قنا.. سينما المحافظة تحولت إلى «خرابة».. و«أمل» أوقفت عروضها بسبب الثأر.. و«فريال وفاروق» أصبحت معرض ملابس
سينما ومسرح قنا
أنشئت دور العرض بمحافظة قنا فى ثلاثينات القرن الماضى، وازدهرت بعد ثورة يوليو حيث وصل عددها إلى 12 دار عرض فى مدن المحافظة، كان معظمها ملكاً للأهالى وشركاء مساهمين، وسميت على أسماء الملوك والفنانين والسينمات المشهورة فى كل من «القاهرة»، والإسكندرية، إلا أنها بدأت تنهار عقب حرب 73 وظهور الوسائل المتقدمة لعرض الأفلام مثل شرائط الفيديو، وتفاقم الخلافات الثأرية بين القبائل والعائلات، إضافة إلى عدم اهتمام الدولة بها، وظهور تجار البيزنس الذين حولها إلى عقارات ومعارض.
برج سكنى على أنقاض «النيل».. «وعبدالوهاب» مبنى خاوٍ.. ومطالب بإعادة بناء «سينما قنا» لاستقبال العروض الجديدة
سينما «فريال وفاروق» أنشئت فى ثلاثينات القرن الماضى على يد لوقا بسطا وإخوته، الذى كان يديرها فى بعض السنوات والد الفنانة فاتن حمامة، الذى كان وقتها يعمل معلماً فى مدرسة سيدى عمر، إلا أنها توقفت عن العرض فى فترة السبعينات وتم هدمها منذ عام وتحولت لمعرض كبير، بعد فشل محافظ قنا الأسبق، عادل لبيب، فى إقناع ملاكها بتجديدها وبناء أدوار علوية فوقها كمحلات.
أما سينما «أمل» فى مركز دشنا، التى أنشأها «فوكيه آر تى»، أحد أعيان مركز دشنا، عام 1960، فتوقفت فى السبعينات بسبب اشتباكات ثأرية داخل السينما بين طرفين، وقررت المحافظة حينها غلقها، لمنع الاشتباكات، وما زال مبناها موجوداً فى وسط مدينة دشنا، ولم يبعها ورثتها، إضافة إلى سينما مصنع السكر فى دشنا المتوقفة تماماً منذ التسعينات.
نفس الحال فى نجع حمادى، التى ضمت سينما ومسرح «النيل»، التى أنشأت عام 1960، وكان مرفقاً بها كازينو «عبدالستار» وتم هدمها فى التسعينات وبنى مكانها برج سكنى على كورنيش النيل. فيما توقفت سينما «عبدالوهاب» بقوص عن عرض الأفلام فى فترة الثمانينات.
أما «سينما ومسرح قنا»، التى تقع بجوار ديوان عام المحافظة، فكانت الأمل الوحيد لأبناء المحافظة، حتى الوقت القريب، فكان آخر عرض بها عام 2015 لفيلم «شد أجزاء»، وبعدها سقط سقفها المسقوف من العروق الخشبية، ولم يهتم بها أى مسئول حتى اللحظة رغم المناشدات بتطويرها.
يقول أحمد عبدالواحد، أحد شباب نجع حمادى، إن السينما كانت موجودة لوقت قريب فى محافظة قنا ولكن سرعان ما تدخل رأس المال لمنع وجود سينما والاهتمام بالعقارات، وأضاف لـ«الوطن» أن غياب دور السينما أدى لعزوف جمهور محافظة قنا عن الفن بأنواعه، فهى فن مشاهدة جماعية من الجمهور، موضحاً أن خروج الشباب والفتيات لمشاهدة الأفلام السينمائية له رونق خاص، وبسبب غيابها استحوذت المقاهى على الدور الأكبر فى الحضور فى أماكن لا تثرى ثقافة الشباب والمواطنين عامة. وتمنى «عبدالواحد» وجود إشراف حكومى على وجود سينما فى كل مدينة من مدن المحافظة للارتقاء بهذا العرض المهم، فنحن لسنا أقل من سينمات القاهرة التى تعرض الأفلام الجديدة، ولكن فى الوقت الحالى نريد لسينما قنا أن يعاد بناؤها.
يقول إسلام عزازى، إن السينما تهذب الروح وتنمى الوعى وتساعد فى توحيد أنماط الأخلاق، وما يحدث لنا حالياً ليس بسبب تراجع الذوق لدى الصعايدة، وإنما بسبب تدنى مستوى السينما وبعدها عن الواقع، مطالباً المسئولين فى المحافظة ووزارة الثقافة بإحياء المسارح وسينما ومسرح قنا على الأقل، لتنمية الروح والإثراء الثقافى للمواطن القنائى، الذى أنهكته الخلافات الثأرية، موضحاً أنه كلما كان الفرد لديه ذوق فنى سيخلق لدية روح التسامح والتعايش السلمى، مشيراً إلى أنه عندما تكون السينما هادفة فى عرض أفلام ومسرحيات جادة تعالج المشاكل فى كل مجتمع فذلك يساعد الدولة على خلق مجتمعات واعية.
واتفق معه فى الرأى محمد حمادة، وقال إن السينما لا يختلف اثنان ذوا عقل على أهميتها وأثرها البالغ فى تشكيل وجدان ومشاعر الشعوب، حيث تقوم بدورها فى توجيه الشعوب وإبراز مساوئ المجتمعات وذلك لتفاديها، كما أنها تلفت نظرنا إلى الظواهر الغريبة والجديدة علينا ومن هنا جاءت أهميتها كأداة تقويم قبل أن نكون أداة التسلية، وفى وسط كل هذا وبدلاً من أن تهتم الدولة بها تراجعت صناعتها بل واختفت فى محافظتنا قنا، بل وأقفلت الدار.
وتابع «حمادة»: وبالنظر لمحافظات الصعيد، خاصة قنا، ساعدت السينما على معالجة أمور كانت تؤرق المجتمع كمشكلة الثأر وغيرها من مشكلات المجتمع أو على الأقل ساهمت فى تخفيفها، ومن منطلق ذلك نطالب بعودة دور السينما، وتساءل: لماذا أغلقت تلك الدور رغم انتشارها فى السبعينات على مستوى المدن والمراكز؟
ويقول وليد عبداللطيف، أحد أبناء قنا، إن أبناء المحافظة محرومون من السينما، وعندما كانت تعمل «سينما ومسرح قنا» المملوكة للمحافظة، كانت تعرض الأفلام الجديدة بعد 5 شهور من عرضها فى السينمات البحرى، ويكون فى هذه الفترة الفيلم موجوداً على الوسائل الحديثة مثل النت واليوتيوب والفضائيات، وذلك استخفاف بالمواطن القنائى والصعيدى، لأن الأفلام الجديدة لا تعرض فى عرضها الأول فى سينمات الصعيد.
ويقول أحد المسئولين عن سينما قنا، إن «سينما ومسرح قنا» هى السينما الوحيدة بالمحافظة التى كانت تعمل، وكانت متنفس الشباب بعيداً عن المقاهى والكافيهات والمولات التى يجلس عليها الشباب حالياً، مشيراً إلى أنه رغم التهميش من ناحية عرض الأفلام والتى كانت تأتى بعد عرضها بشهور فى سينمات بحرى، فإنه كان هناك إقبال.