الدراما تكشف أسرار الحب فى «غرف الدردشة».. من «الكابوس» إلى «اختيار إجبارى»
صورة دعائية لمسلسل «اختيار إجبارى»
وقفت ترتدى فستانها اللامع وتتحسس قناعها الذى يخفى نصف وجهها، يقف العالم عند أعتاب قدميها قبل أن يقترب هو منها ويلامس يديها ويبدأ معها «رقصة الحياة»، لكن الحياة هى التى تدور حولهما هذه المرة على أنغام الأوركسترا فى أجواء تليق برونق الأبيض والأسود، مشهد خالد من فيلم «نهر الحب» تعكس من خلاله السينما شكل العلاقات العاطفية فى تلك الفترة الزمنية، وهو ما نجحت الدراما سواء التليفزيونية أو السينمائية فى التعبير عنه على مر عقود طويلة باعتبارها مرآة المجتمع، لكن مع بداية الألفية الجديدة وانتشار مستخدمى شبكة الإنترنت وهيمنة مواقع التواصل الاجتماعى دخلت العلاقات الإنسانية والعاطفية منحى جديداً وهو ما عبرت عنه أيضاً الدراما بأكثر من صورة.
علاقات أبطالها شركاء افتراضيون تحول فيها الحب إلى كلمات مطبوعة ومنمقة، بينما سيطرت أصوات إشعارات تلك التطبيقات لتلغى التواصل الإنسانى اللحظى الذى يليق بتلك المشاعر، حيث كان فيلم «بنتين من مصر» للمخرج محمد أمين إنتاج عام 2010، أول الأعمال السينمائية التى تطرقت إلى العلاقات عبر الإنترنت، من خلال علاقة الصداقة التى جمعت صبا مبارك وأحمد وفيق وسيطرت عليها الصراحة دون خطوط حمراء، لأنهما لا يعرفان بعضهما على أرض الواقع.
التطرق لهذ الموضوع شمل مجموعة من الأفلام الكوميدية والرومانسية، من بينها «بشترى راجل» بطولة نيللى كريم، و«بنات العم»، «إذاعة حب»، بالإضافة إلى فيلم «شكة دبوس» للمخرج أحمد عبدالله صالح، الذى تطرق إلى دور التكنولوجيا الحديثة فى تدمير العلاقات على أرض الواقع، بينما يستعرض مسلسل «اختيار إجبارى» للمخرج مجدى السميرى التأثير المفزع لتكنولوجيا التواصل الاجتماعى على أدق تفاصيل الحياة اجتماعياً وإنسانياً وسياسياً وحتى أخلاقياً وتربوياً.
وحظيت الدراما التليفزيونية بمعالجات متعددة لتلك الفكرة، منها مسلسل «عايزة أتجوز»، بالإضافة إلى «الكابوس» للمخرج إسلام خيرى، وهو ما ألقت المؤلفة هالة الزغندى الضوء عليه من خلال الفتى «منعم» الذى يعانى من إعاقة فى يده تفقده الثقة فى نفسه ما يدفعه للتعرف على فتاة عبر أحد مواقع التواصل لكنها تتركه بمجرد أن ترى إعاقة يده قبل أن يراها، وترى «هالة» ضرورة تناول تلك الأحداث فى الأعمال الدرامية باعتبارها جزءاً أصيلاً من الواقع الحالى بخلاف ما تم تقديمه من قبل فى أعمال تناولته بشكل سطحى، مؤكدة أنه فى المجمل لم تقدم الدراما التليفزيونية أو السينمائية هذا الموضوع بشكل كاف فما زال ينقصه شىء: «الجيل الأكبر الذى لم يتعامل مع الإنترنت بشكل مباشر، ولذا قدم هذا العالم بشكل غير حقيقى اعتماداً على السمع دون تجربة، أما جيل المؤلفين والمخرجين الشباب فهم أدرى بمناقشة هذه الموضوعات باعتبارها واقعاً يومياً يتعاملون معه باستمرار».
وعلى العكس كانت هوليوود أكثر انفتاحاً فى التعامل مع العلاقات عبر الإنترنت منذ فترة طويلة، وهو ما أشارت إليه الناقدة ماجدة خيرالله، معتبرة أن صناع السينما الغربية لديهم خيال أوسع فى التعامل مع هذا التطور الكبير فى شكل العلاقات الإنسانية منذ سنوات مضت، بينما ما زالت تحاول الدراما المصرية أن تلقى الضوء على هذا الواقع بالشكل الذى يلامس الظروف الاجتماعية السائدة: «العلاقات عبر الإنترنت لها أبعاد أخرى بخلاف العلاقات العاطفية، منها الصداقة والترابط الإنسانى، وبالرغم من أن مستخدميها يلجأون إلى أسماء مستعارة إلا أنهم يعبرون عن أنفسهم دون أقنعة يضطرون إلى ارتدائها فى الواقع، لذلك يجب أن يلتفت الكُتاب إلى كل تلك الأشكال من العلاقات».
فى عام 1998 عندما قدمت السينما المصرية علاقات الحب فى «اضحك الصورة تطلع حلوة» و«مبروك وبلبل»، قدم النجمان توم هانكس وميج رايان أول الأفلام التى تطرقت للعلاقات الافتراضية فى عمل بعنوان «You›ve Got Mail»، عندما تبدأ «كاثرين» فى تبادل الحديث عبر الإنترنت مع أحد الأشخاص لم تره أو تعرفه من قبل، ليتضح لها فى النهاية أنها وقعت فى حب ألد أعدائها فى الواقع، بينما جاء فيلم «Her» بمعالجة قد تكون خيالية لكنها ربما تصبح واقعية فى وقت ما مع تطور استخدام مواقع التواصل والتطبيقات، وذلك عندما يقع الرجل المطلق حديثاً «ثيودور» فى حب صوت نظام التشغيل أحد البرامج التى تحاكى البشر فى انفعالاتهم وأحاديثهم، قبل أن يكتشف أنه وقع فى حب شىء غير حقيقى بالمرة.