خبراء: تطور العلاقات المصرية - الأمريكية سيعزز الشراكة مع دول الخليج
العلاقات المصرية السعودية تتخطى فترة الجمود بلقاء «السيسى وسلمان»
تباينت رؤى خبراء ودبلوماسيين لمدى تأثير تطور العلاقات المصرية-الأمريكية، على شكل العلاقات المصرية-الخليجية، لكن معظم الآراء مالت إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة ستعمل على تعزيز الشراكة بين مصر ودول الخليج لتحقيق عدة مصالح مشتركة فى مقدمتها مكافحة الإرهاب ومواجهة التدخلات الإيرانية.
قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واشنطن سوف تشهد أول قمة مصرية أمريكية منذ توليه الرئاسة، وتأتى فى مرحلة جديدة كلية فى تاريخ مصر والشرق الأوسط.
«هريدى»: لسنا بحاجة لوساطة أمريكا لتحسين علاقتنا بالسعودية
أضاف «هريدى»: «نأمل أن تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين وتدشن مرحلة جديدة فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن ورؤى مشتركة للتعامل مع التحديات التى تواجه مصر، خاصة حربها على الإرهاب، وأن يكون هناك دعم ومساندة أمريكية شاملة فى هذه الجهود لمحاربة الإرهاب، وأن ترتبط الاستراتيجية الأمريكية فى محاربة «داعش» بحرب مصر على الإرهاب، وأن يكون هناك اتساق فى الرؤى لشروط ومقتضيات حل القضية الفلسطينية وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى إطار قرارات الشرعية الدولية».
واعتبر أن تنسيق الجهود المصرية والأمريكية مع جهود الأمم المتحدة ومحاربة الإرهاب فى ليبيا سوف يكون أحد أبرز الملفات التى ستبحثها القمة المصرية-الأمريكية، وأن مصر سوف تطرح رؤيتها بأن الولايات المتحدة الأمريكية فى معركتها ضد الفكر المتطرف والجماعات المتطرفة لا تستطيع أن تهزمها جزئياً فى مناطق محددة، حيث تحتاج إلى حرب شاملة، لأنها تقوم بحرب شاملة على الحضارة الإنسانية، وألا تنحصر الحرب والعمليات العسكرية فى منطقة دون أخرى، أو ضد جماعة إرهابية دون غيرها.
واستبعد «هريدى» وجود ارتباط مباشر بين تحسن علاقة مصر ببعض دول الخليج نتيجة تطور العلاقات بين القاهرة وواشنطن، مضيفاً: «العلاقات الخليجية الأمريكية والعلاقات المصرية-الخليجية غير مرتبطة بالعلاقات المصرية-الأمريكية، ولا نحتاج وساطات بين مصر ودول التعاون الخليجى، ولن نعتمد على دولة أجنبية أو أى قوة دولية فى علاقتنا الأزلية والتاريخية بدول التعاون الخليجى وعلى رأسها السعودية، فهى علاقات أخوية تعتز بها كل الأطراف، ومرتبطة بالاستقرار الإقليمى، وتساعدنا على مواجهة كل التحديات، ومصر والسعودية ليستا فى حاجة لتأكيد أهمية علاقتهما من أجل الاستقرار فى الشرق الأوسط والعالم العربى، والجميع يدرك أهمية وحيوية العلاقات بين القاهرة والرياض لصالح الأمة العربية جمعاء، وبالتالى أعتقد أن التحسن الذى طرأ والتحركات الإيجابية على صعيد العلاقات المصرية-السعودية جاء فى إطار إدراك الجانبين لذلك وليس لتدخل من جانب واشنطن».
«الزعتر»: الشراكة الإقليمية مع «واشنطن» ستركز على «داعش» وليس «إيران»
ورفضت السفيرة جيلان علام، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ربط تغير الموقف السعودى بالنسبة للاتفاقات النفطية مع مصر بمسألة زيارة ولى ولى العهد السعودى الامير محمد بن سلمان لواشنطن، وزيارة الرئيس السيسى، موضحة أن تغير الموقف من اتفاقية «أرامكو» مرتبط بسياسات «الأوبك» واضطرار السعودية نتيجة الانخفاضات المستمرة فى أسعار النفط والوفرة الموجودة فى السوق إلى تحجيم مبيعاتها النفطية فى فترة معينة، ومن ثم استأنفت الصفقة مع القاهرة عندما تحسنت المؤشرات، إلا أن ذلك لم يمنع «علام» من التأكيد لـ«الوطن» على وجود ارتباط بين تطور العلاقات المصرية الأمريكية ومزيد من التحسن بين القاهرة ودول مجلس التعاون، فى إطار كون طبيعة العلاقات مع واشنطن محدداً أساسياً فى علاقات دول الخليج.
وأضافت: «مصر تتبنى سياسة متوازنة فى علاقاتها الخارجية ومستمرة فى الانفتاح على جميع الأطراف بمن فيها إثيوبيا التى تمثل سياستها خطراً حقيقياً على أمننا القومى، وحالياً مصر دخلت مرحلة جديدة من علاقاتها مع الولايات المتحدة جعلت هناك مصالح مشتركة بين مصر ودول الخليج وواشنطن وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والوقوف بوجه التدخلات الإيرانية فى المنطقة».
وأشارت مساعدة وزير الخارجية الأسبق إلى مشاركة مصر والسعودية على مستوى وزير الخارجية فى الاجتماع الوزارى فى واشنطن لـ«التحالف العالمى لهزيمة داعش»، معتبرة أنه تحالف جديد يختلف عن التحالف الدولى ضد داعش.
وأوضحت «علام» أن الولايات المتحدة ذكرت أهمية مصر والسعودية كدولتين كبيرتين ومهمتين فى الحرب ضد التطرف، مع التركيز على فكرة محاربة الفكر المتطرف كمسبب رئيسى للإرهاب، وشددت على أن نظرة الولايات المتحدة لمصر من هذا المنطق تؤسس لشراكة قوية مع دول الخليج التى تمثل امتداداً لأمن مصر القومى فى مكافحة الإرهاب والتطرف فى الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية التى حدث فيها تقارب بين مصر والخليج والولايات المتحدة فى الفترة الأخيرة، ركزت الدبلوماسية المتقاعدة على الأوضاع فى العراق والعلاقات مع بغداد، وأشارت إلى أن التقارب المصرى العراقى كان سابقاً على التحركات الخليجية والانفتاح الذى حدث مؤخراً فى العلاقات بين الرياض وبغداد، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية السعودى عادل الجبير إلى بغداد فى فبراير الماضى، وزيارة وفد دبلوماسى عراقى إلى الخارجية السعودية فى مارس، فيما تواكب مع ذلك زيارة رئيس الوزراء العراقى الدكتور حيدر العبادى إلى واشنطن مؤخراً ولقاؤه بالرئيس الأمريكى، مؤكدة أن ذلك يمثل دليلاً قوياً على صحة رؤية مصر فى التقارب مع العراق وتدشين علاقات قوية فى هذه المرحلة.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسى السعودى خالد الزعتر، لـ«الوطن»: إن هناك مؤشرات عديدة للتحسن فى العلاقات المصرية السعودية منذ استضافة مصر كضيف شرف فى مهرجان الجنادرية الثقافى وتجديد مشاركة القوات المسلحة المصرية فى عمليات التحالف العربى لدعم الشرعية فى اليمن، واستئناف صفقة «أرامكو» النفطية، ولكن هذه التطورات لا تشير لوصول العلاقات لما يجب أن تكون عليه من تواصل وتنسيق وتكامل فى الرؤى والمواقف إزاء القضايا الإقليمية.
واعتبر «الزعتر» أن التحالف الإقليمى الذى تنوى الولايات المتحدة تشكيله سيركز على مكافحة الإرهاب، وليس مواجهة إيران بنفس الدرجة، معتبراً أن مفتاح التقارب الحقيقى بين القاهرة والرياض سيرتبط بتغير موقف مصر من الأزمة السورية اتخاذ منهج أكثر حدة تجاه النظام السورى.
وقال عمرو عبدالعاطى، الباحث المتخصص فى الشئون الأمريكية، إن زيارة الرئيس السيسى للولايات المتحدة متأخرة كثيراً حيث كان كثير من التوقعات تذهب إلى أن السيسى سيكون أول رئيس عربى يزورها، ولكنها جاءت بعد زيارة عدد من المسئولين العرب فى مقدمتهم قادة الأردن والسعودية والعراق، وهذا ما يكشف عن أولويات الإدارة الأمريكية فى الوقت الحالى.
وقال إنه على المستوى المحلى سيكون محور المساعدات العسكرية الأمريكية هو أساس الحوار الأمريكى-المصرى وإحداث تحول فى المساعدات العسكرية بعد طلب الرئيس السابق أوباما بإنهاء خاصية الدفع المقدم فى إطار المساعدات، ومطالب بحصول مصر على أسلحة جديدة تمكن مصر من الحرب على الإرهاب وزيادة التعاون المخابراتى بين البلدين فى إطار الحرب على الإرهاب، وربما يكون هناك مفاوضات على مساعدات اقتصادية لمصر لتدعيم الاقتصاد المصرى.