وفد كارتر: تدخل "العسكري" في صياغة الدستور غير جائز..لأنه هيئة غير منتخبة
انتقد وفد مركز كارتر إجراءات جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية في مصر وما صاحبها من قرارات، ووصفها بالمثيرة للقلق، فيما يتعلق بمسار المرحلة الانتقالية بشكل عام.
وقال الوفد في بيانه التمهيدي لمتابعة الانتخابات الرئاسية، والتي تلقت "الوطن" نسخة منه: "اتسمت الأسابيع السابقة على الانتخابات بحالة من عدم الوضوح السياسي والدستوري، فالتوقعات الخاصة بقرارات المحكمة الدستورية العليا بشأن قانون العزل السياسي ودستورية البرلمان المنتخب بطريقة ديمقراطية جعلت الناخبين المصرين على غير يقين مما إذا كان المرشحان أحمد شفيق ومحمد مرسي سيتنافسان في جولة الإعادة على الإطلاق، وبعد ذلك، ألقى إعلان المحكمة الدستورية، بحل مجلس الشعب مزيدا من الشكوك حول دور وقيمة هذه الانتخابات الرئاسية في العملية الانتقالية الجارية.
وأضاف البيان "إنه دون توافق سياسي فيما يخص الخطوات التالية لصياغة دستور جديد، أجبر الناخبين على اختيار مرشح رئاسي دون أن يكون هناك وضوح فيما يتعلق بالدور الحقيقي للرئيس الجديد ومسؤولياته، في حين أن هذه كانت الحالة في الجولة الأولى للانتخابات".
وأوصى مركز كارتر بألا يتدخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، باعتباره هيئة عسكرية غير منتخبة، في عملية صياغة الدستور، ويجب أن تمنح الفرصة لجمعية تأسيسية ذات شرعية شعبية للمناقشة والحوار بشكل تام وكامل فيما يتعلق بمضمون الدستور ومستقبل مصر السياسي، وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة نقل السلطة التشريعية لبرلمان منتخب بطريقة ديمقراطية في أقرب وقت ممكن.
وأكد وفد مركز كارتر أن قيود لجنة الانتخابات الرئاسية إنما تخالف المبادئ الأساسية المطلوبة لمصداقية وفعالية متابعة الانتخابات، ولن يقوم مركز كارتر بمتابعة أي انتخابات في المستقبل في مثل هذه الظروف.
وأوصى الوفد بأنه ينبغي أن تكون قوائم الناخبين خاضعة للمراجعة العامة واتاحتها للحملات الانتخابية كوسيلة لتعزيز نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، ولقد أثار قرار لجنة الانتخابات الرئاسية بحجب قوائم الناخبين عن المرشحين وحملاتهم التكهنات والشكوك حول دقة هذه القوائم، وفي حين لم يكن بمقدور مركز كارتر متابعة عملية تسجيل الناخبين بسبب تأخر حصول المركز على الاعتماد اللازم لمتابعة الانتخابات، فقد أبلغت اللجنة مركز كارتر بأن القوائم قد تم حجبها عن المرشحين لأن قانون الانتخابات الرئاسية لا يتضمن نصا خاصا بمنح المرشحين الحق في الحصول على هذه القوائم، إلى جانب عدم الكشف عن خصوصية المواطنين.
وانتقد الوفد المادة 22 من الإعلان الدستوري تمنح لجنة الانتخابات الرئاسية سلطات غير مسبوقة، وإن طبيعة تعيين قضاة لجنة الانتخابات الرئاسية بحكم مناصبهم إنما تطمس الخطوط الفاصلة بين ولايتهم وولايات المحاكم الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك، فإن السلطات التي تتمتع بها اللجنة هي سلطات غير مسبوقة.
وأعرب مركز كارتر عن قلقه من ميل اللجنة لتفسير القانون من منظور ضيق، وأحيانا بما يخالف مبادئ الشفافية، وخاصة عندما لا يوجد نص في القانون عن حق المتابعين في الوصول إلى المراحل النهائية لعملية التجميع، وقدرة المرشحين على الوصول إلى قوائم الناخبين، قررت لجنة الانتخابات الرئاسية عدم منحهم هذه الحقوق، مما أدى إلى تقليل فرص بناء الثقة في العملية الانتخابية.
ولاحظ متابعو مركز كارتر تحسنا في الوصول إلى اللجان العامة، بالرغم من أن المتابعين المحليين مازالوا يواجهون عقبات في المتابعة الحقيقية هناك، ومع ذلك، ونظرا لعدم الوصول إلى التجميع النهائي للنتائج، فإنه من الضروري أن تنشر لجنة الانتخابات الرئاسية نتائج اللجان الفرعية، في أقرب وقت ممكن، على موقعها الإلكتروني. وقد التزمت لجنة الانتخابات الرئاسية، في مقابلات مع مركز كارتر، بالقيام بهذا في غضون أسبوع بعد الانتخابات.
وأشار الوفد أن العسكريون في اللجان، كان لديهم تخوف من متابعي مركز كارتر خلال الجولة الثانية، ويشمل هذا التخويف التدخل في عملية المتابعة، وتصوير المتابعين داخل لجان الاقتراع من قبل الجيش في عدة محافظات، وفي حالة واحدة على الأقل، شعر أحد المتابعين أنه كان مجبرا على تقديم تعليقات إيجابية على العملية الانتخابية من قبل أحد أفراد الجيش، واذا وضعت هذه الأمور في سياق الشك المتزايد تجاه الأجانب، والتقارير الإعلامية الخاطئة عن حبس متابعي المركز في مدينة بورسعيد، فإن حالات التخويف هذه إنما تشكك في مدى احترام السلطات المصرية لعمل المتابعين الدوليين.
وأكد الوفد أن الرسائل التي أطلقتها الحملات الانتخابية في الجولة الثانية من الاقتراع كانت سلبية بوجه عام، كما كان هناك حالات عنف متعلقة بالحملات، وأن كلا المرشحين قد ركز على الانتقاص من خصمه بدلا من التركيز على برنامجه. وبالإضافة إلى ذلك، وبينما أعطت الشرطة، والسلطات المختصة الأخرى، الفرصة لكلا المرشحين للقيام بحملاتهم بحرية، فقد ذكر المتابعون أن مندوبي حملة شفيق، في عدة محافظات، أعربوا عن بعض القلق فيما يخص سلامتهم الشخصية بسبب المشاعر القوية المعادية لشفيق، وحوادث العنف بما في ذلك إحراق مقر حملة شفيق في القاهرة، وأماكن أخرى.
وأكد الوفد أن إطار تمويل الحملات الانتخابية غير واقعي ويفتقر إلى التنظيم، ويضع قانون الانتخابات الرئاسية حدا للإنفاق على الحملات الانتخابية في الجولة الثانية.
وشعر مركز كارتر ببالغ القلق ليس فقط بسبب عدم وجود خريطة طريق واضحة للمرحلة الانتقالية، ولكن أيضا حول استمرار دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة غير المنتخب في حكومة البلاد، وقد ازدادت هذه المخاوف بسبب قرار وزير العدل الأخير والمثير للقلق والذي يمنح الجيش سلطات واسعة لاعتقال ومحاكمة المدنين بسبب مختلف الأنشطة الإجرامية المزعومة، ولكن الأكثر مدعاة للقلق من كل ذلك هو إصدار الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري من طرف واحد، بينما كان يجرى فرز وعد أصوات المصريين في الانتخابات الرئاسية، ويبدو أن هذا الإعلان الجديد إنما يكرس الدور المهيمن المستمر للمجلس العسكري داخل الحكومة المصرية، مع استيلاء المجلس العسكري لنفسه على سلطات إضافية واسعة إلى حين تتم الموافقة على الدستور الجديد، بما في ذلك ليس فقط السلطة التنفيذية بل التشريعية أيضا، بالإضافة إلى دور غير مناسب في عملية صياغة الدستور نفسها.
وطالب الوفد بأن ينبغي على القوانين الانتخابية في المستقبل أن تضمن وجود فرصة على الطعن أمام محكمة محايدة غير ذات علاقة بالقرارات التي اتخذتها أي هيئة مسؤولة عن إدارة الانتخابات.