«الوطن» ترصد معاناة الفلسطينيين العالقين فى معبر رفح
على هامش ما يحدث فى سيناء، تضررت عشرات الأسر الفلسطينيية، من إغلاق معبر رفح فى الاتجاهين أمام المسافرين، حيث أغلق الجنود فى المعبر حركة السير خلاله من وإلى مصر، تضامناً مع زملائهم المختطفين، ليعلق مئات الفلسطينيين على أراضى مصر، مضطرين للتراجع إلى مدينة العريش، للبقاء فى أحد فنادقها، أو لدى ذويهم ومعارفهم فى المدن السيناوية لحين إعادة فتح المعبر.
خالد أبومذكور، 40 سنة، علق مع ابنه ياسر المريض الذى كان معه فى رحلة علاجية بمصر، يقول: ابنى عمره 20 سنة، وكنت أصطحبه فى رحلة علاج من غزة لمعهد ناصر، والمشكلة أن ياسر عايش على الأكسجين ووزنه 250 كيلوجراماً، ما يزيد حالته الصحية سوءاً، وبعدما أتم علاجه فى القاهرة لمدة أسبوعين، حاولنا العبور إلى غزة عبر منفذ رفح وفوجئنا بأن المعبر مغلق.
بدأت المشكلات تتفاقم، عندما وصل خالد مع نجله الشاب العشرينى إلى معبر رفح. ويحكى: وصلنا إلى المعبر وقتها كانت الساعة الثامنة صباحاً، وظللنا هناك لمدة 11 ساعة حتى السابعة مساء، وأصيب ابنى هناك بوعكة صحية لعدم تحمله التعرض لشمس اليوم بالكامل، فضاق نفسه واضطررت للذهاب فى سيارة أجرة إلى العريش لعلاجه والإقامة هناك لحين إعادة فتح المعبر بين مصر وغزة.
المشكلة الأكبر فى حالة خالد أن معه مالاً قليلاً جداً كان يكفى ثمن رسوم عبور المنفذ فى رفح، ويعلق «لم أكن مستعداً كفاية لتدبير أموال للإقامة فى أحد الفنادق، ولم يكن معى كفاية من المال لعلاج ابنى لو حلت به أزمة صحية أو كان فى حاجة للانتقال إلى المستشفىى».
«الأسرة فى غزة قلقة جداً علىّ وعلى ابنى ياسر لأننا فى رحلة علاج منذ ما يقرب من الخمسين يوماً، منها أسبوعان فى مصر بمعهد ناصر، لذا فالاتصالات بيننا مفتوحة يومياً، للاطمئنان على أحوالنا وأحوال ياسر على وجه الخصوص، الذى يحتاج بشكل مستمر إلى علاج وعناية وجلسات أكسجين، لسوء حالته، ما دفعنى للتفكير فى أن أطلب عربة إسعاف، أحاول الدخول بها إلى غزة».
لا يقوى ياسر على الدخول إلى غزة مشياً، داخل الأنفاق لسوء حالته الصحية، وهذا ما يمنع والده من التفكير فى دخول غزة عبر تلك الأنفاق، إضافة إلى أنه دخل مصر بشكل رسمى، أى إنه من الصعوبة أن يخرج منها بشكل غير رسمى، لأنه فى تلك الحالة كما يقول لن يُسمح له بدخول الأراضى المصرية ثانية، عبر المعابر، لأنه لم يسجل خروجه فى السجلات المصرية.
الابن المريض، يتحرك بصعوبة لخطوات ثم يلجأ للاستراحة على أى متكأ أو مقعد، ويصرخ بين الحين والآخر ألماً «هُمّا خاطفينهم يابا إحنا إيش دخلنا»، موجهاً كلامه لأبيه «يابا ودينى المستشفى».
جميل محمود الصالحى، 55 سنة، تعطلت أعماله جزئياً فى شركتى المقاولات، اللتين يمتلكهما فى الإمارات وغزة لكونه أحد العالقين بسيناء، جراء إغلاق المعبر من الجانبين؛ يقول: وصلت إلى مطار القاهرة من أبوظبى، فى تمام السادسة مساء، ثم انتقلت إلى سيناء ووصلت العريش 11 مساءً، وكنت عازماً على المبيت فى أحد فنادق العريش تلك الليلة، على أن أتوجه إلى المعبر صباح اليوم التالى للسفر إلى غزة، لكنى فوجئت بأن الجنود عند المعبر قرروا إغلاقه تضامناً مع زملائهم المختطفين.
ويضيف: أتصل بأسرتى عبر الهاتف يومياً، وأباشر أعمالى مع ولدىّ المهندسين اللذين يديران شركة غزة، ومع أخى الذى يدير شركة الإمارات، وكل ما هنالك أن شعور الملل تملّك منى، لعدم وجود معارف لى فى العريش، يمكننى زيارتهم أو قضاء الوقت معهم، فيما أبقى مع مجموعة من الفلسطينيين العالقين مثلى، وأحياناً ننزل إلى سوق العريش، ونتابع الأخبار أملاً فى مطالعة خبر عن حل الأزمة وعودة الجنود وإعادة فتح المعابر.
المحاسب محمد شوقى أبوندا، الذى يعمل لدى وزارة المالية القطرية، لم يزر غزة، مسقط رأسه، منذ خمس سنوات، قبل أن يحصل على إجازة عائلية فى غزة، ترك خلالها زوجته وطفليه لدى أهلها، ثم عاد قبل 20 يوماً إلى قطر، على أن يعود إلى غزة، لعشرة أيام ليصطحب زوجته وولديه عائداً إلى قطر، يقول: «عند عودتى إلى غزة وجدت المعبر مغلقاً، فقررت الانتظار بالعريش لحين فتح المعبر». وبضيق شديد يضيف: «راح من إجازتى ثلاثة أيام إلى الآن وبقيت سبعة، ويا عالم متى سيتم فتح المعبر مرة ثانية». لم تنقطع عنه اتصالات عائلته القلقة عليه من الأوضاع، خصوصاً فى حالة قيام عمليات عسكرية فى سيناء أثناء وجوده بها، «طبعاً قلق الأسرة قائم فى حالة لو حدث أن قام الجيش بعملية عسكرية لتخليص الجنود المصريين من أيدى مختطفيهم، لكننى مضطر للبقاء فى سيناء، فالمشكلة أننا من الصعوبة بمكان أن أغادرها عائداً إلى قطر دون طفلىّ وزوجتى، لكن لو اضطرتنى الظروف وانتهت الإجازة، التى بقى منها سبعة أيام فقط، وأنا فى العريش فسأضطر للعودة إلى قطر على أن أعود حين تنتهى الأمور».