وزير البيئة لـ«الوطن»: المعاناة الناتجة عن الإصلاح الاقتصادى لن تذهب سدى.. ونعمل ليكون بلدنا أفضل
الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة
أكد الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة، أن مهمة الوزير صعبة لأن عمله يتطلب الكفاءة واليقظة، وأنه يعمل تحت ضغط نفسى مستمر، وإذا نجح فى مهمته ينسب الفضل له ولفريقه، أما فى حالة فشله يتحمل المسئولية وحده، وطالب «فهمى» بأن يستمر الوزير «فترة معقولة» نستطيع أن نحاسبه بعدها، مؤكداً أن الفترة يجب ألا تكون «قصيرة قوى»، ولا «كبيرة قوى»، وأن فترة الثلاث سنوات جيدة لرؤية إنجاز على الأرض، وأضاف أن الدولة تقرر إجراء التعديل الوزارى فى حال «لو رأت خطأ جسيماً أو حياداً من الوزير عن الأهداف التى جرى تحديدها له»، وأشار إلى أن اتصالات الرئيس عبدالفتاح السيسى لم تنقطع بالوزراء منذ أن يتم تكليفهم بمهامهم، مؤكداً أن القيادة السياسية تدعم الحكومة لـ«اقتحام عش الدبابير» وحل مشاكل البلد.
«فهمى»: الوزير يحتاج 3 سنوات ليحقق إنجازاً.. والقيادة تدعمنا لاقتحام «عش الدبابير»
«الوطن» التقت «فهمى»، بعد ساعات من تجديد الثقة فيه، ليحدثنا عن «حياة الوزير»، وماذا تحقق فى عهده بوزارة البيئة، وما الذى سيعمل على تحقيقه خلال المرحلة المقبلة.
■ تم اختيارك وزيراً 5 مرات.. ومر عليك «التعديل الوزارى» أكثر من مرة.. كيف تعيش تلك الفترات؟
- طوال تاريخى المهنى لم أبق فى عمل لأكثر من سنتين أو ثلاث، فحينما كنت أذهب لمكان تكون هناك «حمية» للعمل، وبعد قليل تنتهى المشاكل، ولا يوجد تحدٍ أمامى فى هذا العمل، لذا كنت أنتقل من مشروع لآخر، حتى إننى توليت مسئولية 10 مشروعات فى جهاز شئون البيئة قبل أن أصبح وزيراً، ولم أكمل مشروعاً حتى نهايته، ولكن «لما الدنيا تبقى حلوة فى المشروع» أنتقل لتحدٍ جديد فى حياتى.
■ ذلك على المستوى الشخصى.. ماذا عن «الوزارى»؟
- الوزير فى زمننا هذا يعيش مشاكل، وتحديات جمة، وجسيمة، و«مابتخلصش للأسف»، ووقت التعديل الوزارى يخاف الوزير على «الغرس» الذى زرعه فى مهامه المكلف بها فى ظل سياسات الحكومة كفريق عمل، فلا يوجد وزير أو وزارة تعمل بمفردها كما يتصور البعض، ومن ثم يكون فى ذهن الوزير حالة قلق على «الثمار اللى لسه مطلعتش من الغرس اللى لسه عمله»، ليكون تساؤله: «ماذا سوف يحدث فيه؟!».
الدولة تتدخل فى الفريق الوزارى إذا وجدت خطأ جسيماً أو حياداً عن تكليفات القيادة السياسية.. و«السيسى» وجه لى تكليفاً ثم اتصل بعدها بيوم ليقول عملت إيه فى التكليفات اللى قلت عليها إمبارح
■ ماذا عن حالتك كوزير للبيئة؟
- بالتأكيد أتخوف ماذا سيحدث فيما بدأناه من عمل، وهل سيستمر وفقاً لما هو مخطط له، أم سيختلف التنفيذ، أم ماذا؛ فمثلاً فى مسألة التفتيش على المصانع، وتلويثها للبيئة، كانت تحرر «قضايا» سابقاً، ويذهب صاحب المصنع للقضاء ليدفع غرامة ألف جنيه أو يأخذ براءة، وتستمر أعماله الملوثة للبيئة، لكن حالياً اتبعنا نهجاً مختلفاً، أسفر عن توفيق أوضاع أكثر من 360 مصنعاً، بعدما كان يوفق 19 مصنعاً فقط؛ فـ«إحنا مبنعملش قضايا وخلاص ولكن بنشغل المصانع وبنحمى البيئة»، وفى ملف حماية نهر النيل من الصرف الصناعى المباشر «ناقص لنا حتة صغيرة فيه»، وفى ملف حرق «قش الأرز» أصبح لدينا رؤية، ونتجه للتصنيع منه، ومراحل أخرى، وملف «الفحم»، وغيرها، ومن ثم يظل فى ذهنك تساؤل: «اللى عملته هيفضل شغال زى ما إحنا مخططين له، ولا هيحصل إيه؟!».
■ يقول البعض إن الوزير حين يكون على رأس منظومة ثم يخرج منها ليعمل فى نفس المجال فإنه يستفيد.. هل تتفق مع هذا الرأى؟
- عن نفسى حينما رحلت عن الحكومة فى عهد الإخوان، أسست مكتباً استشارياً فى أعمال بيئية، و«المكتب ماشتغلش ومش هفتحه تانى»؛ فأنا فى الأساس أستاذ جامعة، و«تانى يوم هسيب الوزارة هروح أتسلم عملى فى الجامعة»، وسأعود باحثاً، ومدرباً للأجيال الجديدة، وسأعد كتباً، وأعمل كاستشارى، ولكنى لن أفتح مكتبى الخاص.
■ لماذا؟
- حينما خرجت من الوزارة فى المرة الأولى فى عهد الإخوان، لم يكن لى إنجازات كثيرة، وذلك لأنه لم يكن هناك وقت، أو فريق حكومى يساعدك على أنك «تشتغل»؛ فكان هناك عمل، ولكنه لم يكن مكتملاً، لكن فى تلك المرة فالوضع مختلف تماماً؛ فأنت تعمل فى ظل وجود «دولة»، ومع «ناس بتحب مصر»، ووجود دعم لك فى أى تحدٍ تواجهه سواء دعم القيادة السياسية أو الوزراء أو المحافظين؛ فـ«أنا وزمايلى بنشتغل كفريق عمل بنكمل بعض.. ودى تعليمات القيادة السياسية وبنفذها»، وهناك دعم لنا فى مواجهة أى تحدٍ؛ فحتى لو ستدخل «عش الدبابير»، تجد دعماً واضحاً من القيادة السياسية؛ فالأهم هو حل المشكلة التى تواجهها.
■ لكن لماذا لن تعود لعملك الخاص بعد ترك منصبك الوزارى؟
- لأنى التصقت بقطاع البيئة أكثر كوزير، وتلك العلاقة لن تسمح لى بفتح مكتبى مرة أخرى لأتعامل مع جهاز شئون البيئة، على نقيض المرة الأولى.
فى موسم التعديل تجد هجوماً من ناس ظاهرين ومن تحت لتحت.. وفيه ناس بيجروا على مجلس الوزراء
■ وما الذى اختلف؟
- وجدت دعماً سياسياً لتنفيذ قراراتى الحاسمة، وتلك القرارات «عمرها ماتعجب كل الناس»؛ فنحن نخلط ما بين «الموضوع»، و«الشخص».
■ تقصد أنها خلقت لك «أعداء»؟
- لا أريد أن أسميهم كذلك، ولكن أناس مختلفون معك، ومن ثم يصبح من الأفضل «مشتغلش فى الحتة دى لأنى ممكن أجلب لأى عميل ييجى يشتغل معايا ضرر أو مشكلة»؛ فالأفضل أن أعود لجامعتى بعد تلبية نداء الوطن وأعيش بقية حياتى مع عائلتى دون ضغوط نفسية شديدة كالتى يتعرض لها الوزير حالياً، فاستمرارى فى الوزارة «وسام على صدرى»، ولو لم أظل وزيراً سيكون لى الشرف أنى خدمت مصر فى المجال الذى أدعى أننى أفهم فيه.
■ لكن الوزارة «سلطة»؟
- وجدت فى أماكن عمل سابقة أعطتنى «برستيج»، ومكانة اجتماعية، ودخلاً جيداً، ولكن عليك أن تعى تماماً أن الوزير نعم يبقى له احترامه، ويكون له مكانة بفضل عمله الذى يتفانى فيه فقط، وليس بالسطوة أو القوة أو بالأدوات الجبرية «زى زمان»، ولكن حالياً العاملون معك، وزملاؤك، والمواطنون يحترمونك، يختلفون معك نعم، لكن يظل الاحترام موجوداً.
■ وهل تعدد «التعديلات الوزارية» عليك جعل الموقف ليس مستغرباً؟
- «أخدت عليها»؛ فالمرة السابقة تقدمت باستقالتى ثم سيرت الأعمال لـ18 يوماً؛ فأدائى لم يتغير، ولكنى اضطررت لعمل أشياء؛ فمثلاً كان هناك عدة مشروعات أستطيع أن أفتتحها، ولم أفعل ذلك قبل التعديل حتى لا أفهم خطأ، مثل مشروع لمصنع قمامة فى المنيا، أو تسليم معدات ضخمة للقمامة لعدة محافظات فى الفترة المقبلة؛ فأنت تُفهم غلط، حتى لو لم يكن ذلك قصدك؛ فلو كانت هناك نية من البعض لـ«لى» ما تقوله، سيفعلون ذلك؛ فركزت على ضروريات عملى، والقرارات التى يجب أن آخذها.
قدت حملة تفتيش ميدانية وفوجئت فور دخول مكتبى باتصال من الرئيس يقول لى: «موفق» قبل أن أخبره بها.. والرئيس يسألنا إيه مشاكلكم وخدتم قرارات إيه؟.. ثم نجد على مكاتبنا خطاباً رسمياً بتكليفات واضحة عما تحدثنا به معه
■ مثل ماذا؟
- مثل أن الوزارة أصبحت فجأة بـ«دون أعمدة»؛ فأعمدة الوزارة هى جهاز شئون البيئة، وجهاز تنظيم وإدارة المخلفات، ورئيس الجهاز جاءت له فرصة يعمل بها حالياً فى «البنك الدولى»، والثانى رئيسته كانت مريضة، فاعتذرت عن الجهاز، وعادت مساعدة لوزير الاستثمار، وهم «العماد الأساسى اللى بعتمد عليهم»؛ فمن ثم تحسبت لو رحلت لن أترك الوزارة «فاضية» للوزير المقبل؛ فأخذت قرارات تضمن استمرار العمل.
■ ولو كنت رحلت لم تكن لتتأثر بذلك؟
- «لو تأثرت ما بتأثرش بفقد المنصب»، فمنصب الوزير لم يعد عليه طلب، ولكن أنا فى المنصب وسأزاوله حتى يقال لى «متشكرين» وسأرد «أنا اللى متشكر»، ولو مرحلتش فى تلك المرحلة سأرحل فى التعديل المقبل أو الذى يليه وفقاً لما ترتأى القيادة السياسية؛ فمفيش وزير يظل كثيراً، ونحن عانينا من هذا فى العهد السابق، وأنا محظوظ أن أكون موجوداً لأكثر من عامين، و7 أشهر؛ فهناك إنجازات ملموسة على الأرض حالياً.
■ هل ترى أن تغيير الوزراء كل فترة قليلة يؤثر على العمل؟
- الفترات الصغيرة لا تستطيع أن تنجز بها، خاصةً لو جئت من خارج القطاع.
■ تقصد لو كان أستاذاً أكاديمياً؟
- لا؛ فأنا ممكن أن أكون أستاذاً أكاديمياً لكن أحتك بالقطاع، وأعمل به، ومن ثم سأكون «فاهم المطبخ كويس»، وأنا على سبيل المثال «قعدت هنا 30 سنة من عمرى من ثم يكون هناك مشكلة لو لم أعرف شيئاً»؛ فأنا لا أدعى أنى «أكتر واحد بيفهم»، لكنى كنت أعمل مع السادة الوزراء، ورؤساء جهاز شئون البيئة، فى مشروعات للتعاون الفنى، والمؤسسى.
■ وما الفائدة أن يأتى وزير من نفس القطاع وليس من خارجه؟
- أنت تحتاج لوزير سياسى «يدير»، فحين يأتى من نفس القطاع «هتنزل زى الطيارة وتجرى» لأنك ستكون متأهباً للعمل، ولن تستغرق فترة كبيرة مثل القادم من خارج القطاع حتى تبدأ فى فهم العمل المكلف به فى الحكومة.
■ وما الفترة المناسبة لعمل الوزير فى رأيك؟
- أن يستمر «فترة معقولة» تستطيع أن تحاسبه عليها؛ فأن يجلس على «كرسيه» بعد تحديد أهداف يحققها بجدول زمنى، ومن ثم تحاسبه بتلك الفترات بعد الموافقة عليها؛ فالفترة يجب ألا تكون «قصيرة قوى»، ولا «كبيرة قوى».
■ وكم الفترة فى رأيك؟
- القيادة السياسية، والبرلمان هو من يحكم فى ذلك، وليس أنا؛ فأنا لا أحكم على نفسى، ولكن يجب أن تكون فترة متوازنة، وأعتقد أن فترة الـ3 سنين طبيعية؛ فحين تخطط تتحدث عن خطط قصيرة من سنة أو اثنتين أو ثلاث، والخطط المتوسطة وطويلة المدى أكثر، ومن ثم فإن فترة الثلاث سنوات جيدة لرؤية إنجاز على الأرض، إلا لو رأيت خطأ جسيماً أو حياداً جسيماً من السيد الوزير عن الأهداف التى جرى تحديدها له، ومن ثم يجب التدخل فى تلك الحالة.
■ وما قائمة أهدافك؟ وما تحقق منها حتى الآن؟
- حينما جئت للوزارة كانت أول وزارة فى عهد الرئيس السيسى، وكانت حكومة المهندس إبراهيم محلب، وأتذكر جيداً حلف اليمين، والاجتماع الذى جرى مع الرئيس حينها، وفوجئت حينها أن السيد الرئيس يشدد على حماية نهر النيل، و«يبص على وزير البيئة ويقوله وزارة البيئة»، وكانت تلك أول مرة فى حياتى أرى أن وزارة البيئة ينظر إليها لحماية نهر النيل، لأن «الوزارة ماكانش ليها دعوة بيه، ولكن وزارة الرى»، وحينها السيد الرئيس كلفنى بذلك، ثم جاء لى تليفون على مكتبى فى تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً.
■ وما كان فحوى الاتصال؟
- رددت على التليفون، فقيل لى: «إحنا الرئاسة، وسيادة الرئيس هيكلمك»؛ فـ«حيانى سيادته، وقال لى يا سيادة الوزير عملت إيه فى التكليفات اللى قلتلك عليها إمبارح؟»، وكانت تلك رسالة لى بأنه «مفيش وقت، وأنا هتابعك».
■ وهل اتصالاته لا تزال مستمرة مثلما كانت؟
- بالطبع لا تزال مستمرة.
■ وهل كانت للمتابعة بعد تسليم تقارير أيضاً؟
- سأقول لك شيئاً لن تصدقه، شاركت فى حملة على شركات تصب على نهر النيل، وحينما عدت إلى مكتبى، فى وقت دخولى، وجدت اتصالاً من الرئيس يقول لى: «موفق».
■ ولكنك كنت أبلغته بها من قبل؟
- لم أكن قد تقدمت بتقريرى عنها لأى مسئول بالدولة، ولم يكن التقرير قد كُتب من الأساس؛ فالرئيس أراد أن يقول لى بكلمة واحدة: «أنا متابعك»، حين قال لى: «موفق»، وهو ما يجعلك كوزير تشعر بضغط، واهتمام معنوى، وتجتهد أكثر فى عملك.
■ ولم يكن هذا الاهتمام موجوداً فى عهد محمد مرسى حين كنت وزيراً؟
- بالطبع لا، فأنا سعيد بالعمل رغم قسوة الظروف لأن هناك دعماً لك على عكس ما حدث فى الحكومات السابقة، ومن ثم فأنا سعيد أنه جرى تجديد الثقة فى، ليس للمنصب، ولكن لأننى مدعوم من القيادة السياسية، وأنه يوجد أمامى وقت إضافى لأقدم شيئاً لبلدى فى المجال الذى أفهم فيه.
■ وهل ما زالت اتصالات الرئيس مثلما كانت سابقاً؟
- الاتصالات موجودة، ولكن أصبحت هناك مقابلات أكثر لمناقشة الموضوعات، والملفات الموكلة إلىَّ، وبالإضافة للاجتماعات الرسمية فى الرئاسة أو غيرها، كان لى الشرف أن أسافر مع الرئيس على طائرته الرئاسية 6 رحلات، منها 3 لأمريكا، وتجد الرئيس حينما يصعد إلى الطائرة «بيجيبنا كوزراء واحد واحد.. وتقعد ساعة أو ساعة ونص فى حوار مفتوح.. تأخذ منه توجهاً.. وتعرض المشاكل التى تواجهك فى عملك، والقرارات».
■ وماذا يحدث بعدها؟
- حينما تعود لمكتبك سواء أنا أو زملائى الوزراء تجد خطاباً مقبلاً من الرئاسة بتكليفات واضحة بفحوى ما تحدثت به مع الرئيس.
■ وما الاختلاف بين المكالمة الهاتفية من الرئيس واللقاء وجهاً لوجه؟
- فى التليفون تجد هناك «رسائل»، أما وجهاً لوجه فتجد هناك «نقاشاً».
■ ويحاسبك بالطبع عما كلفك به من قبل؟
- بالطبع، وأنا عن نفسى منذ صغرى معتاد على أن التكليف يعقبه محاسبة، سواء منذ أن كنت «ضابط شرطة»، وتلك الفترة لم تأخذ وقتاً طويلاً فى حياتى سوى نحو عامين، أو فى الجامعة أو وقت سفرى لألمانيا؛ لأتعلم أنى «قائد لكن القيادة الأعلى تحاسبنى»؛ فبالتأكيد هناك حساب، ولكن هناك «خلق العمل»، ونحن بالفعل تعلمنا كثيراً من الرئيس السيسى كوزراء.
■ مثل ماذا؟
- أولاً حين تجد قائدك يعرف تفاصيلك جيداً، دون حتى أن تبلغه عنها، وتجد أسئلة دقيقة، وفنية، ثم يتفانى بعمله، و«إزاى شايل الحمل»، وليس من الضرورى أن «نجلس فى فصل لنتعلم»، ولكن أى احتكاك يولد معرفة ودروساً يجب أن تستفيد بها، ومثلاً كل دقيقة تجلسها فى مجلس الوزراء تجد معلومة مهمة من زميلك، وأنا معروف من صغرى أنى لا أرحل من عملى قبل أن أنجز عملى، لكنى والله لم أعمل طوال عملى بتلك الكثافة تحت هذا الضغط النفسى؛ فالفترة بها عمل مضنٍ، وتحت ضغط نفسى، وهو مقياس مدى عملك، وكفاءتك؛ فتقييم القيادة أن تعمل تحت ضغط سواء وقت أو خلافه.
■ مثل ماذا؟
- أنك يجب أن تتابع كل شىء، و«الناس فاكرة إن الوزير بيقول ثم ينفذ»، ولكن الأنظمة الإدارية لدينا لا تعمل بالسرعة التى تحتاجها الفترة الزمنية التى نعيشها، لأنهم لم يدربوا ولا يأهلوا على ذلك، لأننا لم نستثمر فى التدريب «صح»، وحينما دربناهم كان «تدريب لمجرد التدريب»، وليس لأنهم يحتاجون، بالإضافة لدورات مستندية طويلة لا تجعلنا نصل للهدف بسرعة، والقوانين غامضة، ويمكن أن تُفسر «كده أو كده»، أو بأكثر من معنى بشكل دقيق، ولا يوجد حماية للموظف العام؛ فحين أريد أن آخذ قراراً يجب أن يكون جريئاً.
■ قبل التعديل الوزارى كثر الهجوم عليك.. وقيل إن هناك «شبهة فساد» لصالح مستثمر سعودى.. فما ردك؟
- فى «موسم التعديل»، تجد أناساً ظاهرين أو «من تحت لتحت»، ويبدأون يهاجمون الوزير، وأستعجب من أنه لو كان لديهم أدلة ووثائق لماذا لا يتقدمون للتحقيق؛ فمن الناحية القانونية هذا إخفاء أدلة، ومن ثم يصبحون شركاء فى الجريمة، والعجيب أننى أفتح ملف كل محمية، وجاء الدور على محمية «نبق»، وأريد أن أسرع بالتنفيذ لأننا سنستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى بجنوب سيناء، والمحمية بجنوب سيناء؛ فحين أفتح الملف أجد شركة لديها مزرعة «جمبرى» تنتهى فى عام 2017، وتجدهم خالفوا الضوابط، وباعوا الترخيص رغم أنه لا يجوز، وصدر لنا حكم بات ونهائى بإخلاء الشركة، سألت «اخليتوها»، قالوا: «لا»، فأرسلت الوضع للمستشار القانونى فرصد «شبهة مخالفات»؛ فحولت الملف للنيابة، وهل من المنطقى أن يخفى ذلك على أجهزة «الرقابة» رغم وجود دعم كامل من القيادة السياسية لكل جهود مكافحة الفساد.
■ لماذا استمررت كوزير للبيئة؟
- يجوز لأننى متسق مع فريق عملى، لأن الوزير لا يعمل بمفرده، ولكنه يعمل بالوزارة كلها، فلو حدث إنجاز يكون للوزارة كلها، ولو «حصل حاجة وحشة» أكون أنا السبب لأنى من فى يده سلطة تصحيح الخطأ، ولو لم أصلح «أبقى أنا الغلطان».
■ هل تحدثتم فى مجلس الوزراء عن التعديل الأخير؟
- نسمع عن وجود تعديل منذ نحو 3 أشهر، ولا نضيع وقتنا فى مثل هذا الكلام، لأنه لا يوجد لدينا وقت ليضيع من الأساس؛ فنحن مكلفون بأعمال، بتوقيتات زمنية، وعلينا إنجازها؛ فالحديث عن التعديلات الوزارية لا يجوز مناقشته بمجلس الوزراء.
■ وهل أثر عليك ذلك؟
- لا، لم يؤثر علىَّ كشخص، لكن أثر على «السيستم» نفسه؛ فالموظف المصرى يتمتع بذكاء حاد؛ فحينما يسمع أن وزيره «هيمشى»، يأتى له بالملفات اللى «عايز يمشيها»، ولكن ما يريد الوزير التعديل فيه يؤخرها، ولا تعرض، حتى يقول له الوزير «فين يا بنى الملف ده.. عملت فيه إيه»، وهذا أمر لا يحدث فى مصر فقط، ولكن فى كل العالم، فحينما عملت بمشروعات مع جهات دولية كنت أرى ذلك أيضاً.
■ ينظر لكم البعض على اعتبار أنكم «وزارة تجميلية»؛ فما ردك؟
- نحن وزارة لها دور مهم، ونعمل فى الحكومة كفريق عمل متكامل؛ فحين تنفذ الحكومة برنامجاً للإصلاح الاقتصادى، وهو برنامج به معاناة للجميع؛ فيجب ألا تذهب تلك المعاناة سدى، وأن نعمل لـ«نكون أحسن»؛ فوزارة البيئة تطوع، وتعيد تشكيل نظام التأثير البيئى لكى يتناسب مع قانون التراخيص الصناعية، والاستثمار.
■ لماذا؟
- لأنه من ضمن معوقات الاستثمار استصدار «الترخيص»، وحسب «البنك الدولى»؛ فإن هذا الأمر يستغرق سنين، وحين تأخذه يكون تصريحاً مؤقتاً تحتاج لتجديده وقتها، فنظام التراخيص الحالى «غير فعال»، ونسبة كبيرة من المنشآت غير مرخصة، ولديها تراخيص مؤقتة ما يهدد العمالة، والصناعة؛ فالموافقات البيئية تستغرق فترة.
■ وما الحل إذاً؟
- ستكون هناك مجموعة أعمال محددة بحيث تأخذ تصريحك بمجرد إخطارنا، وتأكدنا من الأوراق المتقدم بها فى وقت سريع، وجزء آخر يتطلب اشتراطات معينة، وسيكون هناك عمل على قدم وساق فى هذا، ما يوفر الوقت، ويسرع الموافقة البيئية على التراخيص، لأننا سنبدأ العمل من قبل أن تأتى دراسة الأثر البيئى إلينا من الأساس.