مدير "العربي للإنماء الاقتصادي" في حوار لـ"الوطن": نساهم في إعادة إعمار سيناء
الدكتور عبد اللطيف الحمد مدير الصندوق العربي خلال حواره مع الوطن
قال الدكتور عبد اللطيف الحمد مدير الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي إن الصندوق لا يمول أي مشروعات عسكرية ويقتصر فقط على المشروعات التنموية بالدول العربية، وأكد في حواره مع "الوطن" من العاصمة الأردنية عمّان أن مصر كانت من أكبر المستفيدين من التمويل المخصص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 400 مليون دينار كويتي، موضحا أن هناك اتفاقات جديدة مقبلة مع مصر لإتاحة تمويل لإعادة إعمار سيناء.. وإلى نص الحوار.
- لماذا لا نري تجربة التكتل الأوروبي في المنطقة العربية؟
انظر نموذج التكتل الاقتصادي او التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد الأوروبي صعب تكراره في حالة الشرق الأوسط والدول العربية، خاصة وأن هذه الدول استطاعت تحديد مجالات التعاون فيما بينهما، كما أن الظروف السياسة الحالية في المنطقة العربية غير مواتية للتوصل إلى شكل أو صيغة تمكننا من الوصول إلى ما وصلت إليه دول الاتحاد الأوروبي من إقامة تكتل اقتصادي بين دول القارة الأوربية .
واعتقد انه من الخطأ محاولة استنساخ تجربة الاتحاد الأوروبي في المنطقة العربية، إلا أنه هناك تعاون اقتصادي بين البلدان العربية ولكن بشكل ثٌنائي وليس جماعي، وهناك تفاهم عربي يمكننا تحفيزه وزيادته علي كافة المستويات بالطبع، خاصةً وأن الدول العربية لديهم مميزات عن دول الاتحاد الأوروبي منها سهولة حركة العمالة بين الدول العربية مقارنة بحركة العمالة في الدول الأوربية.
- ما الذي ينقص الدول العربية لتحقيق تكامل عربي اقتصادي؟
اولاً يجب علي كل دولة تحقيق معدل نمو الاقتصادي يمكّنها من التكامل مع غيرها من الدول، لكن للأسف الشديد وطبقا لما أكده التاريخ فإن الخلافات السياسية حالت دون استمرار حلم التكامل العربي اقتصاديا واقليميا، فنرى دول تتعاون مع بعضها البعض وفجأة يتوقف هذا التعاون نتيجة أي خلاف سياسي.
- كيف نرفع المستويات الحالية للتعاون الاقتصادي بين الدول العربية؟
هناك تبادل بالفعل بين الدول العربية علي المستوى الاقتصادي إضافة إلى تبادل العمالة بين الدول، ولكن لكي نصل إلى المرحلة التي وصلت إليها الدول الأوروبية فإن الأمر يحتاج إلى فترات كبيرة من التطور الاقتصادي بين الدول العربية ككل.
- لماذا لا نرى مساهمات للقطاع الخاص بالتكامل الاقتصادي العربي؟
للأسف القطاع الخاص ذٌبح خلال فترات الخمسينات والستينات نتيجة انتشار أيدولوجيات الاشتراكية في المنطقة والدول العربية التي لم تترك له فرصة ليلعب هذا الدور أو ينمو بالشكل الكافي، وحاليا يحتاج القطاع الخاص لفترة طويلة لكي ينمو ويقوي.
- هل يمكن تحييد العلاقات السياسات عن الاقتصادية ؟
السياسة بدون اقتصاد كالشجرة بدون ثمر. والاقتصاد بدون سياسة كثمرة ليها لها جذور. هذا هو الواقع فتكامل العلاقات التجارية والاقتصادية لابد له من إطار سياسي.
- ماذا عن دور الاتحادات النوعية العربية والغرف التجارية المشتركة ؟
بالطبع من المفترض أن يكون لها دور لكن ذلك يحتاج إلى قيادات لديها الفكر لنتوصل إلى دور يجمع البلدان العربية في التعاون التجاري والاقتصادي بشكل أكبر من شكله الحالي، لكن للأسف الغرف التجارية التي يفترض أن تقوم بهذا الدور أصبحت "وجاهة" للقائمين عليها فقط .
- في رأيك هل يقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة العربية و مجلس الوحدة الاقتصادية بالدور المنوط به ؟
أعتقد أنهم يقومون بدور جيد بقدر إمكانياتهم المتاحة والعوامل المحيطة بهم في المنطقة العربية، لكن دورهم ليس على المستوي المطلوب اقتصاديا، على سبيل المثال الكفاءات الاقتصادية في البلدان العربية والمنظمات جيدة وقادرة علي العطاء لكن الأمر يلزمه إرادة سياسية تعمل على زيادة التعاون العربي للمستوى الذي نأمله جميعا.
- هل يمكن اعتبار مشروع الربط البترولي بين مصر والعراق والأردن الخطوة الأولى للتكامل العربي؟
ممكن بالفعل، واتمني أن يستمر هذا الاتفاق. فمثلا صندوق النقد العربي موّل مشروع الربط الكهربائي القائم حاليا بين مصر والأردن لكن مع الأسف توقف الانتاج في مصر، ومنيت الأردن بخسارة تكاليف 10 مليار دولار نتيجة انخفاض قيمة الصادرات الكهربائية للأردن، بعد توقف الجزء الخاص بشبكة الربط من الجانب المصري.
- هل هناك نية لتمويل مشروعات تنموية أخرى بين البلدان العربية ؟
الصندوق مول بالفعل عدة مشروعات إقليمية منها طريق "الطريق الساحلي الدولي" والذي يربط بين مصر والمغرب و موريتانيا، حيث مولنا الدراسة كما تم تمويل جزء من مراحل المشروع، كما أن المشروع مول مشروع ربط الكهرباء بين الدول العربية الذي جمع بين سوريا ولبنان وليبيا وتونس والمغرب ومصر، كما مول الصندوق شبكة الربط الكهربائي بين مصر والسعودية الذي نأمل ان يتم تنفيذ هذا المشروع قريبا، وشخصيا أشعر بالتفاؤل بالوضع العربي رغم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية.
- هل التشريعات بين البلدان العربية كافية لتحقيق تكامل عربي؟
اعتقد ان التشريعات الاقتصادية بين الدول العربية تحتاج إلى تطوير ولابد أن لا نتوقف عن تطوير البروتوكولات بين الدول العربية حتي تحقق الهدف منها، فالتشريعات الحالية والبرتوكولات غير كافية إذا كنا نتحدث عن اتجاه لتنمية أو تكامل عربي حقيقي.
- ماذا عن برنامج الصندوق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
الصندوق خصص برنامج قيمته نحو 2 مليار دينار كويتي لتمويل وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان العربية. وحتي الأن استفادت منها 54 جهة ومؤسسة عربية وسيطة بين الصندوق والمستفيدين. ودعني أوضح أن سبب قيامنا بتمويل المؤسسات والدول فقط يأتي ضماناً لوصول التمويل إلى المشروعات المستحقة بالفعل ولا يساء استخدامه.
- ما هو حجم التمويل المقدم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر؟
مصر لها النصيب الأكبر من حيث حجم التمويل المقدم لقطاع المشروعات الصغيرة حيث حصلت علي 400 مليون دينار كويتي منذ إطلاق البرنامج في 2013 وحتي الأن، ولا مانع لدينا في توجيه مزيداً من التمويلات لهذا القطاع.
- هل تأثر الصندوق بالإضطرابات في بعض الدول الإعضاء خلال السنوات الماضية؟
بالعكس. زادت القروض التي يصدر التمويل خلال السنوات الاخيرة بنسبة 3 إلى 5 % سنوياً وذلك لانخفاض عدد الدول المستفيدة من التمويلات المقدمة من الصندوق بسبب الاوضاع السياسة والاضطرابات التي تشهدها مثل اليمن وليبا وسوريا والعراق، فهذه دول كانت تستفيد من الصندوق وبسبب أوضاعها تم توجيه حصصها لدول اخرى، لكن في حالة دخول هذه الدول لمرحلة الإعمار سيقوم الصندوق بدعمها.
- ماذا عن تفاصيل اتفاقية إعمار سيناء؟
وقعنا مؤخرا اتفاقية لإعمار سيناء بقيمة 30 مليون دينار كويتي وهي قيد التنفيذ الأن، وهناك اتفاقية اخري جديدة مع مصر سيتم توقيعها في ذات الشأن أبريل المقبل في العاصمة المغربية الرباط خلال الاجتماع السنوي للصندوق العربي بقيمة 25 مليون دينار كويتي.
- هل هناك مشروعات أخرى في مصر تدرسون تمويلها؟
حتي الآن لا يوجد مشروعات جديدة، لكن أتوقع الاتفاق خلال اللقاء شهر إبريل المقبل الاجتماع السنوي للصندوق العربي مع الدكتورة سحر نصر أن يتم دراسة مشروعات جديدة.
- ما هو حجم التمويل السنوي الذى يقدمه الصندوق للدول الأعضاء؟
الصندوق يقدم نحو 1.5 مليار دولار سنوياً بما يعادل أكثر من 500 مليون دينار كويتي توجه لتمويل للمشروعات التنموية والبنية الاساسية والمشروعات الاقليمية بين البلدان العربية، ومؤخراً حدث زيادة لرأسمال الصندوق بنحو50%.
- هل يقدم الصندوق تمويل لدعم المشروعات العسكرية للدول العربية أو لتطويرها؟
لا. جميع التمويلات التي يقدمها الصندوق للبلدان العربية هي تمويلات لمشروعات تنموية مدنية فقط كالبنية التحتية والتعليم وغيرها من المشروعات التنموية.
- البعض يرى أن الشركات العابرة للقارات تعرقل حدوث تكامل عربي؟
اذا كان هذا حقيقي فاللوم الأكبر علينا نحن فهم يبحثون عن مصلحتهم. أما نحن فنكتفي بالمشاهدة وأتمنى أن نتحرك.
- هل صحيح أن المرأة غير مٌمكنة في الدول العربية حتى الأن؟
كيف هذا ونصف العاملون في الصندوق من النساء، وعندكم في مصر فهناك وزيرات وعدد كبير في البرلمان المصري.