وزير الأوقاف: ربط الإرهاب بالأديان التي هي منه براء يُدخل العالم في دوائر صراع لا تنتهي
د. مختار جمعة - وزير الأوقاف
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر السابع والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، "إنا نبغي الخير والسلام للعالم كله، ونرسل من أرض الكنانة رسالة سلام للعالم كله دون تمييز، مشيرًا إلى أن التمييز ضد أي دين يولد تمييزًا مضادًا، وربما أشدَّ قسوةً وعنفًا، وأن ربط الإرهاب بالأديان التي هي منه براء يُدخل العالم في دوائر صراع لا تنتهي ولا تبقي ولا تذر".
وجاء نص كلمته:
يسرني بالأصالة عن نفسي ونيابة عن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أن أرحب بحضراتكم جميعًا وأن أشكركم على تشريفكم لنا بهذه المشاركة، كما يسرني أيضًا أن أبلغ حضراتكم جميعًا تحياتِ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وترحابه بكم في مصر الأزهر فقد أنابني وكلفني بنقل ذلك لحضراتكم مع تمنياته لكم بطيب المُـقام ولمؤتمرنا بكل التوفيق.
ومن منطلق قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) لم يشكر الله من لم يشكر الناس، فإنني أن أتوجه بكل الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية على تكرمه برعاية هذا المؤتمر، وعلى ما يوليه اهتمام بتصويب الخطاب الديني، ونشر ثقافة السلام والعيش الإنساني المشترك، ومواجهة التطرف والإرهاب.
وبعد:
فإيمانًا منا بالمسئولية المشتركة بل التضامنية في نشر ثقافة التسامح والسلام، وتأصيل فقه العيش المشترك، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومواجهة التحديات، والإرهاب والفكر المتطرف، والعمل على تفنيد مقولات أصحابهما الفكرية من جهة، واستئصال شأفتهما ميدانيًّا من جهة أخرى، لما يشكلانه من خطر داهم على الأمن والسلام العالمي، حيث لم يعد خطر الإرهاب قاصرًا على منطقة جغرافية أو مناطق بعينها دون الأخرى، بل إنه صار عابرًا للحدود والقارات بشرِّه المستطير، سواء من خلال تنفيذ العمليات الإجرامية أم من حيث بثّ سمومه الفكرية عبر وسائل التواصل الحديثة والعصرية، التي لا تحدها حدود مكانية أو تستوقفها منصات الصواريخ أو مصداتها أو قببها الفولاذية.
ولا شك أن وجود إرادة سياسية قوية لمواجهة الإرهاب يعد أمرًا حيويًّا ومحركًا رئيسًا لسائر المؤسسات : الدينية، والتربوية، والثقافية، والبرلمانية، والأمنية، والعسكرية، وأننا في حاجة ماسة وملحة لتضافر جهود كل تلك المؤسسات على مستوى كل دولة على حدة، وتكاملها فيما بينها على المستوى الدولي، حتى نخلص الإنسانية جمعاء من شرور الإرهاب الغاشم، ونرسخ أُسس المواطنة المتكافئة من جهة، وفقه التعايش السلمي والعيش الإنساني المشترك من جهة أخرى، مؤكدين أن جميع الأديان، وجميع الأعراف السوية، تحترم حق الإنسان في الحياة الكريمة دون تفرقة على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق، وأن الدول التي آمنت بالتنوع وأرست أسس المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات هي أكثر الدول استقرارًا وتقدمًا وتحقيقًا للتنمية، وأن الدول التي وقعت في براثن الصراعات المذهبية أو الطائفية أو العرقية هي أكثر الدول تمزقًا وتشتتًا، وأن التصدع الذي يحدث في دولة ما يلقي بظلاله على محيطها ومنطقتها، وكثيرًا ما يتجاوز هذا المحيط الإقليمي إلى تداعيات دولية، مما يتطلب منا جميعًا العمل لصالح الإنسان والإنسانية، واعتماد التواصل الإنساني والحضاري بديلاً للصراع والإقصاء والرفض .
وإنني لأؤمل أن نركز في مؤتمرنا هذا على ما يجمع ولا يفرق، على القواسم الإنسانية المشتركة، على أرضية إنسانية خالصة، نبغي الخير والسلام للعالم كله، لنرسل من هنا من أرض الكنانة مصر الأزهر رسالة سلام للعالم كله، دون أي تمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس، مع تحذيرنا الشديد من أن التمييز ضد أي دين يولد تمييزًا مضادًا، وربما أشدَّ قسوةً وعنفًا، وكذلك الإقصاء والرفض، وقد قالوا : لا ترفض الناس جملة فيرفضوك جملة، ومن ثمة نؤكد أن ربط الإرهاب بالأديان التي هي منه براء يُدخل العالم في دوائر صراع لا تنتهي ولا تبقي ولا تذر .
وختامًا أؤكد أننا حرصنا على تمثيل واسع للمرأة في حضور المؤتمر وفي جلساته تفاعلاً مع إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2017م عامًا للمرأة المصرية، ولنرسل رسالة للعالم كله عن تقدير الإسلام للمرأة وإكرامه لها وحرصه على إعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة.