بالصور|رئيس مجلس النواب العراقى: «الطائفية» يختلقها السياسيون لتحقيق مصالحهم.. وأمريكا تتحمل الجزء الأكبر مما يجرى فى العراق
قال الدكتور سليم الجبورى، رئيس مجلس النواب العراقى، إن الشعب العراقى يعانى بسبب موجات النزوح التى تتزايد باستمرار مع العمليات العسكرية لتحرير الأراضى العراقية من تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق (داعش)، مشيراً إلى وجود ثأر عشائرى واحتقان كبير سببه التنظيم الإرهابى، مؤكداً وجود مناقشات حول دور البرلمان فى تهدئة هذا الاحتقان. وأضاف «الجبورى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن مصر من أكثر الدول التى ترغب العراق فى تعميق علاقاتها معها.. وإلى نص الحوار:
سليم الجبورى لـ«الوطن»: سنبدأ ببناء الإنسان أولاً قبل إعمار الدولة
■ كيف يمكنك أن تصف الوضع الراهن فى العراق، سياسياً وأمنياً وعسكرياً؟
- أولاً الجانب العسكرى، إن شاء الله، يشهد حالة من التقدم بشكل كبير، إلى حين تطهير محافظة نينوى بشكل كامل، بعد ذلك تنجلى هذه الصفحة التى تتمثل فى مواجهة الإرهاب وداعش، ولا بد أن نبدأ بمرحلة جديدة اسمها الإعمار والبناء والاستقرار، وكذلك فى الوقت ذاته لا بد من الحيطة الأمنية التى تحول دون إمكانية عودة هذه المجاميع الإرهابية. وعلى المستوى السياسى، بطبيعة الحال وإن كان قد شهد خلال الفترة الماضية بعض التقلبات والصراع الموجود، فإن هناك فهماً أعمق لأهمية التكافل فى سبيل بناء دولة، والتعامل مثل ما يقولون بين الأطراف جميعاً لتحقيق وحدة وأمن واستقرار العراق.
■ أثير فى وسائل الإعلام وجود علاقة بينك وبين جماعة الإخوان؟
- ضمن إطار عملنا فى أكثر من موقع، أنا تحدثت بشكل صريح وواضح، بأن هذا الأمر ليس له أساس من الصحة، خصوصاً العمل فى العراق هو أولاً عمل داخلى وطنى وضمن إطار تشكيلات سياسية واضحة بالنسبة لنا، وبطبيعة الحال الأساس الذى انطلقنا منه فى عملنا السياسى قام على احترام الآخر، وبناء الدولة وبناء مؤسساتها واحترام القانون، والإيمان بوحدة البلد وأمنه واستقراره، ونبذ كل المظاهر المسلحة أو العنيفة التى يمكن أن تقوض البناء الحقيقى للدولة.
■ حدثنا عن مدى عمق العلاقات بين العراق ومصر؟
- فى الآونة الأخيرة أخذت مدى مشجعاً فى الانفتاح والتفاهم، وكذلك من خلال لقاءات متبادلة قام بها كلا الطرفين، عززت الترابط الموجود، وأكدت المعنى الحقيقى للانتماء العربى، خصوصاً بعد التغيير الذى حدث بسبب طرق معينة للدولة العراقية بأن تأخذ حضورها ووجودها فى المحيط العربى، وكذلك ما جرى من أحداث بشأن الواقع المصرى وبطبيعة الحال انكفاء أكثر للمشاكل الداخلية وإيجاد حلول ومخارج لها، الآن هناك سعى تام للتعالى على هذه المشاكل وإيجاد بوابة مهمة بين البلدين، فنحن متفائلون صراحة، خصوصاً لطبيعة العلاقات الاقتصادية التى نجتهد فى سبيلها لأن تأخذ مدى أوسع مما هى عليه الآن، وأيضاً لعب دور قام على أساس التنسيق فى الساحة العربية.
مصر أكثر الدول التى نرغب فى تعميق العلاقة معها والعراق سيمد يده لكل من وقف بجانبه ضد الإرهاب.. والنخبة السياسية السابقة أخطأت لأنها استقوت بالخارج.. ويجب الحفاظ على سيادة دولتنا
■ ما رأيك فى الدور الدولى لتحقيق المصالحة الوطنية بالعراق؟
- أولاً، مهم جداً أن تكون هناك مصالحة، ولا ننكر ضرورة البدء بصفحة جديدة، تتجاوز الأخطاء السابقة ويساهم بها الكل، ضمن مفاهيم تسوية ومصالحة مجتمعية مطروحة، لكن المؤشر أن انطلاقة التسوية يجب أن تكون من الداخل، وفى ضوء تفاهم داخلى، بدلاً من التركيز فقط على الاستفادة أحياناً من بعض الصيحات والمؤتمرات الخارجية، لغرض فرضها، التى قد لا تكون بطبيعة الحال متلائمة مع الواقع العراقى، ولذلك الذى نريد أن نركز عليه اليوم هو المصالحة المجتمعية وعملية بناء التسوية الشاملة.
■ نرى نازحين بشكل متكرر يتزايدون باستمرار، كيف تقيم وقفة المجتمع الدولى مع العراق فى مساعدة النازحين وإيوائهم؟
- الأمم المتحدة لعبت دوراً لا بأس به، لكن بصراحة بالنظرة الشاملة لموقف المجتمع الدولى، فى غير الجوانب العسكرية، فى الجوانب الإنسانية، ما زال دون المستوى، لا يتلاءم مع حجم التحدى ولا يتلاءم مع كون العراق يواجه هذا الخطر الكبير الإرهابى، الذى من المفترض مساندته بقوة، وليس الاقتصار فقط على الإطار العسكرى، بل الجانب الإنسانى أيضاً.
■ إذن ترى أن الحكومة العراقية تتحمل على كاهلها إيواء النازحين ومشقة الحرب فى آن واحد؟
- نعم، وهذا يثقل كاهلها، خاصة فى ظل تناقص واضح فى البنية الاقتصادية على ضوء ما يحصل لأسعار النفط بشكل واضح، واستنزاف للطاقات وعليه من المفروض أن هذا يحفز المجتمع الدولى حتى يكون له موقف أكبر مما هو عليه الآن.
■ كيف يمكن معالجة آثار ما ارتكبه تنظيم داعش من أعمال عنف فى رأيك؟
- أولاً مرحلة جديدة تبدأ بالأساس هى بناء الإنسان فكرياً، لأن أكبر تخريب حصل هو تخريب الإنسان بعد أن استثمرت المجاميع الإرهابية طاقات شباب ومدخرات بشرية فى سبيل تنفيذ أجندتها، فالأصل أن نبنى الإنسان، وبعد ذلك أن نمضى بمساهمة شاملة لإعادة الأمن والاستقرار والبناء، لفتح آفاق لدخول شركات عربية وأجنبية، خصوصاً فى المناطق التى تعرضت للإرهاب والمناطق الأخرى التى تحتاج إلى تعاون.
■ كيف يمكن القضاء على التدخلات الدولية وإنهاء ما يزيد على عقد كامل على الأزمة العراقية؟
- للأسف العراق كما تعلمون صار ساحة صراعات واضحة، وتجاوز مرحلة أن كل دولة تبحث عن مصلحتها إلى مبالغة أشد فى التدخل فى الشئون الداخلية، ولذلك لا بد من الحفاظ على سيادة العراق بشكل واضح، وفتح آفاق تعاون قائم على أساس المصلحة مع دول المنطقة ودول الجوار والدول العربية، يمكن هناك إدراك حقيقى موجود، سابقاً ما يعاب على النخبة السياسية والنخبة القائدة بالنسبة للعراق، أنها سمحت من خلال استقوائها بعوامل خارجية فى أن تثبت حضوراً فى الداخل، ولكن كان هذا خطأ.
■ وهل تتفق مع الاتهامات التى توجه إلى الولايات المتحدة بأنها السبب فى كل ما يحدث بالعراق الآن؟
- من الواضح، أنه كان ينبغى أن تأخذ فى الاعتبار الولايات المتحدة التى قادت عملية التغيير بعد 2003، أن تحسب كل الاعتبارات الموجودة، هى ليست فقط ممارسة عسكرية، وعملية تغيير ثم ترك الأمور من دون ضوابط وآليات وبالتالى شطر كبير تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية.
■ وكيف ترى السيناريو الأفضل لحل الأزمة العراقية والتغلب على الفشل الأمريكى؟
- من خلال بناء داخلى أولاً بشكل واضح، ثم تغيير كل الأدوات الدولية لخدمة الصالح العراقى، وننطلق على هذا الأساس.
هل يمكننا أن نستمر بالقول إن الصراع فى العراق هو صراع طائفى بين السنة والشيعة، وهل البرلمان يعكس المجتمع العراقى فى القضايا الطائفية؟
- مجتمعياً ليس هناك صراع طائفى، لكن ضمن إطار النخبة السياسية حاولت تجييره لخدمة مشاريعهم السياسية فنزل على الأرض بأوجه متعددة، فأصبح لدينا طبيعة صراع بعنوان طائفى، ويظهر ذلك بوضوح حينما تبدأ الانتخابات فتجد الكثير يحاول أنه يستدر عطف الناس بالعناوين والشعارات الطائفية، وللأسف خلق أزمة لا يمكن إنكارها، لكن يمكن معالجتها.
■ سمعنا أن هناك خلافات واحتقاناً بين العشائر بسبب «داعش» وقتل مئات من العشيرة الواحدة، كيف تواجهون ذلك؟
- هذا صحيح، يعنى ما حدث بالفترة الماضية، نسبة كبيرة أن هناك نزاعات ونوعاً من حالات التشفى مغلفة بعنوان دينى، لكن لها أبعادها السياسية والاجتماعية، ومن المفروض أن تجرى محاولات صلح عشائرية واجتماعية تتجاوز هذه المشاكل، ومن المهم أن يكون للدولة حضور ومشروع المصالحة المجتمعية يحمل فى طياته صورة من صور تجاوز هذه الأزمات.