«الوطن» تعيش لحظات احتفال المعتصمين بنجاح مليونية رفض الإعلان المكمل
ليلة جديدة تختلف عن ليلة التجهيزات قضتها «الوطن» بين معتصمى ميدان التحرير، الذين احتفلوا فى نهاية «جمعة رفض الإعلان المكمل» بنجاح المليونية. عشرات المعتصمين يحملون أكفاناً رمزية، فى مسيرة طافت أرجاء الميدان، مرددين هتافات: «قالوا مرسى عاوز كرسى طلع الكرسى عاوز مرسى» و«احنا شباب 25 وعن حقنا مش راجعين» و«يا طنطاوى قول لعنان الثورة لسه فى الميدان»، بينما ارتدى شاب كفناً، وكتب عليه: «أنا مصرى مشروع شهيد».
وأثارت كلمة الدكتور محمد مرسى، الرئيس المحتمل، فى المؤتمر الذى عقده مع قوى سياسية، المتظاهرين ورددوا هتافات: «قول ماتخفش مرسى هو الريس» و«يا طنطاوى قول الحق مرسى رئيسك ولا لأ»، و«الصحافة فين الرئيس أهو»، وبدت فرحتهم واضحة بتوحد القوى الوطنية ضد المجلس العسكرى.
كان للسلفيين ظهور بارز، وظلت المنصة المخصصة لهم تهتف ضد حكم العسكر، وتلقى من فوقها الكلمات الحماسية، ووضع المعتصمون لافتة كبيرة عند مدخل الميدان من ناحية ميدان عبدالمنعم رياض، كتب عليها: «رجال مشروع نهضة مصر»، إلى جانب صورة «مرسى» ووجدى العربى والدكتور راغب السرجانى وهادى خشبة ومحمد أبوتريكة وصفوت حجازى ومحمد عبدالمقصود ومحمد البلتاجى.
فى الساعة الـ7، شهد الميدان بدء توافد عشرات الأسر المصرية للاستمتاع بجو الثورة، وقال أحمد محمود «45 عاما»، محاسب، إنه وأولاده اعتادوا المجىء للميدان كل جمعة، وانقطعوا بعدما تفرقت القوى الثورية، وها هم يعودون إليه بعد توحد ثواره من جديد.
وصلت مسيرتان انطلقتا من ميدان مصطفى محمود، ومسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث أذن المتظاهرون لصلاة المغرب أثناء وجودهم بشارع التحرير بالدقى، وقرأ المتظاهرون الفاتحة على أرواح الشهداء، أثناء مرورهم بكوبرى قصر النيل، وقدموا التحية لسكان منطقة الدقى الذين خرجوا من شرفات منازلهم رافعين أعلام مصر، فى حين رفع عدد منهم الأحذية فى وجه عدد من مؤيدى شفيق، وشارك فى المسيرة شباب الإخوان المسلمين، و«6 أبريل» وائتلاف شباب الثورة، وحملة «شايفينكو».
عند الـ 8.30 وصل الدكتور محمد البلتاجى القيادى الإخوانى إلى ميدان التحرير، للمطالبة بعودة مجلس الشعب «المنحل» للانعقاد، ليحمله المتظاهرون على أعناقهم ويطوفوا به الميدان، كما حضر بعض شيوخ الأزهر، الذين هتفوا لمرسى، وتجمعوا عند الصينية، واستخدموا مكبرات الصوت لجذب المعتصمين.
فى هذه الأثناء أعلنت حركة «مصرنا» اعتصامها بشارع محمد محمود لحين التراجع عن «الإعلان المكمل»، وعمل استفتاء شعبى على حل المجلس، ونصبوا الخيام على رصيف الجامعة الأمريكية، مبررين اختيارهم لهذا الشارع برمزيته، إذ شهد قتل الثوار الأبرياء، وقال محمد منير، عضو الحركة: «اعتصامنا ليس متعلقاً بفوز مرسى، ولكنه لرفض الإعلان الدستورى»، وعند الـ9.30 رقص عشرات الصعايدة على المزمار، ورددوا هتافات «يا مشير يا مشير الصعايدة فى التحرير»، و«احنا جينا وعن حقنا مش راجعين».
وعندما أعلنت المنصة الرئيسية فى تمام الـ10 تواجد 4 ملايين متظاهر بالميدان، انطلقت الألعاب النارية، وعلت الهتافات احتفالاً بنجاح الحشد، بعدها خرجت مسيرتان، إحداهما لميدان طلعت حرب، للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى وقرار الضبطية القضائية، استخدم المشاركون فيها الطبول، ورفعوا الأعلام المصرية مع أعلام حركة 6 أبريل، بينما توجهت الثانية إلى ميدان عبدالمنعم رياض وتوقفت هناك، ما أصاب الميدان بشلل مرورى.
ورغم حالة التوحد التى شهدها الميدان، لم يخل الأمر من اشتباكات، حيث تشاجر بعض المتظاهرين، من الرافضين لمرسى، مع شباب من الإخوان، بسبب الهتاف ضد «مرسى» و«الجماعة»، وحال دون تطورها تدخل بعض المعتصمين، وقبل منتصف الليل، ألقى المعتصمون القبض على 4 شباب يحملون أسلحة بيضاء داخل شارع محمد محمود، وسلموهم للمنصة.
وعند منتصف الليل تماماً، انتابت المتظاهرين حالة من الخوف، بعد انتشار شائعة بأن قوات الأمن المركزى ستفض الاعتصام بالقوة، عندما توجهت 6 سيارات أمن مركزى قادمة من ميدان عابدين إلى وزارة الداخلية عبر شارع محمد محمود، ناقلة عدداً من الجنود إلى مقر الوزارة، وبعدها بنصف ساعة أعلنت المنصة خبر فوز مرسى برئاسة الجمهورية، بناء على ما كتبه الدكتور جمال حشمت، عضو مجلس شورى الإخوان، على حسابه فى موقع «تويتر»، فانطلقت الألعاب النارية الاحتفالية مجدداً.
بعد ساعتين من الاحتفالات، صعد المحامى جمال صابر، مدير حملة «لازم حازم»، إلى المنصة وقال: «أمرنا الله بأن نجاهد بأموالنا وأنفسنا، وحكمة الله يجب أن تطبق الآن، لأن الغرض من الإعلان الدستورى هو كسر إرادتنا»، وأكد أن المجلس العسكرى يهدد الثوار برسالة «كونوا عبيداً لنا أو تعرفون ما يحدث لكم»، ونرد عليه بكلمة واحدة «ارحل»، فردد المعتصمون «الله أكبر مرسى حبيب الله وشفيق عدو الله».
ثم فاجأ الحضور صعود اللواء عبداللطيف البدينى، مساعد وزير الداخلية، ليعلن انضمامه للمعتصمين، ويتهم الفريق أحمد شفيق، الرئيس المحتمل، بأنه وعد بعودة الأمن إذا فاز بالرئاسة، لأنه المتحكم فى الانفلات الأمنى الذى تشهده البلاد حالياً، مضيفاً: «مهما فعلوا فلن يساووا أحد الشهداء»، ووصف البدينى المرشح الرئاسى شفيق بقائد الانفلات الأمنى فى مصر.
واستمرت الحلقات النقاشية وحفلات السمر طوال الليل، وشهدت استنكاراً شديداً لبيان المجلس العسكرى، وعند الـ 3.15 توقفت منصة التحرير عن بث الهتافات والأناشيد، لتنقل بث إذاعة القرآن الكريم لصلاة الفجر، فيما غادر آلاف المتظاهرين الميدان، ولجأ البعض الآخر لخيامهم للنوم، وتوجه آخرون إلى مسجد عمر مكرم لأداء الصلاة، التى حرض بضع مئات على أدائها فى جماعة فى قلب الميدان.