البشبيشي في حوار لـ"الوطن": رسالة البشير للسيسي عقب أزمة تصريحات "أهرامات مروى" أكدت على ترابط الدولتين الشقيقتين
الدكتورة هبة البشبيشي الخبيرة بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية
قالت الدكتورة هبة البشبيشي، الخبيرة بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، إن بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط ترى العلاقات القوية والوحدة بين مصر والسودان تمثل خطرا على مصالحهم، مشيرة إلى أن الرسالة الخطية التي تسلمها الرئيس عبدالفتاح السيسي من طه عثمان، وزير الدولة السوداني ومدير مكتب الرئيس السوداني عمر البشير، والتي أكدت على ما يربط الشقيقتين من علاقات أخوية وتاريخية، تعتبر رد فعل أكثر من رائع على الشائعات التي رددتها قناة "الجزيرة".
الفيلم التسجيلي الذي انتجته قناة "الجزيرة" عن أهرامات مروى يؤكد على الفكر التقسيمي التي تمارسه قطر
وأضافت البشبيشي، التي سبق لها التدريس بالكلية العسكرية العليا السودانية وكلية القيادة والأركان بالسودان، في حوارها لـ"الوطن" أن جميع الاتهامات الموجهة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأنه تخلى عن السودان وتنازل عنه عقب ثورة 23 يوليو 1952 لا يوجد لها أي سند تاريخي وما يُردد بهذا الشأن غير صحيح بالمرة.
وإلى نص الحوار...
- ما هي أبرز محطات العلاقات المصرية - السودانية في الفترة الحالية؟
تعتبر أبرز المحطات في العلاقات المصرية – السودانية خلال الفترة الحالية هي محطة سد النهضة التي لعب السودان فيها دور الوسيط عبر اللجنة الثلاثية، ورغم تراجع السودان عن موقفه المساند لمصر والذي كان يتبنى أحقية مصر في مياه نهر النيل بسبب بعض التطورات في الملف إلا أنه كان من المفترض تقدير موقفه الداعم أكثر من ذلك، حيث إن الخرطوم كان ترشيحها لتتولى دور حلقة الوصل بين العالمين العربي والإفريقي في اللجنة الثلاثية كان صائبا، وهذا ما ظهر جليا في دعم موقف القاهرة في المباحثات الذي قام على فكرة "لا ضرر ولا ضرار" و تفهمت مصر وجهات النظر والاحتياجات الإفريقية.
تركيا وقطر وإسرائيل وإيران متخوفين من التقارب المصري - السوداني
- لماذا تسعى بعض الدول إلى إثارة القلائل بين مصر والسودان؟
بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط ترى العلاقات القوية والوحدة بين مصر والسودان تمثل خطرا على مصالحهم، وتلك الدول تحديدا تركيا وإسرائيل وقطر وإيران، ويرجع ذلك إلى التخوف من عدد سكان الدولتين الشقيقتين والمصالح الأمنية والاستراتيجية بينهما، فالاستقرار في مصر ينعكس على السودان والعكس.
- ما تعلقيك على الرسالة الخطية التي أرسلها الرئيس السوداني عمر البشير للرئيس عبدالفتاح السيسي عقب الأزمة الإعلامية الأخيرة بين البلدين؟
رد فعل أكثر من رائع، لاسيما وأن التصريحات كانت غريبة جدا، ولم يسبق لمسؤول سوداني بالإدلاء بمثل هذه التصريحات العبثية التي تهدف لإثارة الأوضاع بين الشعبين الشقيقين، وهناك علم اسمه "المصريات" وهو مختص بكل ما يتعلق بالحضارة المصرية القديمة من البحر المتوسط شمالا حتى بلاد "بونط" الصومال حاليا وهذا يعني إمكانية العثور على آثار فرعونية حتى القرن الإفريقي، حيث إنه لم تكن هناك التقسيمات الحديثة التي ظهرت بسبب الاستعمار في العصر الحديث.
والرسالة الخطية التي تسلمها الرئيس عبدالفتاح السيسي من طه عثمان، وزير الدولة السوداني ومدير مكتب الرئيس السوداني عمر البشير، أكدت على ما يربط الشقيقتين من علاقات أخوية وتاريخية، وحرص السودان على مواصلة العمل مع مصر من أجل تعزيز أواصر التعاون بينهما، ولعل أبرز ما ركز عليه عثمان تمثل في أن ما يتناوله الإعلام في بعض الأحيان لا يُمثل مستوى العلاقات المتميزة التي تربط بين الشعبين الشقيقين.
- لماذا بثت قناة "الجزيرة" القطرية فيلما تسجيليا عن أهرامات مروى بالتزامن مع تصريحات وزير الإعلام السوداني؟
ما يسمى بالفيلم التسجيلي الذي انتجته قناة "الجزيرة" عن أهرامات مروى، يؤكد على الفكر التقسيمي التي تمارسه هذه القناة وقطر من خلال غرز الفتن بين أبناء المنطقة الواحدة، وهذا يعني أن حال توتر العلاقات بين قطر والسودان ستروج القناة ذاتها أن بناة الهرامات سالفة الذكر هم سكان جنوب السودان أو إثيوبيا، فالقناة تهدف إلى اشعال الفتن بمنهج صهيوني وتسعى لجعل التاريخ على المشاع وتفتيت التاريخ المصري ويريد القائمون على القناة محو حضارة وادي النيل، ضاربين عرض الحائط بجميع الدلائل التاريخية الموثقة بأن الحضارة المصرية القديمة كانت ممتدة.
- ما صحة الإتهامات التي يوجهها البعض للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالتفريط في السودان عقب ثورة يوليو؟
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يؤمن بفكرة الحكم الذاتي وحق تقرير المصير للشعوب وهذا ما ظهر جليا في مساندته لحركات التحرر في القارة الإفريقية، حيث تدين له الكثير من الدول حتى الآن لأنها نالت استقلالها بفضل مصر، كما أنه ساند الثورة الجزائرية، ولهذا لم يقف أمام رغبة السودانيين في تقرير مصيرهم والانفصال عن مصر وفصل الوحدة السياسية بين البلدين، وجميع الاتهامات الموجهة إليه بأنه تخلى عن السودان وتنازل عنه عقب ثورة 23 يوليو 1952 لا يوجد له أي سند تاريخي وما يُردد بهذا الشأن غير صحيح بالمرة.
- ما مدى اهتمام مركز الدراسات والبحوث الإفريقية بالشأن السوداني؟
أنشئ معهد الدراسات والبحوث الإفريقية بجامعة القاهرة فى عام 1947 تحت مُسمى "معهد الدراسات السودانية"، وكان ملحقاً بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتم فصله عنها فيما بعد عام 1954، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتحول إلى كيان منفصل بذاته تحت مسماه الحالى فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1971، ويُعتبر السودان الدولة الأكثر ذكرا في مناهج المعهد، لاسيما في المواد المتناولة لجغرافيا القارة السمراء وتُسمى "إفريقيا الصغيرة" لعدة اعتبارات مثل الطقس والموارد والبيئة والثقافة، أما مواد التاريخ الإفريقي فيحظى السودان بنصيب كبير في وحداتها حيث تتناول تاريخ الحركة المهدية في السودان والصراع الفكري بين الحركة المهدية والصهيونية ومقاومة السودان للاحتلال الإنجليزي.
- لماذا لا يتم تطبيق نظام التبادل السلعي بين مصر والسودان؟
السودان به أكبر ثروة حيوانية في العالم ومراعي طبيعية شاسعة، فلماذا لا يحدث تبادل سلعي بين البلدين بحيث نستورد احتياجاتنا من اللحوم من السودان لتكون بديلا لبعض الدول التي نستورد منها مثل البرازيل، ونصدر للخرطوم منتجات مصرية، وبهذا يصبح السودان سوقا للمنتجات المصرية، إضافة إلى فتح مصانع ومصانع للأدوات الكهربائية والمطاط والصمغ والملابس والحلقات الوسيطة، حيث إن السودان يتوافر به جميع المواد الخام اللازمة لتدوير هذه المصانع وبهذا توفر مصر الكثير مما تنفقه على نقل هذه المواد بل وتصدر إلى دول القارة الإفريقية.
- كيف يتم التقارب الإعلامي بين مصر والسودان؟
من الممكن العمل على أفكار برامج تناقش الأوضاع الاجتماعية المشتركة بين البلدين وتقريب وجهات النظر في النقاط الخلافية في بعض القضايا والخروج بمبادرات إعلامية هادفة تطبق على أرض الواقع مثل تبادل الرحلات لطلاب الجامعات بين البلدين.
- حدثينا عن كيفية تناول الشأن المصري والسوداني في مراكز الدراسات والأبحاث في الدولتين الشقيقتين؟
معظم الوحدات المختصة بالسودان ومصر في مراكز الأبحاث والدراسات في الدولتين تدرس الموضوع بشكل قشري، على العكس مما يحدث في أوروبا التي توفد باحثين وخبراء للتعايش في المجتمعات التي يستهدفوا دراستها وللأسف فإن الكثير من المتخصصين بالشأن السوداني في مصر لم يزوروا السودان من قبل والعكس في الجانب السوداني.