مريم ووالدتها تطهيان الطعام لدور المسنين: "اشتغل بياع خير.. وخد أجرك سعادة"
مريم نصار
في مساحة ضيقة، بين العديد من الأطباق البلاستيكية والملاعق وأوعية الطعام الضخمة والمأكولات من السلطة والمعكرونة والبطاطس والدجاج، حاولت بحرفية "ست البيت" إنتاج كمية ضخمة من الوجبات بمساعدة عدد من الفتيات اللاتي وققن بجوارها بحب شديد وابتسامة "فرحة" تعلو وجوهن جميعا، حتى يظن من يراهن أنهن أسرة واحدة سعت لإدخال السعادة على قلوب أحد دور المسنين، إلا أنه لم يجمع بين أي منهن صلة قرابة سوى السيدة الخمسينية حكمت عبدالباسط وابنتها مريم.
منذ عدة أعوام، اتجهت الشابة العشرينية مريم نصار إلى العمل التطوعي بالجمعيات الخيرية، التي حاولت فيها مساعدة الفقراء والمحتاجين والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال دعمهم نفسيا بقضاء أوقات طويلة معهم، حتى لمعت في ذهنها مع أعضاء الجمعية الخيرية المنتمية لها "فرحة" بالإسكندرية، فكرة تحضير وجبات طعام في دور الأيتام والمسنين، وهو ما احتاجت فيه لمساعدة والدتها حكمت عبدالباسط، حد قول السيدة الخمسينية.
تحضير تلك الوجبات أصبح عادة دورية للجمعية، بمساعدة والدة مريم، إلى أن زاروا بصحبة فريق تطوعي آخر "دار الهداية للسيدات" في منطقة الرأس السوداء بالإسكندرية، التي تعتبر واحدة من أكثر الدور احتياجا للخدمات الإنسانية والتبرعات، لتحقق تلك الزيارة انتشارا ضخما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانحصرت تعليقات مستخدمي المواقع في: "أم وبناتها يبحثن عن عريس داخل دار أيتام"، على خلاف الحقيقة.
الأم حكمت لم تصطحب معها خلال تلك الزيارة سوى ابنة واحدة هي "مريم": "إحنا كنا رايحين عشان عمل تطوعي، الناس فهمتها حاجة تانية خالص.. حاجة تحزن بجد أنا اتصدمت"، مضيفة أن هذه الزيارة لم تكن الأولى فسبقتها زيارات عدة، لكن الأخيرة فقط هي التي جذبت الأنظار.
"مريم عندها شلل الأطفال وعشان كده أنا بساعدها في الحاجات دي"، بهذه الكلمات المقتضبة أفصحت السيدة الخمسينة عن السبب الذي يدفعها للمشاركة في تحضير الوجبات، رغبة منها في مساعدة ابنتها التي تعاني من صعوبة في الحركة لإصابتها بشلل أطفال في قدمها.
لم تنزوي مريم كغيرها من ذووي الاحتياجات الخاصة عن المجتمع، بل سعت إلى مساعدة غيرها ودعمهم نفسيا ومعنويا بالطرق كافة، ورفعت شعار "اشتغل بياع خير.. وخد أجرك سعادة"، موضحة: "يعني بنجمع فلوس مع بعض وبنعمل أنشطة اجتماعية جوه الدور وبنروحلهم نقعد معاهم شوية وكده.. الناس دي محتاجة التبرع بالوقت جدا".
وأضافت أنهم يحضرون على فترات متفرقة الوجبات داخل الدور لصعوبة نقلها كوجبات جاهزة، بعد تجميع المال من أعضاء الجمعية، "بساعد غيري ممن يعانون من شلل الأطفال إزاي يتعاملوا مع الموضوع ده ويعيشوا كأشخاص طبيعيين".
ووصفت مريم تعليقات "أم وبناتها يبحثن عن عريس داخل دار أيتام" بـ"السخيفة"، موضحة أنها أصابتها بالاستياء الشديد، وحاولت توضيح حقيقة الأمر، في الوقت نفسه لم تولي الأمر اهتماما كبيرا لتحقق أهدافها من العمل التطوعي.