خبراء لـ«الوطن»: توابع الركود على الاقتصاد تشمل خسائر للتجار وإفلاساً للشركات
هشام وفاروق
سيطرت حالة من الركود على السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة، بعد أن رفع معظم التُجار أسعار معظم السلع إلى الضعف وأكثر، نتيجة لقرارات حكومية أهمها قرار «تعويم الجنيه» مقابل الدولار، ورفع الدعم بشكل جزئى عن قطاع الطاقة، وكان لهذه القرارات تأثير سلبى كبير على الأسعار فى السوق، وبالتبعية لجأ المواطنون إلى الاكتفاء بمشاهدة المعروض وشراء الضرورى منه فقط، ما نتج عنه حالة من الركود أثرت سلباً على الاقتصاد المصرى، ويرصد خبراء وأساتذة الاقتصاد حالة الركود وأسبابها وتأثيرها على الاقتصاد الوطنى، ويقدمون عبر «الوطن» العديد من الحلول لمواجهة هذه الأزمة المستمرة منذ فترة.
«النشرتى»: ينبغى الاهتمام بالإنتاج المحلى وفتح أسواق جديدة.. و«فاروق»: محاربة «الاحتكار» ودعم المصانع الحكومية والخاصة أهم الحلول للخروج من الركود
قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن «حالة الركود التى سادت الأسواق فى شتى المجالات أثرت بشكل سلبى على الاقتصاد المصرى، وستؤثر بشكل أساسى على الشركات التى لديها الكثير من الالتزامات تجاه العاملين بها، بالإضافة إلى التمويلات والالتزامات أيضاً تجاه البنوك وموردى المواد الخام، وبالتبعية ستصل الشركات نتيجة كل ذلك إلى مراحل التعثر وتفقد السوق قوتها تدريجياً»، وأضاف «إبراهيم» لـ«الوطن» أن «السوق حالياً فى حالة ركود غير مسبوق، والسبب فى الوصول إلى هذه المرحلة هم المنتج والبائع والتاجر، لأنهم استمروا فى رفع الأسعار أكثر من مرة، وفى نفس لحظة قرار تعويم الجنيه، بل وقام البعض برفع الأسعار قبل صدور القرار، ومنذ توقيت القرار وهم مستمرون فى رفع الأسعار على الرغم من عدم وجود مبرر لذلك، حيث «لا توجد قرارات جديدة من البنك المركزى ولا من الحكومة، وما زالت الأسعار ترتفع يوماً بعد يوم، وفى مجال بيع السيارات مثلاً كل التُجار رفعوا أسعارها على الرغم من أنها مستوردة منذ نحو شهر ونصف الشهر أو شهرين قبل صدور قرار التعويم، لكن التُجار استغلوا هذا القرار لكى يرفعوا أسعارها، وبالتالى تأثرت السوق كنتيجة طبيعية لرفع الأسعار، وعم الركود الجميع»، وأكد «إبراهيم» أن بإمكان الجميع رفع شعار «المقاطعة»، وبالتبعية سيتأثر بذلك كل من التاجر والبائع، لكن أحداً لا يريد أن يصل إلى هذه المرحلة، ولا بد أن يعلم الجميع أننا فى وضع صعب للغاية، ويبتعد التُجار عن الجشع، وإلا سيعم الضرر الجميع، وأولهم من كانوا سبباً فى رفع الأسعار بهذه الطريقة الغريبة.
من جانبه، قال الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير فى الشئون الاقتصادية والرئيس السابق لمركز النيل للدراسات الاقتصادية، إن «الركود يحدث نتيجة لوضع اقتصادى متأزم، وينعكس على مقدرات ذلك الوضع، فى شكل ضعف مستويات التشغيل، وبالتالى يتحقق مزيد من الركود، ثم تأتى بعد ذلك فترة تبدو فيها السوق فى حالة انتعاش تصل إلى قمتها ثم تبدأ حالة التباطؤ الاقتصادى، ومنها إلى الركود، وفى النهاية يصل الوضع إلى حالة الشلل الاقتصادى، وهى حالة إفلاس الشركات وخروجها من السوق نهائياً»، واعتبر «فاروق» أن «حل هذه الأزمة هو أن تتبنى الدولة مشروعات للتنمية كالمشروعات الصناعية، بدلاً من المشاريع التى لا تُحدث نقلة فى الوضع الاقتصادى، فضلاً عن دعم وتشغيل المصانع سواء فى القطاع الحكومى أو الخاص مع فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية، وسيخلق كل ذلك فرص عمل جديدة، ورأى «فاروق» أن «محاربة الاحتكار» تأتى ضمن أهم الحلول للخروج من أزمة الركود، مؤكداً أن «الاحتكار» يؤدى إلى تعميق الأزمة، لأنه يجعل المحتكرين يسيطرون على الأسواق، وبالتالى يُسهل عليهم التلاعب بها مما يؤدى إلى التضخم والركود، وأوضح الخبير الاقتصادى أنه «فى حال استمرار حالة الركود ستزيد معدلات البطالة، التى ترتفع أصلاً بمعدلات كبيرة، وبالتالى ينتظر الجميع مزيداً من التوترات الاجتماعية، وستزيد معدلات الجرائم وحالات العنف، وسيقترب المجتمع من حافة «الانفجار».
من جهته، قال الدكتور مصطفى النشرتى، أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن «الركود سببه القرارات التى صدرت مؤخراً من جانب الحكومة، وأهمها قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه مقابل الدولار، والقرار الآخر برفع الدعم عن قطاع الطاقة بنسبة 30%، وقد أدى ذلك إلى رفع الأسعار وزيادة ثمن المنتجات إلى أكثر من الضعف، وأعتقد أنه كان علينا أن نتدرج فى هذه القرارات وألا تصدر مرة واحدة، لأن تلك القرارات أضرت بالاقتصاد المصرى وسيستمر تأثيرها لسنوات كثيرة مقبلة»، وأشار النشرتى إلى «فى حالة استمرار حالة الركود سيؤدى ذلك إلى تراكم المخزون مع تكبد خسائر كبيرة للشركات والتُجار، خصوصاً أن الشركات الكبرى مُعرضة للإفلاس إذا استمر الركود على ما هو عليه حالياً، ولو ظل تأثير مثل هذه القرارات سارياً خلال الفترة المقبلة فى السوق المحلية»، وأوضح «النشرتى» أنه «من أجل حل أزمة الركود الحالية يجب أن تهتم الدولة بالإنتاج المحلى والعمل على زيادة المبيعات، وفتح أسواق جديدة فى الخارج، خاصة فى أوروبا، مع عودة صناعة الغزل والنسيج إلى سابق عهدها، والاعتماد على القطن المصرى طويل التيلة بدلاً من المستورد، وإنشاء مصانع جديدة لإنتاج مشتقات الغاز الطبيعى الذى نستخرجه بدلاً من تصديره فى شكل خام، وهى المرحلة التى لم تصل إليها مصر حتى الآن».