«المنيا»: كنوز «الظهير» التعدينية والمحجرية فى قبضة البلطجية.. والمحافظة «محلك سر»
كنوز ضائعة بسبب وضع اليد على أراضى الدولة
تضم المنيا كنوزاً تعدينية ومحجرية غير مستغلة بالمرة، بل إنها تقع حالياً فى قبضة البلطجية، ورغم أن صحراء المحافظة طامحة للاستثمار والنماء لرفع مستوى معيشة أبنائها وتحقيق الاكتفاء الذاتى ودعم الموازنة العامة للدولة، إلا أن الإهمال ضرب كل حبة رمل يمكن أن تتحول لكنز.
وتضم المنيا 15 نوعاً من المواد المحجرية، على مساحة 24 ألفاً و871 فداناً، منها نحو ألف فدان مستغلة، وأكثر من 23 ألفاً و800 غير مستغلة، ومعظمها مستولى عليها من جانب «العربان»، وأبرز المواد المحجرية الثمينة، الحجر الجيرى متعدد الألوان، والطفلة، والبازلت والرمال الصفراء، والزلط، وتستخدم فى صناعة الأسمنت والطوب الطفلى، ورمال بيضاء تستخدم فى صناعة الزجاج، وكثبان رملية، وعروق كالسيت والباستر وجبس أرضى، وبريشيا، ورواسب ملحية وطين حديدى، وحقول جلاميد، ويتركز الحجر الجيرى بقرى شرق النيل على مساحة 50 كيلومتراً مربعاً، ويعد من أفضل الأنواع على مستوى العالم، حيث تبلغ نسبة كربونات الكالسيوم 98%، ويمكن أن يصدر هذا المنتج لاستخدامه فى إنتاج صناعات طبية ولكن يهدر فى البلوكات الحجرية، ويوجد أفضل أنواع الرخام على مستوى العالم، على مساحة 5 كيلومترات مربعة، ويتم تصدير أجزاء منه إلى الخارج، فى هيئة بلوكات، حيث تتم تنقيته وإعادة تصنيعه بالخارج وبيعه بأضعاف سعره.
«العربان» يستولون على معظم أراضى «الثروة المحجرية».. والمحليات حررت 20 قضية لمواطن استصلح 30 فداناً
وتضم المنيا 6 قرى بالظهير الصحراوى، تم بناء الوحدات السكنية بها ومحطات آبار مياه الشرب والوحدات الصحية ورصف الطرق والمواقف، وهى، السلام الجديدة والبهنسا الجديدة بمركز بنى مزار، والشيخ مسعود بالعدوة، شارونة الجديدة بمغاغة، العزيمة بسمالوط، تونا الجبل بمركز ملوى، ورغم ذلك فهى خالية من مظاهر الحياة.
وقال اللواء عصام البديوى، محافظ المنيا، إنه كلف إدارة التخطيط العمرانى بالمحافظة بإعداد مذكرة تفصيلية، لاستخدامات أراضى الدولة، ومعرفة الموقف العام لقرى الظهير الصحراوى بالمحافظة، وتحديد «الولاية» التابعة لها أراضى تلك القرى.
وأضاف المحافظ أنه شدد على ضرورة إزالة أى تعديات على أراضى تلك القرى، مؤكداً أن الدولة أنفقت أموالاً طائلة لإنشائها، وخصصت لها ميزانيات كبيرة ومع ذلك فالحياة متوقفة، وقال نحن فى أمس الحاجة لها الآن للخروج من الوادى الضيق، وخلق فرص عمل وحياة جديدة لعدد كبير من شباب المحافظة.
وقال إبراهيم العربى، رئيس مركز ملوى، إن أهم المعوقات التى تواجه قرى الظهير الصحراوى، معرفة الولاية التابعة لها لتحديد عقود الإيجار والانتفاع والعمل على حل مشاكل بعض الآبار بها، مضيفاً أن قرية تونا الجبل تم بناء 50 منزلاً بها وتم تسليم المنازل للمستحقين وحفر 5 آبار، تغطى البئر الواحدة 50 فداناً ومع ذلك خالية من الحياة، كما تم إنشاء تلك القرى تنفيذاً لقرارات اللجنة الوزارية لمشروع تنمية وادى النيل، بشأن إنشاء قرى الظهير الصحراوى، وتم اختيار 24 قرية منها 14 غرب النيل و10 بشرق النيل.
يقول الدكتور محسن الشوربجى، أحد المستثمرين فى استصلاح الصحراء، كان لدىّ قطعة أرض مساحتها 40 فداناً بالطريق الصحراوى الغربى أمام قرية 8، وقمت بإنشاء بعض المنشآت عليها بمئات الآلاف، وتم الاستيلاء عليها من العرب، وبعد أكثر من عام تمكن الأمن من طردهم، مضيفاً أن أزمته مع هؤلاء العربان لم تنته بل ظلوا يترددون عليه من وقت لآخر، حتى حصلوا على مبالغ مالية وصلت إلى 300 ألف جنيه، وبعدها اضطر إلى بيع أرضه بالبخس وخسر مشروعه الذى كان يحلم به وهو مزرعة الدواجن وجناين فاكهة، وتحطم حلم حياته.
وطالب «الشوربجى» الدولة بفرض سيطرتها على المناطق الصحراوية، مؤكداً أن جميع المستثمرين يعانون بشكل كبير، من تلك الجماعات التى لا تعترف بأجهزة الدولة، وكان آخر أعمالهم الاستيلاء على أراضى الشركة الكندية الكويتية فى ملوى أمام كمين ملوى بالطريق الصحراوى الغربى، وبالضغط على الحكومة تم تطهير الأرض من المسلحين، ولكنهم تمكنوا من سرقة أجهزة ومعدات تخطت 5 ملايين جنيه.
ويقول عبدالقادر على عبدالجواد، 53 سنة، من أبناء مركز مطاى «كان حلم حياتى تعمير وتخضير الصحراء، فعندما كنت أزور الصحراء ضمن فريق الجوالة المدرسى فى طفولتى تعلقت بالفكرة، وكان وقتها والدى رجلاً فقيراً ولى 10 من الأشقاء الكادحين، وعندما اشتد ساعدى واكتملت الفكرة جاءت الفرصة لإقامة حلم حياتى عقب ثورة 25 يناير، فحصلت على أجازة بدون مرتب من عملى، وتوجهت إلى إدارة أملاك الدولة بالمحافظة وتقدمت بطلب لاستصلاح قطعة أرض مساحتها 30 فداناً بالصحراء بزمام قرية الشيخ حسن بمركز مطاى، وطلب منى المسئولون وقتها بدء الاستصلاح، وأرسلوا لجاناً من المحافظة والقاهرة للمعاينة، ثم وافقوا على ربط مساحة 4 أفدنة على أن تستكمل استصلاح باقى المساحات تباعاً، وهذا ما دفعنى لإنشاء 3 مزارع للدواجن، ومعلف للمواشى يضم 250 رأس ماشية، ومزرعة للأبقار والأغنام، ومصنع للأعلاف، وأسطبل للخيل، بالإضافة لمسجد مساحته 450 متراً، ومنزل صغير».
ويضيف «عبدالقادر»: «أنفقت نحو 10 ملايين جنيه حتى الآن، وهناك أكثر من 150 أسرة تعمل بزراعة الأرض والمزارع، وأقوم بصرف أجور يومية تتجاوز نحو 3 آلاف جنيه، وقمت بإنشاء محطة رفع على النيل لتوصيل المياه عبر المواسير، للإراضى المستصلحة، التى تبعد عن المجرى المائى نحو 2 كيلومتر، ثم قمت بنقل تربة جبلية تقدر بنحو مليون ونصف المليون متر مكعب، صالحة للزراعة من على بعد 70 كيلومتراً، وكل شىء فى المشروع مستخرج من الجبل والصحراء، ومنها التربة الجبلية والبلوك الحجرى والأسمنت ولم أعتمد على شىء من الوادى إلا العنصر البشرى، وهذا قمة النجاح فمصر تعيش على مساحة 7% وهناك 93% متروكة فى الصحراء».
ويشير «عبدالقادر» إلى أن «الدولة وافقت على ربط مساحة 4 أفدنة لى، وتوجهت للوحدة المحلية بمركز مطاى لتوصيل المرافق، وكانت المفاجأة أنهم رفضوا وقالوا لى الأرض دى مخصصه لإقامة مدافن للموتى، وهنا كانت الصدمة وقلت لهم أنتوا سايبين مساحة تقدر بنحو 750 ألف فدان ممتدة حتى البحر الأحمر شرقاً، ومش لاقيين غير أرض مستصلحة بتكاليف باهظة علشان تعلموا عليها مدافن، ثم بدأ سيل من المحاضر يتم تحريره ضدى ومنها قضايا تعد على أملاك الدولة، حتى المسجد الذى تم إنشاؤه تم تحرير 5 محاضر له، ومجموعة الأحكام المتوقع صدورها ضدى قد تتجاوز المؤبد، لكننى مستعد أن أصل لحبل المشنقة، لكن لن أتنازل عن حلمى ومستقبل أبنائى السبعة، و150 أسرة تستفيد من المشروع، خاصة أننى اتبعت الإجراءات القانونية ولم أعتد على أملاك الدولة بل على العكس، قمت بتخضير الصحراء، وإنتاجية الفدان الواحد هنا من القمح تتجاوز 25 أردباً، بالإضافة إلى زراعة محاصيل البطاطس، والبصل، والبرسيم، كما أننى واجهت مخاطر محدقة فى فترة الفوضى والانفلات الأمنى وتغلبت عليها»، وتابع «نجحت بعد جهود مضنية فى الحصول على موافقة من محافظ المنيا السابق اللواء طارق نصر بتخصيص مساحة 21 فداناً، ولكن للأسف يتم إرسال إنذارات وتحرير محاضر لى حتى هذه اللحظة، وأتردد على المحكمة أسبوعياً بسبب القضايا المقامة ضدى وتتجاوز 20 قضية».
ويعد مشروع المليون ونصف المليون فدان بمنطقة غرب المنيا، قاطرة تنمية حقيقية للمحافظة، حيث تبلغ مساحة أراضى الاستصلاح به نحو 320 ألف فدان، وتم حفر 248 بئراً من إجمالى 501 مخصصة لتلك المنطقة، ومن المقرر توفير شبكة اتصالات لتغطية المنطقة، وإنارة الطريق المؤدى للموقع، وتوفير نقطة إسعاف للتمركز على الطريق الخارجى للموقع.
ويضم المشروع منطقتين، الأولى تقع غرب غرب، وتقع بزمام مركز بنى مزار على بعد نحو 70 كيلومتراً من طريق أسيوط - القاهرة، من اتجاه الغرب، وإلى الجنوب 30 كيلومتراً، ومن مدينة المنيا 60 كيلومتراً، وتستهدف حفر 501 بئر، والمنطقة الثانية هى غرب المنيا، وتقع فى زمام مركز المنيا، غرب طريق أسيوط - القاهرة بنحو 20 كيلومتراً، وتشمل حفر 100 بئر طبقاً للبروتوكول الموقع بين وزارة الموارد المائية والرى، ووزارة الإنتاج الحربى، وتبلغ المساحة المستهدفة 25 ألف فدان.