قنا: أم مختطف تحرق نفسها.. وتاجر قبطى يدّعى الاختطاف هروباً من «غرامة»
المختطفون بحوزة الشرطة بعد تحريرهم وفك السلاسل بواسطة حداد فى قنا
تنوعت حالات الخطف فى الفترة الأخيرة فى محافظة قنا، خاصة فى العامين الأخيرين، مع اختلاف أهداف الخاطفين ما بين اختفاء نهائى وطلب فدية وقتل أطفال لدفن سر قد يفضح الجناة، أو بغرض سرقة تنتهى بالقتل، أو الادعاء بالاختطاف لوجود خلافات أسرية، على عكس ما كان يحدث عقب ثورة يناير من دفع الفدية أو القتل من قبَل عصابات مسلحة اتخذت من الجبال مركزاً ومأوى للانطلاق فى تنفيذ عملياتها.
وفى الشهور الثلاثة الأخيرة شهدت المحافظة حالة من الفزع والخوف انتابت المواطنين فى نجع حمادى ومركزى الوقف وفرشوط، حيث تم اختطاف أطفال عثر عليهم جثثاً فى جوالات بلاستيك وكراتين أو عادوا بعد تحريرهم من قبَل الشرطة، وسط انطلاق شائعات بعودة خاطفى الأطفال بغرض تجارة الأعضاء البشرية. وترصد «الوطن» أبرز حالات الخطف والغياب، وأهمها اختفاء طفل يدعى «محمد. م» منذ عامين، فى مركز فرشوط، وظلت والدته حزينة، وأنهت حياتها بسكب كمية من البنزين وإشعال النيران فى جسدها، بعد فقدها الأمل فى عودة طفلها إليها.
وفى نوفمبر من العام الماضى، اختطف مسلحون «جوزيف. ش. ف»، 25 سنة، تاجر، على الطريق الزراعى بأبوتشت، أثناء عودته لمنزله بقرية الشقيفى، وقيام الخاطفين بالاتصال بذويه، وطلب فدية، وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحرير المختطف والقبض على الخاطفين. وفى مركز قنا، ومع نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر 2016 اختطف مجهولون الطفل عماد حمدى، 15 عاماً، طالب بالصف الثالث الإعدادى، أثناء خروجه من المنزل لشراء بعض مستلزمات المنزل أثناء استقلاله حصاناً، وعليه قطع العشرات من أهالى قرية جزيرة دندرة، التابعة لمركز قنا، طريق «مصر - أسوان الزراعى»، والطرق المؤدية إلى مدينة قنا، عبر مزلقان السكة الحديد، وتمكنت الشرطة من إعادة الطفل بعد 24 ساعة.
وفى مدينة قنا، اختطف صيدلى، وتمكنت الأجهزة الأمنية من تضييق الخناق على الخاطفين الذين تبين أنهم أقرباءه وأن سبب الخطف خلافات على ميراث، وألقى القبض على المتهمين. ومع بداية يناير من العام الحالى شهدت نجع حمادى أبشع جرائم الخطف وهى اختطاف وقتل لطفلتين، بعد العثور على جثة لطفلة تدعى شروق ربيع محمد على، 5 سنوات، وكانت متغيبة حينها منذ 48 ساعة وأبلغ أهلها باختفائها حيث تعرفوا على جثة ابنتهم، وبعدها بأيام عثر على جثة صديقتها «شهد»، البالغة من العمر 12 عاماً، وتبين بعد أيام قليلة أن الجانية سيدة قامت باختطافهما بمساعدة أحد أقاربها، بسبب خلافات أسرية.
وفى مركز الوقف ومع بداية شهر فبراير الماضى، اختفت طفلة عقب خروجها مع أحد جيرانها، طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، ومنذ يومين عثر الأهالى على جثة الطفلة «أسماء محمد قناوى»، بالصف الثالث الابتدائى، مذبوحة وملقاة فى جوال على أحد أسطح المنازل فى الوقف، وتبين أن طالبة فى المرحلة الثانوية الصناعية اختطفتها وسلمتها لعاطل لسرقة قرطها الذهبى، لكنه خشى من أن تفضح أمرهما فقام بقتلها.
وفى نهاية فبراير الماضى شهدت مدينة قنا اختطاف مانجة حسن يعقوب، 26 سنة، ورضيعها أحمد غريب جبريل، 7 شهور، عقب نزولها من عيادات أحد الأطباء فى الثانية عشرة ظهراً يوم الاثنين من الأسبوع الماضى بمنطقة عمر أفندى، واستقلت تاكسى للتوجه إلى مجمع المواقف لاستقلال سيارة والعودة إلى قريتها، الدير الشرقى، التابعة لمركز قنا، وبعد مرور ساعات أجروا اتصالاً على هاتفها فوجدوه مغلقاً، مؤكدين أن السيدة كانت تلبس ذهباً فى يديها ورقبتها، وأنهم حرروا محضراً فى مركز شرطة قنا، وبعد يومين عثروا على ربة المنزل وطفلها فى المنوفية. وعبر استخدام صفحات مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» التى تهتم بنشر صور المتغيبين والمخطوفين، خاصة الأطفال، توصل رجال الشرطة إلى أن هناك طفلاً مبلغاً باختطافه فى قسم شرطة الجمالية فى ديسمبر 2014. وتم التوصل إلى أن الخاطفين عبدالحميد أحمد، مزارع، مقيم بفرشوط، وله محل إقامة آخر بوادى النطرون، وزوجته «مصرية. ع»، مقيمة بفرشوط، اختطفا الطفل علاء محمد صلاح الدين، 4 أعوام، مقيم بالجمالية بالقاهرة، بجوار مقام الإمام الحسين، وقدما به إلى فرشوط، وقاما باستخراج شهادة ميلاد له جديدة، سجل مدنى وادى النطرون، وتم القبض على المتهمين، وإحالتهما للنيابة العامة لتتولى التحقيقات، وتم إبلاغ والد ووالدة الطفل الحقيقيين فى إشارة رسمية، وقدما من القاهرة إلى مركز شرطة فرشوط وتسلما الطفل. وقال حنا حسيب، ناشط قبطى فى «نجع حمادى»، مسئول ملف خطف الأقباط، لـ«الوطن» إن عدد الأقباط الذين تم اختطافهم من قبل الجماعات المسلحة والمختطفين بلغ ٧٠ حالة منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، مؤكداً أن معظمهم تم تحريرهم وبعضهم دفع فدية نتيجة عدم إبلاغ الأمن.
وأشار «حسيب» إلى أن ملف الأمن فى قنا شهد تطوراً مشهوداً فى تقليل حالات خطف الأقباط بصفة خاصة، والمحافظة بصفة عامة، وذلك بفضل جهود رجال الشرطة فى القيام بضربات استباقية للبؤر الإجرامية فى مدينة نجع حمادى، والقيام بوضع كمائن متحركة على الطرق العامة.
ومن أبرز حالات الخطف فى قنا عندما ادعى تاجر قبطى يدعى «جرجس. ف. ع»، من مدينة نجع حمادى بقنا، تعرضه للخطف على يد مجهولين، واختبأ عند جاره المسلم، ليهرب من «جلسة صلح»، خوفاً من الحكم عليه بغرامة كبيرة. وقام شقيقه بالاتصال بزوجته وطلبوا فدية مالية، والذى تبين فيما بعد وقوع مشاجرة بين المختطف وجاره، «رشاد. م» وتعدى عليه خلالها بالسب والشتم. وتم الاتفاق على عقد جلسة صلح عرفية بين الطرفين لإنهاء المشكلة، فاختفى عند أحد أصدقائه، ويدعى «أبوالعباس. ع»، وطلب من شقيقه الإبلاغ باختطافه حتى يجد مبرراً لغيابه عن جلسة الصلح. وقال مصدر أمنى إن معظم حالات الاختفاء أو الخطف منذ العام الماضى إلى الآن حالات فردية ومعظمها بسبب خلافات أسرية، ومعدلات الاختفاء كادت تنتهى بعد تضييق الخناق على البؤر الإجرامية مثل منطقة نجع حمادى بقرى حمرة دوم وأبوحزام وفى جبال مركز أبوتشت وفى نقادة، وضبط العناصر الهاربة من الأحكام القضائية، التى كانت تمارس تلك العمليات لجمع المال من أسر الخاطفين، لافتاً إلى أنه بفضل تعاون الأهالى ويقظة الأجهزة الأمنية بعد وضع الخطط المحكمة، التى شارك فيها قيادات المديرية بقيادة اللواء صلاح حسان، مدير الأمن، الذى تولى منصبه منذ أكثر من عام ونصف العام، تم تجفيف منابع المجرمين.
وأشار المصدر إلى أن الأهالى فى بعض الحالات تكون اختفاء ويعرفون مكانها ويبلغون أنها اختطفت أو اختطف، للضغط على الأجهزة الأمنية ويتضح فى النهاية أن هناك خلافات أسرية وراء ذلك، وأن المختطف هرب بإرادته، مطالباً الأهالى بالأداء بالمعلومات الصحيحة حتى يسهل على الأجهزة الأمنية البحث.