«الوطن» ترافق الشهداء فى موكب عرسهم الأخير.. ذلك أفضل جداً
تصوير:
محمود صبرى
07:53 م | الإثنين 10 أبريل 2017
الأهالى خلال تشييع جنازات شهداء طنطا
أجواء ثقيلة وعصيبة خيَّمت على أهالى طنطا منذ بدء تغسيل شهداء حادث تفجير كنيسة مارجرجس، خاصة بعد أن احتشد الأهالى أمام مشرحة مستشفى طنطا الجامعى، ومشرحة مستشفى المنشاوى، ولم يغادروا المنطقة إلا بعد خروج الجثامين من المشرحة فى سيارات الإسعاف التى كان يؤمّنها نحو 10 سيارات تابعة للشرطة والجيش. ودفعت هيئة الإسعاف بسيارات إضافية لنقل 27 جثة إلى مثواها الأخير بنفس الكنيسة التى استشهدوا فيها، ووصلت صناديق الشهداء فى تمام الساعة العاشرة والنصف مساء يوم الأحد.
أحد المسعفين: «المنظر داخل الكنيسة كان صعب جداً».. وآخرون يتبركون بدمائهم من موقع الانفجار.. وأسقف طنطا: هنيئاً بشهدائنا واليوم سيسجل فى تاريخ الوطن والكنيسة
وأكد أحد المسعفين من مدينة طنطا، الذين وصلوا إلى موقع التفجير عقب دقائق قليلة من التفجير، أنهم مروا بلحظات عصيبة جداً يصعب على الكثيرين تحملها بسبب الإصابات الخطيرة التى لحقت بالمصلين، بالإضافة إلى وجود أشلاء كثيرة ومتناثرة فى موقع التفجير، وقال المسعف الذى رفض ذكر اسمه لأسباب إدارية: «أنا أول مسعف دخل الكنيسة، كان المنظر صعب جداً، شفت ناس إيدها ورجلها وراسها متقطعة، ما عرفناش نشيل الجثث بسبب الإصابات الخطيرة، ببساطة شديدة إيديهم أو أرجلهم كانت بتطلع معانا وإحنا بنشدها».
وأضاف المسعف الأربعينى: «أنا شفت ست حامل واقعة على الأرض، القنبلة حرقت جسمها وفتحت بطنها، والجنين اللى عمره كان 6 شهور سقط من جسدها بمشيمته، والغريب إن الطفل كان حى وكان بيتحرك، وأمه ميتة، لكن مات بعد شوية هو كمان، ودى كانت أكتر لحظة أثرت فيا نفسياً، للأسف الإرهاب لا دين له».
وعلى يمين مدخل الكنيسة تم تعليق لافتات بصور عدد من الشهداء، وحاول بعض أقارب الضحايا التبرك بدماء أبنائهم الذين سقطوا فى الحادث بأخذ نقاط الدماء التى لم تجف على أرضية الكنيسة، للاحتفاظ بها عسى أن ينالوا الشهادة مثلهم، حسب وصفهم.
الوقت مر ببطء، والكنيسة تستعد لإقامة صوان العزاء، ويدخل العاملون الكراسى بأعداد كبيرة، ثم سمح الحراس بدخول أهالى الضحايا التى ستصل جثامين ذويهم قريباً، بينما منعت آخرين من الدخول. وفى ساحة كنيسة أبانوب، جلس بعض الحاضرين، بينما وقف البقية، وتعالت أصوات الترانيم والدعاء، نساء ورجال يبكون ويدعون الله، بينما قال القمص بيشوى، قمص كنيسة مارجرجس: «لا تقولوا الضحايا والأشلاء، قولوا الشهداء، فهم من أنعم عليهم الله بالجنة، ولن ينال منا الإرهاب». دخل التابوت الأول فى الساعة العاشرة والنصف مساء، تعالت صرخة مكتومة، رفضها الحضور، بينما تعالت أصوات التصفيق والزغاريد، قام الشباب بحمل التابوت ووضعه على الطاولة، بينما وقف أهل المتوفى بجوار تابوته يبكون ويحتضنون النعش، وبعدها مرت دقائق حتى دخل التابوت الثانى، ثم التابوت الثالث حتى دخلت كلها خلال ساعتين كاملتين، وشهدت الصلاة مشاركة 16 من مطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما حضر الجنازة سكرتيرا البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية القمص أنجيلوس إسحاق، والقس أمونيوس عادل، وألقى الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، كلمة خلال الصلاة على جثمان شهداء كنيسة مارجرجس بطنطا الذين راحوا ضحية التفجير الإرهابى الذى وقع بالكنيسة صباح أحد السعف.
وقال أسقف طنطا: «هنيئاً لنا بشهدائنا فى طنطا، واليوم سيُسجل تاريخ من النور فى تاريخ الوطن والكنيسة، فاليوم سجل لنا سحابة من الشهود، فطنطا أصبحت أماً للشهداء».
وألقى الأنبا رفائيل، سكرتير المجمع المقدس، كلمة، خلال الصلاة، أكد فيها أن الكنيسة تودع خيرة شبابها الذين كانوا يسبحون لله فى خورس الشمامسة، مشيراً إلى أن الله لا ينسى الجناة، ولا يترك الدماء، وينتقم لها.
وأضاف الأنبا رفائيل: «نحن رأينا فى السنوات الماضية كيف انتقم الله للدماء، ومن يتهاون فى سفك الدماء، ومن يتسبب فى الدماء، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومن يتساهل مع القتلة ومع رعاة العنف والإرهاب»، وبعد إتمام الصلاة وسط صرخات الحاضرين، تم تشييع الشهداء إلى مثواهم الأخير بالزغاريد، وتم دفنهم فى مقبرة واحدة تم بناؤها داخل الكنيسة لتكريمهم.