الأكل، ورغم عرض التجار مبالغ أكثر، إلا أننى رفضت وقدمت الأهالى على التجار لأنى أعلم أن التجار يضاربون به حتى يرتفع سعره»، وأضاف «منصور» صاحب الملامح القمحية: «طول الوقت كنا بنشترى من تجار محافظة كفر الشيخ رز نكمل بيه موسمنا، لكن السنة دى هما اللى بييجوا يسألونا عن الرز، ولما سألناهم عن الموضوع ده، وقلنا لهم احنا كنا بناخد منكم الرز، قالوا الرز بتاعنا سافر، يعنى اتهرب، فيه كلام كتير بيتقال فى كفر الشيخ إن فيه كميات كبيرة من الرز اتهربت بره مصر من خلال مراكب الصيد واتنقلت للمراكب الكبيرة فى عرض البحر»، يوضح «منصور» أن مصر لا يوجد بها عجز فى محصول الأرز لأنه تمت زراعة 700 ألف فدان أرز زيادة على العام قبل الماضى، بالإضافة إلى تحسن إنتاج الأراضى الزراعية هذا العام، وزيادة إنتاجية الفدان 500 كيلو فى الفدان دفعة واحدة، وفى رأيى أن الفجوة الموجودة حالياً، التى تتسبب فى ارتفاع سعر الرز فى الأسواق سببها احتفاظ الكثير من الفلاحين والتجار بالأزر فى مخازنهم حتى الآن، لكن المزارعين يحتفظون بالجزء الأصغر فى بيوتهم انتظاراً لتحسن الأسعار وهؤلاء معظمهم من الميسورين وكبار الملاك، والجزء الأكبر تم تهريبه، وتخزينه عند التجار الكبار».
ومن مركز دكرنس يقول المزارع الأربعينى طه عبدالمحسن: «الفلاحين باعوا محصولهم بعد الحصاد فوراً، لأنهم كانوا مديونين وعاوزين يسددوا ديونهم، أنا زرعت 10 أفدنة، وكان متوسط إنتاج الفدان نحو 3٫5 طن وبعت 30 طن، بسعر 2000 جنيه فقط للطن الواحد من الأرض فى بداية موسم الحصاد، لو كنت انتظرت لحد ما أحمص المحصول كان وزنه هيقل 250 كيلو لكل طن، وأنا كده يعتبر بعته بسعر 2250 جنيه، لكن سعر الأرز حالياً نحو 4800 جنيه، ومع طلب التقاوى فى شهر أبريل المقبل هيوصل 7 آلاف جنيه».
نقيب فلاحى الدقهلية: «لو الحكومة شالت إيدها من ع الرز وقفلت الحدود الأسعار هتنزل لأن المعروض هيكون أكتر من الطلب»
موقف «طه عبدالمحسن» فى دكرنس متشابه جداً مع موقف عبدالسلام محمد جمعة، 71 سنة، الذى يقيم فى قرية ميت جراح، التابعة لمركز المنصورة، وتبعد عنها بنحو 24 كيلومتراً، ويمتلك فداناً ونصف الفدان فقط، قام «عبدالسلام» ببيع طنين من الأرز على فترتين مختلفتين، حيث باع الأول بسعر 2400 جنيه، بينما باع الثانى بسعر 3700 جنيه بعد شهر واحد من بيع الطن الأول، يقول «عبدالسلام» صاحب الملامح الريفية الأصيلة بنبرة واضحة ومتأنية: «بعت المحصول لتاجر فى قريتنا وهو باعه لتاجر أكبر بيخزن الرز فى أماكن واسعة وكبيرة، ده اللى بيوصل لنا من التجار دلوقتى، أُمال ودوا الكميات دى كلها فين، أنا بعت الرز عشان أصرف على بيتى والأرض ومقدرتش أستنى لحد ما يغلى عن 4000 جنيه، وطن الرز سعره الآن فى بلدنا 4800 جنيه بعد أن كان يباع بـ5 آلاف جنيه»، يحمل «عبدالسلام» الحكومة مسئولية ارتفاع سعر الأرز لأنها ترددت فى بداية الموسم فى تحديد سعر مناسب له، يقابل تكلفة الإنتاج المرتفعة، ما دفع الفلاحين إلى عدم توريد المحصول للحكومة، ورفع سعر الأسمدة مع باقى مستلزمات الإنتاج سيؤدى فى النهاية إلى زيادة تكلفة الإنتاج إلى أكثر من 3500 جنيه، ويقول: «المزارعون الصغار انتهوا من بيع كل ما لديهم من الأرز باستثناء مخزون طعامهم، أما المزارعون الكبار فإنهم يحتفظون بـ80% من محصولهم انتظاراً لارتفاع السعر، لذلك أطالب بتوريد الأرز للجمعيات الزراعية والشون الحكومية بداية من العام المقبل، مع رفع سعر التوريد لمنع تداول الأرز فى السوق السوداء».
نجيب محمدى البسطاويسى، 46 سنة، نقيب الفلاحين بمركز السنبلاوين، يقول: «أزرع 3 أفدنة فقط، وقمت ببيع 7٫5 طن أرز بسعر 2400 جنيه، واشترى الكمية تاجر من السنبلاوين، ورد المحصول إلى تاجر أكبر منه، لأنه لا يحتفظ بكميات كبيرة فى مخازنه، بل يوردها إلى تاجر الجملة لأن علاقاته أوسع ويستطيع بسهولة بيع كميات كبيرة، وحل أزمة الأرز الحالية يكمن فى تفعيل بند الزراعة التعاقدية مع الفلاح أسوة بما يحدث مع مزارعى القصب والبنجر لحماية المزارع من جشع التجار وتلاعبهم به»، يضيف «البسطاويسى» «أن عدد الأفدنة التى زرعت بالأرز العام الماضى فى زمام المركز بلغت 25 ألف فدان، بإجمالى إنتاج 75 ألف طن أرز من مركز السنبلاوين فقط، والمتداول الآن فى المركز أن نحو 30% من المزارعين فقط يحتفظون بالأرز فى بيوتهم انتظاراً للبيع بسعر أفضل ومعظم هؤلاء من الملاك الكبار الذين لا يحتاجون ثمن المحصول».
«منصور»: مصر لا يوجد بها عجز والمساحة المزروعة زادت 700 ألف فدان.. والفجوة سببها التهريب والاحتكار.. و«عبدالسلام»: الحكومة السبب الرئيسى فى ارتفاع السعر لأنها ترددت فى تحديده من بداية الموسم.. و«مجاهد»: «فى بلقاس الناس اللى مسافرة بره بعتت فلوس لأهلها عشان يتاجروا فى الرز وأقل واحد اشترى 100 طن»
فى شمال محافظة الدقهلية لم يختلف الوضع كثيراً، عن جنوبها، حيث اشتكى المزارعون من البيع مبكراً بسعر منخفض للتجار، أحمد مجاهد ربيع، 70 سنة، يرتدى جلباباً فاتحاً مع عمامة بيضاء، تغطى وجهه نظارة طبية بنية اللون، يقول بنبرة مرتفعة «بازرع رز من سنة 1956، وبعت السنة دى 2٫5 طن رز، بسعر 2450 جنيه، لكن سعره الحالى فى بلقاس 4800 جنيه»، لا يبدى مجاهد أى انزعاج من ارتفاع سعر الأرز حالياً ويقول: «لو كنت أعرف إنه هيتباع بـ 5 آلاف جنيه، برضه كنت هبيع لأنى لو عملت كده يبقى اسمه احتكار، أنا ببيع كل سنة يوم الحصاد، واحتكار السلع بيدّخل جهنم، لكن للأسف فيه ناس كتير مش فاهمة كده، ولا بتفكر فى عقاب الآخرة وبيخافوا من مباحث التموين بس وبيعملوا ليهم ألف حساب»، يضيف الرجل السبعينى: «مركز بلقاس من أكبر مراكز الدقهلية إنتاجاً للأرز، بيتزرع فيه سنوياً 37 ألف فدان، إنتاجها الإجمالى نحو 111 ألف طن، إذا كان متوسط الإنتاج 3 أطنان فقط لكل فدان، موضحاً أن 85% من مزارعى الأرز فى بلقاس باعوا المحصول للتجار لسد ديونهم، لكن المزارعين الميسورين يحتفظون به للاستفادة من تقلبات الأسعار»، وأشار «مجاهد» إلى أن تجارة الأرز فى بلقاس أصبحت مربحة جداً بعد أن اقتحمها العديد من المواطنين الذين لم يسبق لهم العمل فى تجارة المحاصيل: «كل واحد معاه فلوس اشترى رز من الفلاحين وخزنه، والناس اللى مسافرة بره بعتت فلوس لأهلها عشان يتاجروا فى الرز عشان هما كان عندهم خلفية إن سعره هيعلى، وأقل واحد اشترى له السنة دى 100 طن وكسب فيه، لكن مع وجود كل هذا العدد الكبير من التجار الجدد يوجد 3 تجار كبار وقدامى ببلقاس، وهؤلاء اشتروا كل الكميات من التجار الصغار، لكن مباحث التموين تضيق الخناق عليهم الآن، والكمية التى يتم ضبطها يتم توريدها إلى مضارب الأزر الحكومية وعددها 2 فقط فى مركز بلقاس»، ويوضح مجاهد: «نقل كميات الأرز حالياً مسألة خطيرة جداً، لأن الكميات التى يتم كشفها من قبل مباحث التموين أو الشرطة تتم مصادرتها فوراً، بالإضافة إلى القبض على التجار بتهمة الاحتكار وهى عقوبتها الحبس لمدة 5 سنوات كحد أقصى، ويتم نقل الكميات عبر شاحنات صغيرة بشكل سرى من خلال طرق غير معروفة وبعيدة عن الأكمنة، خاصة بين المحافظات، وتجار مركز بلقاس الكبار يحتفظون بالأرز فى أماكن مهجورة ومخازن صغيرة ومحلات تجارية فارغة بدلاً من المستودعات الكبيرة، فيه شيخ بلد ومزارع فى بلقاس اتمسك وهو معاه 12 طن واتحبس وطلع بـ5 آلاف جنيه كفالة، وفى رأيى أن تضييق الخناق على التجار هيزود سعر الرز تانى، لكن لو رفعوا إيديهم عن التجار هيعرضوا الرز اللى عندهم، والسعر هينزل لكن التجار خايفة تنقل الرز من المخازن عشان ما يتصادرش ويتحبسوا».
عبداللطيف محمد، 70 سنة، أحد أكبر مزارعى الأرز بمركز نبروه، يتميز بخفة الظل وروح الدعابة، ويقيم بقرية طنيخ، جنوب مدينة نبروه على حدود محافظة الغربية، يقول: «زرعت هذا العام 8 أفدنة أرز بنظام المشاركة مع أحد الفلاحين، حيث يحصل كل منا على نصف الإنتاج، أشارك أنا بالأرض وهو بالمجهود والزراعة، وكان نصيبى 16 طناً، فى بداية موسم الحصاد بعت منها نحو 4 أطنان بسعر 2300 جنيه، عقب ذلك بعت الطن بـ3200 جنيه، وعندما علمت أن وزارة الزراعة حددت 6 محافظات فقط لزراعة الأرز قررت الاحتفاظ بالكمية المتبقية للزمن، لأننا فى الأرياف نعتمد بشكل رئيسى على الأرز فى الطعام، ومن الممكن أن نأكله فى 3 وجبات يومياً، والأرز موجود الآن لدى التجار والمزارعين، لكن الكميات التى يحتفظ بها التجار أكثر».
ويقول طه يحيى، 51 سنة، من مركز نبروه بالدقهلية: «زرعت 10 فدادين رز السنة اللى فاتت، ولسه محتفظ بالمحصول فى بيتى، لأنى اتعلمت من درس السنة اللى فاتت، خاصة لما الأسعار زادت بعد ما بعنا فى بداية الموسم، والفرق الكبير بين أسعار الحكومة وأسعار التجار شجع الناس تبيع للتجار، ده غير إن الحكومة بتأخر صرف الفلوس عكس التجار اللى بيدفعوا فورى للفلاحين»، يؤكد طه أن نحو 60% من المزارعين لا يزالون يحتفظون بالأرز فى مخازنهم الخاصة وبيوتهم: «آخر مرة اتعرض عليّا أبيع الرز بتاعى كان من يومين بسعر 4700 جنيه، وقبل كده اتعرض عليّا أبيعه بسعر 4900 جنيه لكنى رفضت، ولما سعر الرز نزل فيه مزارعين كتير بدأت تبيع عشان خايفين السعر ينزل أكتر من كده، لكنى أؤكد أن أكثر من 50% من مزارعى نبروه يحتفظون بالمحصول فى بيوتهم وبيحتفظوا بالشعير لأنهم لو بيضوه وخزنوه ممكن يبوظ بسهولة».
اتهامات الفلاحين المتكررة للتجار باحتكار الأرز فى مخازنهم نفاها السيد يحيى طه، 38 سنة، تاجر محاصيل بمركز نبروه، بالدقهلية «التجار الكبار أو الصغار لا يحتكرون الأرز الآن، وليس فى إمكانهم فعل ذلك بسبب حملات مباحث التموين الشديدة التى تفتش مخازنهم باستمرار، لكن الحكومة مسئولة مسئولية كاملة عن الأزمة الحالية، لأنها لم تستطع قراءة السوق بشكل جيد، وقدمت سعراً ضعيفاً لتوريد الأزر هذا العام إلى الشون الحكومية، وبالتالى رفض الفلاحون واختاروا السعر الأعلى الذى عرضه التجار، ومن ومصلحة المزارعين البيع بسعر أعلى لتعويض تكلفة الإنتاج المرتفعة».
تاجر أرز بنبروه: تجارتى انخفضت بنسبة 50% لأن الفلاحين يحتفظون بكميات كبيرة فى بيوتهم.. و«معن»: السعر العادل لطن الرز الآن 3500 جنيه حتى لا يزيد سعر الكيلو الأبيض على 6 جنيهات.. و«طه»: زرعت 10 فدادين رز ومحتفظ بكل إنتاجها لأنى اتعلمت الدرس من السنة اللى فاتت
يشير «السيد» إلى أن حجم تجارته فى محصول الأرز انخفض هذا العام بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضى، ويقول: «السنة اللى فاتت تاجرت فى 1000 طن رز، لكن السنة دى اشتريت وبعت نص الكمية دى»، موضحاً أن خط سير بيع الأرز يبدأ من المزارع وينتهى بالمستهلك، قبل أن يمر على فرد يسمى بالوسيط، وهذا الوسيط، ليس تاجراً لكنه شخص عادى من القرية، يوصل التاجر بالفلاح، يواصل السيد: «ثانى فرد فى منظومة تجارة الأرز هو تاجر التجزئة، مثلى أنا، ونحن نقوم بشراء الأرز من الفلاحين بقريتنا والقرى المجاورة، ونورده إلى تاجر أكبر، وهو الحلقة الرابعة فى سلسلة تجارة الأرز، وتاجر الأرز يورد الكمية التى اشتراها إلى المضارب الخاصة»، يضيف السيد: «كل الكميات اللى التجار أخدوها من الفلاحين اتبيضت ودخلت السوق، أُمال الناس بتاكل رز منين، بياكلوا من المحصول الجديد طبعاً، وفى رأيى أن 50% من المحصول موجود لحد دلوقتى عند الفلاحين ومش راضيين يبيعوه بعد ما اتعلموا الدرس من اللى حصل السنة اللى فاتت، لكن السنة دى الوضع مختلف لأن تجارة الرز خطيرة جداً، وفيه ناس كتير اتقبض عليها، وفيه ناس اتحكم عليها بـ5 سنين سجن بتهمة الاحتكار، ده غير إن مباحث التموين بتاخد الحمولات المصادرة وتوديها على المضارب الحكومية، يعنى شغل المضارب دى معتمد بشكل أساسى على الكميات المضبوطة»، ويتابع السيد: «طن أرز الشعير يخرج 630 كيلو رز أبيض، و370 مخلفات، وبالتالى فإن السعر العادل لكيلو الرز الأبيض هو 7 جنيهات، ويكون بـ8 جنيهات للرز عالى الجودة فى مختلف الأسواق، ويظل السعر ثابتاً للعام المقبل، ولست على علم بأخبار تهريب الرز من عدمه خارج المحافظة أو خارج مصر، لأن دورى ينتهى بتسليم المحصول لتاجر الجملة الأكبر منى».
معن نجيب حسن، 52 سنة، أحد أكبر تجار الأرز بالدقهلية، ومورد رئيسى إلى الكثير من محافظات الجمهورية، ويعمل فى تجارة المحاصيل منذ أكثر من 20 عاماً، يقول: «الرز كان متوفر السنة اللى فاتت، وما رفعش إلا قبل رمضان، لكن دلوقتى سعره عالى جداً بعد هجمات مباحث التموين على التجار، الناس مخزناه وخايفة تطلعه عشان ما تتمسكش بيه، ورغم إن وزارة التموين تعاقدت على أرز هندى بتخفيض الجمارك بنسبة 30%، لكن الأرز المستورد ليس بجودة الأرز المصرى، ولا يوجد إقبال عليه يذكر باستثناء حصص التموين»، يوضح تاجر الأرز: «السعر العادل للأرز حالياً الذى يرضى جميع الأطراف هو 3500 جنيه، وليس 5 آلاف كما يريد الفلاحون، لأن طن الأرز الشعير إذا كان ثمنه 3500 جنيه فيعنى هذا أن سعر طن الرز الأبيض سيكون 5000 جنيه، وبالتالى لن يزيد سعر الرز على 6 جنيهات، اليوم بلغ سعر طن الأرز الأبيض نحو 6800 جنيه، بعد أن كان يباع بسعر 7200 جنيه قبل أسبوع واحد، وسبب الانخفاض هو ضخ كميات كبيرة من الأرز الهندى فى الأسواق».
من جانبه يقول نسيم البلاسى، نقيب الفلاحين بالدقهلية: «للأسف لا توجد خريطة زراعية دقيقة فى مصر، ولا يوجد إحصاء دقيق للمحاصيل وكميات إنتاجها»، ويؤكد أن 50% من إجمالى محصول الأرز تم بيعه فى الأسواق منذ بداية موسم الحصاد، لكن يوجد 50% أخرى عند التجار والفلاحين، يستحوذ المزارعون على النصيب الأكبر، وتزرع الدقهلية 400 ألف فدان أرز، تمثل ربع المساحة الإجمالية المزروعة بالأرز فى مصر، ونستطيع أن نجزم أن هناك كميات كبيرة من الأرز تم تهريبها للخارج، ومصادرة الحكومة حالياً للكميات التى يتم نقلها بين التجار والأسواق تعمل على ارتفاع سعر الأرز». مضيفاً: «لو شالت الحكومة إيدها من ع الرز وقفلت الحدود الأسعار هتنزل لأن المعروض هيكون أكتر من الطلب».