«جمال» عاش 25 عاماً بالعريش.. والإرهاب أجبر أسرته على المغادرة بعد مقتله
جرجس
«يا ترى الدور على مين؟!»، جملة اعتاد المدرس جمال جرجس صموئيل، 50 عاماً، على ترديدها كلما سمع خبراً عن استشهاد مجند أو مواطن فى سيناء، حتى جاء الدور عليه ليُقتل برصاص عناصر إرهابية، أثناء وجوده فى سوق الخميس بمدينة العريش، التى استقر فيها منذ 25 عاماً، بعدما ترك قريته المطيعة التابعة لمركز أسيوط.
رغم المعارك المتواصلة مع الإرهابيين فى سيناء، أصر «صموئيل» على البقاء فى العريش، حتى استُشهد على ترابها، مما دفع باقى أفراد أسرته إلى العودة إلى مسقط رأسهم فى أسيوط منذ 10 أيام، لتكون أولى الأسر المسيحية المغادرة للعريش تحت تهديدات تنظيم بيت المقدس الإرهابى، فيما استمر حنينها للعودة إلى المنزل المهجور.
زوجته: المسلمون يحرسون منزلنا.. و«التضامن الاجتماعى»: جارٍ حصر الأسر القادمة من سيناء
«أم يوسف»، زوجة الشهيد «صموئيل»، تحدثت إلى «الوطن» عن الاتصالات اليومية مع جيرانها المسلمين منذ تركت العريش، وجميعهم يسألون عما إذا كانت تحتاج إلى أى أموال، كما يؤكدون لها أنهم يحرسون المنزل ومحتوياته. قالت «أم يوسف»: «اعتدنا أن نفرش بضائع بجوار أحد المساجد فى سوق الخميس، فكنت أتولى البيع صباحاً حتى خروج زوجى من العمل»، مشيرة إلى أن شيخ المسجد كان يطمئن علينا بشكل متواصل، ويسأل زوجى عما إذا كان ينقصه شىء، أو يضايقه أحد أثناء وجوده أمام المسجد».
فى يوم الحادث، حسبما تحكى الزوجة: «كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحاً، والغيوم تملأ السماء، عندما طلب منى زوجى تغطية البضائع حتى لا تتلف من الأمطار، ثم ذهب ليشترى خبزاً، وعندما عاد فوجئنا بشابين ملثمين يقفان على مسافة أمتار قليلة منا، وسألوا زوجى إذا كان هو جمال جرجس، فأجاب بنعم، ولحظتها أخرج أحدهم مسدساً، وأطلق رصاصة على رأسه».
لم تصدق «أم يوسف» أن زوجها قتل، فجرت مسرعة وسط السوق، معتقدة أنه يتبعها، حتى وصلت إلى أحد الأكمنة القريبة، موضحة: «جاء معى عدد من الأهالى لمساعدتى، وعند الوصول إلى جثمان زوجى فوجئت بأن الإرهابيين استوليا على التليفون الخاص به، وكل ما يوجد فى حوزته، وبعدها وصلت سيارة الإسعاف لنقله إلى المستشفى». ورغم مرور 10 أيام على مقتل زوجها، إلا أن «أم يوسف» تؤكد «نار فراقه لم تبرد فى قلوبنا، ولن تهدأ النيران إلا بالقصاص من قاتليه، وعودة الهدوء إلى العريش»، مشيرة إلى أن لديها 6 أبناء، أكبرهم فتاة متزوجة، والباقى فى سنوات دراسية مختلفة. وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعى أنها ستقوم بحصر الأسر القادمة من سيناء لتقديم المساعدات لهم.