تعديات دمياط: التعديات بالجملة رغم الشكاوى.. ومواطنون: أصحاب نفوذ لا يمكن ردعهم
التعديات على حرم النيل بدمياط
شهدت محافظة دمياط عقب ثورة 25 يناير العديد من التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة وجسور النيل، حيث استغل المتعدون فترة الانفلات الأمنى وقاموا بالتعدى على مساحات كبيرة من أرض بحيرتى تنيس والمنزلة، علاوة على قيام آخرين ببناء العقارات مباشرة على نهر النيل وتحديداً بمراكز فارسكور والزرقا ومدينة عزبة البرج، وقامت الأجهزة التنفيذية بشن حملات عدة لإزالتها، ورغم إزالة جزء كبير منها إلا أن هناك تعديات لم تزل بعضها بمدينة دمياط الجديدة، وبحسب رئيس جهاز التعمير فإنه أرجع الأسباب للدراسات الأمنية، وأخرى بقرى الخياطة والعنانية والسيالة وتحديداً بمنطقة أرض بحيرة تنيس، ورغم تقدم الأهالى بالعديد من الشكاوى والبلاغات للجهات المعنية حيال تلك التعديات إلا أن الوضع لا يزال على حاله، ذلك لأن من قاموا بها من أصحاب النفوذ، بحسب تعبير عدد من الأهالى.
التعدى على مساحات كبيرة من أراضى بحيرتى «تنيس والمنزلة».. وعقارات مخالفة على النيل فى مراكز «فارسكور والزرقا وعزبة البرج».. ومطالبات بمحاربة المعتدين
ويقول أشرف إبراهيم، أحد أبناء المحافظة، نعانى من التعديات على أراضى أملاك الدولة، حيث قام أحد أصحاب النفوذ بالتعدى على11 فداناً أمام المقابر بقرية الخياطة عقب عيد الفطر الماضى، وقام بالتعدى على الأرض بغرض بيعها كقطع لإنشاء وحدات والاستفادة منها، ورغم تقدم الأهالى بشكاوى للدكتور إسماعيل عبدالحميد، محافظ دمياط، الذى أمر بتشكيل لجنة برئاسة السكرتير العام لدمياط للتحقيق فى الواقعة إلا أن الوضع كما هو عليه، وأشار أشرف لقيام آخرين بالتعدى مباشرة على نهر النيل بقرى طبل والرطمة، حيث قاموا ببناء منازل سكنية، مطالباً بتنفيذ قرارات الإزالة والحفاظ على أملاك الدولة ومحاسبة المتواطئين.
ويلتقط نبيل عبدالفتاح، مهندس، أحد الأهالى، طرف الحديث قائلاً: ملاك معارض الحلويات قاموا بالتعدى على الطريق العام بكفر البطيخ وحتى الآن لم تنفذ حملات الإزالة الخاصة بهم، مطالباً بمحاسبة المتعدين على أملاك الدولة أو الطريق العام واتخاذ اللازم قانوناً حيالهم، ويضيف نبيل: «التعدى على الأراضى الزراعية بات أمراً مستفحلاً، وعلى الدولة التدخل بالتقنين وإلزامهم بدفع ثمن المتر الأصلى للأراضى وسن تشريعات لمعاقبة المتعدين الجدد».
ويقول، محمود رجب، أحد الأهالى: «عقب ثورة يناير فُتح الباب على مصراعيه للمتعدين، حيث تم التعدى على مساحة 107 أفدنة من أرض بحيرة تنيس، وهى قطعة أرض تربط قرى السيالة بالعنانية وتتبع هيئة الثروة السمكية، وقامت مافيا الأراضى بالاستيلاء عليها بأوراق مزورة لتخصيصها كقطع أراض، وقمنا بالتقدم ببلاغات لهيئة الرقابة الإدارية للتحقيق فى الأمر، وتابع: «التعدى على أملاك الدولة عرض مستمر لا يتوقف، فأرض بحيرة تنيس ما هى إلا جزء من بحيرة المنزلة التى يتم التعدى عليها من ناحية غيط النصارى والعنانية بصفة مستمرة، حيث قامت مافيا الأراضى بالتعدى على أرض البحيرة بتجفيف مئات الفدادين منها لتخصيصها كمبان، ورغم قيامنا بتحرير العديد من المحاضر ضد المخالفين إلا أنه لم يتم تحريك ساكن حتى بات الأمر واضحاً أمام الجميع بأن هناك شبهة تواطؤ».
ويقول مجدى حطب، رئيس مركز ومدينة فارسكور، إن تلك التعديات وقعت منذ سنوات قبل فترة توليه المسئولية، كالتعديات على جسور النيل، أما التعديات على أملاك الدولة فلم ولن أسمح بها، وأضاف: «نقوم بشن حملات بصفة مستمرة أسبوعياً بالتنسيق مع أجهزة الأمن، أما عن التعديات على الأراضى الزراعية فهى كثيرة».
أما المهندس علاء منيع، رئيس جهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة، فأكد إزالة التعديات على 114 فداناً عبارة عن حضانات سمكية أقامها صيادون، وأضاف: «قام مجموعة من الصيادين بالتعدى على قرية رقم 7 بمساحة 5 أفدنة وصادر لها قرار إزالة، مع العلم أن الأرض تتبع جمعية صقر التابعة لوزارة الداخلية، وتبلغ مساحة القرية 19.5 فدان تم التعدى على 5 أفدنة منها، كما تم التعدى على 5 أفدنة جنوب مقلب القمامة».
وتقول صفاء الدسوقى، وكيل وزارة الرى فى محافظة دمياط: «يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال أية تعديات موجودة»، مضيفة: بلغ إجمالى التعديات على المجارى المائية والمتمثلة فى «جسور النيل والترع والمصارف» 5500 حالة بحسب آخر إحصائية، وتتمثل أوجه التعديات فى إقامة مبان أو وضع مواسير أو قطع جسر أو ردم، وحال وقوع المخالفة نخطر جهات الأمن لإزالتها، وحال كون المخالفة بسيطة نقوم بإزالتها، أما لو كان حجم المخالفة كبيراً فنكون بحاجة للوجود الأمنى ونقوم بتحرير المخالفة وإصدار قرار الإزالة، ونقوم بإزالة التعدى بعد الدراسة الأمنية، ويبلغ عدد التعديات خلال العام الماضى 2016م نحو 500 حالة تعدٍ، مع العلم أنه رغم إزالة عدد من وقائع التعديات إلا أن المتعدين عاودوا التعدى مرة أخرى. ويقول المهندس محمد الحصى، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن التعديات ليست بحاجة لتشريع، فمواد القانون موجودة وتجرم التعدى على أراضى الدولة وطرح نهر النيل والأراضى الزراعية، وتقضى بالإزالة الفورية للتعدى وتعرض المتعدى للمحاكمة القانونية للتعدى على أراضى أملاك الدولة، مضيفاً أن التشريع كان يطبق بحزم ولكن خلال فترة الانفلات الأمنى استغلها البعض وحالياً عادت هيبة الدولة من جديد للتعامل مع أى حالات تعدٍ.
وبحسب ما أكد مصدر بالثروة السمكية بدمياط لـ«الوطن»، فإن التعديات على أرض بحيرة المنزلة متمثلة فى استزراع سمكى دون ترخيص أو تكثيف لاستزراع نباتى بلغت 15% خلال 4 سنوات، ورغم التعامل الفعلى مع تلك التعديات بإزالتها إلا أنها عادت مرة أخرى، مشيراً إلى ضرورة الوجود الأمنى المستمر بأرض البحيرة.
وبدوره أرجع اللواء عبداللطيف البدينى، مساعد وزير الداخلية سابقاً، عدم تنفيذ عدد من قرارات الإزالة نظراً للحالة الأمنية، التى تعود للظروف السياسية التى تمر بها البلاد، حيث إن الواجبات المكلف بها رجال الشرطة كبيرة ما قد يؤثر على الأداء فى بعض الجوانب، حيث يتم الانتهاء من الأولويات أولاً، مشيراً لعمل الجهات التنفيذية على قدم وساق لإزالة التعديات التى تعد كثيرة، فهناك تعديات قبل 25 يناير وأخرى بعدها، مشيراً لتلاعب عدد من المحامين بتحرير محاضر لإعاقة تنفيذ حملات الإزالة، وأضاف البدينى أن التعدى على الأراضى الزراعية يعد النسبة الأكبر من إجمالى التعديات، فالتعدى فى الأرياف يبلغ نسبة 70% من إجمالى حجم التعديات، ولابد من التعامل مع ملف التعديات بالحكمة دون الاعتماد على القوة فحسب، ففى بعض الأحيان قد يستمر التعدى لو كان طفيفاً مع دفع الغرامات المطلوبة للدولة.