مناهج «أبيض وأسود» وطلبة «تكنى كولر»
صورة أرشيفية
مناهج دراسية عفى عليها الزمن يدرسها الطلبة فى الجامعات، يلزمهم أساتذتهم بها ليفاجأوا بعد التخرج أنها لا تمت لواقع عملهم بأى صلة، يرى طلبة أنهم يضيعون سنوات من أعمارهم سدى فى دراسة مناهج لا تواكب تطورات العصر ولا تصقلهم بخبرات يستطيعون الاستفادة منها بعد التخرج، «أصحاب» تفتح ملف «مناهج الزمن القديم» وترصد من خلال الطلبة أهم المشاكل التى يعانون منها بسبب دراستهم لتلك المناهج.
شباب يرفعون شعار: المقرارات القديمة لازم تتغير
عبدالرحمن محمد، طالب بالفرقة الرابعة كلية الإعلام جامعة القاهرة قسم الإذاعة والتليفزيون، يقول «المناهج كبيرة جداً ومحتواها متشابه فى كل الأقسام، وفيه كتب قديمة دراستها لا تضيف لنا معلومة مفيدة مثل مادة الإحصاء، التى تعتمد على إحصائيات قديمة تزيد على 30 سنة، ولما الدكاترة بيشرحوها بيقولوا لنا النسب دى اتغيرت، كما أن مادة إعلام التى تهتم بالمجتمع الحالى وتغيراته بعيدة تماماً عن الواقع ولا تمت إليه بصلة».
ويضيف «الدكتور بيعتمد على الكتاب اللى وضعه أول مرة ومش بيكلف نفسه يحدثه لأنه مشغول بمؤتمراته أو التدريس فى جامعات منتدب ليها، ولما بيفكر يحدّث بيغير اسم الكتاب والمحتوى مش بيتغير».
الطلبة يتهمون الأساتذة بالتقصير فى تطوير مناهج الكتاب الجامعى.. والخريجون يصفونها بأنها لا تواكب احتياجات سوق العمل
أبانوب شفيق، طالب بكلية الصيدلة جامعة عين شمس، وصف المناهج التعليمية بـ«الفاشلة» وتؤدى إلى تخريج طلبة غير أكفاء، وذلك لاعتمادها على نظام التلقين، فبحسب وجهة نظره بإمكان بعض الطلاب أن يحفظوا الكتاب «من الجلدة للجلدة» ويضعونه فى ورقة الامتحان الذى لا يفرق بين طالب فاهم وغيره، وبالرغم من أن بعض الجامعات تستخدم التكنولوجيا الحديثة، إلا أن معظم المواد تعتمد على التلقين، ومواد قليلة جداً تستخدم فى الحياة العملية.
أما بالنسبة لملاءمة المناهج التى يدرسها «أبانوب» لاحتياجات سوق العمل فيقول «الطالب غير مؤهل لسوق العمل، وأكبر دليل على ذلك أن لا أحد يعمل بشهادته والوظائف تحتاج إلى خبرة لا تقل عن 3 سنوات».
أحمد فكرى، طالب بالمعهد التكنولوجى العالى للهندسة، يرى أن الجامعة جزء أساسى من المجتمع، لذا فإن طريقة التدريس بها لا بد أن تتغير تماماً.
ويضيف «القائمون على التدريس غير مؤهلين نظراً لأن التعيين فى الجامعات قائم على الحفظ والتقديرات لا الكفاءة والقدرة على الابتكار، فشخصية المدرس لا بد أن تتغير وكذلك المناهج والأسلوب الذى تدرس به».
«أحمد»: بندرس مناهج بقالها 30 سنة والدكاترة بيقولوا لنا المشكلة عندكم علشان لازم تبحثوا عن الجديد من على الإنترنت
وفى الكليات النظرية يعتمد الطلاب على «ملازم بين السرايات» التى يحرصون على اقتنائها قبل الامتحان، تقول هدير أشرف، طالبة بالفرقة الثانية كلية التجارة، «الكتب اللى بندرسها مالهاش علاقة بالواقع وكمها كبير وكلها حشو، فبنضطر نحذف من تلقاء نفسنا وإحنا بنذاكرها علشان نفهم ونعدى الامتحان». وتستكمل حديثها قائلة «الدكتور بيدخل المحاضرة يشرح الجزء اللى محدده علشان يخلص منهجه ومش بيفرق معاه إذا كان الطالب فاهم وبيذاكر أم لا، علشان ليه ورقة الامتحان، وعلى النقيض تجد أوائل الدفعات لا يعطون أى اهتمام بالمناهج وكل ما يعنيهم حفظ المواد من أجل الحصول على تقديرات عالية ليضمنوا مكاناً فى التعيينات».
أما أحمد عبدالهادى، طالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة، فيقول «بندرس مناهج بقالها 30 سنة والدكاترة معترفين بأنها قديمة وبيقولوا العيب منكم لازم تفتحوا النت وتعلموا نفسكم وتاخدوا كورسات وتتدربوا علشان تشتغلوا بعد ما تتخرجوا».
اعتاد وائل عمر، الطالب بكلية الحقوق جامعة عين شمس، على أن يبحث عن مراكز كورسات متخصصة تعطيه خبرة تؤهله لسوق العمل، يقول «مادة القانون التجارى مهمة جداً علشان أشتغل فى أى شركة، لكن مش بستفيد من دراستها لأنها بتدرس بشكل نظرى بحت، ومش بنطبق أى حاجة على أرض الواقع والمادة العملية الوحيدة (تطبيقات عملية) لا تعامل على أنها مادة نجاح أو رسوب».
«عبد الرحمن»: الدكتور بيعتمد على الكتاب اللى حطه من سنين لأنه مشغول بمؤتمراته أو بالتدريس فى جامعات منتدب ليها
فيما عقب الدكتور تامر القاضى، خبير التعليم التربوى والحاصل على المركز الأول فى مسابقة الخبراء التربويين بإسبانيا عام 2014، قائلاً: «مرحلة التعليم الجامعى تختلف عن المراحل التعليمية السابقة، فالدكتور يشرح منهجه والطالب يبحث عنه بنفسه ويناقش أستاذه ويقارن بين القديم والحديث، ولكنه اعتاد على أن الدكتور هو المصدر الأوحد للمعلومة نتيجة طرق التدريس الخاطئة».
وأضاف أننا نواجه مشكلة كارثية بسبب الرقابة شبه المنعدمة فى الجامعات، وعدم فرض أى قيود على المناهج التى يضعها أساتذة الجامعات، كما أن الإدارة غير مؤهلة تماماً والطلاب هم المظلومون فعلى الرغم من أن الجامعات لديها استراتيجيات تسعى إلى تحقيقها لتأهيل الطلاب لسوق العمل وفقاً لخطة يعدها أساتذة الجامعة، إلا أنها لا تمتلك الأدوات الكفيلة بذلك».
وأوضح: «نظام التعليم فى الدول المتقدمة يختلف من حيث طريق تدريس المناهج وتجهيزات المعامل القوية ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى نسبة الطلاب، فعلى سبيل المثال فى جامعات برلين الدكتور مسئول عن تعليم عدد يتراوح ما بين 6 و10 طلاب، بينما فى مصر الدكتور مسئول عن تعليم ما يزيد على 300 طالب».
على الجانب الآخر يظل الطلاب طوال المرحلة الجامعية يحلمون بتخرجهم ليقبلوا على الحياة العملية، ولكن سرعان ما يصطدمون بالواقع المرير.
عمرو الخطيب، خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة، يرى أن معظم الشباب لا يكونون مقتنعين بالدراسة التى تخصصوا فيها بسبب نظام التنسيق الذى يتحكم فيما يدرسه الطالب».
وفيما يتعلق بعدم مواكبة ما يدرسه فى الجامعات مقارنة باحتياجات سوق العمل يقول «الكلية مش بتوفر لنا تدريب عملى يؤهلنا للعمل، فبالتالى بنشتغل فى حاجات مختلفة تماماً عن اللى درسناه فى الجامعة، والكتب ما هى إلا وسيلة نعدى بيها الامتحان».
أما أحمد مختار، حاصل على ليسانس حقوق ويعمل محاسباً بإحدى شركات الاستثمار العقارى.
يقول «الشاب لما بيترفض فى مقابلة شغل بيفتكر علشان مش عنده واسطة لكن فى الحقيقة مهاراته تساوى صفر، فالشركات الكبرى لا تعتمد على المؤهل الدراسى وتسعى إلى تدريب موظفيها عملياً وتتعامل مع الحاصلين على المؤهلات العُليا على أنهم يجيدون القراءة والكتابة فقط، لذا يجد الشاب منا نفسه ملزماً أن يقدم ميزة لصاحب العمل لكى يختاره ويفضله على غيره».
محمد عبدالمنعم، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، يقول «ليس هناك تشابه بين ما ندرسه فى الجامعات وسوق العمل، فنحن فى مرحلة التعليم الجامعى نشعر بالراحة وبعد الانتهاء من الدراسة نتجه إلى سوق العمل نظراً للمسئولية الملقاة على عاتقنا، فنجد أن هناك فجوة كبيرة بين طموحاتنا ورؤيتنا الذاتية وبين الواقع، فتحدث حالة الغضب وإلقاء اللوم على الدولة التى أصبح من الصعب عليها أن توفر لأى شاب فرصة عمل، خاصة مع زيادة عدد السكان ومحدودية الموارد».